طرق الكشف المبكر لسرطان الثدي وأهميته

لهذه الأسباب.. الفحص المبكر للكشف عن سرطان الثدي مهمٌ للغاية

جمانة الصباغ

سرطان الثدي واحدٌ من أكثر أنواع السرطانات انتشارًا حول العالم، وتحديدًا لدى النساء؛ فيما تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة قرابة إمرأة واحدة من بين كل 12 بسرطان الثدي في حياتهنَ.

وسرطان الثدي هو مرضٌ وراثي في المقام الأول، وتكثر الإصابة به بين النساء اللاتي لديهنَ تاريخٌ عائلي من جهة الأم للإصابة بالمرض، الذي للأسف ما زال يحصد الكثير من الوفيات على الرغم من التقدم الحاصل في العلاجات، والكشف المبكر الذي تشجع الحكومات والمنظمات الصحية العامة والخاصة على الخضوع له من خلال الفحص الدوري.

تحدث معظم حالات الإصابة بسرطان الثدي والوفيات الناجمة عنه في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، أو التي ينخفض فيها معدل التوعية بأهمية الفحوصات الدورية. كما أن نسبة التعافي من المرض، ترتفع بشكل كبير؛ إذ يتجاوز معدل البقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بسرطان الثدي 5 سنوات 90% في البلدان المرتفعة الدخل، في حين لا تتعدى نسبته 66% في الهند و40% في جنوب أفريقيا. وهذه كله أرقامٌ نشرته منظمة الصحة العالمية على موقعها على الإنترنت.

بالتركيز تحديدًا على موضوع الفحص، وبناءً على توصيات جديدة؛ أوصت هيئة استشارية أمريكية للصحة العامة، النساء الغربيات بالبدء بتصوير الثدي بالأشعة السينية في سن الأربعين، بدلًا من الخمسين وفق التوصيات السابقة، في تغيير يقول الخبراء إنه يمكن أن ينقذ آلاف الأرواح . داعيةً لإجراء هذا الفحص الذي يهدف إلى الكشف عن سرطان الثدي، كل عامين.

وبحسب الهيئة، من شأن خفض العمر أثناء الفحص إلى 40 عامًا؛ إنقاذ المزيد من الأرواح بنسبة 19%، مقارنة مع تلك التي يتم إنقاذها مع اعتماد الخمسين كسن دنيا لهذه الصور الشعاعية.

للوقوف أكثر على هذا الموضوع، ومعرفة المزيد من المعلومات حول سرطان الثدي والفحوصات الأساسية للكشف المبكر عنه؛ توجهنا ببعض الأسئلة إلى الدكتور تيبور كوفاكس،استشاري جراحة عامة في معهد أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى "كليفلاند كلينك" أبوظبي؛ والذي قدم بعض المعلومات القيّمة والنصائح حول هذا المرض.

الدكتور تيبور كوفاكس من مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي
الدكتور تيبور كوفاكس من مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي

كلُّ ما تحتاجين معرفته عن سرطان الثدي

بحسب الدكتور كوفاكس، يُعتبر سرطان الثدي من أكثر الأورام الخبيثة شيوعًا وفق منظمة الصحة العالمية. إلا أن علاجه قد يكون أسهل من المتوقع عند اكتشافه في مراحل مبكرة، لذلك ينصح الأطباء دائماً بإجراء الفحوصات الدورية اللازمة، وفق معايير محددة لتفادي مخاطرٍ أنتِ بغنى عنها.

ما هو سرطان الثدي وما أسبابه

سرطان الثدي هو مرضٌ يتسم بنمو عشوائي لخلايا الثدي. ويمكن لهذه الخلايا أن تُشكَل ورمًا يمكن الشعور به غالبًا على شكل كتلة، أو رؤيته في تصوير الماموغرام. وعندما تنتشر هذه الخلايا السرطانية خارج الثدي إلى أجزاء أخرى من الجسم، يُعرف المرض بإسم سرطان الثدي النقيلي.

وعلى الرغم من أن السبب الحقيقي لسرطان الثدي غير واضحٌ بعد بالنسبة للخبراء، إلا أنه يُعتقد أن سببه مزيجٌ من العوامل الجينية والبيئية وأنماط الحياة. ويمكن لطفرات جينية محددة مثل BRCA1 وBRCA2 زيادة مخاطر الإصابة بهذا المرض.

ووفقًا للدكتور كوفاكس، هنالك عوامل أخرى تزيد من فرص التعرض للمرض وتضم:

  • العمر: يزيد العمر من مخاطر التعرض لسرطان الثدي، وذلك بدءًا من 55 عامًا.
  • الجنس: تُعتبر النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بسرطان الثدي.
  • التاريخ العائلي والجينات: إن وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، مثل الوالدين أو الأشقاء أو الأطفال أو غيرهم من الأقرباء، يزيد من خطر تعرَض الشخص للمرض.
  • التدخين: ربطت الأبحاث استهلاك التبغ ومشتقاته، بالإصابة بسرطان الثدي.
  • الكحول: تشير الأبحاث أيضاً إلى أن استهلاك الكحول يزيد من مخاطر التعرض لبعض أنواع سرطان الثدي.
  • السُمنة: تزيد السُمنة من خطر الإصابة بسرطان الثدي، وقد تكون مُحفَزًا مباشرًا لحدوثه.
  • التعرض للأشعة: وجدت الدراسات بأن الأشخاص الذين خضعوا لإجراءات طبية إشعاعية فيما سبق، لاسيما في مناطق الرأس والصدر والعنق؛ مُعرَضون أكثر من غيرهم للإصابة بسرطان الثدي.
  • العلاج بالهرمونات البديلة: يُعد الأشخاص الذين يستخدمون العلاج بالهرمونات البديلة، أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي.
    الكشف المبكر عن سرطان الثدي يرفع نسب التعافي والبقاء على قيد الحياة
    الكشف المبكر عن سرطان الثدي يرفع نسب التعافي والبقاء على قيد الحياة

الفحوصات الأساسية وأهمية الفحص الدوري

تفيد أرقام منظمة الصحة العالمية، بحدوث نحو 2.3 مليون إصابة بسرطان الثدي سنويًا؛ الأمر الذي يجعل من هذا المرض أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين البالغين. وفي 95% من دول العالم، يُعتبر سرطان الثدي أول أو ثاني سبب رئيسي لوفيات النساء الناتجة عن السرطان.

ويقول الدكتور كوفاكس أن 90% من أورام الثدي ليست خبيثةً، بما يشمل الكتل الحميدة على غرار الورم الغدي الليفي والكيسات، إلى جانب الالتهابات. إلا أنه يمكن للسرطان الظهور بأشكال مختلفة، لذلك تُعد الفحوصات الدورية أمرًا في غاية الأهمية؛ إذ تساعد في اكتشاف المرض قبل ظهور أي أعراض، أو حتى عندما يكون الورم الخبيث صغيرًا للغاية على رؤيته أو الشعور به. ويجعل اكتشاف الخلايا السرطانية في الثدي مبكرًا، من العلاج أمرًا أكثر سهولة، ويزيد بشكل كبير من معدلات الشفاء. كما تكون العلاجات أكثر كفاءةً عند البدء بتقديمها في غضون 38 أسبوعًا من التشخيص.

ويؤكد الدكتور كوفاكس على أهمية الفحص الذاتي الشهري، كأول إجراء يتعين على السيدات القيام به عند الشعور بأي تغيرات في الثدي. إلا أن هذا الفحص لا يُعدَ بديلًا عن الفحص الطبي ، بينما يمكن له أن يساعد في كشف المرض مبكرًا.

ومع ذلك، هناك 3 اختبارات أساسية للكشف عن سرطان الثدي، هي:

  1. تصوير الماموغرام للثدي.
  2. الموجات فوق الصوتية للثدي.
  3. التصوير بالرنين المغناطيسي للثدي.

ويُعد فحص الماموغرام خط الدفاع الأول من مرض سرطان الثدي. وهو ببساطة، تصويرٌ شعاعي للثدي يمكنه كشف الورم في مرحلة يكون فيها صغيرًا للغاية ولا يمكن الشعور به. ويمكن إجراؤه بشكل رقمي أو ثلاثي الأبعاد.

ماذا نعرف عن فحوصات الكشف المبكر عن سرطان الثدي؟

البداية مع الماموغرام الرقمي ، وهو عبارةٌ عن صور رقمية بالأشعة السينية للثدي؛ تتيح تشخيص أيَ نمو غير طبيعي في الخلايا بشكل سهل. في حين يجمع الماموغرام ثلاثي الأبعاد بين عدد من حزم الأشعة السينية لتشكيل صورة ثلاثية الأبعاد للثدي، ويُستخدم بشكل أساسي لفحص السيدات اللاتي لم يظهر لديهنَ أي مؤشرات أو أعراض تدل على المرض.

ويمكن استخدام تصوير الثدي بالموجات فوق الصوتية بالتزامن مع الماموغرام، لاسيما عند النساء اللاتي يمتلكن أنسجة الثدي الكثيفة والتي تحدَ من كفاءة عمل الماموغرام. ويشتمل هذا الخيار على وضع جهاز مخصص على سطح الثدي، يقوم بإرسال موجات صوتية تصطدم بأنسجة الجسم ليتم تحويلها إلى صورة رقمية؛ لاكتشاف أي خلل أو نمو غير طبيعي للخلايا.

وآخر الفحوصات الرنين المغناطيسي، والذي يُستخدم عمومًا لدى السيدات اللاتي يمتلكنَ مخاطر عالية للإصابة بالمرض، بسبب طفرات جينية أو تاريخ عائلي للإصابة.

فحص الماموغرام يساعد في الكشف المبكر عن سرطان الثدي
فحص الماموغرام يساعد في الكشف المبكر عن سرطان الثدي

ما هي توصياتكم للنساء

"ننصح ببدء الفحوصات الدورية من سن 40 عامًا، حيث تشير الدراسات إلى أن مخاطر الإصابة بسرطان الثدي ترتفع مع التقدم بالسن، بينما يقود التشخيص المبكر إلى تحسين المخرجات العلاجية." هذا ما أجابنا عليه الدكتور كوفاكس، وهو ما يتفق مع التوصيات الجديدة بخفض سن الفحص من 50 إلى 40 عامًا.

كما توصي دائرة الصحة – أبوظبي أيضًا، بضرورة فحص الثدي باستخدام أشعة الماموغرام كل عامين للنساء بمجرد تخطي سن 40 عامًا. لكن ينبغي أن يكون فحص الماموغرام أكثر تكرارًا عند بعض النساء؛ إذا كان سرطان الثدي منتشرًا في العائلة، أو إذا كان لدى السيدة طفرةٌ جينية.

ويضيف الدكتور كوفانس: "من المهم أن تقوم كل سيدة بمناقشة عوامل خطرها مع الطبيب، لاتخاذ أفضل القرارات حول الوقت الأمثل لبدء الفحوصات الدورية. قد يكون بدء الفحص في سن مبكرة باستخدام تصوير الماموغرام والتصوير بالموجات فوق الصوتية، مفيدًا للسيدات في العالم العربي. ونحتاج للمزيد من الأدلة لتغيير توصيات الفحص الحالية على نطاق أوسع."

حاليًا في مركز فاطمة بنت مبارك التابع لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، يمكن للسيدات الخضوع لفحص الماموغرام والموجات فوق الصوتية بدءًا من سن 30 عند وجود أي أعراض، أو كتل في الثدي، أو إفرازات وغيرها؛ مما قد يؤدي إلى الكشف المبكر عن أي تشوهات بالثدي. ويقدم المركز طيفًا واسعًا من خدمات التقصي والتشخيص المرتبطة بالأورام في مكان واحد، والتي تشتمل على تقنيات التشخيص والفحص والعلاج للسيدات، لمختلف أورام الثدي التي تصيب السيدات، سواءً كانت خبيثة أو حميدة.

كيف نحمي أنفسنا من سرطان الثدي؟

لا شك في أن أكثرنا يطرح هذا السؤال على نفسه مئات المرات، وقد يطرحه على طبيبه الخاص كون الوقاية تلعب بعض الدور في حمايتنا من مرض سرطان الثدي ؛ خاصةً في حال لم يكن لدينا تاريخٌ عائلي للمرض، وإنما نعاني من نمط حياة غير صحي.

وفي هذا الشأن، يقول الدكتور كوفاكس: "في حين لا يمكن الوقاية من جميع أنواع سرطان الثدي، إلا أنه هنالك بعض التغييرات في أنماط الحياة التي قد تحدَ من مخاطر الإصابة."

ومن هذه التغييرات التي ينصحنا بها:

  • الحفاظ على وزن صحي.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • عدم استهلاك الكحول وتجنب التدخين.

فيما تُعتبر الفحوصات المنتظمة أمرًا ضروريًا أيضًا للكشف المبكر، وهو ما يُشدد عليه الدكتور كوفاكس. ويمكن للنساء المُصابات بالطفرة الجينية BRCA 1 أو 2، اختيار الحد من المخاطر أو العمليات الجراحية الوقائية مثل استئصال الثدي أو استئصال المبيض؛ نظرًا لارتفاع مخاطر تعرضهنَ للإصابة بسرطان الثدي. ومع ذلك، يجب اتخاذ مثل هذه القرارات بعد التشاور المكثف مع الطبيب المتخصص.

في الختام، مفتاح العناية بالصحة في أيدينا؛ وعلينا أن نُولي أجسامنا الإهتمام اللازم والمضاعف، في حال زيادة خطر تعرَضنا لبعض الأمراض الوراثية مثل مرض سرطان الثدي. وعليه، ينبغي عليك عزيزتي القيام بالفحوصات الدورية للكشف المبكر والبدء بالعلاج فورًا، لرفع مستوى التعافي والشفاء لديك.