كل ما تحتاجون معرفته عن الزهايمر

هي: جمانة الصباغ
 
ألا تستطيعين أن تتعرفي على ابنتك؟ هل نسيت كيف ترتدين حذاءك؟ هل وجدت نفسك في منتصف الشارع ولا تعرفين كيف وصلت إليه؟ لعل معظمنا يرى في ذلك فكرةً خيالية وبعيدةً كل البعد عن حياته اليومية. لكنها موجودة، وتنتج عن الإضرابات العصبية التي تُسمى مرض الزهايمر، إذ يسبَب موت خلايا الدماغ فقداناً في الذاكرة وتدهوراً في القدرة على الإدراك. وهي حالةٌ تتزايد في المجتمعات بسرعة، حيث بلغ عدد الإصابات بها عام 2006 حوالي 26.6 مليون إصابة ويتوقع أن يزيد هذا الرقم إلى أربعة أضعاف بحلول عام 2050 ليصيب 1 من كل 85 شخصاً في مختلف أنحاء العالم.
 
بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر، توجهنا إلى الدكتور عطا غسان عطا الخزنجي، إختصاصي الأمراض العصبية في مستشفى برجيل بأبو ظبي لإطلاعنا أكثر على هذا المرض.
 
نظرة عامة عن مرض الزهايمر: 
-الزهايمر هو مصطلحٌ عام لفقدان الذاكرة والقدرات العقلية الأخرى، ويُعتبر خطيراً لتأثيره على مجرى حياة الإنسان اليومية. وهو النوع الأكثر شيوعاً من حالات الخرف، إذ يستأثر على 60 إلى 80 بالمائة منها.
-الزهايمر ليس من أنواع الشيخوخة العادية، وأكثر عوامله الخطرة هو التقدم بالسن وأغلب المصابين فيه من عمر 65 وما فوق. ومع ذلك، فهو لا يقتصر على كبار السن فحسب، إذ تصل نسبة المصابين به بسن مبكر بين الأربعين أو الخمسين إلى 5 بالمائة.
-الزهايمر مرضٌ تدريجي، لذلك تتفاقم حالة الخرف عند الأشخاص المصابين به مع مرور الوقت ويفقدون قدرتهم  على التواصل مع محيطهم والتفاعل مع الآخرين.  
 
الأسباب:
كأي شكل من أشكال الخرف، يُصاب الإنسان بالزهايمر نتيجة موت خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى انكماش حجم المخ بالكامل بسبب المرض ويقلَ عدد الخلايا والترابطات العصبية تدريجياً.
 
وأظهرت عمليات التشريح للأدمغة المصابة بهذا المرض أيضاً شوائب صغيرة في الأنسجة العصبية تُسمى اللويحات والحبيكات ويُعتقد أنها المشتبه الرئيسي في تلف وموت الخلايا العصبية.  
 
-وُجدت اللويحات بين خلايا الدماغ الميتة وهي تتشكَل من تراكم بروتين يدعى بيتا أميلويد. هذه الكتل بين الخلايا تتجمع في نقاط التشابك العصبي التي تنشَط خلايا نظام المناعة لتسبَب التهاباً وأبادة للخلايا العاجزة.
 
-الحبيكات هي أليافٌ ملتويةٌ لبروتين آخر يدعى تاو، يتراكم داخل الخلايا الدماغية، ليوثر على توريد المواد الغذائية والعناصر الأساسية الأخرى من خلال الخلايا والتي ستموت في نهاية المطاف.
 
-يزداد تشكَل اللويحات والحبيكات في أهم أقسام الدماغ وهي الذاكرة والتفكير والتخطيط على نحو أكثر مما كانت عليه في المراحل المبكرة، ما ينتج عنه ازدياد المشاكل في الذاكرة والتفكير والتفاعل بالعمل أو المحيط الإجتماعي. فينتاب المرضى حالةً من الاضطراب والصعوبة في التعامل والتعبير عن أنفسهم وترتيب أفكارهم. 
 
-تنتشر اللويحات والحبيكات إلى المناطق المعنية بالنطق وإدراك الكلام وبإحساس الجسم بالأشياء المحيطة به. كما تتغير شخصية المريض وسلوكه خلال هذه المرحلة ويصبح عاجزاً عن التعرف على الأصدقاء وأفراد العائلة.
 
العوامل الخطرة
-السن: من المرجح أن يصيب هذا الإضطراب كبار السن، إذ يُصاب به الأشخاص في عمر الـ 85 أكثر من عمر 65.
-الوراثة: إذا كان أحد أفراد العائلة مصاباً بالزهايمر، فمن المحتمل إصابتك بهذا المرض.
-النساء أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض من الرجال. 
 
العلامات والأعراض
لكي يستطيع الطبيب أن يشخَص مرض الزهايمر، عليه التأكد من إصابته بالخرف. (تشمل أعراض الخرف مشاكل في الإدراك والسلوك والتي تُظهر انخفاضاً في مستويات الأداء السابقة والتأثير على قدرته على العمل أو خلال الأنشطة الإعتيادية).
 
وهذه بعض الأعراض الشائعة:
-تدهور القدرة على استيعاب وتذكَر المعلومات الجديدة. 
-عدم القدرة على تحكيم المنطق وتولَي المهام المعقدة واتخاذ القرارات.
-عدم القدرة على الإبصار الفراغي (ليس من مشاكل النظر). مثلاً، عدم القدرة على القيام بأشياء بسيطة أو ارتداء الملابس الملائمة
-عدم القدرة على الكلام والقراءة والكتابة. 
-تغير في الشخصية أو السلوك، قد يكون تغيراً في طبيعة المريض وفقدانه التعاطف مع الآخرين. 
 
الفحوصات والتشخيص
ليس من السهل تشخيص الزهايمر لعدم وجود فحص خاص به. لذلك يقوم الأطباء بالبداية باستبعاد المشاكل الأخرى من خلال الإستفسار عن تاريخ المريض بالتفصيل، وهنا يجب إشراك أفراد العائلة للحصول على التفاصيل الدقيقة، ومن ثم القيام بالفحص البدني لمعرفة أعراض المشاكل الأخرى مثل السكتة الدماغية،  القلب و/ أو حالات خلل التمثيل الغذائي وفحص الوظائف العصبية.
 
وحسب هذا التحليل الشامل، يمكن للطبيب طلب فحوصات الدم والبول وتصوير الدماغ.
 
في حال لم يتوفر أي دليل عن مشكلة أخرى، سيقوم الطبيب بعمل فحوصات الإدراك. تشمل بعض منها نتائج الفحوصات للقدرات العقلية، حيث يقوم الطبيب العام بتقييم حالة الإدراك والفحص المصغَر للحالة النفسية.
 
المعالجة
لا يوجد علاجٌ معروف لمرض الزهايمر، ومع ذلك تمَ تحقيق نتائج متقدمة في التعامل مع المرض. فالأدوية المستخدمة لمساعدة المريض تقتصر إما على تعديل الحالة أو السيطرة على الإضطرابات والتغيرات في السلوك. كما تمَ تطوير الأنشطة والبرامج للرعاية اليومية  وتشكيل مجموعات وخدمات داعمة، إذ تمثَل المجموعات الداعمة عاملاً أساسياً، ليس للمرضى فحسب بل لعائلاتهم والمسؤولين عن رعايتهم.