
لضبط سكر الدم وخسارة الوزن: تناولي وجباتكِ اليومية بهذا الترتيب
بجانب الهواء الذي نتنفسه والماء الذي يُحيي فينا كل شيء، فنحن بحاجةٍ للغذاء؛ كل الكائنات الموجودة على وجه البسيطة تحتاج للتغذية بصورةٍ دائمة، ومن دون الغذاء يمكن أن تضعف وتُصاب بالمرض وحتى الموت في أقسى الحالات.
الغذاء ضروري جدًا أيضًا لصحة الإنسان وحياته؛ فهو يمدنا بالطاقة والنشاط اللازمين للقيام بكافة الأنشطة اليومية المطلوبة منا. ليس ذلك فحسب؛ بل يُساعد الغذاء، خصوصًا الصحي، في بناء وإصلاح الخلايا والأنسجة، ويحمي الجسم من الأمراض، ويحافظ على الوزن المثالي.

بمعنى أبسط؛ الغذاء هو مصدر الطاقة الرئيسي لجسم الإنسان، حيث يتم تحويل الطعام إلى طاقةٍ تُستخدم في جميع العمليات الحيوية في الجسم. وفضلًا عن بناء الجسم وإصلاح الخلايا، حماية الجسم من العديد من الأمراض كالسكري والسرطان والقلب وغيرها، والحفاظ على وزن صحي؛ للغذاء علاقةٌ مباشرة بتحسين وتعديل المزاج، تعزيز صحة الدماغ والعظام والأسنان، المحافظة على صحة الجهاز الهضمي وتأخير الشيخوخة وغيرها الكثير.
لكن ثمة عنصرًا أساسيًا يتيح لنا الاستفادة من الغذاء، بجانب كونه صحي؛ ألا وهو محتوى كل طبق من العناصر الغذائية الضرورية للجسم، فضلًا عن ترتيبها أو تسلسلها.
لماذا؟ لأن كل طبقٍ صحي يجب أن يحتوي على البروتينات والألياف والدهون والنشويات، هذا أمرٌ معروف. لكن البدء بالأطعمة المغذية والمشبعة أكثر، لا يُعزَز الصحة فقط وإنما يحمي من مشكلتين أساسيتين تنجمان للأسف عن سوء تناول الطعام والتعاطي معه: داء السكري وزيادة الوزن. لهذا ينصح الخبراء بوجوب "ترتيب" أو "تسلسل الطعام" بطريقةٍ ذكية للوقاية من السكري وخسارة الوزن.. إليكِ التفاصيل.
لخسارة الوزن والوقاية من السكري.. تناولي الطعام بنظام تسلسل الوجبة
هذا ما أكدت عليه كارولين سوزي، اختصاصية التغذية المعتمَدة في دالاس؛ مشيرةً إلى أن البدء بتناول الخضروات المشبعة بالألياف وغير النشوية، يليها البروتين ثم الدهون والنشويات في الأخير، يُسهم في حمايتنا من داء السكري كما قد يُساعد على إنقاص الوزن.
هذا الترتيب البسيط، إنما الفعال، له بالغ الأثر على صحتنا كونه يحول دون ارتفاع مستويات السكر في الدم (التي كثيرًا ما ترتفع بسرعة في حال البدء بتناول الكربوهيدرات أولًا، ثم تعود للانخفاض بنفس السرعة بعد وقتٍ قصير). كما يُعزَز هذا التسلسل زيادة الشعور بالشبع وعدم الرغبة في تناول المزيد من الطعام ما يؤدي بطبيعة الحال، إلى خسارة الوزن وفق ما نقل موقع "العربية.نت" عن شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية.
وتحدثت سوزي عن هذا الترتيب على النحو الآتي: "قد يساعد البدء بتناول الخضراوات والبروتينات والدهون الصحية - قبل تناول النشويات أو الأطعمة السكرية - على الحد من ارتفاع مستوى الغلوكوز بعد الوجبات". مضيفةً أن "هذا التأثير مفيدٌ بشكلٍ خاص للأشخاص الذين يعانون من مقاومة الإنسولين، أو مقدمات السكري، أو داء السكري من النوع الثاني."
كلام اختصاصية التغذية الأمريكية، يتلاقى مع تقريرٍ صادر عن جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، يشير إلى أن زيادة ارتفاع مستويات السكر في الدم (المعروف باسم فرط سكر الدم) بعد الوجبات من خطر إصابة الشخص بمرض السكري من النوع الثاني. وبالتالي فإن تناول الطعام ضمن الترتيب أعلاه، يمكنه المساهم في التحكم بمستويات السكر في الدم بجانب علاج السكري والسُمنة.
بدورها؛ كشفت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة Nutrients عن أن المرضى الذين اتبَعوا طريقة ترتيب الأطعمة، كما أوصت سوزي؛ أظهروا تحسنًا ملحوظًا في ضبط نسبة السكر في الدم بعد 5 سنوات، بالمقارنة مع مجموعةٍ أخرى شملتها الدراسة لم تتَبع هذه الطريقة أي تحسُّنٍ في مستويات السكر.

وتعزو ساندرا أريفالو، اختصاصية التغذية في نيويورك، السبب وراء ارتفاع السكر بالدم، إلى الإفراط في تناول الكربوهيدرات؛ مشيرةً إلى أن "تناول الكربوهيدرات وحدها يزيد الأمر سوءًا. فعند تناول الكربوهيدرات مع البروتين والألياف، فإننا نُخفف من تأثيرها عن طريق إبطاء امتصاصها".
وكانت بعض الدراسات، أظهرت أن تناول البروتين قبل الكربوهيدرات المُكررة، قد يُساعد في تعزيز إفراز هرمون الببتيد الشبيه بالغلوكاجون-1 من الأمعاء؛ وهو ما ينعكس إيجابًا على تأخير إفراغ المعدة، وكبح جماح الشهية المفتوحة على الأكل. وتُعلَق أريفالو على هذه النقطة بالقول: "عندما نتناول أولًا أطعمة غنية بالألياف ثم نشرب الماء، فإن الألياف الموجودة في هذه الأطعمة تساعدنا على الشعور بالشبع؛ ما يُقلَل شهيتنا".
ما هي الكربوهيدرات الصحية لتناولها لخسارة الوزن والوقاية من السكري؟
من الضروري التنبه هنا، إلى أن ليست الكربوهيدرات كلها جيدة؛ فهناك الأنواع المكررة التي تحوي نسبًا عالية من السكر، وهي أسهل في الهضم ما يجعلها تُساهم في ارتفاع سكر الدم بسرعة. مثال على هذه الكربوهيدرات، الخبز والسكر والدقيق الأبيض.
أما الأنواع الجيدة من الكربوهيدرات، والتي بالطبع ينصح بها جميع الأطباء ومختصو التغذية؛ فهي الكربوهيدرات المعقدة التي نجدها في الخبز الأسمر أو الحبة الكاملة، بالإضافة إلى الخضروات والبقوليات الغنية بالألياف. ما يجعلها بطيئة الهضم وتؤخر إفراغ المعدة، وهو ما يجعلكِ لا تشعرين بالجوع بعد وقتٍ قليل.
إليكِ بعض الأمثلة على أطباقٍ صحية، تحوي العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، إنما بنسبٍ صحيحة وخياراتٍ مناسبة:
1. السلمون المشوي مع الخضار: السلمون غني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، والخضار تُوفر الفيتامينات والمعادن الضرورية.
2. الدجاج المشوي مع الأرز البني والبروكلي: يُعد الدجاج مصدرًا جيدًا للبروتين، والأرز البني غني بالألياف، أما البروكلي فبيوفر مجموعة متنوعة من الفيتامينات والمعادن.
3. العدس مع الخضار: العدس مصدر ممتاز للبروتين والألياف، والخضار تضيف الفيتامينات والمعادن.
4. الكينوا مع الخضار المشكلة: الكينوا مصدر جيد للبروتين والألياف، والخضار المشكلة توفر مجموعة واسعة من الفيتامينات والمعادن.
5. شوربة الخضار: وجبة خفيفة ومغذية، ويمكن تحضيرها بمجموعة متنوعة من الخضار.
6. سلطة السبانخ مع الفواكه والمكسرات: السبانخ مصدر غني بالحديد، والفواكه والمكسرات تضيف النكهة والعناصر الغذائية.
7. سلطة الكينوا مع الخضار المشكلة: توفر الكينوا البروتين والألياف، فيما تضيف الخضار المشكلة الفيتامينات والمعادن إلى مائدتكِ.
8. سلطة الدجاج المشوي مع الخضار: الدجاج المشوي يوفر البروتين، والخضار توفر الفيتامينات والمعادن.
9. الزبادي مع الفواكه والمكسرات: الزبادي مصدر جيد للكالسيوم والبروتين، والفواكه والمكسرات تضيف النكهة والعناصر الغذائية.
10. الفواكه الطازجة: توفر الفيتامينات والمعادن والألياف.
11. الخضار المقطعة مع الحمص: طبق خفيف مثالي للحصول على الفيتامينات والمعادن والبروتين والألياف في آنٍ معًا.
12. المكسرات والبذور: توفر الدهون الصحية والبروتين والألياف.

عند تحضير كافة أطباقكِ، من الضروري اتباع بعض النصائح المهمة لتحقيق أعلى درجة ممكنة من الفائدة:
• استخدمي الزيوت الصحية مثل زيت الزيتون وزيت الأفوكادو.
• تجنَبي الأطعمة المُصنعة والمعلبة؛ فهي عادةً ما تكون غنية بالصوديوم والدهون غير الصحية.
• اشربي الكثير من الماء، لتعزيز صحة جسمكِ ككل.
• مارسي الرياضة بانتظام، لمساعدة جسمكِ على حرق السعرات الحرارية والحفاظ على وزنٍ صحي.
في الختام؛ فإن تناولنا الطعام لضمان استمراريتنا وبقائنا حاجةٌ ملحة لا ريب فيها، واختيار المكونات الصحية لكافة العناصر الغذائية التي نتناول ضرورةٌ كبيرة لتعزيز صحتنا والحفاظ عليها. ويُحبَذ أيضًا ترتيب تناول أطباقنا بصورةٍ ذكية ومدروسة، بحيث نبدأ بالخضروات والبروتين وصولًا إلى الكربوهيدرات في النهاية، لأسبابٍ عدة: أولها تقليل ارتفاع مستوى السكر بالدم، للوقاية من السكري وخسارة الوزن، وتعزيز الشبع وعدم الشعور بالجوع بعد وقتٍ قصير.