ما هو إضطراب النوم القهري الذي يعاني منه جيمي كيميل؟
اضطرابات النوم من المشكلات الصحية التي قد لا تحظى بالاهتمام الكافي، رغم تأثيرها الكبير على حياة الإنسان الجسدية والنفسية. فالنوم ليس مجرد وقت للراحة، بل هو عملية حيوية يحتاجها الجسم ليستعيد نشاطه، وينظم وظائفه المختلفة مثل التركيز والذاكرة والمناعة.
وعندما يحدث خلل في النوم، قد ينعكس ذلك على الأداء اليومي، والحالة المزاجية، والقدرة على العمل والتواصل مع الآخرين. وفي السنوات الأخيرة، بدأ الحديث يزداد عن بعض أمراض النوم بعد أن تحدث عدد من المشاهير عن معاناتهم الصحية، ومن بينهم الإعلامي الأمريكي جيمي كيميل، الذي أثار حالة من الجدل عندما تحدث عن معاناته من اضطراب النوم القهري

(Narcolepsy).
وصف جيمي كيميل تجربته الشخصية مع هذا الاضطراب العصبي بشكل صريح ومرح، متحدثا عن نوبات النعاس التي تصيبه فجأة في أوقات غير متوقعة، مثل نومه في الاجتماعات أو أثناء مشاهدة التلفزيون، وأنه غالبًا ما يشعر بأنه قريب جدًا من النوم حتى في الحالات التي لا يكون فيها متعبًا بشكل عادي. ووصف كيف أن النوم القهري يجعله يشعر بأن الجزء الداخلي من دماغه متعب جدًا وكأنه 'يجلس شخص ما على عقله'، الأمر الذي يقلل تركيزه بشدة ويجعل التفكير في مقاومة النوم هو كل ما يشغل ذهنه. وفي المقابلات اللاحقة، أقر أنه قضى لحظات من النوم غير مقصودة حتى أثناء القيادة وأحيانًا أثناء أداء عمله الإعلامي، لكنه رفض أن يربط ذلك بأعراض شديدة مثل الضعف العضلي المفاجئ (cataplexy) التي يعاني منها البعض، مؤكدًا أن حالته خفيفة نسبيًا.
ولم يكن جيمي كيميل الشخصية العامة الوحيدة التي كشفت عن معاناتها مع هذا الاضطراب، إذ تحدثت أيضًا الفنانة الأمريكية
Jinkx Monsoon،
وهي فنانة أداء ومغنية معروفة عالميًا، عن إصابتها بمرض النوم القهري. وأوضحت في أكثر من مناسبة أن هذا الاضطراب كان له تأثير مباشر على حياتها اليومية ومسيرتها الفنية، خاصة ما يتعلق بنوبات النعاس المفاجئة والإرهاق الشديد، لكنها أكدت أن التشخيص المبكر والعلاج المناسب ساعداها على التعايش مع المرض والاستمرار في عملها الفني. وتُعد تجربتها مثالًا على أن النوم القهري لا يفرق بين الرجال والنساء، وأن المصاب يمكنه الاستمرار في النجاح رغم التحديات الصحية.
أثار حديث جيمي كيميل، إلى جانب تجارب أخرى مشابهة، فضول الكثيرين للتعرف على تفاصيل مرض النوم القهري، خاصة أنه يبدو من الأمراض الغريبة للبعض، لكنه يسبب أزمة حقيقية للشخص المصاب به. فالأمر لا يقتصر على الشعور بالنعاس فقط، بل قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على النوم في أوقات غير مناسبة، مما يسبب إحراجًا ومخاطر صحية واجتماعية.
في هذا الموضوع سنتعرف بشكل شامل على مرض النوم القهري، وستكشف دكتورة دعاء أحمد، استشاري أمراض المخ والأعصاب، أبرز التفاصيل الخاصة بمرض النوم القهري وأعراضه، والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به، بالإضافة إلى طرق العلاج المتاحة، مع توضيح تأثيره على حياة المريض اليومية.
ما هو مرض النوم القهري؟
في البداية شرحت دكتورة دعاء معنى مرض النوم القهري وقالت إنه اضطراب عصبي يؤثر على قدرة الدماغ على تنظيم النوم والاستيقاظ. وقد يشعر المصاب برغبة شديدة ومفاجئة في النوم خلال النهار، حتى وإن كان قد حصل على قسط كافٍ من النوم ليلًا.
وأكدت أن هذه الرغبة غير مرتبطة بوقت محدد، فمن الممكن أن يحدث ذلك أثناء العمل أو الحديث أو حتى أثناء تناول الطعام. وفي بعض الحالات، يصاحب هذا المرض ضعف مفاجئ في العضلات عند الشعور بالضحك أو الغضب أو الانفعال، مما قد يؤدي إلى سقوط الشخص أو عدم قدرته على الحركة لعدة ثوانٍ أو دقائق بسيطة.

أعراض النوم القهري وتأثيره على الحياة اليومية
تختلف أعراض النوم القهري من شخص لآخر، لكنها غالبًا تشمل النعاس الشديد أثناء النهار، وصعوبة البقاء مستيقظًا لفترات طويلة. كما قد يعاني المريض من اضطرابات في النوم ليلًا، مثل الاستيقاظ المتكرر أو الأحلام المزعجة.
أكدت دكتورة دعاء أن هذه الأعراض تؤثر بالسلب على الحالة الصحية للمصاب على المدى البعيد، بالإضافة إلى سلبيات أخرى متعلقة بالدراسة والعمل والعلاقات الاجتماعية سواء مع الأهل أو الأصدقاء المقربين، وذلك لأن المصاب قد يُساء فهمه على أنه كسول أو غير مهتم، بينما هو في الحقيقة يعاني من مرض خارج عن إرادته.
من هم الأكثر عرضة للإصابة بالنوم القهري؟
يمكن أن يصيب النوم القهري أي شخص، لكنه غالبًا يبدأ في سن المراهقة أو بداية الشباب. وأشارت استشاري أمراض المخ والأعصاب إلى أنه يُعتقد أن للعوامل الوراثية دورًا في زيادة احتمالية الإصابة، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي للمرض.
كما أن بعض الإصابات أو الالتهابات التي تؤثر على الدماغ قد تساهم في ظهوره. أما عن ارتباطه بجنس معين، وأكدت أنه يصيب الرجال والنساء على حد سواء، والأمر مرتبط بشكل أساسي بالعوامل الوراثية والأمراض الدماغية.
هل يوجد علاج للنوم القهري؟
حتى الآن لا يوجد علاج نهائي لحل مشكلة مرض النوم القهري تمامًا، لكن يمكن السيطرة على أعراضه بشكل كبير.
وأكدت دكتورة دعاء أن الأمر يعتمد على تنظيم نمط الحياة، مثل الالتزام بمواعيد نوم ثابتة، وأخذ قيلولات قصيرة خلال النهار عند الحاجة. كما يمكن للطبيب المتابع للحالة أن يصف أدوية تساعد على تقليل النعاس وتحسين اليقظة، وأخرى تقلل من ضعف العضلات المفاجئ.
وقالت أيضًا إن الدعم النفسي وتفهم المحيطين بالمريض له دور مهم في تحسين حالته وقدرته على التعايش مع المرض.
خلاصة القول
أضطراب النوم القهري من الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى وعي مجتمعي أكبر، خاصة لأنه مرض غير مرئي وقد يتم تفسيره بطريقة خاطئة. ومع التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يستطيع المريض أن يعيش حياة طبيعية إلى حد كبير. ومن الأفضل خلال فترة العلاج أن يتم الحديث مع المريض عن تجارب المشاهير، مثل جيمي كيميل، حتى لا يشعر بالاختلاف وأنه يعاني من أزمة حقيقية، وتُعد أفضل طريقة لتجاوز هذه الأزمة هي التعايش مع المرض بطريقة طبيعية وتنظيم روتين الحياة اليومي.