هل المحليات الصناعية خطر على صحة القلب

ما العلاقة بين المحليات الصناعية والإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية

جمانة الصباغ

خوفًا من الإصابة بداء السكري والسمنة وغيرها من الأمراض المرتبطة بتناول السكر الذي يُطلق عليه تسمية "السم الأبيض" بالتوازي مع الملح؛ يلجأ الكثير من الناس لاستخدام المحليات الصناعية في تحلية المشروبات الساخنة أو إعداد الأطعمة والحلويات وغيرها.

وتُعدّ المحليات الصناعية Artificial sweeteners  إحدى البدائل المتوافرة عن سكر الطعام المعروف بالسكروز أو سكر المائدة؛ وهي من بدائل السُكر المُصنَعة، ويُمكن إنتاجها أو استخراجها من مواد طبيعية، مثل بعض الأعشاب، أو من سكر الطعام.

تمتاز المُحليات الصناعية بحلاوتها الشديدة، حيث تزيد حلاوتها عن سكر الطعام بعدة أضعاف، كما تُسمى بالمُحليات اللامُغذية كون الجسم لا يهضمها أو يُحلَلها؛ وبالتالي فإنها لا تتعرض لعملية التمثيل الغذائي، وتخرج عبر الجهاز الهضمي دون حدوث أيّ تغيرات لها.

الدكتور ستانلي هازن من مستشفى كليفلاند كلينك
الدكتور ستانلي هازن من مستشفى كليفلاند كلينك

وافقت إدارة الغذاء والدواء FDA  على 8 أنواع من المُحليات الصناعية منذ 2019، هي الآتية:

  1. السكارين.
  2. الأسبارتام.
  3. أسيسلفام البوتاسيوم.
  4. السكرالوز.
  5. الأدفانتام.
  6. الستيفيا.
  7. مستخلص فاكهة المونك.

هل المُحلَيات الصناعية مضرة بالصحة

منذ الموافقة على هذه المحليات، عكف الباحثون على دراستها لتبيان مدى فعاليتها – أو ضررها – على الصحة كونها شديدة الحلاوة والجسم لا يهضمها كما السكر العادي. وفيما وجدت دراسات عدة أن المحليات الصناعية مفيدةٌ في الكثير من الحالات الصحية، توصلت دراسات أخرى لمجموعة أضرار تصيب الإنسان جراء استخدام هذه المُحليات عوضًا عن السكر.

منها بحثٌ جديد أجراه مستشفى كليفلاند كلينك مؤخرًا وخلص إلى أن "الإريثريتول"، وهو أحد أنواع المُحليات الصناعية الشهيرة، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وقد نُشرت نتائج البحث الجديد هذا الأسبوع في مجلة "نيتشر ميديسن" Nature Medicine.

ينتمي الإريثريتول إلى فئة من الكربوهيدرات تُسمى سكريات الكحول، ويُستخدم كبديل للسكر الصناعي، وله ذات الطعم. وقد وافقت منظمة الصحة العالمية على استخدامه في العام 1999، وفعلت إدارة الغذاء والدواء ذات الشيء في العام 2001. ويتواجد سكر الإريثريتول بشكل طبيعي في بعض الأطعمة، كالعنب والخوخ والكمثرى والبطيخ والفطر، بالإضافة إلى تصنيعه عن طريق تخمير بعض الأشياء مثل الجبن.

توصل بحث جديد ان المحليات الصناعية تزيد خطر النوبات القلبية والسكتة الدماغية
توصل بحث جديد ان المحليات الصناعية تزيد خطر النوبات القلبية والسكتة الدماغية

تفاصيل الدراسة

شملت الدراسة التي أجراها مجموعة من الباحثين في المستشفى، أكثر من 4000 شخص في الولايات المتحدة وأوروبا؛ ووجدت أن الأشخاص الذين لديهم نسبة عالية من "الإريثريتول" في الدم كانوا أكثر عرضة لخطر الإصابة لأزمات قلبية حادة مثل النوبات القلبية أو السكتات الدماغية وحتى في بعض الأحيان الوفاة.

وعمد الباحثون أيضًا إلى فحص تأثيرات إضافة الإريثريتول على الدم بشكل كامل أو الصفائح الدموية المعزولة، وهي عبارة عن مكونات خلوية تتجمع معاً لوقف النزيف وتؤدي إلى تخثّر الدم. وأظهرت النتائج أن الإريثريتول يُسهَل عملية تنشيط الصفائح الدموية وتشكيل جلطات دموية، فيما أكدت الدراسات قبل السريرية أن تناول الإريثريتول يزيد من تشكل الجلطات في الدم.

وفي تعليقه على هذه النتائج، قال الدكتور ستانلي هازن كبير الباحثين المشاركين في الدراسة، ورئيس قسم أمراض القلب والأوعية الدموية وعلوم التمثيل الغذائي في معهد ليرنر للأبحاث، والرئيس المشارك لقسم أمراض القلب الوقائية في مستشفى كليفلاند كلينك: "تزايدت شعبية المُحلَيات الصناعية مثل الإريثريتول بوتيرة متسارعة في السنوات الأخيرة، ولكن هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث المتعمقة حول آثارها طويلة المدى. وفي الواقع تتفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية بمرور الوقت، وتُعد أمراض القلب السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم. ونحن بحاجة إلى التأكد من أن الأطعمة التي نتناولها لا تشكل أسباباً خفية لأي أمراض محتملة."

وتُعد المُحلَيات الصناعية، مثل الإريثريتول، بدائل شائعة للسكر في المنتجات منخفضة السعرات الحرارية ومنخفضة الكربوهيدرات والمنتجات المعتمد في حمية "الكيتو". وغالبًا ما يُوصى بالمنتجات الخالية من السكر التي تحتوي على الإريثريتول، للأشخاص الذين يعانون من السُمنة أو السكري أو متلازمة التمثيل الغذائي؛ ويبحثون عن خيارات للمساعدة في إدارة معدلات السكر أو السعرات الحرارية التي يتناولونها. ويُعتبر الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات أيضًا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

ما الذي نعرفه عن الإريثريتول

يتمتع الإريثريتول بمذاق حلو مثل السكر بنسبة 70٪، ويتم إنتاجه من خلال تخمير الذرة؛ وبعد تناوله، يتم استقلاب الإريثريتول بشكل سيئ في الجسم. وبدلاً من ذلك، تذهب مكوناته إلى مجرى الدم ويخرج من الجسم عن طريق البول بشكل رئيسي. ويُنتج جسم الإنسان كميات منخفضة من الإريثريتول بشكل طبيعي، لذلك فإن أي استهلاك إضافي يمكن أن يتراكم في الجسم.

هل المحليات الصناعية خطر على صحة القلب
هل المحليات الصناعية خطر على صحة القلب

وتُشكَل عملية قياس المحليات الصناعية أمراً ليس بالهيّن، كما أن متطلبات الملصقات على المنتج محدودة وغالباً لا تُذكر المركبات الفردية. والإريثريتول "معترف به عموماً على أنه آمن (GRAS)" من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ما يعني أنه لا توجد متطلبات لإجراء دراسات السلامة على المدى الطويل.

وقد لاحظ الباحثون أهمية دراسات المتابعة لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها عند عموم السكان؛ ولكن كان للدراسة المذكورة أعلاه العديد من القيود، بما في ذلك أن دراسات الملاحظة السريرية تُثبت عامل الإرتباط وليس السببية.

وأضاف الدكتور هازن: "عندما تناول الأشخاص الذين شملتهم دراستنا مشروباً مُحلّى صناعياً بكمية من الإريثريتول الموجودة في العديد من الأطعمة المُصنّعة، تم تسجيل مستويات مرتفعة بشكل ملحوظ من هذه المادة في الدم لعدة أيام – وهي مستويات أعلى بكثير من تلك التي لوحظت لتعزيز مخاطر التخثر. ومن المهم إجراء مزيد من دراسات السلامة لفحص الآثار طويلة المدى للمُحليات الصناعية بشكل عام، والإريثريتول على وجه التحديد، والتأكد من مدى ارتباطها بمخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، خاصةً لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية."

وأوصى الباحثون المشاركون في الدراسة الأشخاص بالتحدث إلى الأطباء أو اختصاصيي التغذية المعتمدين، لمعرفة المزيد حول خيارات الطعام الصحي والحصول على توصيات وفقًا للمتطلبات الشخصية للأفراد. وهو ما نوصيك به دائمًا عزيزتي القارئة، كون استشارة الطبيب هي أفضل السبل لاختيار ما يناسبك ولا يضر بصحتك وصحة أحبائك.