
الخبز لغة عالمية للحب والصحة: إليكِ الدليل الشامل لأنواع الخبز وفوائد كل نوع لجسمك
كان القدماء يقولون أن من تشارك الخبز والملح معنا، فقد أصبح منا؛ وعلى الرغم من تقدم الحياة اليوم، وابتعاد الكثير من الناس خصوصًا الأجيال الشابة عن هذه التقاليد والعادات، إلا أنها ما زالت ساريةً عند البعض، ويحتفي الناس بالأكل سويًا وبشكلٍ خاص الخبز، في تعبيرٍ عن التعاضد والتراحم.
يُعدّ الخبز من أقدم الأطعمة المُحضّرة في تاريخ البشرية، وهو في الأساس عجينٌ مخبوز مصنوع من الدقيق والماء. تُؤخذ حبوبٌ مثل القمح، وتُطحن حتى تُصبح دقيقًا؛ ثم تُخلط بالماء (وغالبًا مع الخميرة أو أي مادة تخمير أخرى)، وتُترك لتختمر، ثم تُخبز. والنتيجة؟ تحفةٌ ذهبية مقرمشة ذات طعم نفاذ، لطالما كانت جوهر الوجبات عبر الثقافات لآلاف السنين.
يأتي الخبز بأشكالٍ متعددة - أرغفة بيضاء هشة، وعجين مُخمر مُقرمش، وخبز مُسطح ناعم، وخبز باغيت مطاطي - ولكل منها قصةٌ مستوحاة من الجغرافيا التي جاءت منها، والتقاليد المرتبطة فيها، فضلًا عن الإبداع في صنعه وتشكيله بأشكالٍ وأحجامٍ وحتى ألوانٍ مختلفة. غالبًا ما يُنظر إلى الخبز كرمزٍ للتغذية، وحتى للضيافة (مثل مشاركة الخبز مع شخصٍ ما كما ذكرنا في البداية).
باختصار؛ الخبز لغةٌ عالمية للحب، ولكل ثقافةٌ لهجتها اللذيذة الخاصة من الخبز. إليكِ جولة شهية على بعض أنواع الخبز الشهيرة من حول العالم:

• أريبا (فنزويلا وكولومبيا): يُصنع هذا الخبز الدائري المشوي من دقيق الذرة، وغالبًا ما يُحشى بالجبن أو اللحوم أو الفاصوليا.
• الباغيت (فرنسا): طويل، مقرمش، وذهبي اللون؛ هذا الخبز المصنوع من القمح يُعدَ عنصرًا أساسيًا في المطبخ الفرنسي.
• نان (الهند): خبزٌ مسطح طري مُخمر، يُخبز تقليديًا في التندور، وغالبًا ما يُدهن بالزبدة أو الثوم.
• بيتا (الشرق الأوسط): خبزٌ مسطح دائري ذو جيب، مثالي للحشو بالفلافل أو اللحوم أو الخضراوات.
• خبز العجين المُخمر Sourdough (عالمي): مصنوع من تخمير طبيعي من الماء والطحين فقط؛ يتميز هذا الخبز بقشرةٍ مطاطية وفتاتٍ خفيف.
• خبز الجاودار (أوروبا الشرقية): كثيفٌ وغني، مصنوع من دقيق الجاودار، وغالبًا ما يُقدم مع اللحوم المُدخنة أو الجبن.
• مانتو (الصين): كعكاتٌ مطهوة على البخار، هشة، ومصنوعة من دقيق القمح، تُقدم غالبًا سادة أو داخلها حشواتٌ مالحة أو حلوة.
• فوكاشيا (إيطاليا): خبزٌ مسطح مخبوز في الفرن، يُغطى بزيت الزيتون والأعشاب، وأحيانًا الزيتون أو الطماطم.
ما هي فوائد الخبز للجسم؟
الخبز، خاصةً المصنوع من الحبوب الكاملة، يمكن أن يكون مُغذيًا بشكلٍ مدهش ضمن نظامكِ الغذائي الصحي. وإليك بعض فوائد الخبز الصحية الرئيسية:
1. تعزيز الطاقة: الخبز غني بالكربوهيدرات، المصدر الرئيسي للطاقة في جسمكِ. فهو يساعد على إمدادكِ بالنشاط والطاقة اللازمة للقيام بكل شيء، من الركض الصباحي إلى العمل اليومي.
2. تحسين الهضم: يُعدَ خبز الحبوب الكاملة وخبز القمح الكامل مصادر جيدة للألياف الغذائية، التي تدعم الهضم، وتساعد على تنظيم نسبة السكر في الدم، وتمنحكِ شعورًا بالشبع لفترة أطول.
3. غني بالعناصر الغذائية: يحتوي العديد من أنواع الخبز (خصوصًا الحبوب الكاملة أو الأنواع المُدعمة) على عناصر غذائية أساسية مثل فيتامينات ب (الثيامين، الريبوفلافين، النياسين)، والحديد، والمغنيسيوم، وحمض الفوليك.
4. تعزيز صحة القلب: قد يساعد الخبز الغني بالألياف على خفض نسبة الكوليسترول وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، عند اتباع نظامٍ غذائي متوازن.
5. التحكم في الوزن: لأن الألياف تساعدكِ على الشعور بالشبع، يمكن لخبز الحبوب الكاملة أن يدعم التحكم الصحي في الوزن، عن طريق الحد من الإفراط في تناول الطعام.
6. تحسين المزاج: بعض أنواع الخبز، مثل خبز القمح الكامل، تحتوي على مُركبات تُعزَز المزاج وتساعد على التركيز.
مع ذلك، ليست كل أنواع الخبز متساوية. فغالبًا ما تفتقر أنواع الخبز الأبيض المُصنعة إلى الألياف والعناصر الغذائية، لذا فإن اختيار الحبوب الكاملة أو الحبوب المتعددة هو المفتاح لصحةٍ مستدامة.
ما فوائد كل نوع من الخبز للجسم؟

قد يلجأ البعض إلى التخلي عن الخبز، في محاولةٍ لخفض الوزن الزائد؛ لكن هذا المعتقد خاطئ بصورةٍ كبيرة، وهو ما أكدَه خبراء الصحة والتغذية على مدار السنين. فالخبز من النشويات المهمة التي تمنحنا الطاقة والقدرة على القيام بكافة مهامنا اليومية؛ وهو، في حال اختيار الأصناف الجيدة منه، يمكن أن يُعزَز صحتنا لا أن يضرها.
إليكِ عزيزتي، دليلكِ الشامل لأنواع الخبز وفوائد كل نوع لجسمكِ؛ مع التذكير مجددًا بضرورة التباحث مع الطبيب أو خبيرة التغذية حول الأنواع الأفضل لكِ (حسب احتياجاتكِ الصحية) والكميات الواجب تناولها من كل نوع:
1. خبز القمح الكامل (الأسمر)
هذا النوع مصنوع من حبوب القمح الكاملة، بما في ذلك النخالة والجنين والسويداء. هو مصدرٌ غني بالألياف، الفيتامينات، والمعادن، ويوفر شعورًا بالشبع لفترةٍ أطول، مما يساعد في التحكم بالوزن.
2. خبز الحبوب المتعددة
يحتوي على عدة أنواعٍ من الحبوب الكاملة مثل القمح، الشوفان، الشعير، وغيرها. يوفر هذا النوع من الخبز، مجموعةٍ متنوعة من العناصر الغذائية والألياف الضرورية للجسم.
3. خبز الشوفان
غني بالألياف وقليل الدسم، ويُعتبر مفيدًا لصحة القلب كونه يساعد في خفض الكوليسترول.
4. خبز بذور الكتان
يحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية ومضادات الأكسدة، وهو مفيدٌ لصحة القلب والدماغ.
5. خبز الجاودار
يتميز بانخفاض مؤشر نسبة السكر في الدم، مما يساعد على تنظيم مستويات السكر بالدم، خاصةً لمرضى السكري؛ بالإضافة إلى فوائده في تعزيز الشبع والمساعدة على إنقاص الوزن.
6. خبز العجين المُخمر Sourdough
يتم تخميره بشكلٍ طبيعي (مزيجٍ مكون من خميرة الخبَاز العادية مع إضافة أنواعٍ من البكتيريا العصوية اللبنية)، مما قد يزيد من توفر بعض العناصر الغذائية ويُحسن عملية الهضم.
7. خبز الكيتو
منخفض الكربوهيدرات، ويناسب الأشخاص الذين يتَبعون نظام الكيتو الغذائي.
8. خبز الحمص
غني بالبروتين النباتي والألياف، ويساعد على الشعور بالشبع كما يُعزَز صحة الجهاز الهضمي، وهو خالي من الغلوتين لمن يعانون من حساسية الغلوتين.
9. الخبز الأبيض
يتميز بمذاقه اللذيذ، ولكنه أقل فائدةٍ غذائية من الأنواع الأخرى؛ لاحتوائه على نسبةٍ أقل من الألياف والمعادن.
هل تساعد الإضافات الصحية في تحسين جودة الخبز؟

يعمل العلماء وخبراء الصحة على تقديم خياراتٍ صحية للناس، الساعين بشكلٍ يومي، لاستهلاك خياراتٍ صحية من ضمنها الخبز. وهو ما دفع بهم للخوض في تحسين الجوانب الصحية المتعلقة بتأثيرات تناول الخبز في العموم، وبقية أنواع الأطعمة المصنوعة من دقيق القمح بحسب ما كتب الدكتور حسن محمد صندقجي، استشاري أمراض القلب بمركز الأمير سلطان في الرياض لموقع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية. مشيرًا إلى عددٍ من البحوث الأكلينكية التي اتخذت مساراتٍ متعددة، لتجنب أن يكون تناول الخبز سببًا في السُمنة أو أي أمراضٍ مزمنة أخرى.
ويستعرض الدكتور صندقجي لعدة مسارات؛ منها مسار الإضافات الصحية إلى دقيق القمح الذي طرحته مجموعة باحثين بريطانيين ضمن دراسةٍ علمية نُشرت في المجلة الأمريكية للتغذية الأكلينكية، وتضمنت أحد الطرق المقترحة لتحسين تأثيرات تناول الخبز في تعزيز إنتاج الأمعاء هرمونات الشبع، من خلال إضافة دقيق الحمص (Chickpeas) إلى دقيق القمح في إعداد عجين الخبز (Dough).
وفي مسارٍ آخر، مسار تطوير عمليات العجن والتخمير؛ قدَم باحثون من فرنسا وبلجيكا والسويد دراستهم عن تأثيرات التخمير لعجين دقيق القمح عند إعداد الخبز. وجاءت دراستهم المنشورة ضمن العدد الأخير من مجلة التقدم في التغذية (Advances In Nutrition)، تحت عنوان "الفوائد الغذائية للعجين المتخمر (Sourdoughs): مراجعة منهجية".
ويُوضح الدكتور صندقجي أنه وبخلاف عجين الخبز الشائع (Yeast Bread) الذي يتم تصنيعه باستخدام خميرة الخبَاز العادية المكونة من أنواعS معينة من الفطريات، والشائع منها خميرة البيرة؛ فإن “العجين المتخمر” يجري تصنيعه باستخدام مزيجٍ مكون من خميرة الخبَاز العادية مع إضافة أنواعٍ من البكتيريا العصوية اللبنية. لذا، فإن الخبز المصنوع من "العجين المتخمر (Sourdough Bread)" يمتاز بطعمٍ حامضي نسبيًا؛ كما أن خبز العجينة المتخمرة تُعدَ أطول عمرًا في التخزين المنزلي، مقارنةً الخبز الأخرى، والسبب في ذلك تكوَن حمض اللبنيك فيه، بفعل إضافة البكتيريا اللبنية، وحدوث عملية التخمير اللاهوائي.
في الختام؛ الخبز مصدر العيش في مختلف أصقاع العالم، وسواء كنا نحب تناوله باستمرار، أم ننكفأ عنه لأسبابٍ صحية وجمالية، فإن الخبز يبقى مهمًا لتعزيز الصحة والنشاط في الجسم. إنما في حالاتٍ معينة، ومع أنواعٍ محددة من الخبز، تُوفر الكم الضروري من العناصر الغذائية المهمة للصحة.
لا تترددي في استشارة المختصين حول إمكانية الاستمتاع بأحد أنواع الخبز الصحية التي ذكرناها في مقالة اليوم، ولا تنسي أن الكميات هي الأهم كذلك الأمر بجانب النوع.