NAD+:هل الأفضل تناوله على هيئة أقراص أم عبر الحقن؟
بين الحين والآخر، تطفو على الوجه "صرعة" أو "تقليعة" جديدة، ينجذب إليها الناس ويسعون للحصول عليها أو تطبيقها على أنفسهم آسوةً بغيرهم. والتقليعة قد تكون نمطًا من الثياب، أو نوعًا جديدًا من الأطباق الشهية، أو حتى طريقةً مبتكرة لتدعيم الصحة.
تكثر هذه "التقليعات" التي باتت تُعرف اليوم بإسم Trends على مواقع ومنصات التواصل الإجتماعي، ما يُتيح لها انتشارًا أوسع بين الناس، يدخل حيز التحدي Challenge في كثيرٍ من الأحيان. بعضها جيد ويستحق التجربة، والبعض الآخر لا يتعدى كونه "صرعة" مستحدثة الهدف منها التسلية ليس أكثر.
إلا أن بعض التقليعات المبنية على أُسسِ صحيحة، مثل NAD+، تُشكَل ثورةً في عالم الصحة. ويُظهر تصفحٌ سريع لهذا العالم، انتشار مصطلح "نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد (+NAD)" في كل مكان، إذ يُروَّج له باعتباره مفتاحًا للطاقة، تجديد الخلايا، والصحة في مرحلة الشيخوخة. لكن السؤال الأهم هو: كيف يُؤخذ؟
ينقسم السوق إلى اتجاهين واضحين؛ الأول يعتمد على الأقراص اليومية منخفضة التكلفة (كونها تحتوي على مُركّبات سابقة مثل نيكوتيناميد مونو نيوكليوتيد أو نيكوتيناميد ريبوسيد)؛ أما الثاني فيلجأ إلى الحقن أو محاليل التنقيط الوريدي عالية الجرعة والمكلفة.
أيّ الخيارين أفضل؟ الإجابة ليست بسيطة. فالأمر يتعلق بنقاشٍ علمي يتمحور حول مسألة واحدة: التوافر الحيوي.
نجيب في مقالة اليوم على هذا السؤال، بالتركيز على فعالية كلَ من الأقراص والمحاليل بناءً على معلومات أفادنا بها الباحثون في شركة "بيان إيتر" Bien Etre (وهي شركة تكنولوجيا صحية للمستهلك رائدة في مجال التشخيص ومنتجات العافية لتمديد فترة الصحة عبر طول العمر والعافية والجمال)؛ مع الإشارة إلى أنها تهدف لتقديم معلوماتٍ عامة فقط، ولا تُعدّ نصيحة طبية. ففي حال رغبتِ بتجربة أحدهما أو كليهما، ننصحكِ بالتشاور مع طبيبكِ الخاص الذي سيقدم الخيار الأفضل لحالتكِ واحتياجاتكِ الصحية.
حُجّة الأقراص (المركّبات الفموية السابقة)

يرى هذا الاتجاه — الذي يدعمه باحثون في مجال إطالة العمر مثل الدكتور إيريك فيردان من معهد باك — أن جُزيء نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد (+NAD) كبيرٌ جدًا بحيث لا يمكنه اختراق الخلايا مباشرةً.
• الجانب العلمي: تقوم النظرية على أن تناول المُركّبات السابقة فمويًا، مثل نيكوتيناميد مونو نيوكليوتيد أو نيكوتيناميد ريبوسيد، يُزوّد الجسم "باللبنات الأساسية" التي تُمكّنه من إنتاج نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد داخل خلاياه ذاتيًا.
• الأدلة: تدعم هذا الأسلوب دراساتٌ سريرية بشرية متزايدة العدد، تُظهر أنه آمن، سهل التحمَل، وفعّال في رفع مستويات نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد داخل الخلايا خلال أسابيع أو أشهر من الاستخدام المنتظم.
• النتيجة النهائية: يُنظر إلى هذا الخيار باعتباره طريقةً طبيعية وأكثر اقتصادية ومدعومة بالأبحاث العلمية، لدعم قدرة الجسم الذاتية على إنتاج نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد على المدى الطويل.
حُجّة الحقن الوريدية ومحاليل التنقيط (نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد المباشر)
يُروّج هذا الاتجاه — الذي تتبنّاه العيادات المتخصصة بالعلاج الوريدي — لفكرة أن المُكمّلات الفموية مجرد هدرٍ للمال.
• الجانب العلمي: يزعم أن كل ما يتم تناوله عن طريق البلع، يُتلف بفعل أحماض المعدة وعمليات تأثير المرور الأولي في الكبد، ما يؤدي إلى وصول نسبةٍ ضئيلة جدًا (يقول البعض إنها أقل من 10%) فقط إلى مجرى الدم.
• الأدلة: تؤكد العيادات أن الحقن الوريدية تتجاوز الجهاز الهضمي بالكامل، وتحقق توافرًا حيويًا بنسبة 100% على مستوى الجسم؛ وغالبًا ما يُبلَغ المستخدمون عن تحسّنٍ فوري وقوي في مستويات الطاقة وصفاء الذهن بعد أخذ الحقن. ومع ذلك، تستند هذه الأدلة في معظمها إلى ملاحظاتٍ وتجارب سريرية فردية أكثر من اعتمادها على دراساتٍ واسعة النطاق ومضبوطة علميًا.
• النتيجة النهائية: يُعدَ هذا الخيار جرعةً مرتفعة، مُكلفة، وسريعة المفعول من نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد، تُدخل إلى الجسم مباشرة بهدف تشبّع جسمكِ بشكلٍ سريع.
NAD+:التحقق من الحقائق.. التكلفة والسلامة

فيما يلي الجوانب التي لا جدال حولها:
1. التكلفة: تُعدَ الأقراص أقل تكلفة بكثير؛ إذ يمكن أن تبلغ تكلفة المكمّلات الفموية نحو 90 دولارًا أمريكيًا (400 درهم إماراتي) لشهرٍ كامل من الاستخدام. أما جلسة واحدة من الحقن الوريدي فقد تصل إلى 250 دولارًا أمريكيًا (700 درهم إماراتي).
2. السلامة والآثار الجانبية: تُعتبر المكمّلات الفموية آمنة عمومًا، ونادرًا ما تُسبَب آثارًا جانبية خفيفة. في المقابل، تشتهر حقن نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد الوريدية بأنها غير مريحة أثناء الجلسة؛ إذ قد تُسبَب الغثيان، الاحمرار، وضيق في الصدر خلال عملية الحقن.
NAD+: وجهة النظر
يرتكز كل من الأسلوبين على فلسفة مختلفة تمامًا:
• المركّبات الفموية السابقة (الأقراص): تُعتبر الخيار الأفضل للاستراتيجية طويلة المدى، الرامية إلى تعزيز الصحة في مرحلة الشيخوخة بأسلوبٍ مستدام وميسور التكلفة، وهي مدعومةٌ ببيانات سريرية أكثر شمولًا وموثوقية من حيث السلامة.
• الحقن الوريدية أو العضلية: تُمثَل تدخّلا مُكلفًا وسريع التأثير، إذ تُوفّر جرعة قوية وفورية من نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد؛ لكنها ترتبط بآثارٍ جانبية أكثر، تكلفة أعلى، ونقصٍ في الدراسات السريرية طويلة الأمد التي تدعم فعاليتها في مجال الصحة العامة.
في الختام، وكالعادة؛ لا يُعدّ "تعزيز" مسارٍ واحدٍ الحلَّ السحري. فالطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان أي علاج يُحدث فرقًا فعليًا، هي إجراء الفحوص قبل الاستخدام وبعده. ولضمان ديمومة الصحة والإمساك ب "مفاتيح الصحة" كما يُطلق عليها؛ عليكِ بتناول الطعام الصحي، الحفاظ على رطوبة جسمكِ ونظافتكِ الصحية، ممارسة الرياضة أو الحركة بانتظام، الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم وتقليل التوتر قدر الإمكان.
كل هذه النصائح سوف تضمن لكِ التنعم بصحةٍ أفضل، جسديًا ونفسيًا وعقليًا، سواء في مرحلة الشباب أو عند التقدم بالسن.