3 مواضيع يرغب مرضى السرطان الأصغر سنًا بمناقشتها

السرطان قبل الأربعين: خبيرة تطرح 3 مواضيع يرغب المرضى الأصغر سنًا بمناقشتها

جمانة الصباغ

كما هي أمراض القلب والسكري وغيرها من الأمراض المُزمنة، التي كانت لعقودٍ طويلة مرتبطةٌ بكبار السن فقط؛ يبرز السرطان اليوم كواحدٍ من الأمراض التي باتت تُهدد حياة الأصغر سنًا، خصوصًا تلك الأنواع من السرطان التي تُنسب عادةً إلى فئات الكبار.

تشير الإحصاءات العالمية الأخيرة، حول إصابة الشباب بالسرطان، إلى أرقامٍ مخيفة منها:

•       زيادة بنسبة 12.8٪ في حالات السرطان بين الأشخاص تحت سن الخمسين خلال العشرين عاماً الماضية، خاصة في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا.

•       تشمل هذه الزيادة أنواعاً متعددة من السرطان، مثل سرطان القولون والثدي والمعدة، وهي أنواعٌ كانت تُعدَ نادرةً لدى الأفراد ذوي الأعمار الصغيرة.

•       تشير الدراسات إلى أن نمط الحياة الحديث (قلة الحركة، النظام الغذائي الغني بالسكريات والدهون، والتعرض للمواد الكيميائية والبلاستيكية الدقيقة) قد يكون من الأسباب المحتملة لهذه الزيادة في أعداد الشباب المصابين بالسرطان.

موضوع "الشباب والسرطان" بات يُشكّل محورًا متزايد الأهمية في الأبحاث الصحية، خصوصًا مع تصاعد معدلات الإصابة بين من هم دون سنّ الخمسين وحتى الأربعين. ووفقًا لدراسةٍ حديثة من مجلة "المجلة"، من المتوقع أن ترتفع معدلات الإصابة بالسرطان في الدول العربية بنسبة 1.8 ضعفًا بحلول عام 2030، ويشمل ذلك فئة الشباب بشكل خاص. فيما تشير الأبحاث إلى أن سرطان الغدد الليمفاوية الهودجكيني يصيب بشكلٍ شائع الفئة العمرية بين 15 و40 عامًا، وهو أحد أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين الشباب العرب.

3 مواضيع يرغب مرضى السرطان الأصغر سنًا بمناقشتها - رئيسية واولى
3 مواضيع يرغب مرضى السرطان الأصغر سنًا بمناقشتها

وفي بعض دول الخليج وبلاد الشام، سُجلت نسب أعلى من المتوسط العالمي في سرطان الثدي وسرطان الغدد الليمفاوية غير الهودجكينية بين الشباب. ويظهر سرطان الرئة والحنجرة بنسبةٍ مرتفعة بين الذكور تحت سن الـ50، مرتبطًا بعوامل مثل التدخين وتلوث الهواء.

الحقيقة أن هذا الارتفاع المقلق في معدلات الإصابة بين الشباب، قد أصبح من أولويات الطب الحديث؛ ويسعى الأطباء المختصون بالأورام على وجه الخصوص، لضبط مشكلة السرطان لدى من هم دون سن الأربعين بشكلٍ كبير، من بينها التركيز على المواضيع التي يُبدي الشباب اهتمامًا خاصًا بها فيما يخص السرطان. وهو ما سوف نتعرف عليه اليوم كمثال تُقدمه خبيرة من مايو كلينك في هذا الخصوص..

ما هي المواضيع التي يرغب مرضى السرطان الأصغر سنًا في مناقشتها؟

ألهمت تجربة مواجهة تشخيص ابيضاض الدم (لُوكيميا) أثناء دراستها في كلية الطب، الدكتورة أليسون روزنثال، متابعة مسيرتها المهنية في مكافحة السرطان؛ كما أمدَتها بنظرة ثاقبة حول جوانب التعايش مع السرطان لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة. والآن تُعدَ الدكتورة روزنثال ضمن الروَاد الذين يبذلون جهودًا موسّعة في مركز مايو كلينك الشامل للسرطان، لمساعدة البالغين الأصغر سنًا والمراهقين الأكبر سنًا، على تلقَي العلاج والدعم المناسبين لأعمارهم.

في هذا التصريح الصادر عن خبير في مجال السرطان، تتناول الدكتورة روزنثال 3 مواضيع يرغب الشباب المصابون بالسرطان عادةً في مناقشتها مع فِرق الرعاية الصحية. وتوضح قائلة: "لدي شغفٌ وحافز هائلان للعناية بالمرضى الشباب المصابين بالسرطان. إذ تحتاج هذه الفئة من المرضى لأقصى دعمٍ ممكن بعد تلقي العلاج."

لحسن الحظ؛ وبفضل التطورات في علاجات السرطان، بات العديد من أنواع السرطان الأكثر شيوعًا لدى الشباب قابلًا للعلاج بشكلٍ كبير، بل والشفاء في كثيرٍ من الأحيان، وذلك بحسب الدكتورة روزنثال. وقد شُخِّصت إصابة نحو 1.3 مليون شخص حول العالم تتراوح أعمارهم بين 15 و39 عامًا بالسرطان في عام 2022، وهي أحدث الإحصائيات المتاحة، وفقًا للوكالة الدولية لبحوث السرطان؛ وكانت أكثر أنواع السرطان شيوعًا في هذه الفئة العمرية سرطان الثدي وسرطان الغدة الدرقية وسرطان عنق الرحم وسرطان الخصية وسرطان المبيض وسرطانات الدم (ابيضاض الدم (لُوكيميا) واللمفومة) وسرطان القولون والمستقيم، وذلك بحسب أرقام الوكالة.

الدكتورة أليسون روزنثال اختصاصية أمراض الدمويات والأورام في مايو كلينك
الدكتورة أليسون روزنثال اختصاصية أمراض الدمويات والأورام في مايو كلينك

وتضيف روزنثال أنه في حين يكون الهدف السيطرة على المرض أو علاجه، فإن استكمال العلاج لا يعني بالضرورة أن تجربة الشابة أو الشاب مع السرطان قد انتهت. وتستكمل اختصاصية أمراض الدمويات والأورام في مايو كلينك في مدينة فينيكس موضحةً: "هذا يعني أن العديد من مرضى السرطان من المراهقين أو الشباب سيعيشون لسنواتٍ طويلة، يواجهون خلالها تحديات النجاة من السرطان لعقود. كما أن هناك التأثير العاطفي المُصاحب لتجربة السرطان، والذي قد يكون له بصمةٌ واضحة أثناء محاولة المرضى المضي قدمًا في حياتهم. فضلًا عن الآثار الجسدية وتأثيرها طويل الأمد."

بالإضافة إلى كونها فترةً انتقالية من الرعاية الطبية للأطفال إلى رعاية البالغين، فإن أواخر فترة المراهقة وبدايات مرحلة الشباب غالبًا ما تكون وقتًا لتغيّراتٍ حياتية كبيرة؛ مما يُضيف المزيد من التحديات بجانب الإصابة بالسرطان. وتوضح الدكتورة روزنثال هذا الموضوع بالقول: "يستند برنامج رعاية السرطان للبالغين الأصغر سنًا والمراهقين إلى فكرة أن التركيز على احتياجاتهم الخاصة يُحسّن من تجربتهم ونتائجها". وبالإضافة إلى آراء المرضى، فللبرنامج مجلسٌ استشاري للمرضى يشارك أعضاؤه فيه ما هو مهم بالنسبة لهم. وتشرح روزنثال: "لقد حاولنا تحديد أولويات عملنا بناءً على الآراء التي نتلقاها من مرضانا الذين يخوضون غمار هذه التجربة."

لاحظت روزنثال أن الأسئلة حول المواضيع الثلاثة التالية، غالبًا ما تشغل بال المرضى في سنوات المراهقة الأخيرة وفي عمر العشرينات والثلاثينيات أثناء علاج السرطان وبعده:

1.     السلوكيات الصحية وممارسة التمارين الرياضية

تقول الدكتورة روزنثال: "توجد إرشادات وتوصيات لاختيارات نمط الحياة، منها ممارسة الرياضة، ولكن يصعُب إلى حدٍّ ما اتبَاعها وتحمَل مسؤولية الالتزام بها."

2.     التواصل مع الأقران المصابين بالسرطان وتوفير الدعم الإضافي لإدراك أنهم ليسوا وحدهم

كي لا يشعر المرضى بأن أقرانهم تخلّوا عنهم عندما يمضون في حياتهم، بحسب الدكتورة روزنثال.

3.     الصحة الجنسية والعلاقات

تقول الدكتورة روزنثال: "من الصعب على الأشخاص التطرّق إلى هذا الموضوع؛ وقد يكون من غير المريح الاستفسار بشأنه. قد يشقَ عليهم التحدث عن ذلك مع أقرانهم، وهناك الكثير من الجهود المبذولة بخصوص ما يمكننا فعله بصورةٍ استباقية لدعمهم بأفضل صورة." إذ يمكن أن تتأثر الخصوبة بالسرطان وعلاجه، وهو ما يجعل المناقشات حول الحفاظ على الخصوبة مهمةً للغاية لمرضى السرطان دون الأربعين.

تتمثل أولويةٌ أخرى لبرنامج سرطان المراهقين والبالغين الأصغر سنًا، في التخطيط للرعاية المتقدمة. وتشير الدكتورة روزنثال في هذا الصدد أنه بالنسبة للمرضى الأكبر سنًا المصابين بمراحل متقدمة من السرطان، يُساعد إدخال الرعاية التلطيفية عادةً على العيش لفترةٍ أطول وبجودة حياةٍ أفضل؛ وقد يساعد النهج نفسه المرضى الشباب.

الرعاية التلطيفية مهمة لمرضى السرطان قبل الأربعين لتحسين صحتهم وجودة حياتهم
الرعاية التلطيفية مهمة لمرضى السرطان قبل الأربعين لتحسين صحتهم وجودة حياتهم

وتضيف: "نحن نعملُ على تطوير مشروع تخطيط الرعاية المتقدمة، خاصةً للمرضى الشباب المصابين بمراحل متقدمة من السرطان، لتمكينهم من التعبير عن أنفسهم عندما يكون لديهم الوقت لذلك، بدلًا من حرمانهم من ذلك أيضًا. أعلمُ أن هناك الكثير الذي يمكننا القيام به؛ فالنتائج طويلة الأمد والنجاة وجودة الحياة — كلها عناصر مهمة لنا."

تجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج، يتبنى نهجًا متعدد التخصصات؛ يضم اختصاصيي السرطان والاختصاصيين الاجتماعيين وعلماء النفس الصحي والمستشارين الماليين والمهنيين.

وتختم روزنثال بالقول: "نحن محظوظون بالفعل أن أغلب المرضى من البالغين الأصغر سنًا ممن يتلقون العناية الخاصة بالسرطان، ستتحسن حالتهم على المدى الطويل، وسيتمتع العديد منهم بفترة نجاةٍ طويلة. ولكن إذا لم ننتبه إلى الآثار الجانبية طويلة الأمد للعلاج، ونوعية الحياة، ومراقبة الوضع الصحي والحفاظ على الصحة، فإننا لن نقدم بذلك الخدمة الكاملة التي يستحقها هؤلاء المرضى."