كيفية ابطاء تقدم مرض الزهايمر بواسطة الادوية المعدلة

خبير من مايو كلينك يوضح كيفية إبطاء تقدم مرض الزهايمر

جمانة الصباغ
15 فبراير 2023

أن ينسى الإنسان بعضًا من الأمور والمعلومات والتفاصيل في حياته أمرٌ طبيعي، نظرًا لضغوطات الحياة والمسؤوليات التي تجعلنا نسهو عن بعض الأشياء ولا نعود نتذكرها كما في السابق.

لكن أن ينسى المرء إسمه وأسماء من حوله، ولا يعود مدركًا لمن حوله ومن أين جاء وماذا يفعل، فهذا في الحقيقة أمرٌ محزن ومخيفٌ للغاية. وهو بالضبط ما يحدث مع من يعانون من مرض الزهايمر، والذي يبدو أنه يكاد يصبح شائعًا حتى بين جيل الشباب، بعدما كان يعاني منه كبار السن بالعموم.

يسعى الأطباء لعلاج الزهايمر من خلال الأدوية المتاحة، والبحوث والدراسات السريرية الجارية على قدم وساق. إلا أن التوجه نحو إبطاء هذا الداء هو ما يتم التركيز عليه أيضًا، في مسعى من الخبراء لمنع تدهور القدرات العقلية لمصابي الزهايمر بسرعة فائقة.

قبل التعرف على كيفية إبطاء مرض الزهايمر من خبير في "مايو كلينك"، دعونا نتعرف سويًا على داء الزهايمر، أسبابه وأعراضه، بشكل موجز كي يتسنى للجميع الإطلاع على هذا المرض.

الدكتور رونالد بيترسون طبيب أعصاب في مايو كلينك
الدكتور رونالد بيترسون طبيب أعصاب في مايو كلينك

ما هو ألزهايمر

يفيد موقع "مايو كلينك" الإلكتروني أن داء الزهايمر هو اضطرابٌ عصبي متفاقم، يؤدي إلى تقلص الدماغ (ضموره) وموت خلاياه. والزهايمر هو السبب الأكثر شيوعًا للخَرَف، كونه  حالةٌ تتضمن انخفاضًا مستمرًا في القدرة على التفكير وفي المهارات السلوكية والاجتماعية؛ ما يؤثر سلبًا في قدرة الشخص على العمل بشكل مستقل. وتُقدَر نسبة المصابين بداء الزهايمر حول العالم ما بين 60-70%.

أسباب مرض الزهايمر

ما زالت الأسباب الدقيقة وراء الإصابة بداء الزهايمر غير مفهومة تمامًا. ولكن بشكل أساسي، ثمة بروتينات في الدماغ لا تؤدي وظيفتها على نحو طبيعي، وتؤثر في عمل خلايا الدماغ (الخلايا العصبية) مُطلقَةً سلسلة من المواد السامة. فتتعرض الخلايا العصبية للتلف وتفقد الاتصال بين بعضها البعض وتموت في النهاية.

ويُعتقد العلماء أن داء الزهايمر يحدث عند معظم الأشخاص جراء مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية المتعلقة بنمط الحياة وتؤثر في الدماغ بمرور الوقت. كما أن السن، والجنس، والإصابات السابقة في الرأس، والجينات، والإصابة بمتلازمة داون، وتلوث الهواء، والإفراط في تناول الكحول، وأنماط النوم السيئة، والتدخين، والسمنة، والإصابة بأعراض أمراض القلب مثل ارتفاع ضغط الدم وغيرها؛ كلها عوامل تزيد من خطر الإصابة بالزهايمر.

ما هي أعراض مرض الزهايمر

بحسب موقع "مايو كلينك"، تشمل المؤشرات المبكرة للمرض نسيان الأحداث الأخيرة أو المحادثات. ومع تفاقم المرض، يشعر مريض الزهايمر باختلال شديد في الذاكرة وفقدان القدرة على القيامبالمهام اليومية حتى البسيطة منها.

وقد يفعل الأشخاص المصابون بداء الزهايمر ما يلي:

الزهايمر مرض يصيب الدماغ ويضعف الذاكرة مع الوقت
الزهايمر مرض يصيب الدماغ ويضعف الذاكرة مع الوقت
  • تكرار العبارات والأسئلة مرارًا وتكرارًا.
  • نسيان المحادثات أو المواعيد أو الأحداث، وعدم تذكرها لاحقًا.
  • وضع الأشياء في غير أماكنها المعتادة، وفي كثير من الأحيان يضعونها في أماكن غير منطقية.
  • الضياع في أماكن مألوفة لديهم.
  • نسيان أسماء أفراد الأسرة والأشياء المستخدمة يوميًا في نهاية المطاف.
  • صعوبة إيجاد الكلمات الصحيحة لتعريف الأشياء أو التعبير عن أفكارهم أو للمشاركة في الحديث

مع الإشارة إلى أن الأدوية قد تحسِّن من الأعراض مؤقتًا أو تبطئ تفاقمها. وفي بعض الأحيان، يمكن أن تساعد هذه العلاجات الأشخاصَ المصابين بداء الزهايمر على زيادة الأداء الوظيفي والمحافظة على اعتمادهم على أنفسهم لبعض الوقت. كما يمكن أن تساعد البرامج والخدمات المختلفة على دعم الأشخاص المصابين بداء الزهايمر ومقدمي الرعاية لهم.

للأسف، لا يمكن التعافي من داء الزهايمر نهائيًا أو إيقاف التغيرات التي يُحدثها في الدماغ. وفي مراحل متقدمة من المرض، تؤدي المضاعفات الناجمة عن التدهور الخطير في وظائف الدماغ، مثل الجفاف أو سوء التغذية أو العدوى، إلى الوفاة. إلا أن التركيز اليوم هو حول إبطاء تقدم مرض الزهايمر، وهو ما سوف نستعرضه في الفقرة التالية.

كيفية إبطاء تقدم مرض الزهايمر

تهاجم عملية داء الزهايمر الدماغ سنوات، وحتى عقود، قبل أن يُصاب الشخص بمشاكل في الذاكرة والتفكير. لكن التجارب السريرية للعلاجات المُعدَلة للمرض في مرحلة الأعراض تستمر عادة حوالي 18 شهرًا. وبالنظر إلى نتائج تجارب الأدوية، نظر فريق العمل الذي عقده رابطة دورية الزهايمر في كيفية تقييم المرضى والأسر والمجتمع العلمي لما هو مفيد حينما يتعلق الأمر بإبطاء تقدم داء الزهايمر.

وقام فريق عمل من الخبراء بإعادة صياغة ما هو ذو مغزى سريريًا لإبطاء تقدم داء الزهايمر خلال التجارب السريرية، بما في ذلك تأثير العلاج بمرور الوقت والحاجة إلى العلاجات المُركبة.

وجاء في المقالة التي حملت عنوان "داء الزهايمر والخَرَف"ونُشرت في دورية رابطة الزهايمر نتائج وتوصيات المجموعة على الشكل التالي:

  • إن تباطؤ تقدم المرض - بدلاً من إيقافه، وهو ما قد يحدث في النهاية - له فوائد قابلة للقياس وذات مغزى للمرضى وعائلاتهم، خاصة في حالات داء الزهايمر المبكر عندما يكون الإدراك والذاكرة سليمين في الغالب أو بشكل تام.
  • قد تشير فائدة ذات دلالة إحصائية في تجربة سريرية مدتها 18 شهرًا، إلى تغيير أكثر جدوى عند توقعه على مدى السنوات التالية. 
  • من غير المحتمل أن يكون لأي إجراء تصحيحي على التغيرات الدماغية المرتبطة بالخَرَف، تأثير سريري كبير من تلقاء نفسه. ولتحقيق تأثير أكبر، ستكون هناك حاجة إلى علاجات مُركبة، تمامًا كما تُعالج ارتفاع ضغط الدم الطفيف والسرطان اليوم.

وقا، وطبيب أعصاب في مايو كلينك، كما أنه عضو في فريق العمل ومؤلف رئيسي لمقال الدورية: "قد يؤدي إبطاء تدهور الدماغ حتى من أربعة إلى ستة أشهر في المراحل المبكرة من داء الزهايمر، إلى الحفاظ على وظائف الدماغ للمرضى، التي يمكن أن تكون مهمة للغاية للمرضى وعائلاتهم. كلما طالت مدة قدرة الشخص على تأخيره لفقدان استقلاليته، واستمراره في المشاركة في الأنشطة اليومية، زادت أهمية هذه النتائج".

كيفية ابطاء تقدم مرض الزهايمر بواسطة الادوية المعدلة
كيفية ابطاء تقدم مرض الزهايمر بواسطة الادوية المعدلة

لا تحدث التغيرات،التي تطرأ على الدماغ من داء الزهايمر، بمعزل عن غيرها. وعادةً ما يكون لدى الشخص الذي يعاني من ضعف معرفي، عمليات تنكس عصبي أخرى تحدث في نفس الوقت.

كتب المؤلفون أنه على مدار 18 شهرًا من التجارب السريرية، "من المتوقع بدرجة معقولة أن يكون التأثير السريري الملحوظ لأحد الإجراءات التصحيحة معتدلاً للغاية". ومع ذلك، إذا استمر العلاج لفترة أطول واستمرت فعاليته، فستصبح الفوائد التراكمية أكثر وضوحًا.

لاحظ فريق العمل كذلك الأمر أنه تمامًا كما يتم علاج ارتفاع ضغط الدم والسرطان بأدوية متعددة، ستكون هناك حاجة أيضًا إلى تدخلات علاجية متعددة لمعالجة التغيرات المعقدة في الدماغ، ومشاكل الذاكرة والتفكير ذات الصلة.

وأفاد الدكتور بيترسون: "أدرك فريق العمل أننا بحاجة إلى تعديل التوقعات لأحد الإجراءات التصحيحية في المجموعة المُعقدة من العمليات التنكسية العصبية، لكن التقدم الأخير في أدوية الزهايمر المعتمدة حديثًا يُعد خطوة أولى هائلة".

في عام 2021، أشارت مقالة من المائدة المستديرة لرابطة أبحاث الزهايمر، إلى وصف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، للمعنى السريري، وهو ما يلي "يكون للعلاج تأثيرٌ إيجابي وهام على كيفية شعور الفرد أو عمله أو بقائه على قيد الحياة". وسيكون تفسير المعنى السريري جزءً من المناقشات التي سيجريها الأطباء مع المرضى وعائلاتهم، عندما يفكرون في الفوائد والمخاطر والتحديات المحتملة للعلاجات المُعدَلة للأمراض المعتمدة حديثًا، لعلاج داء الزهايمر.

وختم الدكتور بيترسون بالقول: "إنها عملية اتخاذ قرار مشتركة حينما يتحدث المرضى والعائلات مع أطبائهم حول أي علاج محتمل. بينما نناقش المعنى السريري لإبطاء تطور داء الزهايمر، يجب نقل التوقعات الحقيقية للفوائد والمخاطر".مايو