فاكهة الراهب البديل المثالي للسكر؟

بديلٌ مثالي للسكر: إليكِ ما تحتاجين معرفته عن مُحلي فاكهة الراهب

جمانة الصباغ

مُحلَي طبيعي، أحلى من السكر بمئات الأضعاف، لا يحتوي على سعرات حرارية، ويُعتقد أنه يتمتع بخصائص مضادة للأكسدة. هل هو حقيقي، أم أننا نتخيل؟

الحقيقة أن هذه المزايا كلها، تمَ إثباتها في مًحلَي فاكهة الراهب Monk Fruit Sweetener؛ والذي توجهت الأنظار إليه في الآونة الأخيرة، بسبب بحث الكثيرين عن مُحلَيات بديلة عن السكر الذي يسعى الناس لتجنبه.

الشيء الغريب فعلًا الذي اكتشفناه عند بحثنا عن مُحلَي فاكهة الراهب، وجوده منذ عقودٍ مضت؛ لكن شعبيته لم تزد مؤخرًا إلا مع زيادة توافره في الأسواق.

بالتأكيد، وأنتِ تقرأين هذه السطور الآن، ستخطر في بالكِ العديد من الأسئلة: ما هي مميزات هذا المُحلَي؟ كيف أنه أحلى من السكر بـ 100 إلى 250 مرة؟ هل له أية مضاعفات جانبية خطيرة، أم أن استخدامه آمن؛ وبأي كميات؟

فلتعلمي عزيزتي أن هذه الأسئلة راودتنا أيضًا؛ ولهذا سنبحث معًا في مقالة اليوم، عن إجاباتٍ لها، وفق معلومات نشرها موقع Healthline المعني بالشؤون الصحية، وكذلك حديثنا مع كندة صنديد، أخصائية تغذية سريرية.

أخصائية التغذية السريرية كندة صنديد
أخصائية التغذية السريرية كندة صنديد

ما هو مُحلَي فاكهة الراهب؟

تُعرف فاكهة الراهب بإسم "لو هان غو" أو "فاكهة بوذا"؛ وهي فاكهةٌ صغيرة مستديرة تُزرع في جنوب شرق آسيا. استُخدمت لقرون في الطب الصيني التقليدي، إلا أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لم تُوافق على استخدامها كمُحلَي حتى عام 2010.

أما عن كيفية استخراج مُحلي فاكهة الراهب من هذه الفاكهة؛ فالعملية تتم بهذه الطريقة:

يُصنع المُحلَي بإزالة بذور وقشرة الفاكهة وسحقها لجمع العصير، ثم يُجفف بعد ذلك إلى مُسحوق مُركز. وللعلم، فإن فاكهة الراهب تحتوي على سكريات طبيعية، وخاصةً الفركتوز والجلوكوز. ومع ذلك، وخلافًا لمعظم الفواكه؛ فإن السكريات الطبيعية الموجودة في هذه الفاكهة ليست مسؤولةً عن حلاوتها، بل تستمد حلاوتها القوية من مضادات أكسدةٍ فريدة داخلها تُسمى "موجروسيدات" mogrosides. أثناء المعالجة، تُفصل "موجروسيدات" عن العصير الطازج. لذلك، لا يحتوي مُحلَي فاكهة الراهب على الفركتوز أو الجلوكوز.

لأن هذا المستخلص قد يكون أحلى من سكر المائدة بما يتراوح بين 100 و250 مرة، يخلط العديد من المصنّعين مُحليّ فاكهة الراهب مع منتجاتٍ طبيعية أخرى، مثل الإينولين أو الإريثريتول، لتقليل شدة الحلاوة. ويُستخدم مستخلص فاكهة الراهب الآن كمُحليّ مستقل، ومكوّن في الأطعمة والمشروبات، ومُحسّن للنكهة، ومكوّن في مخاليط المُحليات.

كيف يؤثر مُحلَي فاكهة الراهب على التحكم في الوزن؟

بحسب موقع Healthline، يُزعم أن مُحلَي فاكهة الراهب يُساعد على إنقاص الوزن. ونظرًا لأنه خالٍ من السعرات الحرارية، يُشير الكثيرون إلى إمكانية أن يُقلَل من إجمالي السعرات الحرارية المُتناولة. ومع ذلك، فهو جديد نسبيًا في السوق، ولم تُقيّم أي دراساتٍ آثاره على الوزن.

مع ذلك، تُشير الدراسات التي أُجريت على مُحلَياتٍ أخرى منخفضة السعرات الحرارية إلى أنه قد يُؤدي إلى انخفاضٍ طفيف في وزن الجسم. كذلك تُشير بعض الدراسات إلى أن استبدال المُحلَيات العادية ذات السعرات الحرارية العالية بأخرى منخفضة السعرات الحرارية، يُمكن أن يُؤدي إلى فقدانٍ طفيف في الوزن يقل عن 0.9 كيلوجرام. وقد وجدت إحدى المراجعات أن الأشخاص الذين تناولوا مُحلَياتٍ ومشروبات منخفضة السعرات الحرارية، يميلون أيضًا إلى استهلاك كمياتٍ أقل من الدهون المُضافة والسكر والكحول ومصادر السعرات الحرارية الفارغة الأخرى .

وفي دراسةٍ أخرى، تناول الأشخاص الذين استخدموا ستيفيا أو الأسبارتام بدلًا من السكروز سعراتٍ حرارية أقل، دون الإبلاغ عن أي اختلافاتٍ في مستويات الجوع.

هل مُحلَي فاكهة الراهب يساعد على إنقاص الوزن فقط، أم أن لديه خصائص صحية مفيدة أخرى؟ الإجابة في السطور التالية..

يساعد مُحلي فاكهة الراهب في إنقاص الوزن ومحاربة الأكسدة والالتهابات
يساعد مُحلي فاكهة الراهب في إنقاص الوزن ومحاربة الأكسدة والالتهابات

ما هي الفوائد الصحية المحتملة الأخرى لُمحلَي فاكهة الراهب؟

يُعدّ نوعٌ مُحدّدٌ من المُوجروسيد، يُسمّى المُوجروسيد V، المُكوّن الرئيسيّ لمُحلّي فاكهة الراهب. ويُشكّل المُوجروسيد أكثر من 30% من المُنتج، وهو المسؤول عن حلاوته.

تُشير الدراسات إلى أنّ المُوجروسيدات في فاكهة الراهب لها خصائص مُضادة للأكسدة والالتهابات؛ ولهذه الأسباب، قد تُقدّم فوائد صحية نستعرضها كما يلي:

1.     تأثيرات مُضادة للأكسدة

تتميّز مُستخلصات المُوجروسيدات بخصائص مُضادة للأكسدة والالتهابات كما ذكرنا أعلاه، حيث تُثبّط بعض الجُزيئات الضارة وتُساعد على منع تلف الحمض النووي. ومع ذلك، لم تُؤكّد أيّ دراسات بشرية هذه الفوائد، وبقيت النتائج المستخلصة محصورة بالحيوانات الخاضعة للتجارب فقط.

2.     خصائص مُضادة للسرطان

تشير الأبحاث التي أُجريت على الحيوانات وفي أنابيب الاختبار، إلى أنّ مُستخلص فاكهة الراهب يُثبّط نموّ الخلايا السرطانية. ومع ذلك، لا تزال الآليات غير واضحة في هذا الخصوص.

إذ وجدت إحدى الدراسات أنّ المُوجروسيدات تُثبّط نموّ خلايا سرطان الدم؛ فيما أشارت دراسةٌ أخرى إلى تأثيراتٍ مُثبّطة قوية على أورام الجلد لدى الفئران.

3.     خصائص مضادة للسكري

بما أن مُحلَي فاكهة الراهب خالٍ من السعرات الحرارية والكربوهيدرات، فإنه لا يرفع مستويات السكر في الدم؛ لذلك، قد يكون خيارًا جيدًا لمرضى السكري، إنما من الضروري تبيان هذه المسألة مع الطبيب المختص.

وتشير الدراسات التي أُجريت على الفئران المصابة بالسكري، إلى أن مستخلص فاكهة الراهب قد يُخفَض مستويات السكر في الدم. وشهدت الفئران التي تناولت المستخلص انخفاضًا في الإجهاد التأكسدي ومستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى ارتفاعٍ في الكوليسترول الجيد (HDL).

يمكن تفسير بعض هذه الفوائد بقدرة الموجروسيدات على تحفيز إفراز الأنسولين في خلايا الأنسولين. ومع ذلك، ونظرًا لأن هذا المستخلص غالبًا ما يُخلط مع مُحلياتٍ أخرى، يجب عليكِ فحص ملصقات المنتج بعناية قبل الشراء.

هل مُحلَي فاكهة الراهب آمن؟

يُعد هذا المُحلَي جديدًا نسبيًا في السوق، حيث لم تُعترف به إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على أنه آمن بشكل عام إلا منذ خمس سنوات، وتحديدًا في العام 2010. وعلى عكس المُحليات الأخرى منخفضة السعرات الحرارية، لا توجد دراساتٌ كافية حول آثار مستخلص فاكهة الراهب.

مع ذلك، هذا لا يعني أنه ضار. وقد استُخدمت فاكهة الراهب كغذاءٍ لمئات السنين، ولم تُسجَل أي آثارٍ جانبية لتناول هذا المُحلي.

ماذا تُخبرنا أخصائية التغذية عن هذا المُحلَي؟

يتم استخلاص هذا المحلَي الخالي من السعرات الحرارية من فاكهة الراهب
يتم استخلاص هذا المحلَي الخالي من السعرات الحرارية من فاكهة الراهب

بحسب كندة صنديد، أخصائية التغذية السريرية من لبنان؛ فإنه ومنذ بدايات التحذير من السكر الأبيض المُكرَر ومخاطره على الصحة، وكيف أن معظم الأمراض يتم تحفيزها من زيادات استهلاك السكر أو الارتفاعات غير الطبيعية لمستوى السكر بالدم، بدأت تظهر في الأسواق أنواعٌ جديدة من السكر معظمها صناعي مثل الأسبارتام وغيرها. وتبيَن مع الوقت، أن لهذه البدائل آثارٌ جانبية على صحة الجسم، كما أن لهم قيود وبالتالي لا يمكن للجميع استخدامهم. واحدة من هذه الآثار هي رفع نسبة الأنسولين في الجسم، بالرغم من خلوهم من السعرات الحرارية؛ وبالتالي قد يخطئ الجسم في تفسير تلك المحليات على أنه سكر، ويتعامل معه على هذا الأساس. إلى أن ظهر المُحلَي ستيفيا، وبعده مُحلَي فاكهة الراهب، وكلاهما يمتازان بعدم رفع الأنسولين بالجسم كما باقي المُحلَيات الأخرى.

الجميل في ستيفيا ومُحلَي فاكهة الراهب، تضيف صنديد؛ أن كلاهما خالي من السعرات الحرارية ولم يخضعا للتصنيع، بل هما طبيعيان بشكلٍ تام. وتقول صنديد أن ثمة جدالٍ كبير حول إدخال هذه المُحلَيات إلى أجسامنا، أم ينبغي علينا الالتزام بالسكر الطبيعي؛ لكن وبالمقارنة بين الإثنين، فإن المُحلَيات الطبيعية هي أفضل لصحتنا من السكر الطبيعي، لأنها لا تُعرَضنا لنسبةٍ عالية من السكر الطبيعي يوميًا، كما لا تتسبب في رفع مستويات السكر بالدم بدرجةٍ كبيرة، يمكن لها أن ترفع بذات الوقت امتصاص منع الدهون وتخزين الدهون في الجسم أيضًا وهو ما قد يؤثر علينا بصورةٍ سلبية.

وتشرح صنديد أن الناس بالعموم، لا يتناولون كميات قليلة من الطعام كل يوم؛ لذا وبدلًا من تناول لوح شوكولاته يحوي 20-30 جرام من السكر الأبيض الخالص، يمكنني تحضير هذه الشوكولاته أو الكيك باستخدام مُحلَي فاكهة الراهب، وبذات المذاق. مضيفةً أن الفرق الوحيد بين ستيفيا ومُحلَي فاكهة الراهب، أن الأول يُخلَف طعمًا مٌرًا في حين أن الثاني ليس له هذا الطعم؛ إنما بالعموم، كلاهما جيدان. حتى الحوامل والأطفال الصغار، يمكنهم تناول فاكهة الراهب.

خلاصة القول؛ وكما يوحي الاسم، يُستخرج مُحلي فاكهة الراهب من عصير هذه الفاكهة الراهب. وعلى الرغم من الحاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث، إلا أنه يبدو أنه بديلٌ آمن وصحي للسكر الأبيض. مُحلَي فاكهة الراهب مُستخلص طبيعيًا، وخالٍ من السعرات الحرارية، وقد يُقدم فوائد صحية؛ لذا استشيري طبيبكِ الخاص قبل اللجوء إلى استخدام هذا المُحلَي في وجباتكِ اليومية.