بين الغذاء، الرياضة والكاكاو: كيف نحمي شرايين القلب؟
تُعد صحة الشرايين حجر الأساس لصحة القلب، وهي منظومةٌ مُعقدة تتأثر بكل ما نأكله، نمارسه، ونشعر به؛ بل وحتى طريقة نومنا واستجابتنا للتوتر. وفي السنوات القليلة الأخيرة، أصبحت أمراض الشرايين أبرز أسباب الوفيات عالميًا، ما يجعل الوقاية ضرورة يومية وليست خيارًا.
في مقالة اليوم، يقدّم لنا الدكتور حسام بُلّة؛ استشاري أمراض القلب في مجموعة مستشفيات السعودي الألماني https://saudigermanhealth.com/ar رؤية طبية وشرحًا موسّعًا للعوامل التي تحمي الشرايين، أبرز المخاطر التي تُحدق بصحة الشرايين، ودور الرياضة والغذاء في حمايتها وتعزيزها؛ إضافة إلى دور مُكوّنٍ غذائي مهم مثل الكاكاو في دعم صحة الأوعية الدموية.
البداية مع تعريف أمراض الشرايين وكيف تبدأ؟
أمراض الشرايين هي مجموعةٌ من الحالات المرضية التي تصيب الشرايين، مثل تصلَب الشرايين، الذي يتسبب في تراكم الترسبات الدهنية على جدرانها. وتؤدي هذه الأمراض إلى ضيق الشرايين أو انسدادها، مما يعيق تدفق الدم ويتسبب بزيادة مخاطر الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب التاجية، السكتة الدماغية، وأمراض الشرايين الطرفية.
أبرز أنواع أمراض الشرايين هي تصلَب الشرايين؛ أمراض الشرايين التاجية؛ أمراض الشرايين السُباتية، وأمراض الشرايين الطرفية. وتلعب عوامل عدة سببًا وراء الإصابة بهذه الأمراض، منها:
• ارتفاع ضغط الدم.
• ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية.
• التدخين.
• مرض السكري.
• السُمنة.
• الالتهابات المزمنة.
في حال عدم معالجتها بسرعة وبصورةٍ فعالة، يمكن لأمراض الشرايين هذه أن تتسبب بمضاعفاتٍ صحية متعددة مثل النوبة القلبية، السكتة الدماغية، فشل القلب أو الكلى، اضطرابات نُظم القلب وغيرها.
كذلك يوضح الدكتور حسام بُلّة أن مشاكل الشرايين لا تحدث فجأةً، بل تنشأ على مدار سنواتٍ طويلة وعبر عملية تُسمّى التصلّب العصيدي، وهي تراكم الدهون والالتهابات على جدران الشرايين. الالتهاب هنا هو العامل الأخطر، لأنه يُحوّل الدهون العادية إلى لويحات صلبة تُضيَق المجرى الدموي.
والعوامل الثلاثة التي تُضعف الشرايين كما يشرحها الدكتور حسام بُلّة هي:
1. ارتفاع الدهون الضارة وتعرّضها للأكسدة.
2. الالتهاب المزمن نتيجة سوء التغذية والتوتر.
3. ارتفاع السكر في الدم الذي يتلف بطانة الأوعية الدقيقة.
كما في غيره من المشاكل الصحية والأمراض، فللوقاية دورٌ أساسي بل ومحوري، في حماية الشرايين وتعزيز متانتها وقوتها في وجه التصلب وأمراض القلب المرتبطة بها. ويتضمن ذلك اتباع نظامٍ غذائي صحي، ممارسة الرياضة بانتظام، الإقلاع عن التدخين، الحفاظ على وزنٍ صحي، والتحكم في عوامل الخطر مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والكوليسترول.
إلا أنه ثمة من يُشيع أن الرياضة قد تحمي شرايين القلب أكثر من النظام الغذائي والعكس صحيح؛ فما رأي المختصين في هذا القول؟
أيهما يحمي شرايين القلب أكثر.. النظام الغذائي أم الرياضة؟
يؤكّد الدكتور حسام بُلّة أن النظام الغذائي هو العامل الأكثر تأثيرًا في حماية الشرايين. فالطعام غير الصحي يخلق بيئةً ملتهبة داخل الشرايين ويزيد من أكسدة LDL ويُعجّل تكوّن الترسبات.
وأفضل نظامٍ غذائي لحماية الشرايين وتقويتها، يُوصي به الدكتور بُلّة هو النظام المتوسطي المعتمد على خياراتٍ صحية عديدة منها زيت الزيتون؛ الخضروات الورقية؛ الأسماك؛ البقوليات، والمكسرات. فضلًا عن تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والسكريات لتجنب تصلَب الشرايين وتوقفها عن أداء وظائفها المهمة.
ماذا عن دور الرياضة؟
يُجيب الدكتور حسام بُلّة أن الرياضة تُحسّن مرونة الشرايين، وتزيد مستويات HDL؛ كما تُقلَل الدهون، وتخفّض الالتهاب، لكنها لا تستطيع إصلاح الضرر الناتج عن غذاءٍ سيئ.
والنتيجة: أقوى حماية للشرايين تتحقق عندما يجتمع غذاءٌ صحي مع رياضة منتظمة. والجمع بينهما بحسب استشاري أمراض القلب في مجموعة مستشفيات السعودي الألماني، يُقلَل خطر الجلطات بنسبةٍ تصل إلى 70%.
الضغط والسكر.. أخطر عاملين صامتين على الشرايين
يتسبب ارتفاع الضغط بحدوث احتكاكٍ مستمر على جدران الشرايين، مما يؤدي إلى فقدان مرونتها. أما السكر المرتفع فيتلف بطانة الشرايين الدقيقة، يزيد الالتهاب ويُسرّع تراكم الدهون.
لهذا من الأفضل دومًا الحفاظ على مستويات الضغط والسكر ضمن حدودها الطبيعية، واستشارة الطبيب المختص في حال البدء بالمعاناة من ارتفاعهما أو عدم انتظامهما.
الدهون.. ليست كلها سيئة
لا بدَ هنا من التذكير بأن الدهون ليست كلها ضارة؛ بل ثمة دهون صحية أو مفيدة يمكن الاعتماد عليها لتعزيز الصحة ككل، ولدعم صحة الشرايين بصورةٍ خاصة.
ويستعرض لنا الدكتور حسام بُلّة كل من الصنفين على النحو الآتي:
1. الدهون الضارة: وتتمثل في المقليات، الأطعمة السريعة، الزيوت المهدرجة، والمعجنات التجارية أو الجاهزة.
2. الدهون الصحية: أو المفيدة، نجدها في زيت الزيتون؛ الأسماك الدهنية، المكسرات والأفوكادو.
تلعب الدهون الصحية (الدهون غير المُشبعة) دورًا أساسيًا في الجسم، من خلال تحسين مستويات الكوليسترول، تقليل الالتهابات، تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، ودعم وظائف الدماغ والجهاز العصبي. كما تساهم في امتصاص الفيتامينات الأساسية وإنتاج الهرمونات، تحافظ على صحة البشرة والعظام، وتُنظَم درجة حرارة الجسم. في حين أن الدهون الضارة، ومن إسمها تتضح ماهيتها، تقوم بدورٍ سلبي لجهة زيادة مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، زيادة خطر مقاومة الأنسولين ومرض السكري، أمراض الكبد والتهاب البنكرياس.
صحة الشرايين.. دور النوم والتوتر والتدخين
وفقًا للدكتور حسام بُلّة، لهذه العناصر الثلاث تأثيرٌ كبير على صحة الشرايين؛ فقلة النوم ترفع خطر مشاكل القلب بنسبة 30%، التوتر المستمر يؤدي إلى تضييق الشرايين، أما التدخين فيضر بطانة الشرايين ويرفع خطر الجلطات أربع مرات.
الكاكاو الطبيعي… غذاءٌ مفيد للقلب
عند سؤاله عن دور الكاكاو في تعزيز صحة القلب والشرايين، أكدَ لنا الدكتور حسام بُلّة على هذا الدور مشيرًا إلى أن الكاكاو الخام الغني بالفلافانول يقوم بالوظائف التالية:
1. تحسين توسَع الشرايين.
2. تقليل ضغط الدم.
3. رفع مستويات HDL.
4. تنشيط الدورة الدموية.
وعليه، يمكنكِ عزيزتي التلذذ بطعم الكاكاو اللذيذ والفاخر، بجانب الاستفادة من مزاياه الصحية المتعددة.
خطوات عملية للحفاظ على شرايين قوية
كلما بدأنا أبكر، كانت النتائج أفضل؛ هذا ما يؤكده العديد من المختصين ومنه الدكتور حسام بُلّة شارحًا لبعض الخطوات العملية التي تضمن لنا شرايين قوية على مدار السنوات:
1. تناول الخضروات يوميًا.
2. تقليل استهلاك السكر.
3. الاعتماد على زيت الزيتون في أطباقنا.
4. المشي لمدة 30 دقيقة كل يوم.
5. القيام بتمارين المقاومة.
6. تجنَب التدخين والإقلاع عنه في أقرب فرصة.
7. النوم لمدةٍ كافية بين 7 – 8 ساعات كل ليلة.
8. تناول الأسماك الدهنية مرتين في الأسبوع.
9. شرب الماء بكميات كافية.
10. الحفاظ على وزن صحي.
في الختام؛ يُشدَد الدكتور حسام بُلّة على أن صحة الشرايين هي نتاج خياراتٌ يومية. ويُعدَ الغذاء السليم، الرياضة، النوم، وإدارة التوتر عوامل قادرةً على إطالة العمر وحماية القلب وتحسين جودة الحياة.
