تعيد الأطراف الصناعية الحياة والثقة بالنفس للمرأة

رحلة لاستعادة الثقة..  دكتور خالد الديب يكشف عبر "هي" كيف تعيد الأطراف الصناعية للمرأة إحساسها بالحركة والحياة؟

عبير عباس
15 ديسمبر 2025

في عالمٍ لا يتوقف عن التطور، لم تعد الأطراف الصناعية مجرد بدائل تعوض فقدان جزء من الجسد، بل أصبحت امتدادًا حيًا للإنسان، يعيد له القدرة على الحركة والعمل والحلم. وضمن هذا التحول الكبير، تبرز أهمية فهم كل ما تريد معرفته عن تطور الأطراف الصناعية، خاصة عندما يتعلق الأمر بتأثيرها العميق على المرأة، صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا.

وفي هذا الإطار، يفتح هذا الموضوع مساحة لحوار إنساني وطبي مع دكتور خالد الديب، أستاذ الباثولوجي، وبرنامج الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية بجامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية، للحديث عن تطور الأطراف الصناعية، وكيف انعكس هذا التغيير على صحة المرأة النفسية والجسدية، ودورها داخل الأسرة والمجتمع.

دكتور خالد الديب  كشف أن الأطراف الصناعية تتيح للمرأة ممارسة حياتها الطبيعية
دكتور خالد الديب  كشف أن الأطراف الصناعية تتيح للمرأة ممارسة حياتها الطبيعية

لماذا تمثل الأطراف الصناعية نقطة تحول في حياة المرأة؟

في بداية حديثه مع "هي"، أوضح دكتور خالد الديب أن الأطراف الصناعية الحديثة تمثل جسرًا بين الإعاقة والإمكانية، وبين الألم والأمل، فهي مصممة اليوم لتمنح مستخدمتها استقلالية حقيقية، وتساعدها على الاندماج في المجتمع دون شعور بالنقص أو الاختلاف.

تكمن أهمية الأطراف الصناعية في قدرتها على تحسين جودة الحياة، ليس فقط من خلال استعادة الوظائف الحركية، ولكن أيضًا عبر تخفيف العبء النفسي الناتج عن فقدان أحد الأطراف. ومع التطور التكنولوجي المتسارع، أصبحت هذه الأطراف أخف وزنًا، وأكثر مرونة، وقادرة على محاكاة الحركة الطبيعية بدقة لافتة.

وعند الحديث عن تطور الأطراف الصناعية، لا يمكن تجاهل الفروق الجوهرية بين تصميم الأطراف للرجال والنساء، حيث تُراعى لدى المرأة عوامل الجمال، والتناسق، والراحة، ونمط الحياة اليومي، وليس فقط الأداء الحركي.

الاختلاف بين الأطراف الصناعية الخاصة بالمرأة والرجل

في هذا السياق، كشف دكتور خالد الديب في لقاءه مع "هي" أن الأطراف الصناعية الخاصة بالمرأة تختلف تمامًا عن تلك المصممة للرجل، نتيجة الفروق الجسدية والوظيفية بينهما. فأطراف المرأة غالبًا ما تكون أخف وزنًا وأصغر حجمًا، بما يتناسب مع طبيعة الجسم ويمنح راحة أكبر أثناء الاستخدام اليومي، مع اهتمام واضح بالجانب الجمالي وتناسق الشكل.

في المقابل، تميل أطراف الرجل إلى المتانة وتحمل الأوزان والمجهود البدني الأعلى، وهو ما يعكس اختلاف الاحتياجات بين الطرفين.

التحديات النفسية والجسدية بعد فقدان الطرف

تمر السيدة بعد فقدان الطرف بعدة تحديات متداخلة، تبدأ بالصدمة النفسية وفقدان الثقة بالنفس، والقلق من نظرة المجتمع وتغير صورة الجسد. ثم تأتي التحديات الجسدية المرتبطة بصعوبة الحركة والتأقلم مع الطرف الصناعي، يليها الجانب الاجتماعي الذي قد يتضمن الاعتماد على الآخرين أو التردد في ممارسة الحياة اليومية.

لكن وفقًا لما يؤكده دكتور خالد الديب، فإن تصاميم الأطراف الصناعية الحديثة أصبحت تراعي جسم المرأة بشكل احترافي ودقيق، حيث تجمع بين الجانب الجمالي والوظيفي، مع التركيز على خفة الوزن وسهولة الحركة. وهو ما يعزز الثقة بالنفس ويساعد المرأة على ممارسة حياتها بصورة طبيعية.

احتياجات خاصة للأمهات المبتورات

يشير دكتور خالد إلى أن الأمهات المبتورات لهن احتياجات خاصة في تصميم الأطراف الصناعية، نظرًا لمسؤولياتهن اليومية. فهن يحتجن إلى أطراف آمنة وثابتة تساعدهن على رعاية الأطفال والتنقل بسهولة، مع تقليل الشعور بالإجهاد.

ولهذا، يتم التركيز على خفة الوزن، وسهولة الارتداء والخلع، ومرونة التصميم، بما يسمح بأداء المهام المنزلية المختلفة، مع تخصيص الطرف الصناعي حسب نمط حياة كل أم، لدعم استقلاليتها وجودة حياتها.

تستطيع المرأة الاستمتاع بحياتها اليومية بعد تركيب الطرف الصناعي.jpg
تستطيع المرأة الاستمتاع بحياتها اليومية بعد تركيب الطرف الصناعي

الشكل الجمالي.. عنصر أساسي في العلاج النفسي

يوضح أيضا أن الشكل الجمالي للطرف الصناعي أصبح عنصرًا بالغ الأهمية، خاصة لدى المرأة. فالتشابه الكبير بين الطرف الصناعي والطرف السليم من حيث الشكل، التفاصيل، ولون البشرة، له تأثير نفسي إيجابي واضح، إذ يعزز الثقة بالنفس ويقلل الشعور بالاختلاف.

ومع تطور الخامات والتكنولوجيا، أصبحت بعض الأطراف الصناعية أقرب ما تكون للشكل الطبيعي، مع محاكاة دقيقة للحركة والمظهر، بل وتوفير إمكانيات حركية تفوق أحيانًا قدرات الطرف الطبيعي، وهو ما يساعد المرأة على استعادة ثقتها بنفسها والعودة لحياتها الاجتماعية بصورة طبيعية.

ولم تتوقف التطورات عند الأداء فقط، بل امتدت لتشمل مراعاة الملابس النسائية المختلفة. ففي التصميمات الحديثة، يتم الأخذ في الاعتبار توافق الطرف الصناعي مع الفساتين، التنانير، وحتى الأحذية ذات الكعب العالي، من خلال خيارات مرنة في الطول وزوايا الحركة.

تطور الأطراف الصناعية ساعد المرأة على الشعور بأن الطرف الصناعي جزء من أسلوب حياتها، وليس عائقًا أمام أناقتها أو أنوثتها.

هل اختيار اللون والشكل جزء من العلاج؟

طرحنا هذا التساؤل ضمن لقاءنا الممتد حول تطور الأطراف الصناعية، فأكد لنا دكتور خالد أن إتاحة الفرصة للمرأة لاختيار شكل ولون الطرف الصناعي أصبح جزءًا من العلاج النفسي. فهذا الاختيار يعزز الشعور بالسيطرة والرضا عن المظهر، ويقلل القلق الاجتماعي، ويحوّل الطرف الصناعي من أداة طبية إلى عنصر داعم للصحة النفسية.

بل إن بعض النساء يفضلن إظهار الطرف الصناعي كجزء من هويتهن، باعتباره رمزًا للقوة والتحدي، وهو ما يعكس تحولًا عميقًا في النظرة الذاتية.

 من ناحية أخرى : الأطراف الصناعية الحديثة صُممت لتقليل المجهود البدني، حيث تعتمد على خامات خفيفة الوزن وتوزيع متوازن للضغط، مما يقلل الضغط على العضلات والمفاصل ويجعل الحركة أكثر طبيعية وأقل إجهادًا.

ويكمل دكتور خالد أن الأطراف الصناعية أصبحت تعمل على توزيع التحميل علي عضلات الجزء المتبقي لتلائم للمرأة بشكل أكبر، لتوفر لها الراحة والاستقلالية أثناء أداء المهام اليومية.

التكنولوجيا الذكية والبلوتوث

 على جانب آخر فإن الأطراف المزودة بتقنيات مثل البلوتوث أو التحكم عن بُعد توفر سهولة أكبر في الاستخدام، حيث يمكن للمرأة ضبط الحركة والسرعة، وتخصيص الإعدادات حسب النشاط اليومي، إلى جانب المتابعة الذكية والصيانة. – بحسب تصريحات الطبيب المتخصص-

كما أن الأطراف الحديثة أصبحت قادرة على التعلم من الاستخدام اليومي عبر الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار، لتتفاعل تدريجيًا مع نمط الحركة، مما يجعل الأداء أكثر طبيعية ويقلل الجهد البدني.

 

فقدان الطرف يؤثر أيضا بشكل كبير على الصورة الذاتية والثقة بالنفس لدى المرأة، حيث قد تشعر بفقدان الأنوثة أو القلق من نظرة الآخرين. لكن الأطراف الصناعية الحديثة، خاصة التي تراعي الشكل الجمالي، تلعب دورًا محوريًا في تحسين هذه النظرة، وتقليل الشعور بالوصمة الاجتماعية.

الجانب الإنساني في مهنة تصنيع الأطراف

يختتم دكتور خالد حديثه بالتأكيد على أن أكثر ما دفعه للاستمرار في هذا المجال هو اللحظات الإنسانية الفارقة، عندما يرى امرأة تستعيد قدرتها على الوقوف والمشي، أو تعود لعملها ورعاية أطفالها بثقة.

في هذه اللحظات، لا يكون الطرف الصناعي مجرد أداة تعويضية، بل وسيلة لاستعادة الحياة والكرامة والثقة بالنفس.

خلاصة القول

وجود الأطراف الصناعية حل الكثير من المشاكل والأزمات للسيدات اللاتي فقدن أحد الأطراف، خاصة وأنها ساعدتهن في علاج مشاكلهن واستعادة حياتهن بشكل طبيعي من جديد، وكشف طبيب متخصص أن تصنيع الأطراف الصناعية حاليا أصبح يتيح للمرأة القيام بدورها اليومي بشكل طبيعي ومثالي وذلك من خلال أجهزة متطورة تراعي طبيعة جسمها ونشاطها اليومي، وكذلك الأزياء التي ترغب في ارتدائها.