أنتِ صاحبة التأثير الأكبر على تكوين إبنتكِ صورة جسد إيجابية

أنتِ صاحبة التأثير الأكبر على تكوين إبنتكِ صورة جسد إيجابية..

جويل تامر

تعتبر صورة الجسد في السيكولوجيا مفهومًا هامًا يشير إلى الطريقة التي ينظر بها الفرد إلى جسده ويفهمها. وتتأثر صورة الجسد بعدة عوامل، مثل العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية والبيولوجية.

يمكن أن تؤثر صورة الجسد على الصحة النفسية والجسدية للفرد. فعلى سبيل المثال، إذا كانت صورة جسد الفرد سلبية، فقد يشعر بعدم الارتياح والتوتر والاكتئاب، كما أنه يمكن أن يؤثر على العلاقات الاجتماعية والثقة بالنفس.

التوعية عن صحة الجسد موضوع شائع هذه الأيام، وتحدث  العديد من المشاهير والشخصيات العامة عن صورة الجسد وتأثيرها على الصحة النفسية والجسدية. من بينهم مؤخرًا المغنية والممثلة سيلينا غوميز خاصة بعد معاناتها لفترة طويلة مع المرض، وخضوعها لعملية زرع كلية، وتلقيها علاجاً أدى إلى إكتسابها الوزن الزائد، فلم تسلم من الإنتقادات السلبية، والتنمر على شكلها الخارجي، وحجمها.

1
التوعية عن صحة الجسد موضوع شائع هذه الأيام

 ومن قبلها، شاركت المغنية والممثلة ديمي لوفاتو تجربتها مع الاضطرابات الغذائية وأهمية قبول الذات وتحسين صورة الجسد، والممثلة والمغنية جنيفر لوبيز التي تحدثت عن تجربتها مع ضغوط الصناعة التي تشجع على النحافة الزائدة وأهمية الاهتمام بالجسم بطريقة صحية. كما كان للمغنية والممثلة مادونا تعليق عن الموضوع، حيث لفتت الى صعوبة التعامل مع الضغوط الاجتماعية للظهور بجسم مثالي وأهمية الاهتمام بالجسم بطريقة صحية وتعزيز الثقة بالنفس.

هؤلاء المشاهير وغيرهم شاركوا تجاربهم معاناتهم مع صورة الجسد وأهميتها وتأثيرها على الصحة النفسية بهدف التوعية عن أهمية تحسين صورة الجسد والاهتمام بالجسم بطريقة صحية وإيجابية.

لن تتفاجئي اذا أشرنا الى أن النساء يعانين من معدل مرتفع من عدم الرضا عن الجسد طوال فترة البلوغ. لكن هل تعلمين أن عدم الرضا عن صورة الجسد يبدأ بشكل عام في مرحلة الطفولة؟

في هذا الإطار، يشير علماء النفس الى أن الأمهات وبناتهّن حلفاء في تطوير صورة الجسد الصحية. فعندما يتعلق الأمر بتربية ابنتكِ على التمتّع بصورة جسد إيجابية، تُظهر الدراسات أن الأمهات أكثر أهمية؛ هنّ "المؤثرات" الأساسيات. لا تهتم الأمهات فقط بكيفية تربية بناتهن ولكن تؤثر في الطريقة التي يرون بها أنفسهن وماذا يقولن ويفعلن أمام بناتهن. باختصار ، فإن الأمهات اللواتي يأملن في غرس تنمية صورة الجسد الإيجابية في بناتهّن عليهّن أن يفحصن أولاً صورة أجسادهن بعناية.

جهد طويل الأمد

2
المراهقة تمثل عاصفة كاملة يصعب فيها معالجة مشاكل صورة الجسد

من المحتمل أنكِ قرأتي عبارات مثل "كوني نموذجًا يحتذى به لابنتكِ" أو "أحبي نفسك" أو "ارفضي ثقافة النظام الغذائي" أو "تبني مبدأ إيجابية الجسد". كل هذه الأمور تبدو معقولة ومفيدة ظاهريًا، لكنها غالبًا لا توفر معلومات كافية للقيام  بخطوة نحو التغيير .

بدلاً من ذلك، يتطلب الأمر منكِ جهدًا طويل الأمد، لبناء صورة جسد إيجابية. ولمساعدة إبنتكِ وأي من الفتيات المحيطات بكِ للحصول على نظرة صحية لأجسادهّن، ضعي في اعتبارك بعض العوامل المهمة: صورة جسدك وكيف تؤثر على صورة جسد ابنتكِ، وعمر ابنتك ومعالم نموها، والجوانب الفريدة لعلاقة الأم والابنة المهمة لتطوير صورة الجسد.

علم وليس مجرد قصص

3
تتأثر صورة الجسد بعدة عوامل، مثل العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية والبيولوجية

كشفت دراسات جديدة أن عدد كبير من الأهل يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيس للمعلومات الصحية. على الرغم من وجود الكثير من المعلومات الجيدة في متناول أيدينا، فمن المهم أن نكون قادرين على التمييز بين الحقائق والسرديات القائمة على العلم، والآراء الشخصية، والمعلومات المضللة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. مشاكل صورة الجسد لها عواقب وخيمة، ولديكِ وقت محدود لفرز جميع المصادر المتوفرة حولكِ.

التنمية وليس السيطرة على الضرر

4
مشاكل صورة الجسد لها عواقب وخيمة

على الرغم من أنه لم يفت الأوان أبدًا على مشاركة مع ابنتكِ للحصول على صورة جسد إيجابية، إلا أن البداية المبكرة مثالية. يجب أن تساعدي إبنتكِ على بناء صورة جسد إيجابية بينما تنمو في مرحلة ما قبل المدرسة وما بعدها بدلاً من محاولة "إصلاح" مشاكل صورة الجسد التي غالبًا ما يتم التعرف إليها فقط في مرحلة ما قبل المراهقة أو المراهقة.

كما أشار عالم النفس "جان توينج" Jean Twenge مؤخرًا، الى أن "المراهقة تمثل عاصفة كاملة يصعب فيها معالجة مشاكل صورة الجسد". لذا يجب التركيز بشكل فريد على تطوير صورة الجسد لدى الفتيات في سن 3 إلى 10 سنوات، بناءً على ما نعرفه عن صورة الجسد في سياق المعالم التنموية الجسدية والاجتماعية والمعرفية.

فقد أظهر العلم أن معظم النساء يعشن مع عدم الرضا الجسدي معظم حياتهن، لكن لا يجب أن ننقل هذا الشعور لبناتنا. لدينا الأدوات القائمة على العلم لتحسين هذا النمط للأجيال القادمة من الفتيات. وفي هذا المجال، يعمل علم النفس السريري على مساعدة الأشخاص على تطوير صورة إيجابية عن نفسهم وتحسين الثقة بالنفس والرفاهية العامة. يمكن تحقيق ذلك من خلال العلاجات النفسية والتمارين الرياضية والتغذية الصحية والاهتمام بالجسد وتعلم تقبل الذات. في النهاية، تذكري أن الجسم هو المنزل الوحيد الذي تملكينه، وأن الاهتمام والعناية به هو جزء مهم من الصحة النفسية والجسدية.