معاناة المشاهير مع الوسواس القهري.. كيف يتعاملون في حياتهم اليومية؟
يعتبر الوسواس القهري أحد الاضطرابات النفسية الشائعة التي تصيب ملايين الأشخاص حول العالم، دون تمييز بين رجل أو امرأة، غني أو فقير، أو حتى مشهور أو غير معروف. وعلى الرغم من الصورة اللامعة التي يظهر بها المشاهير أمام الجمهور، إلا أن كثيرًا منهم يعانون في الخفاء من اضطرابات نفسية، وعلى رأسها الوسواس القهري، الذي يؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية وسلوكهم وعلاقاتهم بالآخرين.
وفيما يلي سنخبرك عزيزتي عن أبرز المشاهير اللذين روا تجربتهم مع مرض الوسواس القهري ليكونوا مصدر قوة وإلهام للآخرين، بالإضافة إلى تفاصيل خاصة عن الوسواس القهري سيكشفها عبر تصريحات خاصة لـ هي دكتور سامح سمير استشاري الأمراض النفسية .

معاناة المشاهير مع الوسواس القهري
مرض الوسواس القهري لا يفرق بين الأشخاص تماما، فبعض المشاهير صرحوا علنا بمعاناتهم مع الوسواس القهري، مثل ممثلين ومغنين ورياضيين عالميين، مؤكدين أن الشهرة لا تحمي من الألم النفسي. بل على العكس، قد تزيد من حدته بسبب القلق الدائم من الفشل أو فقدان النجاح.
ومن اللافت أن بعض المشاهير قرروا مشاركة تجاربهم مع الوسواس القهري علنًا، بهدف كسر الوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية، وتشجيع الآخرين على طلب المساعدة دون خجل.
ومن أبرز هؤلاء المشاهير الفنانة الشابة فرح الزاهد، التي أكدت أنها تعاني من الوسواس القهري منذ سنوات، وكانت تشعر بالضيق والتوتر إذا لمس أي شخص ملابسها أو أدواتها الشخصية الخاصة، وقالت أنها لجأت للعلاج حتى تستطيع تجاوز هذه المشكلة.
ووصفت هذه التجربة خلال أحد اللقاءات التليفزيونية وقالت نصا " رحلتي مع الوسواس القهري أو OCD، لم تكن سهلة أبدا مثلما يعتقد معظمكم، فهي كابوس حقيقي أعيشه في حياتي اليومية، وهذا أقل ما يمكنني قوله".
تحدثت الممثلة الأمريكية ميجان فوكس أيضا عن معاناتها من اضطراب الوسواس القهري في أكثر من مناسبة، وفي عام 2010 أوضحت التفاصيل الخاصة بمعاناتها مع الوسواس القهري وقالت أنها تخشى بشدة من الجراثيم، حيث تجعلها طريحة الفراش لفترة طويلة، بسبب شعورها الوهمي بأنها أصابتها بالأمراض خاصة إذا قامت بالاحتكاك مع الأشخاص بشكل مباشر عن طريق اللمس.
كاتي بيري وديفيد بيكهام لديهم نفس المعانا من الوسواس القهري، وأكد كلاهما أن معاناتهما مع الوسواس القهري بدأت منذ طفولتهما، ولديهما هوس دائم لترتيب وتنسيق الأشياء في خط مستقيم، وإذا وقع عكس ذلك يشعرون بالتوتر والقلق.
الوسواس القهري موجود منذ سنوات، فعانى منه الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب، وكان يحرص دائم على غسل يديه بالماء والصابون باستمرار، بالإضافة إلى أنه اعتاد على تنظيف الفواكه بمادة برمنجنات البوتاسيوم المطهرة، لقتل الجراثيم الموجودة على سطحها.
ما هو الوسواس القهري؟
الوسواس القهري هو اضطراب نفسي يتميز بوجود أفكار متكررة ومزعجة تُعرف بالوساوس، تسيطر على عقل الشخص وتسبب له قلقًا شديدًا، ويشعر المصاب بأنه غير قادر على التحكم فيها. وغالبًا ما يصاحب هذه الوساوس سلوكيات قهرية، وهي أفعال متكررة يقوم بها الشخص في محاولة لتخفيف القلق الناتج عن تلك الأفكار، مثل غسل اليدين بشكل مفرط، أو التأكد المتكرر من إغلاق الأبواب، أو العد بشكل متواصل.
مشكلات الوسواس القهري وتأثيره على الحياة اليومية
وأكد دكتور سامح أن الوسواس القهري يؤثر بالسلب على حياة المصاب، حيث يستهلك وقت وجهد كبيرين، ويُسبب إرهاق نفسي مستمر، وقد يؤدي إلى صعوبات في العمل، واضطرابات في العلاقات الاجتماعية، وانخفاض الثقة بالنفس.
أما بالنسبة للمشاهير، فأكد أن المشكلة تتضاعف بشكل ملحوظ، وذلك بسبب ضغط الشهرة، والخوف المستمر من انتقادات الجمهور، وضرورة الظهور بصورة مثالية أمام الإعلام.
أسباب الوسواس القهري
تتعدد أسباب الإصابة بالوسواس القهري، وغالبًا ما تكون نتيجة تفاعل عدة عوامل معًا. من أبرزها العوامل الوراثية، حيث يزداد احتمال الإصابة إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من نفس الاضطراب. كما تلعب العوامل البيولوجية دورًا مهمًا، مثل اضطراب كيمياء الدماغ، خاصة في مادة السيروتونين المسؤولة عن تنظيم المزاج.
بجانب ذلك أكد دكتور سامح أن العوامل النفسية والاجتماعية من أسباب الاصابة بالوسواس القهري، مثل التعرض لضغوط نفسية شديدة، أو صدمات في الطفولة، أو تربية صارمة تعتمد على الكمال والمبالغة في النقد.
وأضاف أن نمط الحياة السريع، والضغوط المهنية المستمرة، والخوف من فقدان الخسارة والفشل، قد تكون عوامل محفزة لظهور أو تفاقم المرض.

كيف يتم التعامل مع الوسواس القهري؟
أشار أخصائي الأمراض النفسية أن التعامل مع الوسواس القهري له عدة مختلفة، لكن أفضلها الاعتماد على العلاج النفسي بشكل منتظم، خاصة العلاج السلوكي المعرفي، الذي يعد من أنجح أساليب علاج الوسواس القهري. هذا النوع من العلاج يساعد المصاب على فهم أفكاره الوسواسية، وتغيير طريقة استجابته لها، وتقليل السلوكيات القهرية تدريجيًا.
وأضاف أن هناك بعض الأدوية تستخدم لتنظيم كيمياء الدماغ وتخفيف حدة الوساوس. إلى جانب ذلك، نصح بضرورة على ممارسة الرياضة، والتأمل، وتنظيم نمط حياتهم، والابتعاد قدر الإمكان عن مصادر التوتر.
طرق علاج الوسواس القهري
يعتمد علاج الوسواس القهري على عدة محاور، أهمها العلاج النفسي، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الدوائي عند الحاجة. وأكد دكتور سامح على الدور الكبير الذي يقدمه الدعم الأسري والاجتماعي للأشخاص اللذين يعانون من الوسواس القهري، مؤكدا أن الأشخاص المقربين لهم دور كبير في تحسن حالات المريض.
خلاصة القول
في النهاية، تؤكد معاناة المشاهير مع الوسواس القهري أن المرض النفسي لا يفرق بين الأشخاص، وأن النجاح والشهرة لا يعنيان بالضرورة السعادة أو السلام النفسي. وأن تسليط الضوء على هذه المعاناة يساعد في زيادة الوعي المجتمعي، ويشجع المصابين على طلب العلاج، ويؤكد أن الوسواس القهري مرض يمكن التعايش معه وعلاجه، إذا توفرت الإرادة والدعم المناسب.