اليوم العالمي للربو ونصائح للوقاية منه

لتنفسٍ عميق وصحي: إحمي نفسكِ ومن تحبين من مرض الربو.. باتباع هذه النصائح القيّمة

جمانة الصباغ

هل كنتِ تعلمين عزيزتي، أن لاعب كرة القدم الإنكليزي ديفيد بيكهام، مصابٌ بمرض الربو؟ ومثله تمامًا، لاعبون مشهورون مثل بول سكولز، وباولا راديكليف وغيرهم. ولا ننسى من مشاهير الغناء والتمثيل، المغنية بينك، والممثلة القديرة ديان كيتون، والمغني البريطاني بونو.

الربو ليس مشكلةً صحية عادية، بل يتسبب بصعوبة التنفس التي قد تؤدي بالبعض – في حالاتٍ شديدة – لدخول المستشفى لعدة أيام. وبالتالي، قد يعاني مريض الربو من انقطاع النفي في حال أًصيب بنوبة ربو لم يتلقَ عندها العلاج المناسب والسريع.

كي يستطيع بيكهام وغيره من المشاهير، المصابين بهذا المرض، التعايش مع هذا المرض المزمن وعدم السماح له بالتأثير سلبًا على حياته، أمرٌ بالغ الأهمية؛ وهو إن دلَ على شيء، فإنما يدلَ على قدرتهم على التكيَف مع الربو وتخفيف حدته بكافة الوسائل، العلاجية والوقائية، على حد سواء. والأمر ذاته ينطبق علينا، نحن الناس العاديين، الذين نحتاج لتعلَم كيفية التحكم بمرض الربو وغيره من الأمراض التي تعصف بنا، لتحسين جودة حياتنا.

يصادف 6 مايو من كل عام، اليوم العالمي للربو؛ وخلال الاحتفال بهذا اليوم في عامنا الحالي 2025، اختارت المبادرة العالمية للربو (GINA) شعار "جعل العلاجات الاستنشاقية متاحةً للجميع"؛ لتؤكد على ضرورة ضمان حصول مرضى الربو على الأدوية الاستنشاقية الضرورية، للسيطرة على المرض الأساسي وعلاج النوبات.

تُسبَب نوبات الربو معاناةً شديدة للمصابين بها ومُقدمي الرعاية لهم؛ وقد تؤدي إلى دخول المستشفى، وفي بعض الحالات إلى الوفاة. في حين تمنع الأدوية الاستنشاقية المحتوية على الكورتيكوستيرويدات، نوبات الربو، عن طريق علاج الالتهاب الأساسي المُسبب للربو ويُطلب من الأطباء ومُقدمي الرعاية الصحية المُساعدة، ضمان وصف دواء كورتيكوستيرويدي مُستنشق أساسي، قائم على الأدلة، لكل شخصٍ مصاب بالربو؛ بالإضافة إلى (أو بالاشتراك مع) أدوية تخفيف الربو، وذلك للوقاية من استمرار الاعتلال والوفيات الناجمة عن الربو والتي يمكن تجنبها.

تجدؤ الإشارة إلى أن الربو يُعدَ أحد أكثر الأمراض المزمنة غير المُعدية شيوعًا، إذ يصيب أكثر من 260 مليون شخص، ويتسبب في أكثر من 450 ألف حالة وفاة سنويًا حول العالم. ولحسن الحظ فإن معظم هذه الوفيات قابلة للوقاية، لهذا نستعرض من خلال موقع "هي" اليوم معك عزيزتي، ومن خلال مقابلةٍ مع الدكتورة رنا الزعبي، استشاري أمراض الجهاز التنفسي من مستشفى ريم أبوظبي، لكافة المعلومات المتعلقة بهذا المرض وكيفية الوقاية منه، وأبرز النصائح للمرضى، كما نتطرق لأحدث العلاجات التي أحدثت فرقًا في حياة الملايين حول العالم. كي يكون موقعنا الإعلامي، كما عهدتهِ دومًا، منبرًا للتوعية والتشجيع على بناء حياةٍ صحية شبه خالية من الأمراض والمشاكل الصحية.

ما هو الربو؟

الدكتورة رنا الزعبي استشاري أمراض الجهاز التنفسي في مستشفى ريم أبوظبي
الدكتورة رنا الزعبي استشاري أمراض الجهاز التنفسي في مستشفى ريم أبوظبي

هو مرضٌ مزمن يصيب الشُعب الهوائية، ويُسبَب صعوبةً في التنفس نتيجة التهابات وتضيَق الممرات الهوائية.

مع أن الربو قد يكون حالةً خطيرة للبعض، إلا أنه بالإمكان السيطرة عليه من خلال العلاج المناسب؛ لهذا ينبغي على الأشخاص الذين يعانون من أعراض الربو استشارة أخصائي رعاية صحية.

ما الذي يُسبَب الربو؟

الأسباب الدقيقة للإصابة بالربو غير معروفة، وقد تختلف من شخصٍ لآخر. ومع ذلك، يمكن أن يحدث الربو أيضًا عندما تتفاعل دفاعات الجسم الطبيعية ضد الجراثيم والأمراض بشدة مع مادة جديدة في الرئتين.

يبدأ الربو عادةً خلال مرحلة الطفولة، عندما يكون نظام الدفاع في جسمكِ لا يزال في طور التكوين. ومع ذلك، لا تظهر أعراض الربو على بعض الأشخاص حتى مرحلة البلوغ - وهو ما يُعرف بالربو الذي يصيب البالغين. ويمكن أن تؤثر بعض العوامل على كيفية تطوَر رئتيكِ أو كيفية مقاومة جسمكِ للجراثيم.

قد تتعاون العديد من العوامل لتسبَب إصابتكِ بالربو، مثل:

•       العوامل البيئية (وتُسمى مُسببات الحساسية) التي أثرَت عليكِ في طفولتكِ، بما في ذلك دخان السجائر أو بعض الجراثيم.

•       الالتهابات الفيروسية التي تؤثر على التنفس.

•       التاريخ العائلي، مثل إصابة أحد الوالدين بالربو (وخاصةً والدتكِ).

كما قد تزيد العوامل التالية أيضًا من خطر الإصابة بالربو:

استخدام البخاخ الوقائي بانتظام ضرورةٌ كبيرة لمرضى الربو
استخدام البخاخ الوقائي بانتظام ضرورةٌ كبيرة لمرضى الربو

•       الحساسية: عادةً ما يكون الربو نوعًا من رد الفعل التحسسي؛ وغالبًا ما يُعاني الأشخاص المصابون بالربو من أنواعٍ أخرى من الحساسية، مثل حساسية الطعام أو حبوب اللقاح.

•       السُمنة قد تزيد زيادة الوزن من خطر الإصابة بالربو أو تفاقم أعراضه.

•       العرق: يُعاني البورتوريكيون والسود أو الأمريكيون من أصلٍ أفريقي من خطرٍ أعلى للإصابة بالربو، مقارنةً بالأشخاص من مجموعاتٍ عرقية أو إثنية أخرى. كما أن الأطفال السود أو الأمريكيون من أصلٍ أفريقي واللاتينيون، أكثر عرضةً للوفاة بسبب الربو من الأطفال البيض غير اللاتينيين.

•       الجنس: يُصاب الأولاد بالربو في مرحلة الطفولة أكثر من البنات. أما لدى البالغين، فيُعتبر الربو أكثر شيوعًا بين النساء.

•       المخاطر المهنية: قد يزيد استنشاق المواد الكيميائية أو الغبار الصناعي في مكان العمل من خطر الإصابة بالربو.

•       تغيَر المناخ: يُسهم تلوث الهواء وتغيَر أنماط الطقس، في ظهور الربو والتعرض لمسببات الحساسية.

لا ننسى بالطبع، مُحفزات الربو في تفاقم هذه المشكلة؛ وهي عوامل تُثير أعراض الربو أو تُفاقمها. وتشمل المُحفزات الشائعة ما يلي:

•       مسببات الحساسية الداخلية، مثل عث الغبار والعفن ووبر الحيوانات الأليفة أو فروها.

•       مُسببات الحساسية الخارجية، مثل حبوب اللقاح والعفن.

•       الإجهاد النفسي.

•       النشاط البدني، مع العلم أنه مع العلاج، يُمكنكِ أو طفلك مواصلة النشاط.

•       الالتهابات، مثل نزلات البرد والإنفلونزا أو كوفيد-19.

•       بعض الأدوية، مثل الأسبرين، قد تُسبَب مشاكل تنفسية خطيرة لدى مرضى الربو يصعب علاجها.

•       سوء جودة الهواء أو برودة الجو الشديدة.

كيف نتعرف على الربو؟

الطعام الصحي يحميكِ بالطبع من مرض الربو ونوباته
الطعام الصحي يحميكِ بالطبع من مرض الربو ونوباته

غالبًا ما تشمل أعراض نوبة الربو ضيقٌ في التنفس؛ سعالٌ مزمن، خاصةً في الليل أو عند الاستيقاظ؛ صفير عند التنفس؛ شعور بالضغط أو الضيق في الصدر، ونوبات مفاجئة من صعوبة التنفس. وقد تكون هذه الأعراض خفيفةً أو شديدة، كما قد تظهر وتختفي مع مرور الوقت.

فإذا ما صادفتكِ هذه الأعراض بوتيرةٍ معينة، لا ضير من استشارة الطبيب المختص مثل الدكتورة الزعبي، لتبيان ما إذا كنتِ مصابةً بالربو أم لا؛ وعليه تحديد الخطة العلاجية والوقائية المناسبة لكِ.

ما أهم النصائح الطبية لمرضى الربو؟

وفقًا للدكتورة الزعبي، فإن المصابين بالربو ومن يحيطون بهم، يجب أن يكونوا على درايةٍ كبيرة بحيثيات هذا المرض وكيفية التعامل معه.

وعليه؛ تقدم لكِ استشاري أمراض الجهاز التنفسي من مستشفى ريم الدكتور الزعبي، النصائح الهامة الآتية:

1. تعرَفي على مُحفزاتكِ وتجنَبيها: مثل الغبار، العطور القوية، وبر الحيوانات، التدخين، الهواء البارد، والتمارين الشديدة دون تمهيد.

2. استخدام البخاخ الوقائي بانتظام: حتى في حال عدم وجود أعراضٍ لنوبة ربو، فالبخاخات المحتوية على الستيرويدات تساعد على منع النوبات.

3. احتفظي بخطة علاجٍ شخصية مكتوبة: يجب أن توضح خطتكِ ماذا تفعلين عند الشعور بالأعراض، ومتى تحتاجين إلى زيارة الطوارئ؛ كي يكون الأشخاص من حولكِ على درايةٍ بكيفية التعامل معكِ، في حال أصبتِ بنوبة ربوٍ حادة.

4. لقّحِ نفسك بانتظام: إن لقاحات الإنفلونزا وكوفيد-19 والالتهاب الرئوي، تساعد بما لا يقطع الشك، على تقليل خطر التهابات الجهاز التنفسي. لذا التزمي بأخذها حسبما يصفها الطبيب لكِ.

5. مارسي الرياضة باعتدال: الرياضة مفيدة للرئة، لكن اختاري أوقاتًا مناسبة، مثل بعد استخدام البخاخ المُوسّع للشُعب الهوائية، للقيام بها والاستفادة منها قدر الإمكان.

6. راقبي الأعراض وسجّليها: تنصحكِ الدكتورة الزعبي باستخدم جهاز قياس التنفس المنزلي (Peak Flow Meter) لمتابعة مدى تحسَن حالتكِ.

ما هي أحدث العلاجات للسيطرة على مرض الربو؟

تجنَبي محفزات الربو مثل الروائح وحبوب اللقاح
تجنَبي محفزات الربو مثل الروائح وحبوب اللقاح

فيما يلي، نستعرض وإياكِ عزيزتي لأحدث علاجات مرض الربو الحديثة، التي يلجأ إليها أطباء ومختصو أمراض الجهاز التنفسي، بغية مساعدة مرضى الربو على تجاوز نوباتهم المزعجة، والتمتع بتنفسٍ طبيعي.

وتتضمن هذه العلاجات المستخدمة عالميًا:

•       الأدوية البيولوجية (Biologics): مثل أوماليزوماب (Xolair) ومبيليزوماب (Nucala)، وهي مُخصَصةً للحالات المتوسطة إلى الشديدة. تعمل على تقليل الالتهاب المرتبط بالحساسية أو نوعٍ معين من الخلايا المناعية (اليوزينوفيلات)؛ وتُعطى عن طريق الحقن، كما تُقلَل بشكلٍ كبير من النوبات الحادة.

•       البخاخات الذكية: هي بخاخاتٌ مُزودة بتقنية رقمية، ترسل بيانات الاستخدام للطبيب لمراقبة الحالة بشكلٍ دقيق.

•       العلاج المناعي (Immunotherapy): يُعطى على شكل قطرات أو حُقن، لتحسين تحمَل الجسم لمُحفزات الحساسية، مثل غبار الطلع أو عث الغبار.

•       العلاج الحراري للشُعب الهوائية (Bronchial Thermoplasty): وهي تقنيةٌ حديثة تُستخدم لعلاج الربو الشديد، من خلال تسخين وتوسيع الشُعب الهوائية باستخدام قسطرة دقيقة.

متى يجب التوجه إلى الطوارئ؟

بالتأكيد، فإن استخدام العلاجات المتاحة، عند حدوث النوبة، يساعد كثيرًا في تقليل المخاطر والتخلص من الأعراض. لكن من الضروري التوجه إلى الطوارئ، كما تنصح الدكتورة الزعبي، في حال واجهتِ أيًا من الأمور الآتية:

1.     إذا كنتِ غير قادرةٍ على التنفس أو الكلام.

2.     في حال لم تستجيبي للأدوية المعتادة.

3.     وجود ازرقاقٍ في الشفاه أو الأظافر.

4.     سرعة ضربات القلب بشكلٍ غير طبيعي.

كيف أحمي نفسي من مرض الربو؟

نظرًا لعدم معرفة السبب الدقيق، فقد لا تتمكني من الوقاية نهائيًا من مرض الربو لديكِ أو لدى أحد أطفالكِ.

ومع ذلك، يمكنكِ اتخاذ بعض الخطوات للمساعدة في منع تطور الربو؛ وتشمل هذه النصائح ما يلي:

1.     بذل قصارى جهدكِ للحفاظ على منزلكِ خاليًا من الرطوبة والعفن.

2.     تجنَب تلوث الهواء قدر الإمكان.

3.     جعل نمط الحياة الصحي أولوية بالنسبة لكِ ولأسرتكِ؛ على سبيل المثال، عن طريق إضافة المزيد من الفواكه والخضروات إلى نظامكِ الغذائي.

4.     ممارسة الرياضة باعتدال وبشكلٍ منتظم، بعد استشارة الطبيب بالطبع.

5.     الحفاظ على وزنٍ صحي قدر الإمكان.

6.     تجنَب وتقليل التوتر النفسي قدر المستطاع.

خلاصة القول؛ الربو ليس عائقًا للحياة إذا تمَ التعامل معه بشكلٍ صحيح. وباتباع النصائح اليومية، والالتزام بالعلاج الموصوف، ومواكبة أحدث العلاجات، يمكن للمرضى أن يعيشوا حياةً طبيعية تمامًا، دون قلق من النوبات المفاجئة.

يحتاج مرضى الربو وعائلاتهم إلى التثقيف لفهم المزيد عن الربو؛ ويشمل ذلك خيارات العلاج المتاحة لهم، والمُحفزات التي يجب تجنبها، وكيفية إدارة أعراضهم في المنزل.