الصيام الزائف.. هل يساعد على خسارة الوزن ومقاومة الشيخوخة دون الشعور بالجوع؟
الحميات الغذائية هي أنظمةٌ غذائية تهدف إلى تحسين الصحة، خسارة الوزن أو علاج حالاتٍ طبية معينة، وتتنوع بحسب الأهداف والاحتياجات الشخصية.
ليست كل الحميات عشوائية؛ بل إن بعضها مدروس ويُطبَق عليه معايير صحية معينة، مبنية على أبحاثٍ ودراساتٍ وحساباتٍ علمية صحيحة. ويمكن لهذه الحميات أن تُحسَن من صحة الإنسان وتُعزَز قدرته الجسدية والنفسية على المضي قُدمًا في هذه الحياة، خصوصًا لدى الأفراد الذين يعانون من مشكلاتٍ صحية أو يتقدمون في السن.
يأتي الصيام ضمن بعض تلك الحميات، مثل الصيام المتقطع الذي حاز اهتمامًا ومتابعة من الملايين حول العالم، وإن لم يخلو من بعض المضاعفات. ليبرز اليوم مصطلحٌ جديد للصيام يُطلق عليه تسمية "الصيام الزائف" والذي كما يُشاع، قادرٌ على تعزيز خسارة الوزن ومقاومة الشيخوخة دون تجويع.
فماذا نعرف عن هذا الصيام، وهل يمكن للجميع اتباعه؟ إليكِ التفاصيل في السطور التالية.
"الصيام الزائف" نظام غذائي لخسارة الوزن ومقاومة الشيخوخة دون تجويع

هو العنوان العريض الذي افتتحت به صحيفة "الشرق الأوسط" مقالتها الالكترونية حول هذا النوع من الصيام؛ والذي أضاف موقع الصحيفة نقلًا عن صحيفة "نيويورك بوست"، أنه يُحاكي "حمية محاكاة الصيام" FMD وهو مُصمَم كما يوحي إسمه لمحاكاة آثار الصيام عن طريق استهداف مستويات الجلوكوز والكيتون في الدم وغيرهما من المؤشرات الحيوية الأخرى في الجسم.
ووفق الأبحاث الحديثة، فإن "الصيام الزائف" قد يثبتَ فعاليةً في تقديم الفوائد الصحية المُضادة للشيخوخة التي يُوفرها الصيام المتقطع، أو الامتناع عن تناول الطعام ضمن جداول محددة خلال اليوم.
ما الفرق بينه وبين الصيام العادي؟
المعروف أن الصيام العادي الذي يُمارسه المسلمون طيلة أيام شهر رمضان مثلًا، يقتضي التوقف عن الأكل والشرب لساعاتٍ محددة طوال اليوم؛ أما الصيام الزائف أو "حمية محاكاة الصيام" فإنها تسمح بتناول كمياتٍ محددة من العناصر الغذائية، المُنظَمة على شكل دورات. وغالبًا ما يلتزم الأفراد بهذا النظام لمدة 5 أيام خلال الشهر، فيما يحافظون على نظامهم الغذائي المعتاد لبقية الشهر.
في أبحاثٍ سابقة، أشارت النتائج إلى أن دورات نظام الصيام الزائف القصيرة يمكنها تدعيم فقدان الوزن، تعزيز تجديد الخلايا الجذعية، وتخفيف الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي. كما خلصت تجارب أخرى مماثلة إلى أن هذا النظام قد يُخفضَ من أعراض الخَرف، أحد أشكال التدهور المعرفي للإنسان خاصةً مع التقدم بالسن.
دراسةٌ حديثة حول "حمية محاكاة الصيام" نشرتها مجلة Nature Communications (مجلة متعددة التخصصات تغطي العلوم الطبيعية)؛ كشفت أن هذا النظام الغذائي يمكنه المساعدة ليس فقط على خسارة الوزن، وإنما أيضًا تقليل علامات شيخوخة الجهاز المناعي. ومن خلال تقليل مقاومة الأنسولين والدهون الكبدية لدى البشر، يمكن للصيام الزائف خفض العمر البيولوجي للشخص بمعدل 2.5 سنة.
ومعلومٌ أن العمر البيولوجي هو المقياس لوظيفة خلايا وأنسجة الشخص، على عكس العمر الزمني. بمعنى آخر، هو مقياسٌ لصحة الجسم ووظيفته بناءً على عوامل مثل نمط الحياة والصحة الجينية؛ يُمثَل العمر البيولوجي حالة خلايا وأعضاء الجسم، وقد يكون أكبر أو أصغر من العمر الزمني، وعادةً ما يُستخدم لتقييم المخاطر الصحية والتنبؤ بالعمر المحتمل، كما يمكن تحسينه من خلال تعديل عادات الحياة.
بحسب فالتر لونغو، الباحث الرئيسي وأستاذ جامعة جنوب كاليفورنيا حول هذا النظام: "هذه أول دراسة تُظهر أن التدخل الغذائي، الذي لا يتطلب تغييراتٍ مزمنة في النظام الغذائي أو نمط الحياة، يمكن أن يجعل الناس أصغر سناً بيولوجياً."
ما هي ميَزات الصيام الزائف لجهة خسارة الوزن؟

وفقًا لصحيفة "الشرق الأوسط"، يصف الباحثون "حمية محاكاة الصيام" بأنها "حميةٌ غذائية على مدار 5 أيام؛ تُعتبر غنيةً بالدهون غير المُشبعة، منخفضة السعرات الحرارية والبروتينات والكربوهيدرات، وهي مُصممة لمحاكاة آثار صيام الماء فقط، مع توفير العناصر الغذائية الضرورية، ما يُسهِّل على الناس إتمامها دون معوقات."
ويساعد خفض استهلاك السعرات الحرارية إلى نحو 40 – 50% من الاحتياجات اليومية الطبيعية للشخص، وتقييد البروتين والكربوهيدرات بشدة، على تحفيز استجاباتٍ خلوية واستقلابية مُشابهة لتلك التي يُوفرها صيام الماء، الذي لا يُنصح به عادةً. فيما تعتمد هذه الحمية، وبصورةٍ كبيرة، على السعرات الحرارية من الدهون غير المُشبعة، والمعروفة بقدرتها على تقليل الالتهابات وتعزيز صحة القلب. ما يعني أن هذه الحمية قد تكون مفيدةً للصحة على المدى الطويل، في حال اتباعها بشكلٍ صحيح ومتناسق مع احتياجات كل فرد، وبالطبع بعد استشارة الطبيب.
ليس ذلك فحسب؛ بل يبدو أن للصيام الزائف المزيد من الفوائد الصحية. فقد وجدت الدراسة التي نشرت تفاصيلها "نيويورك بوست" أن حمية محاكاة الصيام أثبتت قدرةً على تقليل عوامل خطر الإصابة بمرض السكري، خفّض دهون الكبد، إبطاء شيخوخة الجهاز المناعي، وتقليل مخاطر الأمراض المرتبطة بالعمر، وبالتالي انخفاض العمر البيولوجي للجسم لعدة سنوات.
هل ثمة نموذج للصيام الزائف يمكن الاعتماد عليه؟
إليكِ بعض خطوات اتباع الصيام الزائف، إنما يُفضَل اتباعه تحت إشراف مختصة تغذية، خاصةً لمن يعانون من أمراضٍ مزمنة أو يتناولون بعض الأدوية.
1. المدة: يُطبق لمدة 5 أيام متتالية في الشهر، مع تناول كميات محدودة من الطعام.
• اليوم الأول: السعرات؛ حوالي 1100 سعرة حرارية.
• التركيبة: 10% بروتين، 56% دهون، 34% كربوهيدرات.
• الأيام 2 إلى 5: السعرات؛ حوالي 750 سعرة حرارية يومياً.
• التركيبة: 9% بروتين، 44% دهون، 47% كربوهيدرات.
• الأطعمة المسموحة: شوربة خضار، زيت الزيتون، المكسرات، الأعشاب، الشاي الأخضر، ومكملات غذائية نباتية.
• يُفضل تجنب السكر، اللحوم، ومنتجات الألبان خلال هذه الفترة.
بعد انتهاء الأيام الخمسة، يُستأنف النظام الغذائي الطبيعي تدريجياً؛ كما لا يُنصح به للأطفال، الحوامل، أو الرياضيين خلال فترات التدريب المكثف.
في الختام؛ فإن الصيام الزائف، والذي يمتد لخمسة أيام فقط ويرتكز على تناول كمياتٍ وأنواعٍ محددة من الطعام، يُسهم كما أثبتت دراساتٌ عدة في خسارة الوزن وخفض العمر البيولوجي للجسم، فضلًا عن فوائد أخرى لجهة تعزيز صحة القلب وتقليل خطر السكري.
إنما من الضروري دومًا مراجعة الطبيب المختص قبل الخوض في هذا النظام أو الحمية، مهما ثبُتت فعاليتها من خلال الدراسات؛ لتبيان ما إذا كانت تناسبكِ وتُوفر لكِ النتائج الإيجابية التي تبحثين عنها لتعزيز فقدان الوزن والحفاظ على صحة وشباب جسمكِ.