
التوعية بسرطان المبيض: مؤشرات الخطر وطرق الوقاية
إنها رسالةٌ لكل سيدة وفتاة من حولنا: صحتكِ هي الأهم، وتستحق كل اهتمامٍ وتقدير.
لا يحتاج الأمر للشعور بالمرض أو تحسَس شيءٍ غير اعتيادي في جسمكِ، كي تسارعي للذهاب إلى الطبيب وعمل الفحوصات اللازمة؛ فالاهتمام بصحتكِ مسؤوليةٌ كبيرة عليكِ أن توليها اهتمامًا مضاعفًا، وأن تحرصي على الفحص الطبي كما تحرصين على تقليم أظافركِ وتلوين شعركِ وشراء الثياب الجديدة بين الحين والآخر.
قد تكون هذه المقدمة، بمثابة ناقوس خطرٍ ندَقه مرارًا وتكرارًا، لتوعية قارئات "هي" العزيزات على ضرورة الاعتناء بصحتهنَ كما يعتنينَ بكل أحدٍ وكل شيءٍ من حولهنَ. فنحن النساء، معروفات بالتضحية وتقديم مصلحة العائلة والأولاد على مصلحتنا؛ ما يجعلنا عرضةً للكثير من الضغوطات والمتاعب الصحية، التي في حال لم ننتبه لها في مرحلةٍ مبكرة، قد تتطور إلى مشكلةٍ أكبر.
قبل عدة أيام من اليوم العالمي للتوعية من سرطان المبيض، الذي يُصادف يوم 8 مايو؛ اخترنا البدء مبكرًا للتوعية من هذا المرض وكيفية حماية أنفسنا منه. لأن سرطان المبيض يُعدَ ثالث أكثر السرطانات شيوعًا عند النساء بعد سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم؛ والمخيف في الأمر هو انتشاره، إذ يشير موقع وزارة الصحة السعودية إلى أنه في العام 2020 ، جاء سرطان المبيض في العالم في المرتبة السابعة ضمن أكثر سرطانات النساء انتشاراً، والمرتبة الثامنة ضمن السرطانات المُسببة لوفاة النساء. كما تمَ تشخيص 314,000 حالة إصابة بهذا المرض، و207,000 حالة وفاة سنوياً؛ ويُتوقع في عام 2040 أن تزيد أعداد الإصابة بمعدل 42% لتصل إلى 445,721 حالة.
ويضيف الموقع أن سرطان المبيض ليس تشخيصًا منفردًا، بل هو مصطلحٌ شامل للعديد من أنواع السرطان المختلفة التي تؤثر على المبيضين وقناتي فالوب والتجويف البريتوني الأساسي. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 30 نوعًا مختلفًا من سرطان المبيض، وهناك تباينٌ كبير جدًّا في الإصابة والتوقعات من حيث الأنواع المختلفة.
سرطان المبيض هو أكثر أنواع السرطانات فتكًا بالإناث؛ حيث لا يوجد اختبار فحصٍ موثوقٍ به بشكلٍ تام؛ وللأسف، فإن كل امرأةٍ مُعرضةً لخطر الإصابة بهذا المرض، مع التأخر في التشخيص ولأن الأعراض غالبًا ما يُخلَط بينها وبين أمراضٍ أخرى أقل خطورة؛ تُشخَّص معظمُ النساء بمجرد انتشار السرطان بالفعل، مما يجعل علاجه أكثر صعوبةً.
ليس هدفنا عزيزتي زيادة قلقكِ وتوتركِ من خلال كل ما تقدم؛ بل إننا نسعى لتوعيتكِ وحثكِ على إيلاء هذه المشكلة الصحية المزيد من الاهتمام والتثقيف. ولهذا توجهنا إلى الدكتورة باسمة جمال الدين، أخصائية طب أمراض النساء والتوليد في مستشفى فقيه الجامعي دبي، للإطلاع عنها أكثر عن هذا المرض وكيفية الوقاية منه.
التوعية بسرطان المبيض والوقاية منه

في زحمة الحياة، تنشغل كل امرأة في أدوارها: أم، زوجة، عاملة، صديقة، إبنة... وقد تنسى أن صحتها هي أساس كل شيء. في 8 مايو من كل عام، يُذكّرنا اليوم العالمي لسرطان المبيض بأهمية أن نُصغي جيدًا لأجسادنا، وأن لا نغض الطرف عن ما يبدو "عاديًا".
يُعرف سرطان المبيض بـ "القاتل الصامت"، لأنه غالبًا ما لا يُظهر أعراضًا واضحة في مراحله الأولى، مما يجعل الكشف المبكر هو التحدي الأكبر.
للعلم؛ فإن سرطان المبيض هو نموٌ غير طبيعي للخلايا في أحد المبيضين أو كليهما. وإذا لم يُكتشف مبكرًا، يمكن أن ينتشر إلى أجزاءٍ أخرى من الجسم، وهو أحد أكثر أنواع السرطان النسائية خطورةً، لكنه ليس بدون أمل — فالاكتشاف المبكر يُنقذ الحياة.
أخطاءٌ شائعة يجب على كل سيدة تجنَبها
لزيادة فرص النجاة من سرطان المبيض وتحسين جودة الحياة، تنصحكِ الدكتورة جمال الدين بعدم الوقوع في الأخطاء التالية، والتي تُعدَ للأسف شائعةً عند الكثير من النساء:
1. تجاهل الأعراض المتكررة: الانتفاخ المستمر، الشعور السريع بالامتلاء، آلام الحوض أو البطن، التبول المتكرر أو المُلحّ، تغيَرات في الدورة الشهرية أو الإمساك المزمن؛ كلها قد تبدو أعراضًا لهضمٍ ثقيل أو إرهاق، لكن تكرارها يستدعي الفحص. لذا بادري بحجز موعدٍ مع طبيبتكِ النسائية، في حال تكررت لديكِ هذه الأعراض أو بعضها.
2. الاعتماد الكامل على الفحص النسائي الروتيني: الكثير من النساء يعتقدنَ أن إجراء مسحة عنق الرحم (Pap smear) يكشف عن كل أنواع السرطان النسائية، والحقيقة أنه لا يكشف عن سرطان المبيض.
فالفحوصات الخاصة به تختلف، وتشمل الفحص بالموجات فوق الصوتية عبر المهبل؛ وتحليل CA-125 (ليس دقيقًا 100% لكنه مؤشرٌ مفيد في بعض الحالات).

اسألي دكتورتكِ الخاصة عن هذه الفحوصات وأهميتها، في الموعد المقبل لاستشارتكِ الطبية.
3. إهمال التاريخ العائلي: إن وجود تاريخٍ عائلي لسرطان المبيض أو الثدي يزيد من احتمالية الإصابة، خاصةً في حال وجود طفرات جينية مثل BRCA1 وBRCA2. لا تهملي هذا الجانب، وأخبري طبيبتك دومًا بالتاريخ العائلي؛ وقومي بالفحوصات اللازمة للكشف عن الطفرات الجينية، زيادةً في التطمين، إن أردتِ.
4. الاستخفاف بالتغيرات الهرمونية أو المتعلقة بالسن: سن اليأس ليس مبررًا لتجاهل الأعراض. وبعض النساء يعتقدنَ أن كل ما يشعرنَ به طبيعي في مرحلة انقطاع الطمث، فيما قد لا يكون كذلك.
من الواجب عليكِ، عند بلوغ سن انقطاع الطمث، زيارة الطبيبة النسائية للوقوف على كل ما يحيط بهذه المرحلة، وأيضًا لإجراء فحوصات الكشف عن مشكلاتٍ صحية أخرى مثل سرطان المبيض.
نصائح ذهبية لكل سيدة.. للوقاية من سرطان المبيض
لا داعي للخوف أو الخجل من المطالبة بحقكِ الطبيعي في الحصول على استشارةٍ طبية بين الحين والآخر، فأنتِ بحاجة للاعتناء بنفسكِ كي تبقي قادرةً على الاعتناء بالآخرين. والصحة حقق من حقوق الجميع، وأنتِ في طليعتهم؛ لذا تنصحكِ الدكتورة جمال الدين بضرورة اتباع النصائح الآتية:
1. تعلمي أن تقولي "أحتاج طبيبًا"
لا تؤجلي الفحص عند الشعور بشيءٍ غير معتاد. وحتى لو طمأنكِ الآخرون، استمعي لصوتكِ الداخلي وقومي بما يحتاج فعله لتطمين وإراحة نفسكِ.
2. اجعلي الفحص عادةً سنوية
إذا كنتِ فوق سن الأربعين أو لديكِ عوامل خطر (كتاريخ العائلي المرضي)، اجعلي الفحوصات النسائية جزءًا من روتينكِ السنوي.
3. اتبَعي نمط حياةٍ صحي
مع إنكِ قد تعرفين هذا الأمر الآن، لكن لا ضير من التكرار؛ يتلخص هذا النمط فيما يلي: نظام غذائي غني بالخضار والألياف وقليل الدهون المشبعة؛ ممارسة الرياضة بانتظام؛ الإقلاع عن التدخين؛ تقليل التوتر ومراقبة الوزن.
4. قوة الدعم النسائي
كم هي مدهشة هذه القوة التي نستحصل عليها من دعم بعضنا البعض.
تشاركي الحديث مع صديقاتكِ، وارفعي الوعي في محيطكِ. كلمةٌ منكِ، قد تفتح بابًا للفحص المبكر عند غيركِ.
5.لا تخجلي من الأسئلة
لا توجد أسئلةٌ محرجة أمام الصحة؛ تحدثي بصراحة مع طبيبتكِ، فالكشف الجيد يبدأ بالحوار الجيد.
سرطان المبيض: متى يصبح مُقلقًا

تواصلي مع طبيبتكِ النسائية، إذا استمرت الأعراض التالية لأكثر من أسبوعين:
• انتفاخ غيرٌ مبرر.
• الشعور بآلام متكررة في الحوض أو البطن.
• نزيف مهبلي غير معتاد.
• فقدان الوزن غير المبرر.
• شعور دائم بالإرهاق.
في الختام، ولأنكِ تستحقين الحياة بصحةٍ وراحة: تذكري عزيزتي أن اليوم العالمي لسرطان المبيض ليس يومًا للحزن، بل يومًا لنتذكر فيه أن الوقاية ممكنة، وأن الحب الحقيقي لأنفسنا يبدأ بالاهتمام، والاهتمام يبدأ بالوعي.
أنتِ لستِ فقط قلب البيت، بل قلب العالم... فلتحميه جيدًا.