الدكتورة بشرى بنشقرون لـ "هي": "في قلب الشفاء" يسلط الضوء على سلطة الروح على الجسد

الربط بين العلاجات الجسدية والعلاجات النفسية، موضوع هام بات يحتل مكانة متقدمة في زمننا الحالي مع العناية القصوى بالحالة النفسية للمريض وانعكاساتها على صحة الإنسان، سواء السلبية أم الإيجابية.

وفي كتابها الذي أصدرته أواخر العام المنصرم "في قلب الشفاء"، تحدثت الدكتورة بشرى بنشقرون، أخصائية التغذية والطب الوقائي عن أهمية الوقاية في الحفاظ على السلامة الصحية للجسد والروح على السواء، وتقديم مفهوم جديد لعلاج مختلف الأمراض إنطلاقاً من المداواة النفسية والروحية للمرضى.

حول الكتاب ومحتواه والهدف منه، حدثتنا الدكتورة بشرى بنشقرون في هذه المقابلة.

عرفينا عنك أكثر دكتورة بشرى.

 الدكتورة بشرى بنشقرون

درست الطب في الدار البيضاء ثم تابعت تخصصي في التغذية في كلية الطب بباريس، وأمارس الطب منذ أكثر من 20 سنة في عيادتي الخاصة كما أتابع بحوثي الآن عن أسرار الصحة الجيدة في ظل ما آلت به المستجدات العلمية في العالم و خلاصتها هذا الكتاب.

كتاب "في قلب الشفاء" يحمل رسالة مهمة للتوعية حول السلامة الجسدية والنفسية. اخبرينا أكثر عن الكتاب وفحوى هذه الرسالة.

من خلال هذا الكتاب أردت تسليط الضوء على سلطة الروح على الجسد، وهي رؤيا تقلب النظرة إلى المرض رأسا على عقب وتوجهنا  لنظرة جديدة أو لسفر داخلي لإيقاد أفضل ما يكمن في النفس وتفعيل أدوات نجهلها، وضعها الله فينا في متناولنا من أجل تنشيط الشفاء الذاتي واستعادة الصحة المثلى .

ما الوسائل التي يجب أن يلجأ إليها الإنسان للشفاء والتعافي من التجارب القاسية والآلام الناجمة عنها؟

يعيش الإنسان اليوم تحديات وضغوطات تلزمه تطوير قدراته العاطفية والطاقية، ليتمكن من تجاوزها للتحرر من الألم وعلاج القلب من الضغائن والغضب والتي قد تسبب له أمراضاً نفسية أو عضوية.

فالقلب هو محل التفاعلات بين الروح والجسد، وسلامته تشكل المفتاح الأساسي للتعافي لأنه يتواصل مع المخ، فإذا كانت المعلومات  التي تبثها أفكارنا ومشاعرنا مخالفة لقيمنا فهذا يسبَب اختلالاً في الجسم. وهذا آخر وأهم ما توصل إليه العلم اليوم، وقد تطرقت في الكتاب إلى الوسائل الروحية و الطاقية ومقرها القلب.

في ظل جائحة كورونا، كيف للإنسان تجاوز الاضطرابات التي تحدثها هذه الجائحة بأقل الخسائر وأفضل الطرق؟

 الجهاز المناعي القوي يحمينا من الامراض الجسدية والنفسية

لعل جائحة كورونا هي أكبر دليل على ابتعادنا عن الطريق السوي للحفاظ على صحة جيدة. فهذه الجائحة أثبتت أن الجهاز المناعي المتوازن هو ما يحمينا من شراسة الفيروس، والتغذية ونظام الجهاز الهضمي الميكروبيوتي هو خصوصاً الكيفية ومحل تسويته وتقويته، وكل خلل فيه يضعف مناعتنا أكان خللاً في نوعية التغذية أو في الحالة النفسية، كخوف أو توتر عصبي مثلا.

كل هذا يعزز ما توصلت إليه البحوث عن أهمية الوقاية الأولية والتي تكمن في تغيير العادات السلبية التي غزت نمط حياتنا اليوم، واتخاذ تدابير جدية لاسترجاع القوة الأولية للجسم والقادرة عن حمايته من كل مكروب أو اضطراب عضوي.

ما هي ركائز الحياة الصحية التي تروجين عنها في كتابك "في قلب الشفاء"؟

هناك 3 ركائز أساسية للحياة الصحية: 

  1. التغدية المتوازنة. 
  2. الإدارة النفسية.
  3. نمط الحياة السليم.

ولكي نقلع عن العادات السيئة الجسدية والنفسية يلزمنا المعرفة الكاملة بما يحدث في داخلنا، 

فالإنسان الواعي وحده جدير باتخاذ هذه المسؤولية، وهذا ما حاولت تبسيطه للقراء من خلال هذا الكتاب. 

كيف يمكن للطاقة الروحية أن تعالج الأمراض الكامنة، وهل يمكن أن تحل محل الأدوية؟

هناك عناصر طاقية في جسدنا تتشكل في خلاياه في تفاعل دائم، داخله وخارجه مع المحيط الذي يعيش فيه ومع الطاقة الكونية الربانية.

و كما أن طبيعة الإنسان مزدوجة مادية وروحية، فالشفاء أيضاً لذلك يجب أن يكون العلاج على جميع المستويات لكي يكون شفاء كاملاً. فاعتقاداتنا ونوايانا قد تعيد برمجة العقل الباطني وتسبب افراز هرمونات تؤثر على الخلايا لاسترجاع نظامها الصحيح  كما يفعل الدواء الكيميائي أحياناً لكن بدون المضاعفات.

غلاف كتاب في قلب الشفاء للدكتورة بشرى بنشقرون

في كتابك تقولين أن الانسان كائن متعدد الأبعاد، ما هي هذه الأبعاد وكيف تتكامل معاً؟

هناك مجموعة من المعطيات العلمية تتقارب في إعطاء مفهوم شمولي يعتبر الإنسان في كليته، وليس مجرد جسم مادي فيزيائي بل هو مكون من أجسام خفية غير مرئية. فالإنسان جسم وعقل وروح، وبالتالي فهناك جسم مادي ونفسي وطاقي. 

وهناك ترابط بين جميع هذه الأجسام ما يؤدي لانعكاسات قد تتأثر بها، يلزمنا أخذها بالإعتبار من خلال نظرة شمولية للمريض.

وهذا ما ينقص عملياً في عالمنا الطبي اليوم، ويؤدي لحدوث ثغرات في مجال الشفاء  والأمراض المزمنة في اغلب الأحيان.

الوقاية هي العلاج كما تقولين في كتاب "في قلب الشفاء"، عن أي أنواع وقاية تتحدثين؟

نعم الوقاية هي العلاج، وهي أهم ما توصل إليه الطب الحديث كخطوة أساسية للحفاظ على الصحة. إلا أن هناك الوقاية الجسدية والوقاية النفسية، فهما متلازمان ونتجاهل ذلك أو بالأحرى لا نعلم بذلك.  

فالجسم له نظام مناعي يحميه بشكل يومي من العناصر المسببة للأمراض، لكنه في تدهور نتيجة التوتر النفسي المتفاقم في عصرنا اليوم. وينبغي استخدام القدرات الهائلة التي تتوفر في الدماغ لافراز هرمونات قادرة على تفعيل الخلايا المناعية بشكل إيجابي ومتميز، وبالتالي توفير صحة شاملة.

ما النصائح التي تسدينها لقارئات وقراء "هي" ليتكامل الجسد والعقل لديهم في كينونة واحدة؟

‎لا شك أن الوعي هو مفتاح الطريق لتكامل العقل و الجسد، وهو سر التقدم في العمر بصحة كاملة. لكن وللأسف لا يعلم الكثيرون بذلك، فلا تُشخص حالتهم إلا بعد ظهور علامات مؤكدة للمرض.

فتغير نظرتنا هذه تجعلنا أكثر إنصاتاً لاحاسيسنا واتخاد التدابير والتغييرات اللازمة في حياتنا، عند أول إشارة يبعثها جسدنا قبل أن تتطور إلى مرض.

‎ومهما كانت درجة تطور المرض، فدور ووعي المريض بتفعيل طاقاته العلاجية تلعب دوراً حاسما في الشفاء، وهذا الوعي كفيل بأن يحقق لنا صحوة وانطلاقة لصحة شاملة جسداً وروحاً.