مستقبل بلا عقم

لندن: معالي الغمري Maaly Elghamry
 
العقم هو السبب وراء فشل الكثير من العلاقات الزيجات التي بدأت سعيدة. فالحرمان من الأمومة يحول حياة العديد من الزوجات إلى جحيم ينعكس على علاقتها بزوجها. وأحيانا يضطر الزوج للزواج بأخرى من شدة رغبته في طفل والنتيجة أيضا تعاسة الزوجة الأولى. كل ذلك سيصبح من الماضي بعد أن حل العلم الحديث معظم أسباب العقم والمزيد منها ما زال في طور البحث. ولكن النتائج تبشر بمستقبل بلا عقم كما أكد لي المتخصصون في علاج العقم والتلقيح الصناعي في لندن. 
 
منذ مولد أول طفلة أنابيب سنة 1978 ومراكز البحث العلمي تسابق بعضها في الإعلان عن إنجازات علمية كانت منذ سنوات قليلة في عداد الأحلام. والأبحاث في مراكز علاج العقم والتلقيح الصناعي تتقدم بسرعة. فما الذي إستجد في هذا المجال؟
 
في عيادة لندن للسيدات The London Women's Clinic في شارع الطب "هارلي ستريت" وجدت الإجابة لدى الدكتورة "غيتا فنكات" Geetha Venkat إستشارية وأخصائية التلقيح الصناعي.
 
فقالت:
 
-  التلقيح الصناعي IVF كعلاج للعقم عبارة عن حقن هرمونات تعطى للزوجة لمدة أسبوعين لتنشيط عمل المبايض. بعدها تجمع البويضات وتتوضع في المعمل مع الحيوانات المنوية حتى تلقح. وعندما تصبح جنينا يتم نقله إلى رحم الأم. 
 
هذا العلاج ناجح. بنسبة لم تكن تزيد عن 10%. واليوم إختلف الوضع فمع أن نسبة نجاحه ما زالت تعتمد على عمر الزوجة إلا أن التقدم العلمي رفعها إلى 60% للعمر أقل من 35 سنة و40% كلما إرتفع السن الزوجة.
 
ومن نتائج هذه الأبحاث علاجات جديدة تطبق حاليا في مراكز الإخصاب المتطورة منها:
 
•العلاج بحقن البويضة بالحيوان المنوي ICSI Intracytoplasmic Sperm Injection
 
فيتم إخضاع الزوجة لنفس العلاج الهرموني لتنشيط المبيض حتى ينتج عددا كبيرا من البويضات مثل الأسلوب القديم. 
 
ولكن بدلا من ترك البويضة مع آلاف الحيوانات داخل السائل المنوي في طبق بالمعمل وتركها على أمل أن ينجح أحدها في الوصول إلى البويضة وإختراقها، يتدخل الأخصائي للمساعدة وذلك بإختيار أفضل هذه الحيوانات وحقنها بالإبرة إلى داخل البويضة. وهو أسلوب نجح في زيادة إحتمالات حدوث الحمل من 10 إلى 60 %. 
 
وأصبح من الممكن إستخدام الحيوانات المنوية التي لم يكن من الممكن أن تنجح من قبل في تخصيب البويضة بسبب قلة نشاطها وبطء حركتها. 
 
ويتم أيضا اللجوء إلى هذا الأسلوب الجديد في التلقيح في حالة إنخفاض عدد الحيوانات المنوية عند الزوج وهي الحالة التي كانت قديما تمنعه تماما من الإنجاب. 
 
وأيضا في حالة إرتفاع نسبة الحيوانت المنوية المشوهة، حيث أن اسلوب الحقن لا يحتاج إلا إلى إختيار واحد يتم حقنه مباشرة بعد فحصه من قبل الأخصائي في المعمل. 
 
هذا الأسلوب حل أيضا مشكلة الرجل الذي يحتوي سائله المنوي على أجسام مضادة تهاجم بويضة المرأة كما لو كانت ميكروبا.
 
الرجل كان يفشل تماماً في تخصيب بويضة الزوجة وبالتالي كان عقمه لا علاج له في الماضي.  أما الآن فيتم سحب الحيوان المنوي من السائل ويحقن مباشرة في البويضة وبالتالي ينجح التخصيب ويتم الحمل. 
 
وأسلوب التلقيح بالحقن المباشر موجود منذ سنة 1992 ولكن التطور المتواصل في أساليب التلقيح داخل المعامل رفعت نسبة النجاح الذي ضمن تكوين جنين في حالة صحية أفضل.
 
•تقنية "بلاستوسيست" Blastocyst
أرفع كثيرا نسبة نجاح الحمل عن طريق التلقيح الصناعي. فحسب الأسلوب القديم كانت البويضة الملقحة تترك في المعمل لمدة 3 أيام حتى يصل نسبة تكاثر خلايا الجنين إلى 68 خلية ثم يتم نقله إلى داخل رحم الأم. وحاليا يتم ترك 4 أو 5 بويضات ملقحة لتنمو في المعمل لمدة 5 أيام مع مراقبتها حتى يصل عدد خلايا كل جنين إلى 100 خلية، ثم يتم إختيار أفضلها نموا لينقل إلى رحم الأم مما يزيد نسبة ثبات الحمل وإستمراره.
 
أيضا كان الأخصائيون في الماضي ينقلون أكثر من بويضة ملقحة وأحيانا يصل العدد إلى 3 أو 4 أجنة لضمان ثبات واحد أو إثنين فقط. ولكن الأسلوب الجديد جعل من الممكن إختيار واحد فقط. ولأنه أكبر وأقوى فإن نسبة ثباته أيضا أكبر. وساعد التطور الكبير في السوائل والمواد الوسيطة التي توضع فيها البويضات والحيوانات المنوية ليتم التخصيب ونمو الجنين في المعمل في توفير البيئة والغذاء الأفضل لنمو الجنين قويا سليما مما يسهل نقله للرحم ويضمن إتمام شهور الحمل. 
 
•فقس البيوض بالليزر Laser Assisted Hatching 
بويضة المرأة يحيط بها غشاء صلب يمكن تشبيهه بقشرة بيضة الدجاجة. يصبح أكثر صلابة في حالة النساء فوق سن 38 أو 40 سنة. و في بعض الحالات يفشل التلقيح الصناعي أكثر من مرة بسبب صلابة الغشاء المحيط بالبويضة الملقحة مما يجعل الجنين يعجز عن كسره والخروج منه للإلتصاق بالرحم فيسقط ويجهض الحمل المبكر. في الماضي كانت مثل هذه الحالات لا حل لعقمها. ولكن التطور سمح بمساعدة البويضة على أن تفقس ويخرج منها الجنين ليلتصق بالرحم وتستمر مراحل نموه وذلك بثقب جدار الغشاء بإستعمال الليزر.
 
•نضج بويضات في المعمل  Polycistic Ovary     
بعض النساء يكون بالمبيض لديهن أكياسا صغيرة تحتوي على بويضات غير ناضجة مما يؤدي إلى عدم إنتظام الدورة الشهرية وخلل في توازن الهرمونات بالجسم. وعند العلاج بالتلقيح الصناعي IVF في الماضي كانت المريضة تعطى أدوية تحث هذه البويضات على النضوج ثم تجمع من مبيض المرأة لتلقيحها في المعمل. وهذه العملية لها أعراض جانبية خطيرة تصاحبها يطلق عليها "أعراض زيادة نشاط المبيض" . ويحدث ذلك في نسبة عالية من الحالات فتشعر المرأة بالتوعك وبأعراض أخرى مؤلمة.
 
ولكن الأبحاث العلمية توصلت إلى أسلوب جديد للعلاج يحميها من آلام كثيرة ومن التعرض بسبب الأدوية إلى النشاط الزائد في عمل المبايض، وذلك بجمع البويضات من المبيضين وهي ما زالت غير ناضجة ثم العمل على إنضاجها في المعمل وبذلك لا تحتاج لتناول أي أدوية هرمونية منشطة. 
 
•تجميد البويضات Egg Freezing 
تطور جديد يطبق حاليا هو تكنيك تجميد البويضات ويمكن أن تستفيد منه المهنية التي تريد تأخير الإنجاب حتى سن متأخر. فيتم إستخراج بيوضها وهي في سن الشباب المبكر وتجميدها. ومفيد أيضا للمرأة التي تحتاج للخضوع للعلاج بالأشعة أو الكيماويات المدمرة للمبايض والمسببة للعقم.
 
وأيضا في حالات العلاج بالتلقيح الصناعي يتم عادة تخصيب أكثر من بويضة ولكن لا ينقل إلى رحم الأم أكثر من جنين أو إثنين. وبدلا من إتلاف الأجنة المتبقية يمكن تجميدها ونقلها إلى رحم الأم بعد سنوات لاحقة. وأسلوب تجميد البويضات  ينفذ منذ سنوات والجديد هو التطور التكنولوجي في أسلوب تنفيذه، حيث تم إبتكار تكنيك جديد يسمى Vetrification رفع نسبة نجاح الحمل بعد فك التجميد من 10% وهي النسبة القديمة إلى 30% أو 40% وهي نسبة عالية جدا. ويمكن تجميد البويضة أو الجنين لمدة 10 سنوات ثم يعاد التجميد لـ10 سنوات أخرى وهكذا دواليك.