
"هي" تحتفي بمسيرة صفية بن زقر.. رسائل خاصة من 7 فنانات سعوديات
يصادف الثاني عشر من سبتمبر 2025 الذكرى الأولى لرحيل الفنانة السعودية الرائدة صفية بن زقر. وبرغم الغياب، يظل إرثها حيّاً يتوهج في الذاكرة، بأعمال فنية خلدت تفاصيل المكان والإنسان، وبحضور إنساني ألهم المبدعات والفنانات السعوديات وفتح أمامهن آفاق القوة والجمال.
وفي هذه المناسبة، اخترنا في "هي" أن نحتفي بمسيرتها من خلال استحضار ذكريات ورؤى ورسائل لسبعة من أبرز الفنانات السعوديات المعاصرات اللواتي ترك عطاؤها بصمة عميقة في تجاربهن، لتظل صفية بن زقر حاضرة في الذاكرة الفنية الوطنية وملهمة للأجيال الجديدة في مسيرتهن الإبداعية.
إقرأ أيضًا: في ذكرى صفية بن زقر… ستة عقود من الريادة وتمكين المرأة في عالم الفن
الفنانة لولوة الحمود: "رمز للمرأة التي لا تؤمن بالمستحيل"
ترى الفنانة لولوة الحمود أن صفية بن زقر امرأة سبقت زمنها. تقول لـ"هي":"رحمها الله، كانت رمزاً للمرأة التي لا تؤمن بالمستحيل. هي علامة بارزة في تاريخ الفن السعودي، ليس فقط لأنها وثّقت الثقافة السعودية في لوحاتها، بل لأنها أيضاً سعت إلى تعلم الطباعة الفنية اليدوية في وقت لم يكن يُنظر لهذا المجال بجدية، وذلك دليل على نظرة فنية ثاقبة".
ثم تسترجع لقاءاتها بها قائلة: "التقيت بها أكثر من مرة وكان لي الشرف أن أعرض أعمالي إلى جانبها في مركز المدينة المنورة للفنون. أعجبتني إنسانيتها وتفانيها في دعم الفنانين والفنانات من الأجيال اللاحقة. ما زلت أحتفظ بقطعتين من أعمالها الطباعية الصغيرة وأعتبرهما رمزاً لقيمة هذا الفن الذي آمنت به".
وتختتم الحمود حديثها مع "هي" بقولها: "سيبقى ذكرها خالداً عبر أعمالها وسيرتها ودارة صفية بن زقر التي أسستها كإرث يخلد مسيرتها ويشاركها مع الأجيال".
الفنانة نجلاء السليم: "منحتني الأمل الأول لأكون هذه الفنانة"

بالنسبة إلى نجلاء محمد السليم، كانت صفية بن زقر مصدر إلهام منذ الطفولة حيث تعبر لـ"هي" بقولها: "صفية بن زقر هي المرأة التي منحتني الأمل الأول لأكون هذه الفنانة. والدي كان يضرب بها المثل في الإصرار والثبات، فقد اختارت أن تكون فنانة تعبّر عن إنسانيتها بالجمال، وأن تترك أثراً بوعيها وثقافتها على مجتمعها. بالنسبة لنا نحن الفنانات السعوديات، هي مضرب مثل في العمل بإصرار وثقة وتميز. تركت إرثاً عظيماً من الأعمال الفنية التي تعكس ثقافة مجتمع يقدّر المرأة ويحترمها".
وتضيف متذكّرة لقاءاتها بها: " التقيت بها مرات عدة، وكان بيننا تواصل هاتفي أيضاً. كانت شخصية محبة، هادئة، وذات روح خفيفة. لم تكن تنسى والدي أبداً وكانت كثيراً ما تترحم عليه. رحمة الله عليها".
ولو تسنّى لها الحديث معها اليوم، تقول: "كنت سأقول لها افتقدتك كثيراً، وأتمنى لو بقينا على تواصل دائم، رغم يقيني أنكِ في مكان أجمل".
الفنانة تغريد البقشي: "قلبها يفيض حباً ودعماً"

تتذكر تغريد البقشي دعم صفية بن زقر لها باستمرار، حيث تقول لـ"هي": "كانت تتواصل معي باستمرار وتدعم تجربتي الفنية بإعجابها بما أقدمه. كان لديها قلب كبير وحنون يفيض حباً ودعماً للآخرين".
تقول البقشي لـ"هي" أن صفية كانت مثال الفنانة التي جمعت بين الحكمة والإنسانية، توضح: "كانت تميل إلى الحكمة وبعد النظر والتعامل الإنساني الراقي والمتواضع. فنانة الإنسانية والجمال تستمع جيداً لمن حولها، وكنت أجد فيها شخصاً يوازن بين النصائح الحكيمة والاستماع الصادق، مما جعلني أعتز بصداقتها وتوجيهاتها."
الفنانة الفنانة سارة العبدلي: "تشجيعها محفور في قلبي"

تصف سارة العبدلي صفية بأنها كانت بوابتها الأولى إلى الفن: "لم تكن صفية فنانة استثنائية فحسب، بل مرآة لروح الأمومة الأنثوية في جدة. كانت أماً لجميع الفنانين، وهي أول فنانة تعرفت عليها. كبرت في زمن كان يُنظر فيه إلى البورتريه كأمر محرّم، ومعلماتي كن يرسمْن خطاً أحمر على أعناق رسوماتي. لكن زياراتي لمتحفها منحتني قوة للاستمرار".
وتروي لـ"هي" عن آخر لقاء جمعهما: " كنت محظوظة بلقائها أكثر من مرة، وكان آخرها قبيل افتتاح معرضي الفردي الأول عام 2019 بعنوان 'معرض العنقاء دائما تسمو' حضرت قبل الجميع، برقي ودعم لا يُنسى. سيبقى حضورها وتشجيعها محفوراً في قلبي".
ولو خاطبتها اليوم لقالت: "شكراً لكِ كامرأة استثنائية. سأواصل فني في جدة لأحمل إرث هذا المكان الذي شهد البذور التي زرعتيها."
الفنانة فاطمة النمر: "أماً للحكاية والأفكار"

كان لصفية بن زقر تأثير بارز في تجربة فاطمة النمر الفنية حيث تقول لـ"هي": "في بدايات اهتمامي بالفن، كنتُ أرى في تجربة الفنانة صفية بن زقر نموذجًا استثنائيًا للمرأة التي لا تكتفي بالإبداع الفردي، بل تؤسس إرثًا جماعيًا."
فترى في صفية بن زقر دور الأم الرمزية. تقول لـ"هي": "كانت أماً للحكاية والأفكار، تنسج من تفاصيل الحياة اليومية دروساً تلهم وتوجه، وتمنح الفتيات والأجيال الجديدة خلاصة تجربتها كإرث حيّ. آمنت أن الفنان لا يعيش لنفسه فقط، بل يشارك أفكاره ومعتقداته ليبقى امتداداً لتلاميذه وأبنائه".
الفنانة رغد الأحمد: "الفن فعل توثيق وحفظ للهوية"
تصف الفنانة رغد الأحمد لـ"هي" إرث صفية بن زقر بأنه حجر أساس في المشهد الفني السعودي، وتقول: "إرث الفنانة صفية بن زقر يمثل بالنسبة لي نقطة انطلاق حقيقية، فقد كانت من أوائل الأسماء التي أثبتت أن الفن أداة لحفظ الذاكرة الجماعية وتوثيق تفاصيل حياتنا الشعبية. أعمالها ألهمتني أن أنظر إلى الفن كوسيلة للتوثيق الثقافي، وليس مجرد تعبير جمالي، وهذا المعنى كان له أثر مباشر على تجربتي الفنية ومساري الإبداعي".
وتستعيد الأحمد ذكرياتها عن لقائها بها قائلة: "حظيت بشرف لقائها في معرض جماعي عام 2019 (Together – معاً) بمركز المدينة للفنون في المدينة المنورة، حيث عرضت أعمالي إلى جانب أعمالها. كانت لحظة فارقة بالنسبة لي، إذ لمست فيها حضوراً يجمع بين الهيبة والتواضع، وشخصية تنقل قيمة الإرث الفني الذي تركته للأجيال اللاحقة."
ولو كانت صفية بيننا اليوم، تضيف الأحمد: "لا أظن أنني كنت سأكتفي بكلمات، بل كنت أتمنى أن أحظى بفرصة العمل معها على مشروع مشترك يوثّق ذاكرتي وثقافة ديرتي، وتحديداً وادي محرم في الطائف. فقد علمتني من خلال تجربتها أن الفن فعل توثيق وحفظ للهوية، وكنت أتمنى أن أشاركها هذا الطريق."
الفنانة نوف السماري: "ألهمني تحويلها للموروث إلى لغة بصرية"

لم تلتقِ نوف السماري بصفية وجهاً لوجه، لكنها شعرت بروحها في أعمالها توضح لـ"هي": "تُعد صفية إحدى أهم العلامات في الفن التشكيلي السعودي. ابتكرت أسلوباً وهوية خاصة بها عبر تقديم الإرث الحجازي بجماليته وتفاصيله اليومية ببساطة متفرّدة. ألهمتني بتفردها في تحويل الموروث إلى لغة بصرية تحمل بصمة الفنان".
وتضيف: "لم ألتقِ بها شخصياً، لكنني التقيت بروحها في أعمالها التي تعكس بساطة وصدقاً فنياً. ولو كانت بيننا اليوم، لقلت لها: شكراً لأنكِ منحتِ المشهد الفني السعودي جزءاً من روحك، من أول ضربة فرشاة إلى تأسيس دارة صفية بن زقر بما تحمله من جمال وتاريخ ملهم".
تتجمع الأصوات لتؤكد أن صفية بن زقر كانت أماً ومعلمة وملهمة. رحلت بجسدها، لكن إرثها باقٍ في القلوب والأعمال، حيّ في ذاكرة الفن السعودي، ويمتد أثرها عبر كل جيل جديد يكتشف أن الفن أعمق من الغياب وأبقى من العمر.