
مختصة تشرح ألم الثدي: ما تحتاجين معرفته حول الأعراض والأسباب
تعانين من ألمٍ مفاجئ في الثدي، وتساوركِ شكوكٌ كبيرة حوله: هل يمكن أن يكون مؤشرًا على أمرٍ خطير، كالسرطان مثلًا؟
اهدأي عزيزتي؛ فقد يكون ألم الثدي هذا لأسبابٍ مختلفة، تتراوح من التغيرات الهرمونية إلى العدوى أو حتى حمالة الصدر غير المناسبة. هل فكرتِ في ذلك، قبل القفز إلى الاحتمالات السيئة؟
معظم آلام الثدي ليست علامةً على الإصابة بسرطان الثدي؛ ولكن إذا كان الألم مستمرًا أو شديدًا أو مصحوبًا بأعراضٍ أخرى مثل وجود كتلٍ أو إفرازاتٍ من الحلمة، فمن الأفضل استشارة مقدم الرعاية الصحية.
نحرص دومًا على تثقيفكِ صحيًا، والإجابة عن كافة تساؤلاتكِ الخاصة فيما يتعلق بصحة جسدكِ وصحتكِ النفسية والعقلية؛ لهذا حرصتُ أنا محررة الصحة في موقع "هي" على التوجه إلى أحد المختصين في صحة الثدي في دبي، لسؤالها عن ألم الثدي وأسبابه وأعراضه المتنوعة؛ والأهم، كيفية علاجه والوقاية من حدوثه في المستقبل.
هذه المختصة هي الدكتورة رشا القفاص، أخصائية أشعة الثدي والأشعة التداخلية في مستشفى فقيه الجامعي بدبي، التي أجابت على كافة أسئلتنا بالمعلومات الوافية التالية..

ما هو ألم الثدي، بالتعريف؟
ألم الثدي (Breast Pain) هو عرضٌ شائع، تعاني منه نسبةٌ كبيرة من النساء في مراحل مختلفة من حياتهنَ، ويُعرف طبيًا باسم "الماستالجيا".
تتفاوت طبيعة ألم الثدي من امرأةٍ إلى أخرى: فقد يكون حادًا أو خفيفًا، متقطعًا أو مستمرًا، في أحد الثديين أو كليهما، وقد يمتد إلى الإبط أو الكتف أو الذراع. وفي حين أن أغلب الأسباب حميدة وغير مُقلقة، إلا أن الألم المستمر أو المصحوب بأعراضٍ إضافية، هو الذي يستوجب التدقيق والفحص الطبي.
هل هناك تصنيفات لألم الثدي، وما هي؟
بالتأكيد؛ يشير تصنيف ألم الثدي إلى مصدر الألم وتوقيته وعلاقته بالدورة الشهرية؛ فهناك:
1. ألم دوري (Cyclical Pain): وهو مرتبط بالدورة الشهرية، ويظهر عادةً قبل بدء الحيض بعدة أيام، ثم يزول تدريجيًا. غالبًا ما يصيب كلا الثديين، وخاصةً القسم العلوي الخارجي، ويمتد أحيانًا إلى الإبط.
يوصف بأنه ثقل أو انتفاخ أكثر من كونه ألمًا حادًا، وهو شائعٌ جدًا بين النساء في سن الخصوبة (20 إلى 45 عامًا).
2. ألم غير دوري (Non-cyclical Pain): لا يتبَع نمطًا زمنيًا معينًا، قد يكون في جهةٍ واحدة فقط من الثدي، ويختلف في شدته وطبيعته: طعنات، حرقان، أو ألم مستمر.
أسبابه متنوعة وقد تشمل مشاكل في الغدد أو العضلات أو الأعصاب.
3. ألم غير مرتبط بالثدي (Extramammary Pain): يُشعر به في منطقة الثدي، لكن مصدره الحقيقي يكون عضليًا أو عصبيًا أو عظميًا، مثل آلام الضلوع، عضلات الصدر، أو التهاب المفاصل.
ما هي أبرز أسباب ألم الثدي؟
بحسب الدكتورة القفاص، فإن الفحوصات تشير في الغالب إلى أن أسباب ألم الثدي لا ترتبط بسرطان الثدي، بل تتعلق بتغيراتٍ هرمونية أو مشاكل حميدة أخرى. وإليكِ أبرز هذه الأسباب:
• التغيرات الهرمونية: تؤثر التقلبات في مستوى الإستروجين والبروجستيرون على أنسجة الثدي. وهي شائعةٌ بشكلٍ خاص خلال الدورة الشهرية، الحمل، الرضاعة، أو سن اليأس.
• التكيَسات الليفية (Fibrocystic Breast Changes): حالةٌ حميدة تؤدي إلى نشوء تكتلاتٍ وألم في الثدي، خاصةً قبل الحيض. وخلاله، قد تشعرين بالثدي أكثر صلابة، كما قد تبرز فيه بعض الكتل التي تتحرك بسهولة.
• الحمل: خاصةً في الأشهر الثلاثة الأولى، حيث يزداد تدفق الدم للثدي وتتضخم الغدد اللبنية.
• الرضاعة الطبيعية: إذ أن احتقان الحليب، انسداد القنوات اللبنية، أو وجود بعض الالتهابات قد يُسبَب ألماً شديداً في الثدي أثناء الرضاعة.
• التهاب الثدي (Mastitis): خصوصًا لدى الأمهات المرضعات، نتيجة عدوى بكتيرية. ويترافق عادةً مع احمرار، حرارة، ألم حاد، وأحياناً حمى.
• استخدام أدوية معينة: مثل مضادات الاكتئاب، العلاجات الهرمونية، وبعض أدوية القلب.
• مشكلات عضلية: الإصابات أو الشد العضلي في جدار الصدر، قد يُشبه ألم الثدي.
• حمالات صدر غير مناسبة: والتي قد تضغط على أنسجة الثدي مُسبَبة ألماً مزمنًا.
• الأورام الحميدة: مثل الورم الغدي الليفي، وهي كتلٌ حميدة تُسبًب ألم الثدي في بعض الأحيان.
• سرطان الثدي: نادرًا ما يكون الألم عرضًا مبكرًا لنشوء السرطان في الثدي، لكنه لا يُستبعد تمامًا؛ خصوصًا إذا ما كان الألم في جهة واحدة ومصحوبًا بتغيَرات في الحلمة أو الجلد أو وجود كتلةٍ ثابتة.

كيف يكون ألم الثدي عبر المراحل العمرية؟
1. في سن البلوغ
غالباً ما يكون الألم ناتجًا عن التغيرات السريعة في هرمونات الجسم ونمو الغدد.
2. في سن الخصوبة
تكون التغيرات الدورية أكثر وضوحاً، وتزيد حالات التكيَسات الليفية.
3. أثناء الحمل والرضاعة
الألم شائعٌ ومفهوم في هذه المرحلة، لكن الالتهابات يجب ألا تُهمل.
4. في سن اليأس وما بعده
يقلَ الألم عادةً بسبب انخفاض الهرمونات؛ لكن إن حدث، يجب تقييمه بدقة لأنه لا يُعتبر طبيعياً.
متى يصبح ألم الثدي مؤشرًا خطيرًا؟
تؤكد الدكتورة رشا القفاص أن "ألم الثدي لا يعني تلقائيًا وجود مشكلةٍ خطيرة، ولكن يجب عدم تجاهله إذا كان غير مُبررًا أو مستمرًا."
ومن العلامات التي تستدعي الفحص في حالة المؤشر الخطير:
1. استمرار الألم لأكثر من أسبوعين دون تحسن.
2. وجود كتلة صلبة لا تزول بعد الدورة.
3. إفرازات من الحلمة (خاصةً إذا كانت دموية).
4. تغيَرٌ في شكل الحلمة أو الجلد (مثل التسطح أو التجعيد).
5. احمرار أو حرارة موضعية في الثدي.
6. ألم الثدي عند الرجال.
كيف يتم تشخيص ألم الثدي؟
التشخيص الدقيق يبدأ بالتاريخ المرضي والفحص السريري، ثم استخدام الفحوصات التالية:
• التصوير الشعاعي للثدي (الماموغرام): ويُستخدم لفحص النساء فوق الأربعين أو في حالات الاشتباه بسرطان الثدي.
• السونار (الألتراساوند): والذي يوضح طبيعة الكتل (صلبة أم سائلة)، ويُستخدم بكثرة لدى النساء الأصغر سنًا.
• الرنين المغناطيسي للثدي (MRI): ويُستخدم في حالاتٍ خاصة مثل وجود تاريخٍ عائلي قوي للسرطان.
• الخزعة (Biopsy): وفيها يتم أخذ عينةٍ من الكتلة عند الحاجة، للتأكد من طبيعتها.

ما هي العلاجات المقترحة لألم الثدي؟
من الطبيعي أن تتم أولًا معالجة أسباب الألم، تشرح الدكتورة القفاص؛ بحيث يعمل الطبيب المختص على وضع خطةٍ علاجية تستهدف علاج الالتهابات أو التكيَسات، بالإضافة إلى تعديل الأدوية حسب الحاجة.
ومن العلاجات الأخرى المقترحة لألم الثدي:
1. تغيير نمط الحياة
بحيث يُشجع المختصون على تجنب الكافيين والملح؛ ممارسة الرياضة الخفيفة؛ وارتداء حمالة صدرٍ مناسبة ومريحة.
2. الأدوية
ومنها مضادات الالتهاب (مثل الإيبوبروفين). وفي بعض الحالات، تُستخدم أدويةٌ هرمونية تحت إشراف الطبيب.
3. العلاج الطبيعي
والمتمثل في استخدام كماداتٍ دافئة أو باردة، تساعد في تهدئة الألم.
كيف أحمي نفسي من ألم الثدي؟
الوقاية والمتابعة هما أكثر العناصر التي تنصح بهما الدكتورة القفاص، للتمتع بصحة ثديٍ قوية ومستدامة. كما تُشجعكِ أخصائية أشعة الثدي والأشعة التداخلية في مستشفى فقيه الجامعي على اتباع النصائح الآتية:
• إجراء فحصٍ ذاتي شهري للثدي بعد انتهاء الدورة الشهرية.
• الالتزام بالفحص الدوري لدى أخصائي الأشعة أو طبيب النساء.
• التنبه لأي تغيَر غير طبيعي في شكل أو قوام الثدي.
في الختام؛ لا يُنصح بالذعر من الألم، بل بالمتابعة الهادئة والتحليل المنهجي؛ تؤكد الدكتورة القفاص، التي تضيف أن ألم الثدي في مراحل عدة لا يستدعي القلق كما هو الحال خلال الحمل أو مع التغيرات الهرمونية عند البلوغ.
لكن الألم المصحوب بتغيراتٍ في شكل الثدي وإفرازاتٍ غير طبيعية، والمستمر لوقتٍ أطول من المعتاد؛ هو الذي يحتاج للفحص والمتابعة مع الطبيب المختص. على أمل أن تبقي تتنعمين بوافر الصحة والعافية على الدوام.