مؤشرات صحية مهمة ينبغي على المرأة معرفتها

مؤشراتٌ صحية مهمة ينبغي على المرأة معرفتها.. بناءً على نصيحة خبير

جمانة الصباغ
30 ديسمبر 2025

في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تطورت أنماط الحياة بسرعة خلال العقود الأخيرة؛ تنتشر بعض الحالات الصحية بشكلٍ ملحوظ، مما يجعل الوعي بالأعراض ليس مجرد مسألة حذرٍ شخصي، بل أيضًا مصدر قلقٍ على الصحة العامة. ويتصدر سرطان الثدي كأكثر أنواع السرطان تشخيصًا بين النساء في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، مما يُبرز ضرورة الاهتمام الفوري بأي أعراضٍ جديدة للثدي.

الفحص في الوقت المناسب والكشف المبكر يمكن أن ينقذ الأرواح؛ بينما قد يؤدي التسويف إلى الوفاة؛ هذا ما يؤكده الدكتور أمير فيروزجايي، طبيب متخصص في الطب الصيني من عيادة ويلث دبي، شارحًا في مقالة اليوم للعديد من المشاكل الصحية التي تبدأ بإشاراتٍ معينة ينبغي التنبه لها، لعمل الاستشارة الطبية والفحص الطبي في حال دعت الحاجة؛ بغية الحفاظ على صحة وسلامة الجسم.

مؤشرات صحية مهمة ينبغي على المرأة معرفتها

بحسب الدكتور فيروزجايي؛ تتفشى اضطرابات التمثيل الغذائي في المنطقة، وتُصنف العديد من دول مجلس التعاون الخليجي من بين الأعلى عالميًا في معدلات داء السكري لدى البالغين. على سبيل المثال، أفادت الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية بانتشار داء السكري بين البالغين بنسبةٍ تتراوح بين 12% و15%، مما يُمثَل ملايين النساء اللاتي قد يُواجهنَ مضاعفاتٍ خطيرة إذا لم يُلاحظ داء السكري أو لم يُعالج. قد تُغفل العلامات المبكرة النموذجية، مثل العطش الشديد، كثرة التبول، فقدان الوزن غير المبرر، التعب، وبطء التئام الجروح بسهولة في البداية، ولكنها تُحفز على إجراء الفحوصات اللازمة.

تنتشر السُمنة، وهي عاملٌ رئيسي في الإصابة بداء السكري وأمراض القلب والسرطان، بشكلٍ مُقلق في دول مجلس التعاون الخليجي. وتكشف المسوحات التي أُجريت في الإمارات العربية المتحدة والدراسات الإقليمية عن معدلاتٍ مرتفعة من زيادة الوزن والسُمنة لدى النساء، لا سيما مع تقدم العمر. فيما يُعدَ ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI) عامل خطرٍ رئيسي للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ويؤثر بشكلٍ كبير على التحديات الصحية في المنطقة. هذا المزيج، أي السُمنة وداء السكري والأمراض ذات الصلة، يُغيَر الأعراض الأكثر احتمالاً للظهور وتلك التي تتطلب عنايةً عاجلة.

مؤشرات صحية مهمة ينبغي على المرأة معرفتها - رئيسية
مؤشرات صحية مهمة ينبغي على المرأة معرفتها 

أعراضٌ صحية ينبغي على النساء التنبه لها

مع وضع هذه الخلفية في الاعتبار، فيما يلي الأعراض المحددة التي يجب على كل امرأة مراعاتها بجدية والتعامل معها كما ينبغي:

•       سرطان الثدي: يُعدَ سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان. يُمثَل 37% من جميع حالات السرطان لدى النساء في الإمارات العربية المتحدة، مما يؤدي إلى احتمال تشخيصه بنسبة الثُمن في حياتهنَ. وفي حين أن مبادرات التوعية قد عزَزت بشكلٍ كبير الكشف المبكر، فمن الضروري أن تظل النساء يقظات ويُراقبنَ التغيرات مثل الكتل، الإفرازات، ظهور غمازاتٍ على الجلد، أو الألم غير المبرر في منطقة الثدي.

علاوةً على ذلك، فإن ظهور درجاتٍ أكثر حدة من الأورام يشير إلى أن الأعراض قد تظهر في وقتٍ مبكر مقارنةً بالدول الغربية. لذا فالفحوصات الدورية والفهم الدقيق لعوامل الخطر الشخصية، بما في ذلك التاريخ العائلي ونمط الحياة والنظام الغذائي، يُعدانَ أمرين أساسيين للتدخل في الوقت المناسب.

•       نزيف مهبلي غير طبيعي بين الدورات الشهرية أو بعد انقطاع الطمث: قد يشير النزيف غير الطبيعي إلى سرطاناتٍ نسائية (مثل سرطان بطانة الرحم)، أو اختلالاتٍ هرمونية، أو مضاعفات أثناء الحمل. ويُعتبر النزيف بعد انقطاع الطمث دائمًا "غير طبيعي"، ويستلزم تقييمًا فوريًا.

بالنسبة للنساء الأصغر سنًا، قد يكون النزيف غير المنتظم علامةً على متلازمة تكيَس المبايض (PCOS)، أو مشاكل الغدة الدرقية، أو اضطرابات التخثَر، والتي قد تؤدي جميعها إلى عواقب صحية خطيرة على المدى الطويل إذا لم تُعالج.

•       ألم الحوض أو البطن المستمر: قد ينشأ ألم الحوض المزمن من مشاكل غير سرطانية، مثل التهاب بطانة الرحم، الأورام الليفية، ومرض التهاب الحوض؛ ولكنه قد يشير أيضًا إلى وجود سرطان أو التهابات شديدة. في المجتمعات التي تؤجل فيها النساء طلب المساعدة بشأن أعراض الحوض بسبب وصمة العار أو جداول العمل المزدحمة، يمكن أن تتطور الحالات التي كانت قابلةً للعلاج في البداية، لتصبح مُنهكة فيما بعد.

•       أمراض القلب والأوعية الدموية: تُشكَل هذه الأمراض خطرًا كبيرًا، وإن كان غالبًا ما يُغفل عنه، على النساء. وتتطلب أعراضٌ مثل ضيق التنفس أثناء النشاط البدني، انزعاج الصدر غير المبرر، الإغماء، أو تسارع ضربات القلب تقييمًا فوريًا؛ لأن أمراض القلب قد تظهر بشكلٍ مختلف لدى النساء، وهي سببٌ رئيسي للوفاة عالميًا. ومع تزايد معدلات السُمنة وداء السكري في دول مجلس التعاون الخليجي، يتزايد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء.

وبينما يحظى سرطان الثدي باهتمامٍ أكبر في كثير من الأحيان، فإن أمراض القلب هي في الواقع السبب الرئيسي للوفاة بين النساء في الإمارات العربية المتحدة والعالم. تعتقد العديد من النساء خطأً أن سرطان الثدي هو التهديد الأكبر؛ إذ إن أقل من ثلثهنَ على دراية بأعراض أمراض القلب، والتي قد تشمل ضيق التنفس، الغثيان، عسر الهضم، آلام الرقبة، والإرهاق، والتي قد تشير جميعها إلى "نوبةٍ قلبية صامتة". ومن المثير للقلق أن 76% من النساء لا يدركنَ أن أعراض النوبة القلبية قد تختلف باختلاف الجنس، وهذا النقص في الوعي قد يؤخر العلاج الضروري.

الدكتور أمير فيروزجايي طبيب متخصص في الطب الصيني من عيادة ويلث دبي
الدكتور أمير فيروزجايي طبيب متخصص في الطب الصيني من عيادة ويلث دبي

•       داء السكري: العطش الشديد، كثرة التبول، تغيَر الوزن غير المبرر، والالتهابات المتكررة؛ هذه هي العلامات التحذيرية الشائعة لداء السكري. ونظراً للانتشار الواسع لداء السكري في المنطقة، ينبغي على النساء اللاتي يُعانينَ من هذه الأعراض، إجراء فحص سكر الدم.

يؤثر داء السكري تحديدًا على ما بين 13% و19% من النساء في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب انتشارٍ مرتفع مماثل لمقدمات السكري. وتُساهم قلة النشاط البدني، سوء اختيارات النظام الغذائي، والتوتر في هذه الإحصاءات المتزايدة، مما يجعل من الضروري الانتباه إلى أعراضٍ مثل زيادة الوزن المستمرة، تساقط الشعر، وبقع الجلد الداكنة.

التشخيص المبكر والرقابة الصارمة يمنعان حدوث مضاعفاتٍ مثل أمراض الكلى، العمى وبتر الأطراف؛ كما يمكن لنمط الحياة والتدخلات الطبية في الوقت المناسب أن تُحدث فرقاً كبيراً في النتائج. إن إدراك الرغبة الشديدة في تناول السكر، التعب غير المبرر، الالتهابات المتكررة، أو تغيَرات الرؤية يمكن أن تساعد في الكشف المبكر عن مرض السكري.

•       السُمنة: تعاني النساء في دول مجلس التعاون الخليجي من معدلات سُمنة مرتفعة بشكلٍ مثيرٍ للقلق، حيث يُصنَف 70-75% من السكان على أنهم يعانون من زيادة الوزن أو السُمنة. تؤدي هذه المشكلة إلى زيادة حدوث الاضطرابات النسائية مثل متلازمة تكيَس المبايض وعدم انتظام الدورة الشهرية، كما تزيد بصورةٍ كبيرة من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والسرطان.

•       التعب: لا شك في أن التعب هو مشكلةٌ شائعة بين الكثيرين، ولكنه قد يشير أحيانًا إلى فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، والذي لا يزال منتشرًا في العديد من الدول؛ بالإضافة إلى اضطرابات الغدة الدرقية، الاكتئاب، والالتهابات المزمنة، أو حتى المراحل المبكرة من السرطان.

يجب إيلاء مشاكل الصحة النفسية، مثل القلق والأرق، نفس الأهمية التي تُعطى لمشاكل الصحة الجسدية. في بعض مناطق المنطقة، قد تُشكَل الوصمة الاجتماعية ومحدودية فرص الحصول على رعاية الصحة النفسية عقباتٍ كبيرة؛ لذلك، تُعدّ مناقشة المخاوف مع طبيبٍ موثوق خطوةً أولى حيوية.

في الإمارات العربية المتحدة، تُعاني حوالي 30% من النساء من الاكتئاب والقلق، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة ضغوط المجتمع، متطلبات نمط الحياة، والتقلبات الهرمونية. علاوةً على ذلك، فإن الأعراض التي غالبًا ما تُخطئ في اعتبارها مجرد "إجهادٍ طبيعي"، مثل الشعور المستمر بالحزن، أو فقدان الاهتمام، أو تقلبات المزاج الشديدة، أو القلق المفرط، قد تستدعي تدخل خبراء الصحة النفسية.

خطوات ينبغي على النساء اتخاذها لتعزيز صحتهنََ

يؤكد الدكتور فيروزجايي على وجوب التزام النساء بالخطوات الآتية، في حال رغبنَ بصحة مستدامة، نفسيةٍ مرتاحة، وعقلٍ سليم:

1. انتبهي لجسدكِ: أي تغيَراتٍ مستمرة أو غير مُبررة، تستمر لأكثر من بضعة أسابيع، هي بحاجة لاستشارةٍ طبية. يجب على النساء اللاتي لديهنَ عوامل خطر، مثل السُمنة، أو داء السكري، أو ارتفاع الكوليسترول، أو ارتفاع ضغط الدم، فحص ضغط الدم بانتظام وطلب المساعدة الطبية إذا لاحظنَ أيًا من هذه الأعراض غير النمطية.

2. الخضوع للفحوصات الأساسية: يُنصح عادةً بقياس مستويات السكر في الدم، ضغط الدم، مؤشر كتلة الجسم، تعداد الدم الكامل، وفحوصات السرطان المناسبة للعمر للنساء اللاتي تبلغ أعمارهنَ 35 سنة فأكثر.

3. تقليل المخاطر قدر الإمكان: ممارسة النشاط البدني بانتظام، الحفاظ على نظامٍ غذائي متوازن، الإقلاع عن التدخين، والتحكم في الوزن، يمكن أن يُقلَل بشكلٍ كبير من المخاطر المرتبطة بسرطان الثدي، داء السكري، وأمراض القلب.

4. التحدث عن الصحة النفسية: فالشعور بالتعب، الحزن المستمر، أو القلق هي حالاتٌ طبية يمكن علاجها. وطلب المساعدة في الوقت المناسب هو علامة قوة، وليس ضعفًا؛ تذكري ذلك عزيزتي.

قلَلي مخاطر الأمراض بتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة
قلَلي مخاطر الأمراض بتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة

5. الدفاع عن رعايةٍ صحية متاحة للجميع: يمكن لأصحاب العمل والمنظمات المجتمعية توسيع نطاق مبادرات الفحص، كما ينبغي على النساء الدعوة إلى خدماتٍ تُراعي الخصوصية والاعتبارات الثقافية. إن الوضع الصحي في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يتميز بارتفاع معدلات السُمنة وداء السكري، إلى جانب كون سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء، يجعل الوعي بالأعراض أمرًا بالغ الأهمية. فالمرأة التي تلاحظ أي تغييرٍ في جسدها وتطلب الرعاية على الفور؛ لا تعطي الأولوية لصحتها فحسب، بل لصحة أسرتها ومجتمعها أيضًا.

في الختام؛ فإن الاستثمار في الصحة العامة للفحص، التثقيف المجتمعي والرعاية الأولية المتاحة سيُخفَف من عبء المرض، لكن هذه الأنظمة لا تكون فعالةً إلا عندما تشعر النساء بالتمكين لاستخدامها. وثمة مبدأٌ واحد واضح لا غبار عليه: التعامل مع التغييرات المستمرة كحوافز لطلب التقييم، لا كمتاعب يجب تحملها.

يُعدَ الكشف المبكر والعلاج من أكثر الاستراتيجيات فعاليةً، لضمان بقاء المرأة بصحةٍ جيدة ونماء في منطقة الخليج وخارجها. لذا بادري لاستشارة الطبيب في حال دعت الحاجة لذلك، اتبَعي أسلوب حياةٍ صحي ولا تغضَي البصر عن أي مشكلةٍ صحية أو نفسية يمكن أن تلمَ بك؛ فرفاهكِ وصحتكِ يبدآن من وعيكِ الذاتي.