
حيث يلتقي الجمال بالتاريخ.. صخرة العروسة وجهة لا تُفوّت في أحضان العلا
على بعد نحو 100 كيلومتر شمال محافظة العُلا، تنتصب "صخرة العروسة" كتحفة طبيعية نادرة، تجمع بين الجمال الأسطوري والدهشة الجيولوجية. يسميها السكان المحليون بهذا الاسم لأنها تُشبه في هيئتها عروسًا ترتدي فستان زفافها الأبيض، واقفة بفخر وسط الرمال، وكأنها تستعد لمسيرتها الخالدة عبر الزمن.
إرث جيولوجي يعود لمئات الملايين من السنين
تشير الدراسات التي أوردتها **الهيئة الملكية لمحافظة العلا** إلى أن تاريخ تشكّل هذه الصخرة يعود إلى أكثر من 460 مليون سنة. حينها، كانت المنطقة جزءًا من قارة "جندوانا" القديمة، التي غمرتها بحار دافئة غنية بالكائنات البحرية. ومع تحرك الصفائح التكتونية عبر العصور، ارتفعت هذه الرواسب لتشكّل اليوم هذا المعلم الفريد.
وتكشف الطبقات الصخرية المحيطة بالصخرة عن أسرار من الماضي السحيق؛ إذ تحتوي على بقايا كائنات منقرضة تُعد شاهدًا حيًّا على تحولات طبيعية كبرى غيّرت ملامح الأرض.
وجهة لعشاق التصوير والمغامرة
لم يعد سحر صخرة العروسة محصورًا في شكلها الفريد، بل تجاوز ذلك ليصبح نقطة جذب لعشاق الرحلات البرية وهواة التصوير. فالمنطقة المحيطة بها تزخر بتضاريس متنوعة، من سهول حصوية مسطحة إلى تكوينات صخرية متجاورة، تتيح للزائر تجربة استثنائية بين الطبيعة والخيال.
مع شروق الشمس أو غروبها، تُلقي الظلال ألوانًا ساحرة على ملامح الصخرة، فتبرز تفاصيلها وكأنها لوحة فنية منقوشة بيد الزمن. وهنا يجد المصورون ضالتهم في التقاط لقطات نادرة تُوثّق انسجام الضوء مع صمت الصحراء.
رمز من رموز العلا الطبيعية
رغم أن محافظة العلا تضم مئات التكوينات الصخرية المدهشة، تظل صخرة العروسة علامة فارقة بفضل شكلها الذي يحاكي هيئة الإنسان. فهي ليست مجرد تكوين جيولوجي، بل رمز يجمع بين "الموروث الطبيعي والرمزية الثقافية"، حيث يربطها السكان المحليون بالأساطير والقصص الشعبية التي تضيف إليها بُعدًا وجدانيًا.
رحلة إلى قلب الزمن
زيارة صخرة العروسة ليست مجرد رحلة إلى موقع سياحي، بل أشبه بعودة إلى الماضي السحيق، حيث يمكن للزائر أن يتأمل في صمت المكان ويستشعر عبق التاريخ. إنها محطة فريدة في قلب شمال غرب المملكة، حيث يمتزج **التراث الطبيعي بالجمال الساحر**، لتظل شاهدة على قدرة الطبيعة على الإبداع وصياغة لوحات خالدة تتحدى الزمن.