استشارية الطب النفسي الدكتورة ميار أحمد تكشف لـ هي علامات التوتر في لغة الجسد وكيفية التعامل معها

استشارية الطب النفسي الدكتورة ميار أحمد تكشف لـ "هي"علامات التوتر في لغة الجسد وكيفية التعامل معها

رحاب عباس المواردي

ربما هذا المقال سيكون فرصة ذهبية للتعرف على أهمية لغة الجسد بصفة عامة، وأيضًا مدى علاقة إشاراتها بالقلق والتوتر، للتعامل معهما من خلالها. لاشك أن جميعنا يعلم أن القلق لغة صامتة يتقنها الجسد ببراعة؛ لكن ستظل لغة الجسد بمثابة أداة يمكن استغلالها لإدارة الجسد في اللحظات الأكثر ضغطًا.

من هذا المنطلق، سأطلعكِ عبر موقع "هي" على أهمية لغة الجسد وعلاماتها التي تكشف القلق والتوتر، وكيفية التعامل معها، لتحويل تلك الإشارات العصبية إلى هدوءٍ يبعث على الاطمئنان، والحركات المضطربة إلى ثباتٍ يوحي بالثقة؛ بناءً على توصيات استشارية الطب النفسي  الدكتورة ميار أحمد من القاهرة.

ما هي لغة الجسد بصفة عامة؟

لغة الجسد هي الإشارات والحركات غير اللفظية التي يصدرها الأشخاص باستخدام أجزاء أجسادهم
لغة الجسد هي الإشارات والحركات غير اللفظية التي يصدرها الأشخاص باستخدام أجزاء أجسادهم

ووفقًا للدكتورة ميار، لغة الجسد (Body Language) هي الإشارات والحركات غير اللفظية التي يصدرها الأشخاص باستخدام أجزاء أجسادهم مثل "اليدين والعينين وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت وطريقة الوقوف والجلوس"، بهدف نقل المعلومات والمشاعر بشكل غير مباشر. تُشكل لغة الجسد نسبة كبيرة من عملية التواصل البشري، حيث تظهر الدراسات أن 55 %من التواصل يعتمد على لغة الجسد، بينما تعتمد38 % على نبرة الصوت، و 7 %فقط على الكلمات المستخدمة .

ما هي المكونات الرئيسية للغة الجسد؟

وتابعت دكتورة ميار، تمتاز لغة الجسد بأنها غالبًا ما تكون لا إرادية، مما يجعلها تعكس المشاعر الحقيقية للأفراد حتى عندما يحاولون إخفائها بالكلمات ؛ وبالتالي هذا يجعلها أداة قوية لفهم الآخرين بشكل أعمق لتطوير التواصل معهم؛ أما عن مكوناتها الرئيسية فهي:

تعبيرات الوجه

تعتبر تعبيرات الوجه من أكثر أشكال لغة الجسد وضوحًا وعالمية. يمكنها نقل مشاعر مثل "السعادة، الحزن، الغضب، الدهشة، الخوف، الاشمئزاز" من دون الحاجة إلى كلمات واحدة . على سبيل المثال: "الابتسامة الحقيقية  التي تصل إلى العيون (تسبب تجاعيد حولها)، بينما الابتسامة الزائفة تظهر على الشفاه فقط ".

حركة العينان

بما أنالعينان هما "مرآة الروح" وتعكسان المشاعر الحقيقية بشكل دقيق؛ فإنهاتتضمن الإشارات الرئيسية التالية:

  • اتساع البؤبؤ: يدل على الاهتمام أو الإعجاب بشيء ما .
  • تجنب النظر المباشر:قد يشير إلى "الخجل، القلق" أو محاولة إخفاء شيء .
  • النظر إلى اليمين أو اليسار: غالبًا ما يدل النظر إلى اليسار على محاولة تذكر شيء حقيقي، بينما النظر إلى اليمين قد يشير إلى التأليف أو الكذب .
  • الرمش السريع: يدل على التوتر أو العصبية .

إيماءات اليدين والذراعين

تعتبر اليدان من أكثر أدوات التعبير ديناميكية في لغة الجسد  من خلال التالي:

  • راحة اليد المفتوحة: تدل على الصدق والانفتاح .
  • تشبيك الذراعين:قد يشير إلى المواقف الدفاعية أو الانغلاق أو عدم الموافقة .
  • نقر الأصابع: يدل على الملل أو نفاد الصبر .
  • فرك اليدين:يشير إلى الانتظار أو الترقب .

وضعيات الجسم وحركته

تنقل طريقة الوقوف أو الجلوس أو الحركة رسائل قوية، أبرزها:

  • تقاطع الكاحلين أثناء الجلوس: قد يدل على القلق أو التوتر .
  • الوقوف مع وضع اليدين على الخصر: يشير إلى الثقة أو السيطرة .
  • التململ وتغيير الوضعية بشكل متكرر: يدل على الملل أو عدم الاهتمام .
  • إمالة الرأس: تشير إلى الاهتمام والانتباه للحديث .

نبرة الصوت

على الرغم من أنها ليست حركة جسدية بحتة، إلا أن نبرة الصوت تعتبر جزءًا أساسيًا من التواصل غير اللفظي من خلال التالي:

  • الصوت المرتفع والمندفع: قد يدل على التوتر أو محاولة إثبات القوة .
  • الصوت المنخفض: قد يشير إلى الحزن أو التردد .
  • التلعثم أو التوقف المفاجئ:قد يكون علامة على الكذب أو التردد .

هل هناك اختلافات ثقافية في لغة الجسد؟

نعم، فقد أكدت دكتورة ميار، أن  بعض إيماءات لغة الجسد قد تختلف دلالاتها من ثقافة إلى أخرى. على سبيل المثال:

  • الإشارة بشكل V بإصبعي السبابة والوسطى: تعني "النصر" أو "السلام" في العديد من الثقافات. لكن استخدامها في أستراليا يعتبر إهانة .
  • حركة التلويح باليد: توجيه ظهر اليد للأعلى وتحريكها للأمام والخلف في كوريا يعني "تعال هنا"، بينما في ثقافات أخرى قد تفهم بشكل معاكس .
  • تشكيل دائرة بالإبهام والسبابة: تعني "الموافقة" في الكثير من البلدان، ولكن في كوريا تعني "المال".

ماذا عن علامات لغة الجسد التي تكشف القلق والتوتر؟

علامات التوتر في لغة الجسد مرتبطة بإشارات غير لفظية تظهر بشكل لا إرادي
علامات التوتر في لغة الجسد مرتبطة بإشارات غير لفظية تظهر بشكل لا إرادي

من ناحية أخرى، أوضحت دكتورة ميار، أن هناك مجموعة من الإشارات غير اللفظية التي تظهر بشكل لا إرادي تقريبًا عندما يشعر الشخص بعدم الراحة أو الخوف أو التوتر. هذه الإشارات يمكن ملاحظتها في مختلف أجزاء الجسم من خلال هذه العلامات:

تعابير الوجه

  • الحاجبان: يظهر تجعد بين الحاجبين  أو أثناء رفعهما بشكل متوتر.
  • الفم: عض الشفاه، أو شدها إلى الداخل، أو ارتعاشها الخفيف.
  • الفك: شد الفك أو طحن الأسنان حتى في اليقظة.
  • العينان: تجنب التواصل البصري المباشر، أوالتحديق لفترات طويلة من دون وعي (شخص ينظر إلى الفراغ)، كذلك اتساع البؤبؤ (بشكل طفيف قد لا يلاحظه الآخرون)، أو الرمش بسرعة كبيرة، أو فرك العينين.

حركات اليدين والذراعين

  • اللمس الذاتي: فرك اليدين ببعضهما، لمس الوجه أو الرقبة أو الشعر بشكل متكرر؛ علمًا أن هذه محاولة لا واعية لتهدئة النفس.
  • القبضات المشدودة: إطباق اليدين على شكل قبضة.
  • الإيماءات العصبية: اللعب بالخاتم، طرقعة الأصابع، هز الركبة بسرعة.
  • إخفاء اليدين: وضع اليدين في الجيوب، أو خلف الظهر أو طيهما بإحكام، مما يشير إلى الانغلاق وعدم الراحة.

وضعية الجسم والجلوس

  • الانغلاق: عقد الذراعين أو الساقين بشكل متقاطع (وضعية الدفاع) لجعل الجسم يبدو أصغر حجمًا وأقل ظهورًا.
  • التراخي والانحناء:جعل الكتفين منحنين إلى الأمام والظهر مقوسًا، وكأن الشخص يحاول الاختباء.
  • التصلب: الجسم يبدو متصلبًا وغير مرن، مع حركات محدودة ومتحكم بها بشكل مفرط.
  • التململ: عدم القدرة على البقاء ساكنًا، مثل "هز القدم أو الرجل بسرعة"، التقلب على الكرسي، أو اللعب بقلم أو أي شيء متاح.

حركات القدمين والساقين

  • هز الركبة: من أكثر العلامات الكلاسيكية للتوتر والقلق؛ وهي حركة سريعة ومتكررة لإطلاق الطاقة العصبية.
  • النقر بالأقدام: النقر بأصابع القدم على الأرض بشكل متوتر.
  • اتجاه القدمين: غالبًا ما تتجه قدمي الشخص القلق نحو الباب أو المخرج، رغبتًا في الهروب من الموقف.

الصوت ونمط الكلام

  • التردد والتلعثم: صعوبة في إيجاد الكلمات، أو استخدام كلمات مثل "أممم"، "إيه..." بكثرة.
  • سرعة الكلام: التحدث بسرعة كبيرة أو، على العكس، ببطء شديد مع توقف.
  • نبرة الصوت: ارتفاع غير طبيعي في نبرة الصوت، أو ارتعاشها.
  • جفاف الفم والحلق: صوت يبدو جافًا أو مع صعوبة في البلع، مما يؤدي إلى السعال الخفيف.

العلامات الفسيولوجية(قد تكون أقل وضوحًا)

  • التنفس: تنفس سريع وسطحي (ضيق النفس) أو شهقات عميقة ومتكررة.
  • التعرق: التعرق المفرط، خاصة على الجبين أو راحة اليدين أو تحت الإبطين.
  • الاحمرار: احمرار الوجه والرقبة.
  • البلع: بلع الريق بشكل متكرر.

كيف يُمكن  تفسير علامات التوتر في لغة الجسد بشكل صحيح؟

أكدت دكتور ميار، أن لغة جسد المرتبطة بالقلق تدور دومًا حول محاولة لا واعية لحماية الذات، وإطلاق الطاقة العصبية، والهروب من التهديد المتصور؛ كماإنها تتجلى في حركات صغيرة متكررة، وضعية انغلاقية، وعلامات فسيولوجية يصعب السيطرة عليها. لكن يمكن تفسيرها بشكل صحيح من خلال التالي:

  • ابحثي عن مجموعات فعلامة واحدة لا تكفي؛ على سبيل المثال: "فرك اليدين قد يعني فقط أن اليدين باردتين. لكن إذا كان مصحوبًا بهز الرجل، تجنب التواصل البصري، وتلعثم في الكلام، فمن المرجح أنكِ ترين قلقًا".
  • ضعي السياق في الاعتبار، فقد يكون هز الرجل مجرد عادة. ولكن إذا بدأ فجأة أثناء سؤال صعب أو موقف مثير للضغط، فمن المحتمل أن يكون علامة على التوتر.
  • اعرفي الأساسيات، لأن كل شخص له طريقته الطبيعية في التحرك والحديث؛ لكن ما يهم هو التغيير عن هذه الأساسيات، على سبيل المثال: "شخص هادئ يصبح فجأة متململًا، أو شخص ثرثار يصمت فجأة".

ما هي أبرز الطرق الفعّالة للتغلب على إشارات الجسد التي تكشف القلق والتوتر؟

تعرفي على طرق فعالة للتغلب على علامات التوتر في لغة الجسد
تعرفي على طرق فعالة للتغلب على علامات التوتر في لغة الجسد

أوضحت دكتورة ميار، أن التغلب على إشارات القلق في لغة الجسد يتطلب وعيًا ذاتيًا وممارسة منتظمة. لأن الهدف ليس قمع المشاعر، بل إدارة رد الفعل الجسدي ليبدو أكثر هدوءًا والتحكم في التوتر من الداخل؛ وذلك من خلال الطرق الفعّالة التالية والمقسمة إلى هذه الفئات على النحو التالي:

طرق فورية يمكنكِ فعلها في اللحظة

التنفس العميق (التنفس البطني)

خذّي شهيقًا بطيئًا من أنفكِ لمدة 4 ثوانٍ، احبسي نفّسك لمدة 4 ثوانٍ، ثم زفيرًا بطيئًا من فمكِ لمدة 6 ثوانٍ، ثم كرري ذلك 3مرات. وذلك لإبطاء معدل ضربات القلب على الفور، وإرسال إشارة إلى عقلكِ بأن الخطر قد زال.

التجذر الحسي

وهي طريقة 5-4-3-2-1، بمعنى "انظري حولك واذكري في ذهنك5 أشياء تريها، 4 أشياء تستطيعين لمسها، 3 أشياء تسمعيها، رائحتين تشميها، و 1 شيء تتذوقيه". علمًا أن هذه الطريقة يخرج من رأسكِ القلق، وتربطكِ باللحظة الحالية عبر حواسك.

استرخاء العضلات التدريجي السريع

شدّي مجموعة عضلية لمدة 5 ثوانٍ ثم أرخيها بالكامل لمدة 10 ثوانٍ. ركزي على المناطق الأكثر توترًا مثل "القبضتين أو الكتفين أو الفك". افعلي ذلك بطريقة خفية مثل "شد قبضة يدك في جيبك".

اتخاذ وضعية قوية

اذهبي إلى مكان مغلق وقّفي بشكل منتصب. شدّي ظهركِ، افردي كتفيكِ للخلف، وضعّي يديكِ على خصركِ أو ارفعيهما بشكل منتصب لمدة دقيقتين.علمًا أن هذه الوضعية أكدت فوائدها الدراسات الحديثة، لأنها تخفض الكورتيزول (هرمون التوتر) وترفع التستوستيرون (هرمون الثقة)، مما يغير كيمياء جسمكِ ويشعركِ بمزيد من القوة.

استخدام إيماءة التهدئة

المّسي إصبع الإبهام للسبابة برفق، أو ضعّي يدًا على الأخرى بشكل هادئ أمامك. أعطي يديكِ شيئًا "هادئًا" لتفعله بدلاً من التململ؛ من أجل إرسال رسالة مطمئنة إلى عقلكِ وجسدكِ

طرق طويلة المدى للتطوير والتدريب

هذه المهارات تبني مرونتكِ تجاه التوتر بمرور الوقت، وأبرزها:

  • استفيدي من المشي السريع، الجري، اليوغا، أو رفع الأثقال لتحسين المزاج، واستهلاك  الطاقة العصبية الزائدة التي تسبب التململ.
  • مارسي التأمل واليقظة 10 دقائق يوميًا لتتعلمي مراقبة أفكاركِ ومشاعركِ من دون الحكم عليها، مما يمنعها من السيطرة على جسدكِ
  • إذا كنت تعلمين أنكِ ستواجهين موقفًا مثيرًا للقلق؛ فيمكنكِ تدريب نفسكِ مسبقًا "قفي أمام المرآة وتدربي على كلامكِ، ولغة جسدكِ، وتنفسكِ"؛ لأن التحضير يقلل من المجهول، وهو أكبر مسبب للقلق.
  • قومي بتسجيل فيديو لنفسكِ أثناء التحدث عن موضوع عادي أو أثناء التمرين لتحسين وعيكِ بلغة جسدكِ. شاهدي التسجيل ولاحظي العلامات العصبية لديكِ. علمًا أن الوعي هو الخطوة الأولى دائمًا نحو التغيير.
  • بما أن الجسد المتعب والجائع أكثر عرضة لتفعيل نظام القلق؛ لذا تجنبي الكافيين والسكر الزائد قبل المواقف المهمة، حيث أنهما يحفزان الأعراض الجسدية للقلق (كالرعشة وتسارع القلب)، واحصلي دومًا على النوم الكافي ليلًا.

على الهامش .. نصائح عملية للتغلب على لغة الجسد التي تكشف عن القلق والتوتر في المواقف الاجتماعية

  • احمّلي شيئًا (كوب ماء، دفتر، قلم) إذا كانت يديكِ فارغتين، أواجعليهما متشابكتين بهدوء أو استخدمي إيماءة التهدئة.
  • بدلًا من التحديق، انظري إلى عين الشخص لمدة 3-5 ثوانٍ ثم انظري إلى نقطة أخرى على وجهه مثل (جسر أنفه أو ذقنه) لمدة ثانية، ثم عودي إلى عينيه. هذا يبدو طبيعيًا أكثر ويقلل من التوتر.
  • خذّي نفسًا قبل أن تبدئي الكلام. استخدمي وقفات قصيرة أثناء الكلام لإبطاء سرعتكِ، واشربي الماء إذا جف حلقكِ.
  • تخّيلي أن هناك خيطًا يربط من أعلى رأسكِ  ويمدكِ برفق إلى الأعلى. هذا يساعد على إبقاء كتفيكِ للخلف وصدرك مفتوحًا.
استفيدي من الطرق الفعالة المقدمة للتغلب على علامات التوتر في لغة جسدكِ وتعزيز ثقتكِ بنفسكِ والسيطرة على نفسكِ في المواقف العصيبة
استفيدي من الطرق الفعالة المقدمة للتغلب على علامات التوتر في لغة جسدكِ وتعزيز ثقتكِ بنفسكِ والسيطرة على نفسكِ في المواقف العصيبة

أخيرًا، تذكّري دومًا الهدف من هذه المقالة هو التغلب على علامات لغة الجسد التي تكشف القلق والتوتر، من تعزيز ثقتكِ بنفسكِ وتطوير ذاتكِ والسيطرة على نفسكِ في المواقف العصيبة من دون استثناء.