سارة الحربي برنامج مهيرة

خاص لـ"هي": سارة الحربي ترسم ملامح ريادة ناعمة في مشهد الإبداع السعودي

رهف القنيبط
21 يوليو 2025

في زمن تتسارع فيه الصور وتتشابه فيه الأصوات، تفضّل رائدة الأعمال السعودية سارة الحربي أن تعود دائمًا إلى الجذور. بصفتها شريكة مؤسِّسة لاستوديو Treehaus، تعمل سارة على إعادة صياغة العلاقة بين العلامة التجارية ومن يقف خلفها سواء كان مشروعًا أو شخصًا.

ولأن هذه الرؤية لا تتجزأ بين العمل والحياة، خاضت الحربي أيضًا تجربة شخصية ومهنية ضمن برنامج "مهيرة"، أحد برامج "منشآت" لتمكين رائدات الأعمال السعوديات، والذي تعتبره محطة محورية أثّرت في مسارها، وأكدت لها أن البناء الحقيقي يبدأ من الداخل تمامًا كما في عملها.

في هذا الحوار، تكشف سارة الحربي لـ"هي" كيف تُبنى الاستراتيجيات انطلاقًا من الأسئلة الجوهرية، وأثر تجربتها مع برنامج مهيرة، وكيف يتحوّل العمل الإبداعي إلى ممارسة يومية توازن بين البصيرة والتأثير.

سارة الحربي برنامج مهيرة
الحربي لـ"هي": "في سوق مزدحم، التخصص ليس ترفًا، بل ضرورة."

جوهر العلامة لا يبدأ من السوق

تفتتح سارة الحربي حديثها مع "هي" موضحاً دورها وهدفها قائلة: "أنا أساعد الأفراد والشركات على الوصول إلى جوهرهم الحقيقي، وترجمته إلى استراتيجية وهوية تعكس قيمهم. كل شيء يبدأ من سؤال: من أنتم؟ وليس: كيف تريدون أن تظهروا؟"

مضيفاً أن هذا المبدأ لم يعد مقتصرًا على العلامات، بل ينطبق على المسارات المهنية أيضًا، وهو ما دفعها لتقديم جلسات توجيه مهني ترتكز على نفس النهج التحليلي والاستراتيجي.

تجربة "مهيرة": صوت داخلي في مساحة جماعية

مشاركتها في برنامج "مهيرة" كانت نقطة تحوّل شخصية ومهنية في آن. البرنامج الذي يستهدف رائدات الأعمال السعوديات، منحها مساحة تأمل حقيقية. 

تقول الحربي لـ"هي": "لم أتوقع أنني أحتاج هذه التجربة حتى خضتها. خلال يومين فقط، أعادت لي وضوحًا في الرؤية، وربطتني بنساء ملهمات من خلفيات متعددة، وما زلت على تواصل مع كثير منهن حتى الآن".

وتضيف أن تأسيس شبكة "مهيرة" بعد انتهاء البرنامج خلق مجتمع دعم جديدة، يُبنى على التعاون والتشارك بدلًا من المنافسة.

برنامج مهيرة
تقول سارة:" تأسيس شبكة "مهيرة" بعد انتهاء البرنامج خلق مجتمع دعم جديدة، يُبنى على التعاون والمشاركة بدلًا من المنافسة."

ريادة أعمال بشروط شخصية

بالنسبة لسارة، ريادة الأعمال لم تكن غاية في ذاتها، بل وسيلة لإعادة تعريف بيئة العمل ومعايير النجاح. تقول سارة: "ما جذبني لهذا المسار هو الرغبة في بناء شيء يعكس من نكون، وكيف نريد أن نعمل. لم نمتلك هذا الوضوح من البداية، لكنه تشكّل مع الوقت والتجربة".

وترى أن التحدي الأكبر يكمن في ارتباط المشروع بالهوية الشخصية: "لا يمكنك فصل ما تبنيه عن من تكون. وهذا ما يجعل التجربة أكثر عمقًا وأحيانًا أكثر تعقيدًا".

من المصممة إلى المؤسسة: مسار يتبلور من الداخل

الانتقال من تنفيذ التصميمات إلى تأسيس استوديو يحمل هوية مستقلة لم يكن لحظة واحدة، بل تطوّرًا مستمرًا. توضح الحربي لـ"هي": "لم أستيقظ بيوم وأقرّر التأسيس. المسار بدأ برغبة داخلية في أن أعمل بطريقتي، وأختار المشاريع التي تعني لي. لم أكن مستعدة بالكامل، لكن الفضول كان الوقود".

وتتابع: "في البداية، كنت أراقب السوق من الخارج، أتعلم، وأبحث عن مكاني. ومع الوقت، بدأ تركيزي يتحوّل إلى الداخل — إلى ما أريده فعلًا، وما أتمسّك به من قيم. الرؤية لم تُفرض عليّ، بل تكوّنت من الداخل تدريجيًا".

الفجوة بين الشكل والاستراتيجية

في السوق المحلي، لا يزال كثير من العملاء يربطون التصميم بالمظهر فقط، دون إدراك الطبقة الأعمق من التفكير. توضح الحربي قائلة: "العديد من المشاريع تبدأ بطلب تصميم شعار أو تغليف جميل، لكن دون وجود رؤية أو فهم واضح للمشكلة. هذا يؤدي إلى حلول سطحية لا تعالج جوهر التحدي".

برنامج مهيرة
تختتم الحربي قائلة: "الشك لا يعني أنك ضعيف، بل أنك تنتقل لمرحلة جديدة من الوعي. أحاول الاستماع إليه."

وتؤمن بأن التصميم لا يأتي في نهاية المسار، بل هو نتيجة مباشرة لاستراتيجية مدروسة، توجه كل قرار بصري لاحق. في Treehaus، تُبنى العلامات من الأساس، لا من الأعلى.

الثبات في زمن التعدد والتغيّر

في صناعة تتغير يوميًا، ما الذي يمكن التمسك به دون أن تتجمد؟ تقول الحربي: "القيم لا تتغيّر. رؤيتنا وأساليبنا قد تتطور، لكن ما نؤمن به هو ما يثبتنا. المرونة ضرورية، لكنها لا تعني التخلي عن الذات".

وتضيف: "في سوق مزدحم، التخصص ليس ترفًا، بل ضرورة. يجب أن تعرف تمامًا ما الذي تقدّمه ولمن. في Treehaus، نركّز على الاستراتيجية، لكن تفكيرنا يلامس التواصل، الثقافة، والعمليات — دون أن نفقد تركيزنا الأساسي".

الاستمرارية في مواجهة الشك والغموض

البقاء على الطريق دون وضوح دائم ليس سهلًا، لكن الحربي ترى أن وجود سبب داخلي هو ما يُبقيها متزنة. توضح قائلة: "لا أحد يملك كل الإجابات، ولا أحد يشعر بالثقة الكاملة طوال الوقت. ما يساعدني هو أن أتذكّر لماذا بدأت، وأُحيط نفسي بأشخاص يذكّرونني بما أستطيع فعله حين أنسى".

أما الشك، فهو بالنسبة لها مرحلة ضرورية لا يجب إنكارها، ختاماً تقول: "الشك لا يعني أنك ضعيف، بل أنك تنتقل لمرحلة جديدة من الوعي. أحاول الاستماع إليه، فهمه، وإذا احتجت، أطلب رأيًا من شخص أثق به. وغالبًا، ما يأتي بعد الشك هو وضوح لم أكن أراه سابقًا"