الزهايمر مرضٌ يعيق التفكير والذاكرة.. والتقنيات الحديثة تسعى لعلاجه بطرق فعالة

كثيرة هي الأمراض التي ترتبط بعمر محدد، سواء في مرحلة الطفولة أو الشيخوخة، ومنها مرض الزهايمر المرتبط عادة بالتقدم بالسن.

ويشير الخبراء في "مايو كلينك" إلى أن الزهايمر هو اضطراب عصبي متفاقم يؤدي إلى تقلص الدماغ (ضموره) وموت خلاياه. وداء الزهايمر هو السبب الأكثر شيوعًا للخَرَف؛ فهو حالة تتضمن انخفاضًا مستمراً في القدرة على التفكير وفي المهارات السلوكية والاجتماعية؛ ما يؤثر سلبًا في قدرة الشخص على العمل بشكل مستقل.

ويضيف الخبراء أن بعض الجينات تجعلك أكثر عرضة للإصابة بداء الزهايمر، إذ تتحكم الجينات في وظيفة كل خلية في الجسم. وبعض الجينات تحدد الصفات الأساسية مثل لون العينين والشعر، فيما الجينات الأخرى يمكن أن تجعلك أكثر عرضة للإصابة بأمراض معينة، ومنها داء الزهايمر.

قام الباحثون بتحديد عدد من الجينات المرتبطة بداء الزهايمر، وهي تزيد من احتمالات إصابتك بالمرض. ويضمن البعض الآخر أنك ستُصاب بمرض (جينات حتمية)، على الرغم من أنها نادرة الحدوث. وعلى الرغم من ذلك، فإن عوامل الخطر الوراثية ليست سوى واحدة من العوامل التي تساهم في الإصابة بداء الزهايمر.

عوامل عدة تتسبب بالزهايمر منها الجينات
عوامل عدة تتسبب بالزهايمر منها الجينات

الجينات أحد عوامل الإصابة بالزهايمر

لأنك ترثين جين صميم البروتين الشحمي E واحدًا من والدتك وآخر من والدك، فيكون لديك نسختان من جين صميم البروتين الشحمي E. ووجود جين صميم البروتين الشحمي E ‏e4 واحد على الأقل يزيد من خطر الإصابة بداء الزهايمر بنحو ضعفين إلى ثلاثة أضعاف. وإذا كان لديك جينان من صميم البروتين الشحمي E ‏e4، فستكون الخطورة لديك أعلى كثيرًا، بنحو 8 أضعاف إلى 12 ضعفًا.

في موضوعنا اليوم، يلقي خبراء الصحة المختصون من "مايو كلينك" على أسباب وأعراض مرض الزهايمر، التقنيات الحديثة التي تسعة لإيجاد علاج لهذا المرض، وكذلك سبل الوقاية منه.

ما هي أعراض ومضاعفات مرض الزهايمر

فقدان الذاكرة هو العرض الرئيسي لداء الزهايمر، وتتضمن العلامات المبكرة صعوبة تذكُّر الأحداث أو المحادثات الأخيرة. ومع تقدم المرض، تتفاقم اعتلالات الذاكرة وتظهر الأعراض الأخرى.

في البداية، قد يكون الشخص المُصاب بداء الزهايمر واعيًا بوجود صعوبة في تذكُّر الأشياء وتنظيم الأفكار. ومن المحتمل جدًا أن يلاحظ أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء كيفية تفاقُم الأعراض.

وتؤدي التغيرات الدماغية المرتبطة بداء الزهايمر إلى زيادة الصعوبات في الحالات الآتية:

  1. الذاكرة: تنتابُ كل شخصٍ هفوات في الذاكرة بين الحين والآخر، لكن فقدان الذاكرة المرتبط بداء الزهايمر يستمر ويزداد سوءًا؛ ما يؤثر في القدرة على أداء وظائف العمل أو المنزل.

وقد يفعل الأشخاص المصابون بداء الزهايمر ما يلي:

  • تكرار العبارات والأسئلة مرارًا.
  • نسيان المحادثات أو المواعيد أو الأحداث، وعدم تذكرها لاحقًا.
  • وضع الممتلكات في غير أماكنها المعتادة، وفي كثير من الأحيان يضعونها في أماكن غير منطقية.
  • الضياع في أماكن مألوفة لديهم.
  • نسيان أسماء أفراد الأسرة والأشياء المستخدمة يوميًا في نهاية المطاف.
  • مواجهة صعوبة في العثور على الكلمات الصحيحة لتعريف الأشياء أو التعبير عن أفكارهم أو للمشاركة في الحديث.
  1. التفكير والاستدلال: يؤدي داء الزهايمر إلى صعوبة في التركيز والتفكير، وخاصةً حين يتعلَّق الأمر بالمفاهيم المجردة مثل الأرقام. ويصبح تنفيذ عدة مهام في الوقت نفسه أمرًا صعبًا على وجه الخصوص، وقد تصعُب إدارة الشؤون المالية وموازنة دفاتر الشيكات ودفع الفواتير وقت استحقاقها. في النهاية، قد لا يتمكن الشخص المصاب بداء الزهايمر من تمييز الأرقام وإجراء العمليات الحسابية.
  2. إصدار الأحكام واتخاذ القرارات: يتسبب داء الزهايمر في تدهور القدرة على اتخاذ قرارات وأحكام صائبة في المواقف اليومية. على سبيل المثال، قد تصبح اختيارات الشخص سيئة أو غير معهودة في التفاعلات الاجتماعية أو يرتدي ملابس غير مناسبة للطقس. وقد تزداد صعوبة الاستجابة بطريقة صحيحة للمشكلات اليومية، مثل حرق الطعام على الموقد أو اتخاذ مواقف غير متوقعة أثناء القيادة.
  3. التخطيط للمهام المشابهة وإجراؤها: مع تفاقم المرض، تصعُب مزاولة الأنشطة الروتينية التي كانت معتادة سابقًا وتتطلب خطوات متسلسة، مثل التخطيط لوجبة وطهيها أو ممارسة لعبة مفضلة. وفي نهاية الأمر، ينسى الأشخاص المصابون بداء الزهايمر في المراحل المتأخرة غالبًا كيفية أداء المهام الأساسية، مثل ارتداء الملابس والاستحمام.
  4. التغيرات في الشخصية والسلوك: يمكن لتغيُّرات الدماغ المصاحبة لمرض الزهايمر التأثير على الحالة المزاجية والسلوك. وقد تتضمن المشاكل، الاكتئاب، اللامبالاة، الإنسحاب الاجتماعي، التقلُّبات المزاجية، فقدان الثقة بالآخرين، التهيُّج والعدوانية، تغيرات في عادات النوم، التجوُّل بلا هدف، فقدان القدرة على التحكُّم بالنفس، والأوهام، مثل الاعتقاد بأن شيئًا ما قد سُرِق.
    مرض الزهايمر يعيق التفكير والذاكرة-رئيسية واولى
    مرض الزهايمر يعيق التفكير والذاكرة

كيف يتم علاج الزهايمر أو التخفيف من حدته

يمكن لأدوية داء الزهايمر الحالية أن تساعد لفترة محدودة في علاج الأعراض التي تصيب الذاكرة والتغيرات الإدراكية الأخرى. ويستخدم نوعان من الأدوية حاليًا لعلاج الأعراض المعرفية:

  • مثبطات الكولينستيراز: تعمل هذه الأدوية عن طريق زيادة مستويات التواصل من خلية لأخرى من خلال الحفاظ على الناقل الكيميائي المستنزف في الدماغ بسبب داء آلزهايمر. وهذه هي الأدوية الأولى التي جُرّبت في الغالب، ويشعر معظم الأشخاص بتحسن طفيف في الأعراض عند استخدامها. وقد تعمل هذه المثبطات على تخفيف الأعراض العصبية والنفسية، مثل الهياج أو الاكتئاب.

ومن الآثار الجانبية الأساسية لهذه الأدوية الإسهال والغثيان وفقدان الشهية واضطرابات النوم. أما بالنسبة إلى الأشخاص المصابين ببعض اضطرابات القلب، فقد تتضمن الآثار الجانبية الخطيرة اضطراب النظم القلبي.

  • الميمانتين (ناميندا): يعمل هذا الدواء على شبكة اتصال لخلايا دماغ أخرى، ويبطئ من تفاقم أعراض داء آلزهايمر المعتدل إلى الشديد. ويُستخدم في بعض الأحيان مع مثبط الكولينستيراز. ومن الآثار الجانبية النادرة نسبيًا، الدوخة والاضطراب.

في بعض الأحيان، يمكن وصف أدوية أخرى، مثل مضادات الاكتئاب للمساعدة على التحكم في الأعراض السلوكية المرتبطة بداء الزهايمر.

خلق بيئة آمنة وداعمة لمرضى الزهايمر

إنَّ تكييف الحالة المعيشية مع احتياجات شخص مصاب بداء الزهايمر، من الأمور المهمة في أي خطة علاجية. وكذلك يمكن جعل الحياة أسهل بكثير على الشخص المصاب بداء الزهايمر عن طريق إيجاد عادات يومية إيجابية وتعزيزها وتقليل المهام التي تعتمد على الذاكرة إلى الحد الأدنى.

ويمكن اتباع هذه الخطوات لدعم ثقة المريض في نفسه، واستمرار قدرته على أداء المهام المختلفة:

  • ضعي دائمًا المفاتيح والمُحافِظ، والهواتف المحمولة، والمتعلقات الأخرى في مكان واحد بالمنزل حتى لا يفقدها.
  • احتفظي بالأدوية في مكان آمن، مع استخدام قائمة تفقديّة يومية لتتبُّع جرعات العلاج.
  • اتخذي الترتيبات اللازمة لاستخدام الأموال عن طريق الدفع والإيداع الآلي.
  • زوَدي الشخص المصاب بهاتف محمول مزوَّد بخدمة تحديد الموقع بحيث يتمكَّن مقدّم الرعاية من تتبُّع موقعه. وتسجيل الأرقام المهمة على هاتف المريض.
  • تركيب مستشعرات إنذار على الأبواب والنوافذ.
  • احرصي على جعل المواعيد الطبية المنتظمة كلها في اليوم نفسه وفي أوقات متتالية بقدر المستطاع.
  • استخدمي التقويم أو لوحة بيضاء في المنزل لتتبُّع المواعيد اليومية، مع أهمية وضع علامة على المهام المكتملة.
  • تخلصي من الأثاث الزائد والفوضى وقِطع السجاد.
  • تثبيت درابزين قوي على السلالم وفي الحمامات للاتكاء عليه.
  • التأكد من أن الأحذية مريحة وتوفِّر ثباتًا جيدًا.
  • تقليل عدد المرايا في المنزل. حيث قد تتسبَّب الصور المنعكسة في المرايا في شعور مريض داء الزهايمر بالارتباك أو الخوف.
  • التأكد من أن مريض داء الزهايمر يحمل بطاقة تعريفية أو يرتدي سوارَ تنبيه طبيًا.
  • ضعي الصور والأشياء المميَّزة في أرجاء المنزل.

ما هي التقنيات الحديثة المتبعة في علاج الزهايمر

تسعى التقنيات الحديثة لإيجاد علاج فعال لمرض الزهايمر
تسعى التقنيات الحديثة لإيجاد علاج فعال لمرض الزهايمر

علّق الدكتور رونالد بيترسن، دكتوراه في الطب، طبيب أعصاب ومدير مركز أبحاث مرض الزهايمر في مايو كلينك وفقًا لشركتي الصناعات الدوائية "إيساي" و"بيوجين"، فإن المرحلة الثالثة من الدراسة السريرية على عقار جديد محتمل لمرض الزهايمر يسمى "ليكانيماب" أظهرت تقليل وتيرة التدهور السريري للأشخاص المصابين بمرض الزهايمر بنسبة 27٪ مقارنة مع العلاج الوهمي بعد 18 شهراً من العلاج.

وهذه أخبار مُبشَرة لمرضى الزهايمر وعائلاتهم. وفي حين أن العقار ليس علاجاً شافياً للمرض، إلا أنه يُمثَل خطوة ممتازة في المسار الصحيح من خلال إبطاء تدهور القدرات الإدراكية. ويُظهر العقار قدرة واعدة على إزالة لويحات الأميلويد، وهو بروتين دماغي سامّ وواحد من أبرز السمات في مرض الزهايمر. وتشير هذه البيانات إلى أنه يمكننا التدخل في عملية الأميلويد وإبطائها. ونحن بحاجة الآن للتحرك مبكراً في مسار المرض لعلاج الأشخاص ممّن ظهر لديهم بروتين الأميلويد ولكنهم طبيعيون ولا يعانون من أعراض سريرية.

كيفية الوقاية من مرض الزهايمر

هناك أكثر من 10 عوامل خطر يمكن للأشخاص التنبّه لها والتعامل معها لتقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر، ومنها ارتفاع ضغط الدم والتدخين والسمنة والسكري. كما قد تشمل عوامل الخطر أيضاً الإفراط في شرب الكحول وفقدان السمع وتلوّث الهواء.

إذا حاولت معالجة واحد أو أكثر من هذه العوامل، فقد تكونين قادرة بالفعل على تقليل خطر الإصابة بضعف القدرات الإدراكية مع تقدمك في السنّ.

والنصيحة هنا: حافظي على نشاطك وحركتك، جسدياً واجتماعياً وذهنياً.

مارس التمارين الرياضية واقرأي الكتب والتقي بأفراد العائلة والأصدقاء.

أيضاً يمكنك اتباع نظام غذائي صحي غنيّ بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون.

وأخيراً، احصلي على قسط كافٍ من النوم وافحصي سمعك بصورة دورية.