السنة الأولى من الزواج... عام التحديات والاختبار الحقيقي للحب
هل تساءلت يومًا لماذا تبدو السنة الأولى من الزواج الأصعب، رغم كل الحب الذي يملأ القلوب في بدايتها؟ إنها المرحلة التي يبدأ فيها الواقع باختبار الحلم، حيث تُقترن الأفعال بالأقوال، وتبدأ تجربة حقيقية تمتزج فيها المشاعر بالالتزام والمسؤولية.
فما إن تنتهي أضواء الزفاف وتهدأ نشوة الاحتفال، وتغيب الأجواء الرومانسية التي رافقت فترة الخطوبة، حتى يبدأ الاحتكاك الحقيقي بين الزوجين. هناك تحديدًا، تنطلق رحلة جديدة مليئة بالطموحات، والاختلافات، والتحديات اليومية.
في تلك اللحظة تبدأ مشاكل السنة الأولى من الزواج في الظهور، وتبدو الحاجة ماسة إلى قدر كبير من الصبر والحكمة إلى جانب المشاعر الصادقة، ليتمكن الزوجان من تجاوزها والخروج منها بسلام تام دون التأثير على قوة العلاقة العاطفية التي جمعت بينهما في علاقة حب جميلة.
واليوم، يسعدني أن أقدم لكل قراء "هي" هذا الموضوع المهم، في طرح شامل ومفيد من داليا شيحة، خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية، فتابعوا معي بدقة!

هل مشاكل السنة الأولى من الزواج أمر طبيعي؟
نعم، لأنه من الطبيعي أن يحدث بعض الصدام عند بداية الاحتكاك بين الزوجين، وظهور الطباع الحقيقية، واختلاف وجهات النظر. فحتى الإخوة والأخوات داخل الأسرة الواحدة قد يختلفون رغم نشأتهم في بيت واحد، فلكلٍ منهم شخصية مستقلة وآراء مميزة. فما بالنا بزوجين قدِما من بيئتين مختلفتين، بعادات وتقاليد وآراء مختلفة، واستقلالية تامة في التفكير وحرية التصرف؟
من هنا تأتي أهمية إدراك الطرفين لحقيقة جوهرية، وهي أن الحب وحده لا يكفي. فبناء علاقة زوجية ناجحة ومستقرة يحتاج إلى صبر، وتفاهم، وذكاء عاطفي، ورغبة صادقة في الحفاظ على الزواج الذي جمع بينهما وحقق حلمهما المشترك. لذلك، وبدلًا من الخوف من صعوبات السنة الأولى، يجب التعامل معها بحكمة ووعي، لأنها جزء طبيعي من رحلة تكوين الأسرة التي بدأت باتمام الزواج.
لماذا تعتبر السنة الأولى من الزواج هي الأصعب؟
الزواج مختلف عن العلاقات العادية، بل أن العلاقة بين نفس الطرفين بعده ليست كما كانت قبله، وهذا يفسر لماذا السنة الأولى هي الأصعب.
ومن أبرز الأسباب التي تقف وراء صعوبة السنة الأولى من الزواج ما يلي:
- اختلاف الطباع.
- اختلاف البيئة القادم منها كل من الزوجين.
- تباين الشخصيات والآراء ووجهات النظر.
- الانغماس في ما ترتب على الزواج من التزامات مادية تسبب وقوع كل من الزوجين تحت ضغط شديد، لأن النقاشات حول المال قد تكون دائمًا قابلة للاشتعال
- اختلاف العادات والتقاليد الخاصة بعائلة الزوج والزوجة لأن الزواج لا يقتصر على العلاقة بين الزوجين ولكن يشمل العلاقة بين عائلة كل منهما.
- تدخل الأهل في الحياة الزوجية.
- اختلاف لغة الحب لدى كل من الزوجين.
- عدم تقبل أهل الزوج للزوجة حيث أنهم أصبحوا جزءًا من حياتك اليومية. وهذا يعني أن أي توتر بين أحد الطرفين وبين الأهل قد يؤدي إلى ظهور مشاكل زوجية في السنة الأولى على وجه الخصوص.

ما هي مشاكل أول سنة زواج؟
من بين مشاكل السنة الأولى من الزواج وأكثرها تأثيرًا على الزوجين ومصير العلاقة الزوجية بحسب داليا شيحة ما يلي:
-
صعوبة التكيف مع المسؤوليات والواجبات الجديدة
من أبرز مشاكل السنة الأولى من الزواج شعور الزوجين بثقل المسؤوليات اليومية الجديدة التي لم يكونا معتادين عليها من قبل بسبب تراكم الالتزامات وتقاسم الواجبات. وهنا تظهر أهمية الحوار والتفاهم بدلًا من النقد وإلقاء اللوم. فالتكيف لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى وقت وصبر ورغبة صادقة في بذل الجهد لتخطي الأزمة وتجاوز تحديات سنة أولى زواج.
-
انعدام التوازن بين الحياة العملية والحياة الخاصة
من الطبيعي أن يحدث ارتباك في بداية الزواج بين المسؤوليات على مستوى الحياة الزوجية، والحياة العملية، الحل يمكن في التنظيم ومنح العمل حقه ومنح الطرف الآخر حقه في الاهتمام، واشباع احتياجاته العاطفية.
-
تدخل الأهل في القرارات الزوجية
تعتبر تدخلات الأهل في الحياة الزوجية من أكثر مشاكل السنة الأولى من الزواج حساسية، لأنها غالبًا ما تأتي بحسن نية، لكنها قد تخلق خلافات غير مباشرة بين الزوجين. قد يتأثر أحد الطرفين بآراء المقربين في قرارات تخص الحياة المشتركة، مثل أسلوب الإنفاق، أو السفر، أو حتى طريقة إدارة الخلافات. وهنا تظهر أهمية وضع حدود واضحة ومحترمة منذ البداية، لأن العلاقة الزوجية ليست ملكية عامة.
-
اختلاف طرق التعبير عن المشاعر
قد يرى أحد الزوجين أن التعبير عن الحب يُترجم بالكلمات المعسولة، بينما يؤمن الآخر بأن الأفعال والمواقف اليومية دلالة حب لا غنى عنها أبدًا لتأكيده. هذا التباين في لغة الحب قد يؤدي إلى الفتور العاطفي أو الشعور بالملل الزوجي. وتجنبًا لحدوث ذلك، يجب تعلم لغة الشريك العاطفية، وفهم طريقته في التعبير عن مشاعره من أجل تحقيق التقارب ومن ثم الإنسجام الذي متى تحقق، تلاشت المشاكل الزوجية.

كيف يمكن تجاوز مشاكل السنة الأولى من الزواج؟
بحسب داليا شيحة، لا يمكن تجنب الخلافات تمامًا، لكن يمكن تحويلها إلى فرصة للنضج والتقارب. من أهم النصائح التي يجب أن يلتزم بها كل من الزوجين، التواصل الناجح، التفاهم، الاحترام المتبادل، التعبير الصادق عن المشاعر، المرونة والتنازل، الاستقلال العاطفي، والاستعانة بالمختصين عند الحاجة، وعدم التردد في ذلك.
خلاصة القول:
سنة أولى زواج ليست اختبارًا للفشل، بل فرصة لتحقيق التقارب بين الزوجين من خلال الفهم الجيد للطباع والصبر على الشريك، كما أن مشاكل السنة الأولى من الزواج تحتاج إلى التعامل معها بهدوء لكي لا تؤثر على الحياة الزوجية سلبًا. كما أن وجود مشاكل السنة الأولى من الزواج لا يعني أنها سنة حزينة ومملة للزوجين. فمن الممكن أن تتخللها لحظات سعيدة. يمكن التغلب على مشاكلها بالمودة والرحمة والصبر والتفاهم، وبفهم كل طرف لطبيعة الطرف الآخر.
تذكروا: الحب الحقيقي لا يُقاس بعدد الأيام السعيدة، بل بالقدرة التعامل مع التحديات التي تعترض مسيرته.