جيل Z والصحة على وسائل التواصل الاجتماعي

جيل Z والصحة على وسائل التواصل الاجتماعي: علاقةٌ مُعقدة ومعلومات مُضللة

جمانة الصباغ

دعونا لا نُسرف في ظلم جيل زد وسواه من الأجيال التي تليه؛ فهذا الجيل وُلد في فورة من العالم الرقمي لم يُخطط لها أصلًا. وبالتالي، لم يجد بدًا من التعرف على التكنولوجيا الرقمية التي تحيط به في عمرٍ صغير، خصوصًا مع جائحة كوفيد-19 التي ألزمت الأطفال والمراهقين من 4 – 14 سنة للجلوس في المنزل واستخدام الكمبيوتر والأيباد للتعلَم.

صحيحٌ أن جيل اليوم يبدو متعلقًا بشكلٍ غير صحي بالهواتف والأجهزة الذكية المتوفرة حوله، لكنه يبدو مرتاحًا مع هذه الاستخدامات؛ حتى أنه يُحقَق شيئًا من النجاح والتقدم في حياته اليومية، من خلال هذا الاستخدام. كل ما عليه فعله، بمتابعة الأهل والمختصين بالطبع، إدراك السُبل الصحيحة لإنشاء علاقةٍ صحية بينه وبين التقنيات الحديثة المتمثلة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتشابك سلوكياتهم الصحية وتصوراتهم وتحدياتهم بشكلٍ كبير مع منصاتٍ مثل تيك توك وإنستغرام وسناب شات.

في مقالة اليوم؛ نسبر أغوار علاقة جيل زد اليوم بوسائل التواصل الاجتماعي في بحثه عن مواضيع الصحة، ما هي الفوائد التي يجنيها من هذه العلاقة، وما السلبيات التي تؤثر على صحته الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى مخاطر المعلومات المُضللة التي يتحصل عليها من بعض تلك المنصات كالانستغرام وتيك توك، وكيفية بناء علاقة صحيحة مع تلك الوسائل.

جيل Z والصحة على وسائل التواصل الاجتماعي

أحدثت منصتا تيك توك وإنستغرام تحديدًا، ثورةً في كيفية تفاعل الناس مع الصحة والعافية، خصوصًا جيل اليوم من جيل زد وغيره؛ ولكن ليس دون مضاعفات.

إليكِ تحليلاً إيجابيًا وسلبيًا لتأثيرهما:

1. تأثير إيجابي على اتجاهات الصحة

•       سهولة الوصول: أصبحت النصائح الصحية، وبرامج اللياقة البدنية، واستراتيجيات الصحة النفسية في متناول الجميع. ويشارك المؤثرون والمحترفون محتوىً سهل الفهم يصل إلى الملايين فورًا.

•       دعم المجتمع: تُعزَز المنصات شبكات الدعم بين الأقران، وخاصةً فيما يتعلق بالأمراض المزمنة والصحة النفسية. وتستخدم تطبيقاتٌ مثل Healthread منصة إنستغرام، لبناء خطوط دعمٍ عاطفية للمستخدمين.

•       إشراك الشباب: تلقى مقاطع الفيديو القصيرة والمحتوى التفاعلي، صدىً لدى الجمهور الأصغر سنًا، مما يجعل التثقيف الصحي أكثر تفاعلًا ومتعة.

•       الحملات المؤثرة: استخدمت العديد من العلامات التجارية، تحديات تيك توك وشراكات المؤثرين، للترويج للعادات الصحية بطرقٍ تفاعلية.

يستخدم جيل اليوم وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة للبحث عن المعلومات الصحية
يستخدم جيل اليوم وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة للبحث عن المعلومات الصحية

هذه الإيجابيات كلها، لم تمنع خطر المعلومات المُضللة من الوصول إلى جمهور الشباب؛

2. تأثيرٌ سلبي لاتجاهات الصحة لجيل Z

•       نصائح غير مُوثقة: إذ يفتقر العديد من المؤثرين إلى المؤهلات الطبية؛ ومع ذلك، يمكن أن ينتشر محتواهم على نطاقٍ واسع، مما يُعزَز إمكانية انتشار ادعاءاتٍ صحية مُضللة أو حتى ضارة.

•       مخاوف الصحة العقلية: ارتبط الإفراط في الاستخدام وثقافة المقارنة على إنستغرام وتيك توك، بالقلق والاكتئاب وضعف تقدير الذات، وخاصةً بين الطلاب.

•       الإدمان والتأقلم: تشير الدراسات إلى أن نسبةً كبيرة من المستخدمين يُصنفون كمُدمنين، إذ يستخدمون هذه المنصات كآليات تأقلمٍ ضعيفة.

كل هذا يحمل تأثيراتٍ مباشرة على صحة جيل زد النفسية، لا ينبغي إغفالها.

جيل Z وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية

لوسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدًا منصتي إنستغرام وتيك توك، تأثيرٌ واسع ودقيق على الصحة النفسية لجيل اليوم. إليك الناحيتين الإيجابية والسلبية:

1.     الآثار الإيجابية

•       مُجتمعات دعم الأقران: تستضيف المنصات مجموعات دعمٍ للصحة النفسية، تُخفَف من وصمة العار وتُشجع على طلب المساعدة.

•       مناصرة الصحة النفسية: تُشجع حملات مثل #MentalHealthAwareness و#BellLetsTalk على الحوار المفتوح والتثقيف.

•       التعبير الإبداعي: تُتيح وسائل التواصل الاجتماعي منافذ للفن والكتابة والفكاهة، والتي يُمكن أن تكون علاجية وتُعزز الثقة بالنفس.

•       الوصول إلى الموارد: يستخدم أخصائيو الصحة النفسية المنصات لمشاركة استراتيجيات التأقلم، ونصائح اليقظة الذهنية، وروابط الدعم في حالات الأزمات.

2. الآثار السلبية

•       ضغط المقارنة الاجتماعية: يُمكن أن يُؤدي التعرّض المُستمر لحياةٍ مُصغّرةٍ ومثاليةٍ لدى البعض ممن يدَعون الصحة المثالية، إلى الشعور بالنقص والحسد وانخفاض قيمة الذات.

•       اضطراب النوم: يُؤثّر تصفح الإنترنت والتعرّض للشاشة، في وقتٍ متأخرٍ من الليل على جودة النوم، وهو أمرٌ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمزاج والوظائف الإدراكية.

•       التنمّر الإلكتروني والتحرش: تعرّض ما يقرب من نصف مستخدمي الإنترنت للإساءة الإلكترونية بسبب صحتهم وأجسامهم، مما قد يُسبّب صدمةً عاطفيةً دائمة.

•       الخوف من تفويت الفرص: إن رؤية الأنشطة الاجتماعية للآخرين وصحتهم شبه المثالية (هذا ما يحاول العالم الافتراضي إيهامنا به) قد تُثير القلق وعدم الرضا عن حياتهم.

•       سلوكيات تُشبه الإدمان: صُممت المنصات لتكون مُسببةً للإدمان، حيث تُنشط نظام المكافأة في الدماغ وتُعزز الاستخدام القهري.

•       مشاكل صورة الجسد: تُساهم الفلاتر ومعايير الجمال في تطبيقاتٍ مثل إنستغرام وتيك توك، في زيادة عدم الرضا عن شكل الجسم، وخاصةً بين المراهقين.

•       الوحدة والعزلة: من المفارقات أن الاستخدام المُفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يُمكن أن يزيد من الشعور بالوحدة ويُقلل من التفاعل الاجتماعي في الحياة الواقعية.

الكثير من المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تضر صحة جيل زد
الكثير من المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تضر صحة جيل زد

مخيفٌ ما يمرَ به أولادنا وأحبتنا، في محاولةٍ منهم لمعرفة المزيد عن صحتهم وكيفية تحسينها؛ يرغبون في استكشاف الفرص المتاحة التي تقدمها لهم منصات التواصل الاجتماعي في هذا الصدد، لكنهم بلا شك يقعون فريسة المعلومات المغلوطة والحملات المدفوعة التي تُسوَق لمنتجاتٍ وعلاجاتٍ لا تنطبق على الجميع.

فما الحل إذن؟ لا بد من دليلٍ سليم ومتوازن، يضمن لجيل اليوم من المراهقين والشباب الاستفادة من تلك المنصات دون إحداث ضررٍ كبير على صحتهم الجسدية والنفسية. وهو ما سوف نستعرضه في السطور التالية..

دليل الصحة الرقمية لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي

قد يكون صعبًا على البالغين إقناع الشباب وجيل اليوم بالاستماع إلى نصائحهم؛ لذا فإن توفير دليلٍ شامل وسريع يمكنهم اعتماده للاستفادة القصوى من المحتوى الصحي على وسائل التواصل الاجتماعي بما يضمن صحتهم ورفاههم الجسدي والنفسي.

إليكم هذا الدليل السريع:

•       متابعة خبراء ومنظمات موثوقة.

•       التشكيك بشأن "الحلول السريعة" أو العلاجات المعجزة، والبحث عن المصادر الموثوقة التي تعطي الإجابة الشافية (مثل منظمة الصحة العالمية).

•       الحذر من المنشورات المنتشرة التي تُروَج لعلاجاتٍ سحرية سريعة أو حمياتٍ غذائية قاسية.

•       استخدام المنصات للدعم والإلهام، وليس للتشخيص (وحده الطبيب المعالج والمختص من لديه القدرة على تقديم التشخيص الصحيح).

•       وضع حدودٍ زمنية يومية، باستخدام إعدادات التطبيق أو ميزات الهاتف، لتصَفح منصات التواصل الاجتماعي بطريقةٍ صحية وآمنة.

•       متابعة منشئي المحتوى الذين ينشرون محتوى أصيلًا ومحفزًا وتثقيفيًا، ويُفضَل أن يكونوا من أصحاب الاختصاص.

•       إلغاء متابعة الحسابات التي تجعلكم تشعرون بالقلق أو الحكم عليكم أو الدونية، والبليغ عن الحسابات المسيئة أو المحتوى الضار وحظرها.

•       طرح أسئلة مثل "كيف يؤثر هذا المنشور عليّ؟" أو "هل أقارنُ نفسي بشكلٍ غير عادل؟"

•       المشاركة في التعليقات والمجتمعات التي تشجع على التعاطف واللطف.

•       إنشاء مساحةٍ آمنة على الإنترنت.

•       تحصيص وقتٍ للتأمل والهوايات والنوم خارج الإنترنت.

•       استخدام هاشتاجات مثل #MentalHealthMatters، أو #DigitalDetox، أو #WellnessCheck لاكتشاف محتوى داعم.

•       الاحتفاظ بأرقام هواتف الطوارئ، أو تحميل بعض تطبيقات الصحة النفسية مثل Calm، أو Headspace، للرجوع إليها عند الحاجة.

•       استشارة الأهل والمختصين ووصف الحالة النفسية التي عكستها تلك المنصات عليكم، بحيث يمكنهم مساعدتكم.

خلاصة القول؛ أن جيل زد يبحث في منصات ووسائل التواصل الاجتماعي على نصائح ومعلوماتٍ صحية بغية تحسين صحتهم وحياتهم للأفضل. لكنهم قد يقعون فريسة المعلومات المضللة والترويج لمنتجات لا تتناسب مع احتياجاتهم، ما قد يؤثر بالسلب على صحتهم البدنية والنفسية.

لذا لا بدَ من اتباع بعض الإرشادات الصحية والمدروسة، للبحث واستخدام هذه الوسائل بشكلٍ آمن، يضمن صحة ورفاه جيل اليوم ويجيب على كافة تساؤلاتهم.