دراسة التعرَض للضوء ليلًا قد يُسبب السكري

هل التعرض للضوء ليلاً يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري النوع الثاني؟

جمانة الصباغ
14 ديسمبر 2025

عديدةٌ هي الأسباب التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، لكن أن يكون التعرض للضوء ليلًا أحدها، وإن بصورةٍ غير مباشرة؛ فهذا شيءٌ جديد للحقيقة.

فقد أفادت دراسةٌ نشر تفاصيلها موقع diabtribe.org أن التعرَض للضوء الساطع ليلًا، قد يزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري بنسبةٍ تصل إلى 67%. ويرجع ذلك إلى أن الضوء الليلي قد يُسبَب اضطراباتٍ في الساعة البيولوجية للجسم، مما قد يؤثر على إنتاج الأنسولين وتنظيم سكر الدم.

كنا قد تحدثنا في مقالةٍ سابقة، عن الساعة البيولوجية للجسم وأهمية ضبط إيقاعها لضبط صحتكِ وحياتكِ؛ وليس بعيدًا عن هذه المسألة، نستعرض لكِ اليوم عزيزتي للعلاقة غير المباشرة بين التعرض للضوء خلال الليل وتزايد خطر تعرضكِ لداء السكري النوع الثاني. بالإضافة إلى بعض الخطوات البسيطة المساعدة في تقليل هذا الخطر.

دراسة: التعرَض للضوء ليلًا قد يُسبب السكري

غالباً ما تتضمن الوقاية من داء السكري النوع الثاني تغييرات في نمط الحياة، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتناول طعام صحي، ولكن هناك طريقةٌ سهلة أخرى قد لا يعرفها الجميع، ويمكن أن تكون بموازاة النصائح المذكورة أعلاه: التوقف عن التعرض للضوء ليلاً.

لماذا؟ لأن الضوء الساطع يُبقي الجسم في حالةٍ تحفَزٍ دائم، في حين أنه علينا الخلود للراحة والاسترخاء في المساء تمهيدًا للدخول في حالة النوم؛ ما يعني أيضًا حدوث اضطرابات في الإيقاع اليومي للجسم، يمكن أن تؤدي إلى تغيَرات في إفراز الأنسولين واستقلاب الجلوكوز، بحسب المؤلف الرئيسي للدراسة أندرو فيليبس من كلية الطب والصحة العامة في جامعة فلندرز. ويضيف فيليبس أن هذا التغيَر قد يؤثر على قدرة الجسم لجهة تنظيم مستويات السكر في الدم، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.

الضوء الأزرق ليلًا يؤثر على إيقاع الجسم وتغيَر إفراز الأنسولين واستقلاب الجلوكوز
الضوء الأزرق ليلًا يؤثر على إيقاع الجسم وتغيَر إفراز الأنسولين واستقلاب الجلوكوز

وتُشير الدراسة التي أعدَها فيليبس مع زملائه في جامعة فلندرز الاسترالية، إلى أن الأشخاص الذين يتعرضون للضوء الساطع ليلاً هم أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري النوع الثاني. وقد أخضع الباحثون، المشاركين في الدراسة والذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 85,000 شخص غير مصاب بالسكري، على ارتداء أجهزة استشعار في المعصم لمدة أسبوع لقياس الضوء خلال النهار والليل. وتابعهم الباحثون على مدى تسع سنوات لمعرفة ما إذا كانوا قد أصيبوا بمرض السكري من النوع الثاني، ليخلصوا إلى أن التعرض للضوء الساطع بين الساعة 12:30 صباحاً والساعة 6 صباحاً يزيد بشكلٍ كبير من احتمالية الإصابة بالمرض.

ليس هذا فحسب؛ فقد وجد الباحثون أيضًا أن الخطر يعتمد على كمية الضوء المُعرض له. إذ كان الأشخاص الذين تعرضوا لمزيدٍ من الضوء ليلًا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة تتراوح بين 28% و67%. أما الخبر السار فهو أن تقليل التعرض للضوء ليلًا يُعدَ خطوةً سهلة (وفعّالة من حيث التكلفة) بالإمكان اتخاذها لتقليل خطر الإصابة.

ما هي الايقاعات اليومية وما أهميتها؟

بحسب موقع diabtribe.org؛ فهذه الإيقاعات هي عبارة عن التغيَرات الجسدية، العقلية والسلوكية التي يمرَ بها الجسم على مدار 24 ساعة. والنوم غير المنتظم هو أحد أسباب اضطراب هذه الايقاعات والذي يزيد بدوره من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل داء السكري.

ويقول أندرو فيليبس في هذا الصدد: "يُعتقد أن هذه النتائج الصحية السيئة مرتبطةٌ باضطراب الإيقاعات اليومية للجسم. إن إيقاعات الساعة البيولوجية المركزية - توقيتها وقوتها - تُنظَم بشكلٍ شبه كامل بواسطة الضوء."

وحتى بعد أخذ عوامل أخرى في الاعتبار، مثل نمط الحياة، أنماط النوم، النظام الغذائي، والصحة النفسية؛ توصل الباحثون إلى وجود علاقةٍ بين التعرض للضوء ليلًا والإصابة بالنوع الثاني من داء السكري. وهو ما صرَحتبه بدورها تشيلسي روهرشيب، عالمة الأعصاب وخبيرة نوم الرأس في شركة ويسبر لاختبارات النوم، مشيرةً إلى عدم تفاجؤها بنتائج الدراسة.

وأضافت: "يؤدي سوء جودة النوم المزمن وقلة وقت النوم إلى مقاومة الأنسولين وعدم تحمَل الجلوكوز، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، زيادة الشهية، والالتهابات - وهي جميعها عوامل رئيسية في الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري."

تجنَبي الضوء الساطع ليلًا لتقليل الإصابة بالسكري وغيره من الأمراض
تجنَبي الضوء الساطع ليلًا لتقليل الإصابة بالسكري وغيره من الأمراض

كيف نتخلص من هذا الضرر؟

لتقليل التعرَض للضوء ليلاً؛ اقترحت روهرشيب عددًا من النصائح، منها استخدام مصابيح ذات إضاءة خافتة بدلًا من المصابيح العلوية الساطعة. كذلك تقليل استخدام الأجهزة الأخرى التي تحمل الضوء الليلي، ومنها أجهزة التلفزيون، الهواتف المحمولة وشاشات الكمبيوتر.

وأضافت: "أطفئوا جميع الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة على الأقل من النوم لأنها تُصدر ضوء طيف الموجة الزرقاء، وهو الأكثر تأثيرًا على النوم. وفي حال لم تستطيعوا التوقف عن استخدام أجهزتكم، يُفضَل خفض السطوع إلى أدنى درجة واستخدام نظارات حجب الضوء الأزرق."

تشمل النصائح الأخرى لتجنب الضوء ليلًا:

1.     استخدام ستائر معتمة لتقليل الضوء الخارجي.

2.     لمن يحتاجون إلى ضوء للتنقل ليلًا، فكّروا في استخدام مصابيح كهرمانية أو حمراء منخفضة الطاقة، أو مصابيح LED منخفضة التكلفة مزودة بخاصية كشف الحركة والتي تُطفأ تلقائيًا.

3.     استخدام مُخفت يُخفّض السطوع تلقائيًا للمساعدة في الانتقال إلى وقت النوم.

4.     إذا كنتم تُميلون إلى استخدام الأجهزة الإلكترونية بكثرة، الأفضل وضعها في غرفةٍ أخرى قبل النوم.

5.     استخدام ساعة منبه تناظرية أو وضع الهاتف الذكي على وضعية الطيران أثناء النوم.

في الخلاصة؛ إلى جانب زيادة خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري، رُبط النوم غير المنتظم بأمراضٍ مزمنة أخرى، مثل السُمنة، الاكتئاب وأمراض القلب. إنما بمجرد تقليل التعرَض للضوء ليلاً وتحسين النوم، تقل هذه المخاطر، مع توفير مجموعة من الفوائد الأخرى مثل تحسين الذاكرة، الشفاء والتمثيل الغذائي.