REEMA DAHBOUR  مصممة أزياء ورائدة أعمال

كيف ننشئ علامة هادفة ومستدامة وأخلاقية

16 نوفمبر 2023

بقلم: REEMA DAHBOUR

 

في عالم الأزياء، أقف شاهدة على قوّة الثقافة والاستدامة والتمكين النسائي. وقد استطعتُ، بصفتي مصمّمة فلسطينية أردنية، أن أثبت نفسي وأرسّخ اسمي عبر الاحتفاء بتراثي الغني وإنشاء دار مستدامة تنفخ حياة جديدة في حرفة التطريز التقليدية بالغرزة المتقاطعة، فتحوّلها إلى أعمال فنية، بما في ذلك فساتين مسائية من الممكن أن تصبح كنوزا متوارثة تنتقل من جيل إلى آخر.

لم تُعنَ مسيرتي فقط بالموضة، بل عُنيت أيضا بالحفاظ على الهوية الفلسطينية ودعم المجتمعات المحلية، ولا سيما النساء واللاجئات اللواتي غالبا ما يكافحن من أجل تأمين لقمة العيش. يجسّد عملي التزامي العميق بالحفاظ على الحرف التقليدية، وجعلها تروق للجيل الجديد، فضلا عن سعيي لزيادة الوعي حول القضية الفلسطينية بشكل يعبر الحدود، إذ ترتدي فساتيني اليوم نساء من خلفيات متنوّعة وفي مناسبات مختلفة.

REEMA DAHBOUR مصممة أزياء ورائدة أعمال
REEMA DAHBOUR
مصممة أزياء ورائدة أعمال

وفي جوهر علامتي، يكمن مفهوم الاستدامة بتعريفه المتجدّد. فبالنسبة لي، تتخطّى الاستدامة حدود القضايا البيئية، وتشمل الحفاظ على التراث الثقافي، وتعزيز الرابط بين الماضي والحاضر. رحلتي هي قصّة شغف وثقافة وتمكين بدأت من حرفة تطريز الغرزة المتقاطعة القديمة. من الضروري جدا الاعتراف بأنّه غالبا ما يُساء فهم مصطلح الاستدامة، ولا سيما عندما يتعلّق الأمر بالعلامات التجارية الصغيرة. لا تقتصر الاستدامة فقط على محاكاة ممارسات الشركات الكبرى، بل يجب أن تكون مصمّمة كي تناسب السياق المحدّد لكل علامة تجارية. على سبيل المثال، قد تؤثّر الشركات الصغيرة بيئيا بشكل أكبر لدى استيراد الأقمشة "العضوية" من الخارج بدلا من الحصول عليها محليا، خصوصا عندما تعطي الأولوية في تصاميمها للجودة والمتانة وقابلية الارتداء، حيث تكون كل قطعة أزياء هي قطعة استثمارية يمكن ارتداؤها بطرق مختلفة. أعتقد أنّ الاستدامة هي تعريف شخصيّ، وقد تعني للبعض إعطاء الأولوية للاقتصاد والمجتمع المحليين. فضمان أجور عادلة وظروف عمل مواتية وتطوير مهارات موظّفين الكثير منهم لاجئون، أهم من استيراد موادّ عضوية من الخارج. وفضلا عن ذلك، تشمل الاستدامة الممارسات التي تضمن استمرارية الشركة وسلسلة التوريد على المدى البعيد، بما في ذلك اللجوء إلى المصادر المحلية، والحفاظ على الحرف التقليدية. من الضروري تغذية تلك الحرف ودعمها لدى الجيل الجديد، لأن ذلك يتحدّى المعتقد الخاطئ بأنّ الفنون الغربية أكثر أهمية، ولتسليط الضوء على غنى تراثنا الثقافي.

إن كنت تملكين شركة إقليمية صغيرة، فعليك أن تركّزي على تحديد ممارسات مستدامة تتوافق مع اقتصادك ومجتمعك المحليّ، وتحسين مواردك قبل إجراء مقارنة مرجعية مع الشركات العالمية.

لمن ترغب في بناء علامة تجارية هادفة، أنصحها باتباع الخطوات التالية:

تحديد المهمّة: صرّحي بشكل واضح عن هدف علامتك. بالنسبة لداري، مهمّتي هي تمكين اللاجئات من خلال تأمين فرص العمل لهنّ، والحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني.

الأصالة: اضمني توافق هدف علامتك تماما مع قيمك الشخصية وشغفك. الأصالة أساسية لبناء الثقة.

السرد القصصي: شاركي القصّة الكامنة وراء تأسيس دارك، واشرحي كيف أبصرت النور، وما الذي حثّك على تأسيسها، والتأثير الذي تهدفين إلى تحقيقه. استخدمي السرد القصصي للتواصل مع جمهورك على مستوى عاطفي.

مصادر أخلاقية: رسّخي التزامك بالمصادر وطرق الإنتاج الأخلاقية، ولا سيما عندما تعملين مع المجتمعات المهمّشة. قدّمي أجورا عادلة، وتبني ممارسات مستدامة.

مشاريع التعاون: تعاوني مع منظّمات أو حرفيّين يشاركونك قيمك. فالمجهود التعاوني قد يسهم في تعزيز انتشار عملك ودعم وقعه.

منتجات فريدة وذات جودة عالية: صمّمي منتجات عالية الجودة وفريدة من نوعها تعكس هوية علامتك. ففي داري مثلا، السمة المميّزة هي التطريز بالغرز المتقاطع التقليدي.

إشراك المجتمع: تفاعلي مع أفراد مجتمعك المحلّي والإلكتروني، استمعي إلى آرائهم، وامنحيهم فرصة المشاركة في العملية الإبداعية، وعبّري عن تقديرك وامتنانك لدعمهم.

الشفافية في التواصل: كوني شفّافة بشأن أهدافك وتحدياتك وإنجازاتك. شاركي جمهورك كل جديد يتعلق بتأثير عملك في حياة النساء المحليات والمجتمع المحلي.

الحضور على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية: استخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والمنصّات الإلكترونية لكي تعرضي عملك، وتشاركي القصص وتتواصلي مع جمهور أوسع نطاقا.

العطاء: خصّصي جزءا من أرباحك مثلا لمبادرات تدعم مباشرة النساء واللاجئات اللواتي تهدفين إلى تمكينهنّ.

قياس التأثير: استخدمي أساليب قياس التأثير الاجتماعي لعملك. وشاركي تلك المقاييس مع جمهورك لتثبتي له التزامك بهدف علامتك.

الاستدامة: خذي في عين الاعتبار ممارسات مستدامة بيئيا في عمليّتَي الإنتاج والتعليب، وذلك لتتماشى مع أهداف بيئية واجتماعية أوسع نطاقا.

مهمّتي تتخطّى حدود عالم الموضة، فعلامتي هي محرّك قوي للتغيير الإيجابي، ودعم المجتمعات المحلية، وتمكين النساء، ولا سيما اللاجئات. الكثير من الحرفيّين الماهرين الذين يعملون بدقة على تصاميمي، هنّ نساء يعتمدن على تلك الحرفة لدعم عائلاتهنّ. لكن لم يمنحهن عملي سبل عيش مستدامة فقط، بل أعطاهن أيضا منصّة لعرض مواهبهنّ وإظهار التراث الغني الذي يحملنه منذ أجيال.

Credits

    بقلم: REEMA DAHBOUR