
بعد اختيارها ضمن أفضل تجارب السفر في 2026.. جولة المذاق في دبي القديمة رحلة فاخرة في ذاكرة النكهات
اختارت منصة "لونلي بلانيت" الشهيرة جولة الطعام التراثية في دبي القديمة ضمن قائمة أفضل تجارب السفر العالمية لعام 2026، لتؤكد مرة أخرى أن دبي ليست فقط مدينة المستقبل، بل أيضًا مدينة المذاقات التي تسكن الذاكرة.
فبين أزقة بر دبي وديرة، وعلى ضفاف خور دبي، يتجلّى الترف بطريقة مختلفة — ترف يُتذوّق، ويُشمّ، ويُلمس في طبق يحمل قصة المكان وروحه.
تجربة تروي حكاية مدينة عبر أطباقها
في أحياء دبي القديمة، لا تسكن النكهات في الأطباق فقط، بل تمتد في الهواء بين العطور الشرقية المنبعثة من المقاهي القديمة، وصوت الملاعق على الأواني النحاسية في مطابخ تصون أسرار الطهو العربي والهندي والفارسي منذ عقود.
ولذلك، لم يكن إدراج الجولة التراثية ضمن أفضل 50 تجربة عالمية مصادفة، بل هو تتويج لمشهدٍ فريدٍ تمزج فيه المدينة بين أصالة المطبخ وجرأة التجريب، وبين سحر الحواس الخمس وتنوّع الثقافات.
يقول عصام كاظم، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري:
"اختيار جولة الطعام التراثية في دبي القديمة يؤكد أن المذاق هو أحد وجوه الثقافة، وأن المطبخ الإماراتي والعالمي في دبي يشكّل جسراً حضارياً بين الشعوب."

بر دبي.. مطبخ مفتوح على التاريخ
في بر دبي، تبدو الرحلة وكأنها نزهة داخل ذاكرة المدينة. فكل مطعم هناك يحكي فصلاً من حكايتها:
مطعم الخيمة التراثي
الواقع في قلب حي الفهيدي التاريخي، يشبه متحفاً مفتوحاً للمذاقات التي تجعلك تمضين أجمل الأوقات على الإطلاق رفقة من تحبون.
الجدران من الحجر المرجاني، والمقاعد الخشبية العتيقة، ورائحة البهارات التي تعبق في الهواء — كل شيء يذكّر بزمن البساطة والكرم.
يقدّم المطعم أطباقًا إماراتية أصيلة مثل مجبوس لحم الضأن بالزعفران، تُقدَّم في أطباق فخارية تملأ المكان بالعبير قبل أن يلامس المذاق الحلق.
وقد نال تصنيف "بيب جورماند" من دليل ميشلان، تكريمًا لتجربته المتفردة التي تجمع الفخامة بالدفء الشعبي.

مطعم الاستاد للكباب
أما مطعم الاستاد للكباب الخاص، فيمثل ذاكرة الطهو في دبي منذ منتصف القرن الماضي. بلا زخارف أو مبالغات، يقدّم الكباب كما يجب أن يكون: بسيطاً، غنياً بالنكهات، ومشبعاً بذكريات الميناء والبحارة.
أريبيان تي هاوس
في المقابل، يأتي أريبيان تي هاوس بلونه الأبيض والأزرق ليروي قصة الضيافة الإماراتية في أجواء تشبه بيوت الأجداد.
تحت ظلال الياسمين وأصوات العصافير، يُقدَّم البرياني بالدجاج أو اللحم مع اللبن، وكأنك تعيش لحظة من الزمن الجميل بين عبق الهيل وصوت الملاعق الخشبية.
مطعم بيت الوكيل
وعلى ضفة الخور مباشرة، يطل بيت الوكيل — أقدم مطعم في دبي منذ عام 1935 — ليقدّم تجربة ساحرة تجمع بين المذاق والإطلالة.
تتراقص أمواج الخور أمامك بينما تتذوّق الهامور المشويّ الممزوج بنكهة البحر والتمر الهندي.
بافانا ديلوكس
ولعشّاق التجريب النباتي، يقدّم بافانا ديلوكس أطباقًا هندية نباتية عمرها نصف قرن من الإبداع ليضمن لكم تجربة مذاق استثنائية رفقة من تحبون.
بين الباني بوري والساموسا، يجد الزائر نفسه في عالمٍ من التوابل الذهبية التي تحوّل الوجبة إلى احتفال صغير بالحياة.

ديرة.. عبق الأسواق ونكهات العالم
في الجهة المقابلة من الخور، تُرحّب ديرة بزوارها كمدينة الذكريات والروائح حيث يمكنكم الاستمتاع بالعديد من تجارب التذوق الشهية بمذاق فريد.
مطعم البيت القديم
في البيت القديم، تجتمع الأصالة العربية والدفء المنزلي في أجواء تحاكي بيوت الأجداد، بينما تعبق الأجواء برائحة الشاورما الطازجة الممزوجة بالخبز المحلّى بالدخان.
مطعم الكرمل الصومالي
وفي مطعم الكرمل الصومالي، يكتشف الزائر مذاقًا مختلفًا تمامًا: سوقار صومالي، لحم مطهوّ ببطء مع الفلفل والتوابل العطرية، يُقدَّم على الطريقة البدوية الصومالية في أجواء ودودة.
مطعم عروس دمشق
أما عروس دمشق، فيعيد تعريف المذاق السوري في قلب دبي.
عبق الفحم، والموسيقى الشرقية الخافتة، وأطباق الكباب الأورفلي التي تصل على صوانٍ معدنية تتصاعد منها رائحة الزبدة والفلفل الأحمر — تجربة حسية مكتملة.
بيت المندي
ولا يمكن الحديث عن ديرة من دون المرور بـ بيت المندي، الذي استضافه الشيف العالمي الراحل أنتوني بوردين في برنامجه الشهير بلا حجز.
هنا يُقدَّم مندي لحم الضأن كما يجب أن يُقدَّم: أرزّ معطر بالقرنفل والهيل، ولحم يذوب طرياً تحت الملعقة، في تجربة تمزج المذاق بالذاكرة.
مطعم دلهي
ومن باكستان والهند، يقدّم مطعم دلهي منذ عام 1978 النيهاري بلحم العجل — طبقًا غنيًا بالتوابل البطيئة التحميص، يشبه قصيدة طهوية من القرن العشرين ما زالت تُتلى كل يوم في شوارع نايف.
المذاق الشهي.. لغة دبي التي يفهمها الجميع
ما يميز جولة الطعام في دبي القديمة ليس فقط تنوّع المطابخ، بل الطريقة التي تُقدَّم بها التجربة:
الروائح التي تملأ الممرات، الأضواء الدافئة، الترحاب العائلي في المطاعم الصغيرة، وأصوات الطهاة وهم ينادون الزبائن بأسمائهم — كل ذلك يجعل من الجولة أكثر من رحلة تذوّق، إنها رحلة حسية تعيد تعريف الترف الحقيقي.
دبي، التي تجمع أكثر من 200 جنسية، أصبحت عاصمة عالمية للطهو الإنساني.
من المطاعم الحاصلة على تصنيفات ميشلان، إلى الأزقة التي تفوح منها رائحة البهارات، يعيش الزائر في توازنٍ نادر بين الفخامة والأصالة، بين ذاكرة المطبخ العربي وجرأة المذاق العالمي.
ولهذا، حين تختار "لونلي بلانيت" هذه الجولة ضمن أفضل التجارب في العالم، فإنها لا تحتفي فقط بالمذاق، بل بروح المدينة التي تطبخ مستقبلها بنكهات ماضيها.