
بمواجهة المعلومات الخاطئة والحرج الاجتماعي: تعرفي على كيفية علاج حب الشباب بثقة
من منا لم يعانِ من هذه المشكلة، أو يعرف أحدًا عانى منها أو ما زال؟ إنها مشكلة حب الشباب، التي تحمل وصمةً اجتماعية وتُسبَب الحرج للكثيرين، أكثر منها مشكلة صحية وجمالية ينبغي علاجها بالطرق الأنجع.
وفي كل عام، يُخصص شهر يونيو للتوعية من حب الشباب، أحد أكثر اضطرابات الجلد شيوعًا على مستوى العالم، يقول الدكتور عهد خازم أخصائي طب الأمراض الجلدية في مستشفى الريم أبوظبي؛ مضيفًا أن حب الشباب لا يؤثر فقط على مظهر الإنسان، بل يمتدَ تأثيره إلى حالته النفسية والاجتماعية. ورغم أن هذه الحالة قد تبدو للبعض بسيطةً أو سطحية، إلا أن الإحصائيات والأبحاث الطبية تؤكد أنها من أكثر الحالات التي تدفع الناس إلى زيارة عيادات الجلدية، خاصة في الفئة العمرية بين 12 و35 عامًا.
ومع حلول عام 2025، لا يزال حب الشباب من أكثر الأمراض الجلدية انتشارًا على مستوى العالم، حيث يصيب الأشخاص من جميع الفئات العمرية والمناطق. وفيما يلي بعض المعطيات الرئيسية:
• الانتشار العالمي: يُصاب حوالي 20.5٪ من سكان العالم فوق سن 16 عامًا بحب الشباب. وترتفع النسبة بين المراهقين والشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا) إلى 28.3٪.
• حب الشباب لدى البالغين هو أكثر شيوعًا مما يعتقد الكثيرون؛ حيث يُبلَغ واحد من كل خمسة بالغين تتراوح أعمارهم بين 25 و39 عامًا، وحوالي 9.3٪ من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و64 عامًا، عن إصابتهم بحب الشباب.
• الاختلافات بين الجنسين: تُصاب النساء أكثر من الرجال بحب الشباب، خصوصًا في العشرينيات من العمر. على سبيل المثال، تُبلَغ 51٪ من النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 20 و29 عامًا عن إصابتهنَ بحب الشباب، مقارنةً بـ 43٪ من الرجال في نفس الفئة العمرية.
• الاتجاهات الإقليمية: ينتشر حب الشباب بشكلٍ أكبر في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، بينما تُسجل أوروبا أدنى المعدلات.
لفهم هذه المشكلة بشكلٍ صحيح، لا بدَ من تشريحها وتحليل أسبابها وأعراضها ومضاعفاتها (في حال إهمالها) وطرق علاجها بكافة الطرق الممكنة؛ وهو ما نستعرضه سويًا في مقالة اليوم مع الدكتور خازم، فإن كنتِ مهتمةً بهذا الموضوع عزيزتي، ننصحكِ بمتابعة القراءة..

ما هو حب الشباب بالضبط؟
حب الشباب (Acne vulgaris) هو اضطرابٌ التهابي، يصيب وحدات الشعر والغدد الدهنية في الجلد. ويحدث عندما:
1. تفرز الغدد الدهنية كميةً زائدة من الزهم (الزيت الطبيعي).
2. يتجمع هذا الزهم مع خلايا الجلد الميتة.
3. تنسدَ المسامات.
4. تبدأ البكتيريا بالتكاثر داخل هذه المسام المسدودة، ما يؤدي إلى الالتهاب وظهور البثور.
لماذا حب الشباب مشكلةٌ عالمية؟
وفقًا للدكتور خازم، يؤثر حب الشباب على أكثر من 85% من المراهقين؛ حوالي 50 مليون شخص في أمريكا فقط يعانون منه سنويًا، وهو يمتد إلى البالغين كما أسلفنا. يصيب الرجال والنساء، الأغنياء والفقراء، أصحاب البشرة البيضاء والسمراء؛ يترك ندوبًا دائمة إذا لم يُعالج بالشكل الصحيح، وقد يؤدي إلى مشاكل نفسية حقيقية مثل القلق والاكتئاب.
ما هي الأسباب التفصيلية لحب الشباب؟
هناك عدة أسباب جوهرية، ينبغي معرفتها، يمكن أن تتسبب بظهور حب الشباب؛ ليس فقط في الوجه وإنما في الجسم أيضًا.
ويُلخَص لنا الدكتور خازم تلك الأسباب بالآتي:
• الأسباب الهرمونية
ومنها زيادة هرمونات الذكورة (الأندروجين) خلال سن البلوغ؛ اضطرابات الدورة الشهرية؛
الحمل أو الرضاعة؛ الإصابة بمتلازمة تكيَس المبايض؛ واستخدام المُنشطات الرياضية.
• العوامل الوراثية
إذا كان أحد الوالدين يعاني من حب الشباب، فاحتمال الإصابة يكون أعلى لدى البنات والأبناء.
• العوامل الخارجية
مثل التعرَق الشديد، ارتداء القبعات أو الملابس الضيقة، استخدام مستحضرات التجميل غير المناسبة، عدم تنظيف البشرة بصورةٍ عميقة وجيدة، والتعرض المُفرط للشمس دون واقٍ.
• الحالة النفسية
سببٌ مهم لا يجب التهاون فيه؛ فالتوتر، والقلق، وعدم النوم الجيد، كلها حالاتٌ نفسية صعبة قد تؤثر مباشرةً على توازن الهرمونات وزيادة الالتهاب.
• النظام الغذائي
تشير بعض الدراسات إلى أن تناول الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي العالي (مثل السكر الأبيض، الحليب، المعجنات، المشروبات الغازية) قد يزيد من حدة حب الشباب.
هل ثمة أنواعٌ مختلفة لحب الشباب؟
بالتأكيد؛ يجيب أخصائي طب الأمراض الجلدية في مستشفى الريم أبوظبي عاهد خازم؛ مشيرًا إلى أنه ثمة 4 أنواع رئيسية لحب الشباب:
1. الرؤوس البيضاء (Whiteheads)
وهي مساماتٌ مُغلقة، تحتوي على زيوت وخلايا ميتة؛ وتبقى تحت الجلد.
2. الرؤوس السوداء (Blackheads)
مساماتٌ مفتوحة يتأكسد ما بداخلها، فيتحول إلى اللون الأسود.
3. البثور (Papules and Pustules)
التهابٌ جلدي يظهر كحبوبٍ حمراء، وأحيانًا تكون مليئةً بالصديد.
4. العُقيدات والخرَاجات (Nodules and Cysts)
أعمق وأكثر ألمًا، وهي الحبوب التي تترك آثارًا وندوبًا إذا لم تُعالج.

ما الآثار النفسية لحب الشباب؟
أثبتت دراساتٌ عديدة أن الأشخاص المصابين بحب الشباب، خاصة في المناطق الظاهرة مثل الوجه والرقبة، قد يعانون من انخفاض الثقة بالنفس، العزلة الاجتماعية، الخجل من التفاعل مع الآخرين، والخوف من النظرات السلبية أو التعليقات. كما يعاني بعضهم من إهدار فرص النجاح المهني والدراسي، بسبب التردد في التقدم للوظائف أو المشاركة في المناسبات؛
وهذا ما يجعل الجانب النفسي جزءًا لا يتجزأ من العلاج.
هل ثمة مفاهيم خاطئة حول حب الشباب، ينبغي لنا معرفتها؟
بالطبع؛ يجيب الدكتور خازم، إذ تكتنف مشكلة حب الشباب الكثير من المفاهيم الشائعة الخاطئة والتي يُساعد فهمها، في حلَ المشكلة بشكلٍ فعال.
من هذه المفاهيم:
• الحبوب هي نتيجة قلة النظافة؛ التصحيح: الإفراط في غسل الوجه أو فركه قد يُهيّج الجلد ويزيد الالتهاب.
• فرقعة الحبوب تُسرّع الشفاء؛ التصحيح: هذا الفعل يزيد تزيد من الالتهاب والعدوى وظهور الندوب.
• الحليب والشوكولا هما السبب وراء حب الشباب؛ التصحيح: ليس دائمًا، لكن السكر الزائد قد يزيد من الحالة.
• تقتلا الشمس البكتيريا في الجلد؛ التصحيح: إنَ التعرض الطويل للشمس يمكن أن يُسبَب تصبغاتٍ ويزيد الجفاف والالتهاب.
ما هي أفضل الطرق للعناية اليومية بالبشرة المُعرَضة لحب الشباب؟
بحسب الدكتور خازم؛ فإن العناية الصحيحة والمنتظمة بنظافة وصحة الجلد، تُغدَ الأساس في علاج حب الشباب أو تقليل مضاعفاته.
وتتمثل العناية اليومية الصحيحة بالنقاط التالية:
1. استخدام غسول لطيف مرتين يوميًا.
2. ترطيب البشرة بمنتجاتٍ خالية من الزيوت.
3. اختيار المكياج الخالي من الكوميدوجين (Non-Comedogenic).
4. استخدام واقي شمس مناسب للبشرة الدهنية.
5. عدم لمس الوجه أو العبث بالبثور.
6. تغيير غطاء الوسادة بانتظام.
7. تجنب مشاركة أدوات التجميل.
ما هي خيارات العلاج المُتاحة لحب الشباب؟
تتنوع علاجات حب الشباب بين الموضعي (أي الذي يُوضع على الجلد الخارجي) والفموي (الأدوية) والتجميلي.
ويُعدَد الدكتور خازم لتلك العلاجات بما يلي:
• علاجات موضعية: منها بنزويل بيروكسيد (يقتل البكتيريا)؛ الريتينويدات (تُفتَح المسامات وتُنشَط الجلد)؛ حمض الساليسيليك (مُقشر خفيف ومضاد للالتهاب)؛ والكريمات المحتوية على الزنك أو الكبريت.
• علاجات فموية: تشمل مضادات حيوية (مثل الدوكسيسايكلين)، تنظيم الهرمونات (وصف حبوب منع الحمل لبعض النساء)، والإيزوتريتينوين (Roaccutane) وهو أقوى علاج يصفه الطبيب لعلاج حب الشباب، لذا يتطلب متابعةً دقيقة.
• علاجات تجميلية: من ضمنها جلسات التقشير الكيميائي، الخضوع لليزر فراكشنال أو الضوء الأزرق، جلسات تنظيفٍ عميق أو تقشير طبي، وحقن الحبوب المؤلمة بالكورتيزون.
ما أحدث التطورات والتقدم العلمي في علاج حب الشباب؟
الثقة بالطب والجهاز العملي اللذين يعملان بلا كلل، لتحسين كافة العلاجات المختصة بأمراضٍ ومشكلات صحية وجمالية عدة، منها حب الشباب؛ لا يذهب سدىً. إذ يتم اللجوء إلى كافة التقنيات والتكنولوجيا الحديثة المتاحة، للمساعدة على حل مشكلة حب الشباب بفعالية أكبر.
ويستعرض لنا الدكتور خازم لأحد تقنيات التقدم العملي في علاج حب الشباب:
1. استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لتشخيص الحالة واختيار العلاج المناسب.
2. تطوير مكونات نباتية مثل الشاي الأخضر والبابونج والنياسيناميد.
3. مستحضرات جديدة تقلل الالتهاب دون آثار جانبية.
4. مزج العلاجات الجلدية مع العلاجات النفسية في البروتوكولات الحديثة.
عدم علاج حب الشباب، أو التعاطي معه بطرقٍ خاطئة، قد يؤديان إلى ظهور الندبات؛ ماذا نعرف عنها؟
كيف تظهر الندبات، وكيف تُعالج؟
وفقًا لخازم؛ إذا لم يُعالج حب الشباب بطريقةٍ صحيحة، قد تترك الحبوب آثارًا دائمة مثل الحُفر (Ice pick scars)، الندبات السطحية أو العميقة، والتصبغات الجلدية. ويتضمن علاج هذه الندوب:
• استخدام الليزر التجميلي.
• تقشير كيميائي قوي.
• حُقن الفيلر.
• المايكرونيدلينغ (Microneedling).

في الختام؛ فإن حب الشباب ليس عيبًا ولا يدل على قلة النظافة. هو حالةٌ جلدية شائعة، قد يمرّ بها معظم الناس في مرحلةٍ ما من حياتهم. ويُعدَ شهر يونيو فرصةً لإعادة النظر في طريقة تعاملنا مع هذه الحالة؛ بالفهم لا الحُكم، بالعناية لا الإهمال، وبالتأكيد بالدعم لا السخرية.