لصحة الكبد: أطعمة ومشروبات تعزّز وظائفه.. وأخرى تضرّه
يتجلى إبداع الخالق في الجسم البشري، من خلال التعقيد المذهل والوظائف الدقيقة لأعضائه؛ مثل قدرة الدماغ الهائلة على تخزين المعلومات ومعالجة الإشارات بسرعة فائقة، كفاءة الرئتين في تبادل الغازات، القدرة المذهلة للكبد على تجديد خلاياه، وحيوية الكليتين في تصفية الدم. كما يبرز الإبداع في التنظيم الدقيق لجسم الإنسان، مثل وجود ملايين الغدد العِرقية التي تُنظم حرارة الجسم، ووجود ملايين الزغابات المعوية التي تساعد على امتصاص الغذاء.
يُعتبر الكبد من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان؛ فهو مركز معالجة السموم، والعضو المسؤول عن استقلاب العناصر الغذائية وإنتاج البروتينات الضرورية لتجلَط الدم وبناء العضلات، إضافةً إلى دوره في تخزين الفيتامينات والمعادن. وعلى الرغم من أن الكبد يمتلك قدرةً عالية على التجدد، إلا أن نمط الحياة الحديث جعل هذا العضو مُعرَضًا أكثر للإجهاد المستمر، خاصةً مع زيادة استهلاك الأطعمة المُصنعة، السكريات، المشروبات الغازية، والدهون غير الصحية. وهنا تبرز أهمية التغذية السليمة في تعزيز صحة الكبد ومنع حدوث الالتهابات أو تراكم الدهون.
من هذا المنطلق، لا بدَ أن نتعرف على الأطعمة والمشروبات التي تُعزَز صحة ووظائف الكبد؛ ونُلقي الضوء في الوقت ذاته على الأصناف التي تضر به والمفترض بنا الابتعاد عنها. وهو ما تُقدمه لنا مشكورةً الدكتورة هبة الله مسكجي؛ أخصائية أمراض الجهاز الهضمي والكبد في مجموعة مستشفيات NMC https://nmc.ae.

أهمية التغذية لصحة الكبد
بحسب الدكتورة هبة الله مسكجي؛ فإن أمراض الكبد، وعلى رأسها الكبد الدهني غير الكحولي، باتت من أكثر الحالات الصحية انتشارًا في العالم العربي بسبب السُمنة، قلة الحركة والاعتماد الكبير على السكريات. مؤكدةً في الوقت ذاته أن الغذاء يُشكّل خط الدفاع الأول للحفاظ على وظائف الكبد ومنع تدهور حالته.
يعتمد الكبد في عمله على توازنٍ دقيق، وأي خللٍ في طبيعة الطعام قد يؤثر بشكلٍ مباشر على هذا العضو؛ سواء كان ذلك بزيادة الالتهابات أو تراكم الدهون أو ضعف قدرة الجسم على التخلص من السموم.
أفضل الأطعمة لصحة الكبد
للحفاظ على صحة وديمومة عمل الكبد الحيوي، من الضروري التركيز على الأطعمة والمشروبات التالية كما تُوصينا الدكتورة هبة الله:
1. القهوة
ليست مجرد مشروبٍ مُنبّه، بل تُعد القهوة من أكثر المشروبات فائدةً لصحة الكبد. فقد أثبتت الدراسات أن استهلاك كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميًا، يُقلَل خطر التليَف بنسبةٍ تصل إلى 40%.
تحتوي القهوة على مركبات مضادة للأكسدة تُقلَل الالتهاب وتساعد على منع تراكم الدهون في الكبد. كما تُخفَض القهوة من خطر الإصابة بسرطان الكبد وتُحسَن إنزيماته في الدم.
2. الشاي الأخضر
غني بالكاتيشينات وهي مركبات نباتية تُقلَل الالتهابات وتُعزَز حرق الدهون. يساعد تناول الشاي الأخضر على تحسين التمثيل الغذائي والتقليل من دهون الكبد، ولكن يُفضل تناوله طازجًا دون سكر، وتجنب مكملاته المُركَزة لأنها قد تُرهق الكبد.
3. الخضروات الورقية
الجرجير، السبانخ، البروكلي، الملفوف، والكرفس من أفضل الخضروات للكبد؛ إذ تحتوي على مركبات تساعد على تنشيط الإنزيمات المسؤولة عن التخلص من السموم. والبروكلي تحديدًا، يُقلَل من خطر الإصابة بالكبد الدهني المرتبط بالسُمنة.
4. الثوم
يحتوي على مركب الأليسين، وهو مادةٌ فعالة تعمل على تعزيز الدورة الدموية في الكبد وتحسين حرق الدهون الداخلية. كما أن الثوم يساعد على تقليل مستويات الكوليسترول الضار ويُحسَن حساسية الإنسولين.
5. زيت الزيتون
يُعدَ من أفضل الدهون الصحية للكبد؛ فملعقة واحدة يوميًا من زيت الزيتون البكر تساعد على تحسين استقلاب الدهون وتقليل الالتهابات. كما يساهم زيت الزيتون في تقليل تراكم الدهون داخل خلايا الكبد.

6. الأسماك الدهنية
مثل السلمون، السردين، الماكريل وغيرها من الأسماك الغنية بالأوميغا–3، تساعد على إعادة التوازن بين الدهون الصحية وغير الصحية في الجسم. وقد أثبتت الأبحاث المتعددة أن تناول الأسماك الدهنية بانتظام يُقلَل من الالتهابات ويُحسَن صحة الكبد.
7. المكسرات
خاصةً الجوز، لغناه بأحماض أوميغا–3 والفيتامينات التي تُحسَن وظائف الكبد. وتشير الدراسات إلى أن تناول حفنة من المكسرات يوميًا يساعد على تحسين مستويات إنزيمات الكبد.
8. الشوفان والحبوب الكاملة
تساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم، تقليل الدهون الثلاثية، وتحسين عملية الهضم، مما يُخفَف الضغط على الكبد ويُعزَز وظائفه.
أسوأ الأطعمة لصحة الكبد
على المقلب الآخر، تبرز بعض الأطعمة والمشروبات التي لها مفعولٌ عكسي سيء وضار على صحة الكبد، وتنصح الدكتورة هبة الله بتجنبها قدر الإمكان. وهي كما يلي:
1. السكريات
يُعدَ السكر المضاف العدو الأول للكبد؛ إذ يتحول الفركتوز الموجود في السكريات إلى دهونٍ مباشرة داخل الكبد، مما يزيد من خطر الالتهاب. وتُعتبر المشروبات الغازية والعصائر المُحلاة من أكثر أسباب انتشار الكبد الدهني بين الشباب.
2. الأطعمة السريعة والدهون المتحولة
كالبطاطا المقلية، البرغر، البيتزا، والدجاج المقلي؛ كلها أطعمة تُسبَب تراكم الدهون داخل الكبد وتؤدي للالتهاب على المدى الطويل.
3. اللحوم المُصنعة
مثل السجق، المرتديلا، اللانشون، والبيبروني؛ تحتوي على مواد حافظة ومزيد من الدهون التي تُجهد الكبد وترفع خطر الإصابة بالتليَف.
4. الملح الزائد
قد يؤدي الاستهلاك المفرط للملح إلى احتباس السوائل وزيادة الضغط داخل الأوعية الدموية، مما يضر الكبد؛ خصوصًا عند الأشخاص المصابين بتليَف أو التهاب كبدي.
5. الإفراط في تناول الأدوية
الباراسيتامول ومسكنات الألم والمضادات الحيوية وبعض أدوية الغدة، قد تكون مريحةً من بعض المشكلات الصحية؛ لكن استخدامها بجرعاتٍ كبيرة يمكن أن يُسبَب التهابًا حاداً في الكبد. لذا يجب استشارة الطبيب دائماً قبل استعمال أي دواء لفترةٍ طويلة، تؤكد أخصائية أمراض الجهاز الهضمي والكبد في مجموعة مستشفيات NMC الدكتورة هبة الله مسجد.
6. المشروبات الكحولية
تُسبَب الكحول تدميرًا مباشرًا لخلايا الكبد، ولو كانت حتى بكمياتٍ قليلة. والاستمرار في استهلاكها قد يؤدي إلى التهابٍ وتليَف، ثم فشل كبدي شديد.

نصائح للحفاظ على صحة الكبد
بعد استعراض أفضل وأسوأ الأطعمة لصحة الكبد، لا بدَ من بعض النصائح المهمة التي تُعزَز صحة هذا العضو المهم، كي يبقى مواظبًا على أداء مهامه بشكلٍ جيد.
ومن أفضل من الدكتورة هبة الله مسكجي، كأخصائية في أمراض الجهاز الهضمي والكبد، لتقديم هذه النصائح عزيزتي عبر موقع "هي":
• تناولي وجبات غنية بالخضار والبروتينات الصحية، لتخفيف الدهون المتراكمة في الكبد.
• تجنَبي السكريات تمامًا قدر الإمكان، واستبدليها بالفواكه الطازجة.
• احرصي على شرب 6 إلى 8 أكواب ماء يوميًا، لتحسين قدرة الكبد على التخلص من السموم.
• مارسي الرياضة بانتظام، وخاصةً المشي السريع لمدة نصف ساعة كل يوم.
• حاولي التقليل من الوزن الزائد خاصةً عند وجود سُمنة في منطقة البطن؛ لأنها ترتبط مباشرةً بمرض الكبد الدهني.
• تناولي القهوة أو الشاي الأخضر بانتظام.
• قومي بإجراء فحصٍ دوري لإنزيمات الكبد والدهون الثلاثية بين الحين والآخر أو كما ينصح الطبيب.
في الختام؛ تؤكد الدكتورة هبة الله أن الكبد يتميز بقدرةٍ رائعة على التعافي والتجدَد، ففي كثيرٍ من الحالات يمكن أن تتحسن حالة الكبد الدهني خلال 8 إلى 12 أسبوعًا فقط إذا اتبَع المرء منا نظامًا غذائيًا صحيًا وأجرى تغييراتٍ بسيطة في نمط حياته. العناية بالكبد ليست رفاهية، تضيف الدكتورة هبة الله؛ بل هي ضرورةٌ للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي والجسم بالكامل.