
خطوات فعالة وأطعمة صحية اعتمديها للتغلب على الاكتئاب الموسمي
هل تعلّمين أن رغبتكِ المُلّحة في البقاء تحت الأغطية، صعوبة نهوضكِ صباحًا، وشعوركِ بأن الطاقة قد تسربت منكِ كما ينساب الضوء آخر النهار هو تحدي حقيقي نواجهه جميعنا وليس أنتِ فقط؟
هذا التحدي يُعرف باسم "الاكتئاب الموسمي"، وهو نوع من الاكتئاب يرتبط بتغير الفصول، ويبدأ غالبًا في الخريف والشتاء، ويختتي في نفس الوقت كل عام. علمًا أن أسبابه معقدة وليست بسبب عامل واحد، ولكنها تشمل مجموعة من العوامل البيولوجية والكيميائية والبيئية التي تتفاعل معًا.
من هذا المنطلق، سأسلط الضوء عبر موقع "هي" على أبرز أسباب الاكتئاب الموسمي، وكيفية التغلب عليه من خلال خطوات فعالة وأطعمة ومشروبات صحية؛ بناءً على توصيات كل من استشاري الطب النفسي الدكتور علاء مجدي واستشاري التغذية العلاجية الدكتور محمد فتحي من القاهرة.
ما هي أسباب الاكتئاب الموسمي؟

أكد دكتور علاء، أن الاكتئاب الموسمي المعروف باسم "الاضطراب العاطفي الموسمي" أسبابه معقدة ومرتبطة بالعوامل التالية:
اختلال الساعة البيولوجية
بما أن هذه الساعة تنظم أنماط "النوم والاستيقاظ والشهية والمزاج"؛ فإن اضطرابها بسبب قلة التعرض للضوء الطبيعي في الخريف والشتاء؛ قد يؤدي إلى الشعور بالخمول والنعاس والكسل والاكتئاب "لأن الجسم يعتقد أنه وقت النوم بسبب الظلام المبكر".
اختلال النواقل العصبية في الدماغ وخصوصًا السيروتونين
بما أن ضوء الشمس يساعد على تنظيم مستوى السيروتونين، وهو ناقل عصبي حيوي للمزاج والشهية والنوم؛ فإن قلة الضوء في الخريف والشتاء قد تؤدي إلى انخفاض مستوى السيروتونين في الدماغ. علمًا أن انخفاضه أحد أسباب الإصابة بالاكتئاب بشكل عام، وهو أيضًا أحد الأسباب الرئيسية للشعور بالحزن والكآبة والخمول المرتبط بالاكتئاب الموسمي.
زيادة هرمون الميلاتونين
قد يؤدي الإفراز الزائد أو غير المناسب للميلاتونين (أثناء النهار) إلى الشعور بالنعاس الشديد، والخمول، وانخفاض الطاقة طوال اليوم، مما يعزز مشاعر الاكتئاب الموسمي
نقص فيتامين D
قد يُساهم النقص الشديد لفيتامين D بسبب قلة التعرض للشمس، والذي له دورًا جوهريًا لتنشيط " السيروتونين" في تفاقم أعراض الاكتئاب الموسمي أو حتى يكون سببًا فيها.
العوامل الوراثية والجينية
إذا كان لديكِ قريب من الدرجة الأولى (أب، أم، أخ، أخت) مصاب بالاكتئاب الموسمي أو أي نوع آخر من الاكتئاب، فأنتِ أكثر عرضة للإصابة به.
العوامل الجغرافية والمناخية
قد يزداد خطر الإصابة بالاكتئاب الموسمي كلما ابتعدنا عن خط الاستواء. فالأشخاص الذين يعيشون في دول الشمال، حيث تكون ساعات النهار قصيرة جدًا في الشتاء والليالي طويلة جدًا، هم أكثر عرضة للإصابة مقارنة بمن يعيشون في مناطق مشمسة على مدار العام.
العوامل النفسية والشخصية
قد تزيد التوترات مثل "العمل أو المشاكل الشخصية" من حدة الأعراض. كما أن الأشخاص الذين لديهم استعداد للقلق أو الاكتئاب قد يكونون أكثر حساسيةلاستقبالهذه التغيرات.
ما هي الخطوات الفعالة لمقاومة الخمول والاكتئاب الموسمي؟

أكد دكتور علاء، أن فهم الأسباب السالفة الذكر هو الخطوة الأولى نحو علاج فعال، لأنه يسمح باستهداف السبب الجذري مثل "استخدام العلاج بالضوء لتعويض نقص الشمس، بدلاً من التعامل مع الأعراض فقط". كذلك اتباع الخطوات الفعالة التالية:
- اجعلي هدفكِ الخروج من المنزل في الصباح لمدة 15-30 دقيقة على الأقل، حتى لو كانت السماء غائمة؛ لأن الضوء الطبيعي في الصباح هو أقوى إشارة لضبط الساعة البيولوجية لديكِ وقمع هرمون الميلاتونين (هرمون النوم).
- إذا كنتِ تعيشين في مكان قليل الشمس، ففكري في شراء "صندوق علاج الضوء" (Light Therapy Box) اجلسي أمامه لمدة 20-30 دقيقة كل صباح أثناء تناول فطوركِ وتأكدي أن يكون بشدة 10,000 لوكس.
- لا تنتظري حتى تشعري بالرغبةفي الحركة، لأن هذا الشعور قد لا يأتي. بل ابدئي بنشاط بسيط لا يتطلب جهدًا كبيرًا، مثل "المشي حول المنزل لمدة 10 دقائق".
- احرصي على ممارسة تمارين متوسطة الشدة (كالمشي السريع، الركض، اليوغا) لمدة 30 دقيقة معظم أيام الأسبوع. لأن الرياضة تطلق الإندورفين والدوبامين، وهي ناقلات عصبية تحسن المزاج بشكل طبيعي.
- حاولي النوم والاستيقاظ في نفس الموعد كل يوم، حتى في عطلة نهاية الأسبوع. لأن هذا ينظم إيقاعكِ اليومي بشكل كبير.
- تجنبي الوجبات الثقيلة والسكريات البسيطة التي تسبب ارتفاعًا ثم انهيارًا في الطاقة؛ وركّزي على نظام غذائي متوازن غني بالبروتين، والألياف، والدهون الصحية، والفواكه، والخضروات.
- ضعي دومًا أهدافًا صغيرة تمنحكِ شعورًا بالإنجاز وتدفعكِ للاستمرار.
- تجنبي العزلة لأنها تغذي الاكتئاب الموسمي، وخططي دومًا لتفاعلات اجتماعية صغيرة ومريحة.
- اكتبي ثلاثة أشياء تشعرين بالامتنان تجاهها كل يوم، حتى لو كانت بسيطة مثل "كوب قهوة دافئ". هذا يعيد توجيه عقلكِ للبحث عن الإيجابيات.
- افعلي شيئًا لطيفًا لشخص آخر، حتى لو كان مجرد كلمة طيبة. لأن مساعدة الآخرين تطلق هرمونات السعادة لديكِ.
- خططي دومًا خلال فصل الخريف والشتاء إلى أنشطة ممتعة، مثل "مشاهدة فيلم كوميدي، أو القراءة، أو الاستماع إلى موسيقى مفضلة، أو هواية بسيطة".
- إذا وجدت أن الخطوات السابقة لا تكفي، فلا تترددي في طلب الدعم الإضافي "العلاج السلوكي المعرفي" فهو فعال جدًا في علاج الاكتئاب الموسمي، وسيُساعدكِ على تحديد الأفكار السلبية والأنماط السلوكية المسببة للاكتئاب، واستبدالها بأخرى أكثر صحة وإيجابية.
ما هي أفضل أطعمة ومشروبات صحية للتغلب على الاكتئاب الموسمي؟

من ناحية أخرى، أكد دكتور محمد، أن الغذاء هو أحد أقوى الأدوات التي يمكن استخدامها لمقاومة الخمول والاكتئاب الموسمي؛ وذلك على النحو التالي:
الأطعمة المعززة للسيروتونين (هرمون السعادة)
يعتمد إنتاج السيروتونين على توفر الحمض الأميني" التريبتوفان"؛ وهذه الأطعمة غنية به أو تساعد على امتصاصه:
- الديك الروميمصدر ممتاز للتريبتوفان.
- البيضخاصة "الصفار"، لأنه غني بالتريبتوفان وفيتامين D.
- المكسرات والبذورخاصة "بذور اليقطين والجوز واللوز".
- الموز لأنه يحتوي على التريبتوفان وفيتامين B6 الذي يساعد في تحويله إلى سيروتونين.
- الشوفان الغني بالكربوهيدرات معقدة التي تساعد على دخول التريبتوفان إلى الدماغ.
أطعمة أوميغا-3 (دهون صديقة للدماغ)
ترتبط المستويات المنخفضة من أوميغا-3 بالاكتئاب. وبالتالي تناول الأطعمة الصحية الغنية به سيُقلل الالتهاب ويُحسن بنية خلايا الدماغ، وأبرزها:
- الأسماك الدهنية "السلمون، السردين، الماكريل، الرنجة" بمعدل حصتين في الأسبوع.
- المصادر النباتية مثل (بذور الكتان "اطحنيها قبل الأكل"، الجوز، وبذور الشيا).
أطعمة الكربوهيدرات المعقدة (استقرار مزاجي)
تُساعد الكربوهيدرات المعقدة على إطلاق السيروتونين ببطء وتوفر طاقة مستقرة، بعكس السكريات البسيطة التي تسبب ارتفاعًا ثم انهيارًا في الطاقة والمزاج؛ وأبرزها:
- الحبوب الكاملة مثل "الشوفان، الأرز البني، خبز القمح الكامل".
- البقوليات مثل "العدس، الفاصوليا، الحمص".
- الخضروات النشويةمثل "البطاطا الحلوة، القرع العسلي".
أطعمة مضادات الأكسدة (لمحاربة الإجهاد التأكسدي)
بما أن الاكتئاب بصفة عامة مرتبط بزيادة الإجهاد التأكسدي؛ فإن تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة حل مثالي لمحاربة هذا التأثير، وأبرزها:
- التوت بأنواعه مثل "العليق، التوت البري، الفراولة".
- الخضروات الورقية الداكنة مثل "السبانخ والسلق".
- الشوكولاتة الداكنة "70 % كاكاو" لرفع المزاج وتحسين تدفق الدم إلى الدماغ.
- المكسرات خاصة "الجوز واللوز".
المشروبات المنشطة والمحسنة للمزاج
- يُساعد شاي البابونجعلى تقليل القلق وتحسين النوم.
- يحوي الشاي الأخضر الثيانينالذي يعزز الاسترخاء والتركيز، مع كمية معتدلة من الكافيين، لذا يُفضل تناوله في الصباح.
- يُساهم شاي النعناع في تنشيط الحواس.
- يُعزز الحليب الذهبي المكون من "الكركم، الحليب" والقليل من الفلفل الأسود" الحالة المزاجية خلال فصّلي الخريف والشتاء.
- تمنح عصائر السموذي المغذية الطاقة لمقاومة الخمول والاكتئاب الموسمي؛ على سبيل المثال: وصفة منشطة "سبانخ، موز، حليب، بذور شيا، وملعقة من زبدة الجوز"، ووصفة محسنة للمزاج "توت، شوفان، لبن، وعسل".
وأخيرًا، وضعنا بين يديكِ خطوات فعالة وأطعمة ومشروبات صحية لمقاومة الخمول والتغلب على الاكتئاب الموسمي؛ فلا تترددي في الاستفادمة منهم لتعزيز صحتكِ وحالتكِ المزاجية خلال فصّلي الخريف والشتاء.