النساء أكثر استفادة من الرياضة مقارنة بالرجال

النساء أكثر استفادةً من الفوائد الصحية للتمارين الرياضية.. مقارنةً بالرجال

جمانة الصباغ
29 فبراير 2024

لا يتعلق موضوعنا اليوم بمن يحب التمرين أكثر، النساء أم الرجال؛ ولا حتى بمدى التزام كل من الجنسين بالتمرين والمواظبة عليه لاكتساب الرشاقة والصحة الدائمة.  إنما يتعلق بصورةٍ خاصة بناحية مهمة يبغيها معظم من يمارسون الرياضة ويجب أن تكون على قائمة أولوياتهم، ألا وهي الاستفادة الصحية من تلك التمارين.

فالمعروف أن الرياضة تقدم جملةً من الفوائد الصحية، تبدأ من تقوية الجسم وتعزيز نشاطه، مرورًا بالمساعدة على إنقاص الوزن، ووصولًا إلى تحسين الحالة المزاجية ومحاربة الاكتئاب. هل تعلمين عزيزتي أن الرياضة تساعد أيضًا على تحسين القدرات الجنسية وتحسين الأداء الجنسي لدى الطرفين؟

إذن، هي باقةٌ متكاملة من الفوائد التي لا تنحصر في مسألةٍ واحدةٍ فقط، ألا وهي التخسيس وخسارة الوزن. كون معظم الناس لا يباشرون بممارسة الرياضة أو العودة لمزاولتها، إلا عند الحاجة للتخلص من بعض الكيلوجرات الزائدة والدهون في الجسم. في حين أن ممارسة الرياضة على الدوام، لأسبابٍ صحية بحتة في المقام الأول، يجب أن يكون من أولويات الحياة الجيدة والرفاهية المطلقة التي نبحث عنها.

بالعودة للاستفادة من فوائد الرياضة، تبيَن من نتائج إحدى الدراسات المثيرة، أن النساء محظيَاتٍ أكثر للاستفادة من الرياضة مقارنةً بالرجال . وتطرقت الدراسة التي أُجريت في الولايات المتحدة، للأسباب المختلفة التي تجعل النساء يستفدنَ من فوائد التمارين الرياضية أكثر من الرجال.

فإذا كان الموضوع يهمكِ ويعطيكِ لمحةً شاملة عن أهمية الرياضة، كي تعودي لممارستها ربما بعد انقطاعٍ معين أو تبدأي بممارستها على الفور.. ندعوكِ لمتابعة القراءة.

التمرين ذاته قد يمنح المرأة فوائد صحية أكثر من الرجل

النساء أكثر استفادة من الرياضة مقارنة بالرجال

تمارس النساء عمومًا تمارين أقل من الرجال، لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أنهنَ يشهدنَ فوائد صحية أكبر منها. ووجدت دراسةٌ وطنية أن الرجال يحتاجون لممارسة التمارين الرياضية أكثر من النساء، لتحقيق الفوائد الصحية ذاتها. ونقل موقع NBC News أن الدراسة خلصت إلى أن النساء اللاتي مارسنَ التمارين الرياضية بانتظام (ما لا يقل عن ساعتين ونصف من التمارين المعتدلة أو 75 دقيقة من التمارين القوية أسبوعيًا)، كان خطر الوفاة لديهنَ أقل بنسبة 24٪ خلال فترة الدراسة، مقارنة بالنساء اللاتي لم يمارسنَ الرياضة. وعلى النقيض من ذلك، كان الرجال الذين يمارسون الرياضة بانتظام، أقل عرضةً للوفاة بنسبة 15% مقارنةً بالرجال الذين لا يمارسون الرياضة.

ليس ذلك فحسب؛ بل يحتاج الرجال أيضًا وبحسب الدراسة دومًا، إلى ممارسة التمارين الرياضية أكثر من النساء لتحقيق نفس الفوائد الصحية: 5 ساعات من التمارين المعتدلة أو القوية أسبوعيًا، قلَلت من خطر الوفاة عند الرجال بنسبة 18٪ مقارنةً بأقرانهم الذين لم يمارسوا الرياضة. لكن 140 دقيقة فقط من التمارين الأسبوعية كان لها نفس التأثير بين النساء.

وفي تعليقها على هذه النتائج المثيرة، قالت الدكتورة مارثا جولاتي؛ المؤلفة المشاركة في الدراسة، ومديرة طب القلب الوقائي في معهد سميدت للقلب في سيدارز سيناي في لوس أنجلوس: "حصلت النساء على نفس الفائدة عند المستويات المنخفضة من النشاط البدني." مع الإشارة إلى نتائج الدراسة نُشرت في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب، وقام خلالها الباحثون بتحليل عادات ممارسة الرياضة المُبلَغ عنها ذاتيًا لأكثر من 412 ألف رجل وامرأة شاركوا في المسح الوطني للمقابلة الصحية من عام 1997 إلى عام 2017.

نوعية التمارين تحدَد الفوائد أكثر

كما وجدت الدراسة أن النساء اللاتي يمارسنَ الرياضة بانتظام، كان لديهنَ خطرٌ أقل بنسبة 36% للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية مثل الأزمة القلبية أو السكتة الدماغية؛ في حين أن الرجال الذين يمارسون الرياضة بانتظام كانوا أقل عرضة للخطر ذاته بنسبة 14%. وما يقرب من ثلث النساء يمارسنَ التمارين الرياضية بانتظام؛ منها التمارين التي ترفع معدل ضربات القلب، مثل المشي السريع، أو القفز على الحبل، أو أخذ دروس الدوران - مقارنةً بـ 43٪ من الرجال في الدراسة. كما كانت النساء أقل احتمالًا من الرجال للقيام بأنشطة تقوية العضلات، مثل رفع الأثقال.

ومع ذلك، فإن تقوية العضلات بانتظام (جلسةٌ واحدة تقريبًا في الأسبوع، في المتوسط) ارتبطت بانخفاض خطر وفاة النساء بسبب مشاكل القلب والأوعية الدموية بنسبة 30٪ وانخفاض خطر الوفاة بشكلٍ عام بنسبة 19٪. أما بين الرجال، فقد قللَت التمارين الأسبوعية ذاتها من خطر الوفاة بسبب مشاكل القلب والأوعية الدموية بنسبة 11٪ والوفاة بنفس النسبة.

وأشارت جولاتي إلى أن أحد القيود الرئيسية للدراسة، هو أنها لم تأخذ في الاعتبار مدى نشاط النساء خارج إعدادات التمرين. وقالت: "تفتقد بياناتنا الأشياء التي نقوم بها كنساء كل يوم، والنشاط البدني الآخر الذي لا يتم تسجيله في صالة الألعاب الرياضية؛ مثل الركض خلف الأطفال، والبستنة، والقيام بالأعمال المنزلية وغيرها من الأمور اليومية التي تتحرك فيها المرأة باستمرار فيما يشبه التمرين."

في ضوء هذه النتائج المتباينة بشكلٍ كبير، يطرح البعض السؤال التالي: هل يجب أن يكون لدى الرجال والنساء توصياتٌ مختلفة للتمرين؟

وزارة الصحة والخدمات الإنسانية تُوصي البالغين إجمالًا بممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أسبوعيًا، بما في ذلك يومين من أنشطة تقوية العضلات. لكن جولاتي قالت إن هذه المبادئ التوجيهية "يمكن أن تكون ساحقةً للغاية بالنسبة لشخص لا يفعل شيئا." مضيفةً أن العديد من مرضاها يكافحون من أجل إيجاد الوقت لممارسة الرياضة.

وعلقت قائلةً: "النساء مشغولات؛ المرأة تعمل. عادةً ما تتحمل النساء الجزء الأكبر من المسؤوليات الأسرية - سواء كان ذلك يتعلق بالأطفال أو الآباء المسنين - وبحلول نهاية اليوم، يكون هناك القليل من الوقت للقيام بالتمارين الرياضية." وتشير البيانات المستقاة من المسح الوطني للمقابلة الصحية، إلى أن النساء في عام 2022 كنَ أكثر عرضةً من الرجال لتلقي النصح خلال العام الماضي، من قبل الأطباء أو غيرهم من المهنيين الصحيين لزيادة كميات نشاطهنَ البدني.

"بدلًا من الحديث عن 150 دقيقة في الأسبوع، الطريقة التي ينبغي أن نقولها هي: ما الذي يمكن أن يناسبكِ؟" تقول جولاتي.

بدوه، أشار بول أرسيرو، أستاذ الرياضة والطب والتغذية في جامعة بيتسبرغ، إنه من المنطقي أن تكون هناك إرشاداتٌ منفصلة للتمارين الرياضية للرجال والنساء. وأضاف: "هناك اختلافاتٌ واضحة على أساس الجنس في الاستجابة لممارسة الرياضة. وعلينا أن نتجاوز التفكير في أن الرجال والنساء يستجيبون بشكلٍ مماثل."

حتى مع رفع الأثقال تبين أن النساء أكثر استفادة من التمرين من الرجال

بالعودة إلى نتائج الدراسة، ما السبب وراء الاختلاف في جني الفوائد الصحية من الرياضة على أساس الجنس؟

أظهرت العديد من الدراسات أن التمارين الرياضية لا تؤثر على الرجال والنساء بنفس الطريقة. ووجد بحث أرسيرو في العام 2022 أن النساء لديهنَ انخفاضاتٌ أكبر في ضغط الدم عندما يمارسنَ الرياضة في الصباح، في حين أن الرجال سجلوا انخفاضاتٍ أكبر في الليل. كما وجدت مراجعةٌ أُجريت عام 2020 أن عضلات النساء، أكثر مقاومةً للتعب الناتج عن التمارين عالية الكثافة. لكن العلماء كانوا أقل يقينًا بشأن كيفية تأثير هذه الاختلافات على صحة الناس على المدى الطويل.

وعلَق أرسيرو، الذي لم يشارك في الدراسة المذكورة أعلاه؛ إن الدراسة الجديدة تُظهر أن "النساء أكثر كفاءةً في الاستجابة للتمارين الرياضية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بصحة القلب والوفيات." مضيفًا أن الاختلافات الفسيولوجية قد تساهم في تلك الميزة؛ إذ أنه لدى النساء عددٌ أكبر من الشعيرات الدموية (أوعية دموية صغيرة) في قسمٍ معين من العضلات مقارنةً بالرجال، مما قد يسمح بتدفق المزيد من الدم والأكسجين إلى القلب أثناء ممارسة الرياضة.

وقالت ليندا رانديل، رئيسة قسم علم الحركة في جامعة ولاية بويز، إن لدى النساء أيضًا مستوياتٌ أعلى من هرمون الاستروجين، ما يُعزَز تدفق الدم في الأوعية الدموية لديهنَ بصورةٍ أفضل. وأشارت إلى عاملٍ ثالث مهمٍ أيضًا؛ إذ تميل النساء إلى أن يكنَ أقل نشاطًا بدنيًا، لذلك قد يتطلب الأمر مجهودًا أقل لتحسين صحتهنَ مقارنة بالخطوط الأساسية. وأضافت: "أودُ أن أسميه مبدأ تناقص العائدات. نظرًا لأن النساء يبدأنَ عادةً بمستوياتٍ منخفضة من اللياقة البدنية، فيمكنهنَ تحقيق مكاسب كبيرة من خلال ممارسة نشاط بدني أقل بقليل."

لكنها أشارت إلى أن أمام العلماء المزيد ليعلموه عن هذه المسألة؛ وقالت: "على الرغم من أنني أحبُ هذه الدراسة وأظنُ أنها رائدةٌ ومعلَمة، إلا أنني أعتقد أيضًا أنها قطعةٌ واحدة من أحجية أكبر. أود أن أرى العلماء يجرون المزيد من الأبحاث باستخدام المقاييس الموضوعية للنشاط البدني مثل عداد الخطى أو ساعات Apple."

 

في الختام، فإن الرياضة هي أحد أعمدة الحياة الصحية التي لا ينبغي أن تتداعى لأي سببٍ من الأسباب؛ بل يجب تمتينها من خلال المواظبة عليها بغض النظر عما إذا كانت الفوائد ذاتها تُحسب لكلا الجنسين.

وبما أن نتائج الدراسة أعلاه تأتي في مصلحة النساء ممن يمارسنَ الرياضة بأنماطٍ مختلفة، فلتكنَ هذه النتائج نقطة انطلاقٍ لنا للمضي قُدمًا في رحلة التمرين الذي يُوصلنا إلى العافية التامة ويحمينا من الأمراض خاصة المتعلقة منها بالقلب والأوعية الدموية.