طريقة بناء العضلات بعد سن الخمسين

أفضل 4 تمارين رياضية.. لاستعادة كتلة العضلات مع التقدم بالسن

جمانة الصباغ

يبدأ بناء العضلات في الجسم، منذ عمرٍ صغير؛ من خلال اللعب والرياضة والنشاطات المختلفة التي نقوم بها ونحن يافعين وفي مرحلتي الطفولة والمراهقة. لكنها تصبح أيضًا، أول ما نبدأ بفقدانه مع التقدم بالعمر.

من الطبيعي أن يتغير جسمكِ فيما تكبرين، مما قد يعيق تحقيق أهداف الحفاظ على لياقةٍ بدنية عالية. فبعد سن الخمسين مثلًا، تفقد المرأة ما بين 3% و5% من كتلة العضلات كل عقد دون ممارسة تمارين المقاومة؛ ما يُسرّع من تباطؤ عملية الأيض ويُصعّب التحكم في الوزن، حتى مع اتباعكِ نفس النظام الغذائي الذي اعتدتِ في الشباب.

ومع العمر؛ يصبح تصلب المفاصل واقعًا يوميًا يتزامن مع ترقق الغضاريف وانخفاض إنتاج السائل الزليلي. ويلاحظ العديد من الناس هذا الأمر أولًا في رُكبهم ووركهم وأكتافهم - وهي المناطق الأساسية للحركة الأساسية. كما يستغرق التعافي بعد مزاولة وقتًا أطول؛ فالتمارين التي كانت تُشعركِ بالانتعاش، تستغرق الآن من 48 إلى 72 ساعة قبل أن تشعر عضلاتكِ باستعدادها للتمرن من جديد.

كذلك تنخفض كثافة العظام، وخاصةً لدى النساء بعد انقطاع الطمث؛ مما يزيد من خطر الإصابة بالكسور حتى مع النشاط المعتدل. ويتدهور التوازن الجسماني مع تراجع حدة الحس العميق (إدراك وضعية الجسم)، مما يجعل السقوط أكثر شيوعًا وربما أكثر خطورة. كما تتراجع قدرة القلب والأوعية الدموية، وينخفض أقصى إنتاج لقلبكِ بنسبة 1٪ تقريبًا كل عام بعد سن الأربعين؛ ما يعني أن ما كان يومًا ما نشاطًا سهلًا، قد يبدأ بالتسبب بضيقٍ في التنفس. أضيفِ إلى ذلك ارتفاع ضغط الدم الشائع في هذه الفئة العمرية، ولهذا قد تحتاجين إلى تعديل شدة التمرين الذي اعتدتِ عليه.

طريقة بناء العضلات بعد سن الخمسين - رئيسية واولى
طريقة بناء العضلات بعد سن الخمسين

هل ينبغي لنا الاستسلام وترك الرياضة بالمطلق؟ بالطبع لا، يُشدَد مايكل بيتس، مدير شركة TRAINFITNESS، مشيرًا إلى استجابة جسمكِ لتغييراتٍ كبيرة وبشكلٍ ملحوظ عند اتباعكِ النهج الصحيح للتمرين. والاستمرارية بحسب بيتس، أهم من الشدة مع العمر، ويمكن للحركة الاستراتيجية أن تُعوّض آثار الشيخوخة بشكلٍ كبير.

يقدَم مايكل بيتس، صاحب خبرةٍ تقارب 40 عامًا في المجال الرياضي، وهو مدربٌ شخصي معتمد ومدرب تمارين جماعية متخصص في فقدان الوزن والتدريب الشخصي وتعليم اللياقة البدنية؛ 4 تمارين مثالية لاستعادة العضلات بعد سن الخمسين، والتي تعمل كذلك الأمر على تعزيز القوة والقدرة على الحركة والطاقة مع العمر، وذلك ضمن مقالةٍ منشورة على موقع Eat This Not This إليكِ تفاصيلها..

ما هي التمارين التي تساعد على بناء العضلات بعد سن الخمسين؟

يقول بيتس: "بصفتي مدربًا شخصيًا معتمدًا ومدربًا للتمارين الجماعية لما يقرب من 40 عامًا، ساعدتُ عددًا لا يُحصى من الأفراد على تحسين صحتهم وتحقيق أهدافهم في اللياقة البدنية. ورأيتُ بنفسي كيف تتغير أجسامنا مع التقدم بالسن، مما يُصعّب غالبًا الحفاظ على النشاط والقوة."

ويضيف: "لكنني شهدتُ أيضًا تحولاتٍ ملحوظة لدى أشخاص تجاوزوا الخمسين من العمر ويلتزمون بالنهج الرياضي الصحيح. فسواء كنتِ تعانين من تصلب العضلات، أو انخفاض الطاقة، أو ترغبين فقط في الشعور بمزيدٍ من الحيوية؛ فإن هذه التمارين المُجرّبة يُمكن أن تساعدكِ على استعادة قوامكِ الذي كنت عليه قبل عقدٍ من الزمن.

لماذا هذه الحركات فعالةٌ جدًا؟

تستهدف هذه التمارين الأربعة نفس الأجهزة التي تتراجع مع التقدم في السن. فبدلًا من عزل العضلات (كما تفعل معظم تمارين الصالات الرياضية)، فإنها تُنشّط أنماط حركةٍ كاملة تُحاكي الحياة الواقعية.

تُحارب هذه التمارين فقدان العضلات المرتبط بالعمر (الساركوبينيا) من خلال إشراك مجموعاتٍ عضلية كبيرة متعددة في وقت واحد، مما يُحفز استجاباتٍ هرمونية أكبر من التمارين المنعزلة. ويُحافظ هذا التحفيز الهرموني على الأنسجة الهزيلة في جميع أنحاء الجسم، وليس فقط في العضلات المُدربة.

أيضًا، تحافظ هذه التمارين على صحة المفاصل من خلال التحكم في الحِمل على كامل نطاقات الحركة. فيما يُشكل كل تمرين تحديًا للجهاز العصبي العضلي، من خلال تعزيز الروابط بين الدماغ والعضلات التي تتدهور دون استخدام. وهذا مهم جدًا للتوازن والتنسيق وسرعة رد الفعل - وكلها عوامل مهمة لمنع السقوط والحفاظ على الاستقلالية.

والأهم من ذلك، يُمكن تكييف هذه التمارين مع أي مستوى لياقة بدنية أو قيود على الحركة، وتُقدم تحديات تدريجية دون مخاطرة كبيرة. إنها تمارين مُركبة تُحقق أقصى فائدة فسيولوجية بأقل استثمار للوقت - وهو أمرٌ ضروري لبناء عادات صحية.

قبل البدء بتطبيق هذه التمارين، من الضروري استشارة مدربتكِ الشخصية للوقوف منها على نجاعتها لكِ، وكيف يمكنكِ البدء فيها تحت إشراف مختص.

1.     مفصل الورك Hip Hinge (باستخدام وزن الجسم أو Kettlebell)

كيف تقومين به بشكلٍ صحيح: قفي مع مباعدة قدميكِ بعرض الكتفين. حافظي على استقامة ظهركِ وشدَي عضلات جذعكِ، ادفعي وركيكِ للخلف كما لو كنتِ تغلقين باب سيارة بمؤخرتكِ. اسمحي بثني ركبتيكِ قليلاً مع الحفاظ على وزنكِ على كعبيكِ؛ انزلي حتى يصبح جذعكِ موازيًا تقريبًا للأرض (أو بقدر ما يريحكِ)، ثم ادفعي وركيكِ للأمام للعودة إلى وضعية الوقوف.

التكرار: 2-3 مرات أسبوعيًا، 2-3 مجموعات من 8-12 تكرارًا.

الفعالية: يُعيد هذا التمرين تدريب تنشيط السلسلة الخلفية بشكلٍ صحيح لمقاومة وضعية الانحناء للأمام التي تُصاحب التقدم في السن. كما يُقوي عضلات الأرداف وأوتار الركبة وأسفل الظهر - وهي العضلات التي تساعدكِ في الحفاظ على وضعيةٍ جيدة ومنع آلام الظهر. يُطبق هذا النمط الحركي على الأنشطة اليومية مثل التقاط الأشياء بأمان.

تعديلاتٌ أخف: قومي بالحركة مع وضع يديكِ على سطح منضدة أو كرسي للدعم. ركَزي على حركة الورك وقلَلي نطاق الحركة حتى تكتسبي القوة.

الأخطاء الشائعة: تجنَبي تقويس أسفل ظهركِ (بدلاً من الحفاظ على انحناءه الطبيعي)، ثني ركبتيكِ كثيرًا (تحويلها إلى وضعية القرفصاء بدلًا من المفصلة)، وعدم دفع وركيكِ للخلف بشكل كافٍ (يجب أن تشعري وكأن مؤخرتكِ تتحرك للخلف).

يحافظ تمرين الضغط المُعدل على قوة الصدر والكتفين والعضلة ثلاثية الرؤوس
يحافظ تمرين الضغط المُعدل على قوة الصدر والكتفين والعضلة ثلاثية الرؤوس 

2.     تمرين الضغط المُعدل Modified Push-up (على الحائط أو المنضدة أو الأرض)

كيف تقومين به بشكلٍ صحيح: ابدأي بزاويةٍ تناسب قوتكِ - على حائط (الأسهل)، أو منضدة مطبخ، أو مقعد، أو أرضية (الأصعب). اجعلي يديكِ أوسع قليلاً من كتفيكِ؛ أخفضي جسمكِ مع ثني مرفقيكِ بزاوية 45 درجة تقريبًا على الجذع، مع الحفاظ على خطٍ مستقيم من الرأس إلى الكعبين، ثم ارجعي إلى وضع البداية.

التكرار: 2-3 مرات أسبوعيًا، 2-3 مجموعات من 8-12 تكرارًا.

الفعالية: تنخفض قوة دفع الجزء العلوي من الجسم بشكلٍ كبير مع التقدم في السن، ولكنها تبقى ضرورية للاستقلالية. يحافظ هذا التمرين على قوة الصدر والكتفين والعضلة ثلاثية الرؤوس مع استخدام مثبتات الجذع، كما تسمح الإصدارات المُعدلة بأي مستوى قوة مع بناء الثقة.

تعديلات أكثر لطفًا: زيدي الزاوية باستخدام سطحٍ أعلى (جدار أو منضدة) لتقليل نسبة وزن الجسم الذي تُحرَكين؛ ركَزي على الجودة بدلاً من الكمية، حتى لو كنتِ تقومين بـ 3-5 تكرارات فقط.

الأخطاء الشائعة: ترهل الوركين (إشراك الجذع)، اتساع المرفقين (يخلق إجهادًا في الكتف)، ونطاق الحركة غير الكامل (انزلي حتى يصبح الصدر ملامسًا للسطح تقريبًا، وليس نصف الطريق إلى الأسفل فقط).

3.     اختلافات وضعية الانقسام/الاندفاع Split Stance/Lunge Variations

كيف تقومين به بشكلٍ صحيح: ابدأي بوضعية متدرجة، قدم أمام الأخرى. إثنِ ركبتيكِ واخفضي جسمك؛ يجب أن تكون الركبة الأمامية فوق أصابع القدم (ولا تتجاوزها). كما يجب ألا يكاد الفخذ الأمامي يُلامس الأرض، وأن تنخفض الركبة الخلفية نحو الأرض. ادفعي بالكعب الأمامي للعودة إلى نقطة البداية.

التكرار: مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا، من 2 إلى 3 مجموعات من 8 إلى 10 تكرارات لكل ساق.

الفعالية: يُدرّب هذا التمرين قوة الساق الواحدة والتوازن في آنٍ واحد - وكلاهما مهم لمنع السقوط. كما يُقوّي عضلات الفخذ الرباعية، وأوتار الركبة، والأرداف، مع تحسين ثبات الجذع وحركة الورك. وهو يُحاكي المشي وصعود السلالم، ويُطبّق مباشرةً على الوظائف اليومية.

تعديلات أكثر لطفًا: تمسّكي بكرسي أو سطحٍ عمل لتحقيق التوازن؛ وقلّلي من عمق التمرين مع ازدياد قوتك. ابدأي بوضعيةٍ منقسمة أصغر، ثمّ تدرّجي إلى خطوةٍ أطول مع شعوركِ بالراحة.

الأخطاء الشائعة: السماح للركبة الأمامية بالانهيار إلى الداخل (الحفاظ عليها في خطٍ واحد مع إصبع القدم الأوسط)، إمالة الجذع إلى الأمام كثيرًا (البقاء في وضع مستقيم)، وعدم توزيع الوزن بشكلٍ صحيح (60-70% على القدم الأمامية).

4.     حركة السحب Row Variation

كيف تقومين به بشكلٍ صحيح: استخدمي شريط مقاومة مربوطًا بمقبض باب أو جسمٍ متين، قفي مع مباعدة قدميكِ بعرض الوركين. أمسكي الشريطين وذراعاكِ ممدودتان، اسحبي مرفقيكِ للخلف باتجاه جسمكِ، مع ضم لوحي كتفيكِ معًا. عودي ببطء إلى وضعية البداية.

التكرار: مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا، من مرتين إلى ثلاث مجموعات من 10 إلى 15 تكرارًا.

الفعالية: يُعادل تمرين القوة الشدّية الوضعية المنحنية للأمام التي تُصاحب التقدم في السن وقضاء وقتٍ طويل أمام الشاشات. يُقوي هذا التمرين السلسلة الخلفية بأكملها - أعلى الظهر، والكتفين الخلفيين، والذراعين - وهي العضلات التي تُحافظ على الوضعية الصحيحة؛ كما تُقلَل عضلات الظهر القوية من آلام الرقبة والصداع، وتُحسّن التنفس.

تعديلات أكثر لطفًا: يُقلَل تمرين التجديف باستخدام الشريط أثناء الجلوس من متطلبات الثبات؛ فيما سيمنحكِ استخدام مقاومة أخف والتركيز على حركة لوح الكتف، فائدةً حتى بدون وزن.

الأخطاء الشائعة: استخدام الزخم بدلاً من التحكم، ورفع الكتفين نحو الأذنين (إبقائهما لأسفل)، وعدم الوصول إلى النطاق الكامل للحركة (سحب شفرات الكتف بالكامل في الوضع النهائي).

ما هي خطة التمرين الأسبوعية لهذه التمارين؟

ينصحكِ بيتس بالبدء بجلستين أسبوعيًا لكامل الجسم، بفاصلٍ زمني لا يقل عن 48 ساعة. ويجب أن تتضمن كل جلسةٍ أنماط الحركة الأربعة، مع أداء مجموعتين من 8 إلى 12 تكرارًا لكل تمرين. أكملي نمط حركةٍ واحدًا قبل الانتقال إلى التالي، يضيف بيتس، مع الخلود للراحة لمدة 60-90 ثانية بين المجموعات.

تمرين الاندفاع يُقوَي العضلات ويُعزز توازن الجسم
تمرين الاندفاع يُقوَي العضلات ويُعزز توازن الجسم

ابدأي كل تمرين بإحماءٍ تدريجي لمدة 5-7 دقائق، من خلال:

•       المشي الخفيف.

•       تدوير الذراعين.

•       تدوير الورك.

يزيد هذا الإحماء من تدفق الدم إلى العضلات والمفاصل. وبعد القيام بتمارينكِ الرئيسية، أضيفي 5 دقائق من تمارين التمدد البسيطة، مع الثبات على كل وضعية لمدة 20-30 ثانية.

ماذا أتوقعُ من هذه التمارين خلال 3 أشهر؟

يعدكِ بيتس بالعديد من الفوائد المهمة التي يمكنكِ جنيها خلال 3 أشهر من البدء بهذه التمارين. إذ أنه وبعد 12 أسبوعًا من التدريب المتواصل، تلاحظ معظم السيدات زيادةً في القوة بنسبة 20-30% في الحركات المُدرَّبة؛ تصبح الأنشطة اليومية، مثل صعود السلالم وحمل حقائب التسوق والنهوض من الكراسي، أسهل بكثير. وغالبًا ما يُفاجئ هذا التحسن الوظيفي الناس أكثر من التغييرات التي يرونها في المرآة.

من التحسينات المهمة التي تطرأ على جسمكِ إبان القيام بهذه التمارين:

1.     تحسينات المفاصل.

2.     تغييرات تكوين الجسم Body Composition.

3.     تعزيز طاقتي القوة والنوم.

4.     زيادة التوازن في الجسم والثقة بالنفس.

خلاصة القول؛ ومع تقدمنا في العمر، تصبح الرياضة ليست فقط وسيلةً للحفاظ على الشكل الخارجي، بل حجر أساس للحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية. فنحن بحاجة للتمرين الصحيح للحفاظ على الكتلة العضلية، تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، تقوية العظام، زيادة المرونة وتوازن الجسم، فضلًا عن تحسين المزاج والقدرات الإدراكية.