منسقة المظهر السعودية نوف النملة لـ"هي": أهم نصيحة أزياء أقدمها للمرأة الخليجية: "لا للقوانين"

نوف النملة شابة سعودية اختارت أن تتبع شغفها في عالم الموضة والأزياء، فحولت طريقها من تقنية المعلومات إلى عالم الموضة. وضعت نوف بصمتها في المجتمع السعودي باعتبارها منسقة مظهر تملك معرفة واسعة واحتراما كبيرا للذوق الشخصي والهوية المتفردة. التقينا مع نوف عبر صفحات “هي” في حوار ممتع من القلب تطرقنا فيه إلى تمكين المرأة السعودية وعالم التسوق الإلكتروني والسوشيال ميديا وأهم نصائح الموضة.

دبي: "لمى الشثري" Lama AlShethry
تصوير: عائشة الوتار Aisha AlWattar

انتقلتِ من تقنية المعلومات إلى تنسيق المظهر، صفي لنا هذه التجربة؟
في المرحلة الجامعية التحقت بكلية الحاسب الآلي قسم تقنية المعلومات في جامعة الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمة الله عليهم جميعا. وحصلت على درجة البكالوريوس في تخصص تقنية المعلومات، وكانت لي بعد التخرج فرصة العمل في مجال التخصص الجامعي بإحدى شركات الاتصالات في المملكة، ولكن لم تدم تلك التجربة لفترة طويلة. قررت بعدها أن أخوض مغامرة جديدة في مجال آخر، وهو مجال الأزياء والموضة الذي أجد نفسي فيه بشكل أكبر، ولدي شغف به منذ الصغر يمكنني من الإبداع والابتكار في هذا المجال. لا أزال أعتقد أن تجربتي في مجال الأزياء هي في بداياتها، وأدعو الله أن تكون
تجربة مفيدة وناجحة لي ولمن أعمل معهم. أسعد كثيرا برؤية الشابات من الجيل الحالي اللاتي يمتلكن وعيا أكبر بالمجالات التي تعكس شغفهن، وينطلقن بهذا الاتجاه بحماس وطاقة للعمل.
برأيكِ ما النصيحة الأهم للمرأة العربية والخليجية بشكل خاص في ما يخص تنسيق الأزياء والمظهر؟
أهم نصيحة يمكن أن أقدمها تتلخص في كلمتين: "لا للقوانين". ارتدي ما يعجبك، وما يبث فيك الراحة والثقة بالنفس. أنتِ من سيضيف إلى القطعة جمالا بأسلوبك. هناك مكملات تضيف لمسات مميزة على الأزياء، ولكن ليس هناك من قواعد معينة لا بد من اتباعها في الأزياء. أنصح المرأة العربية والخليجية بشكل خاص بأن ترتدي ما يتوافق مع مبادئها، هناك دائما حلول وخيارات لكي نعيد تقديم موضة ما قد لا تبدو في ظاهرها ملائمة لعادات الخليج، ونحوّلها بطريقتنا إلى أزياء تليق بنا. برأيي، ليس هناك ما هو أبشع من أن تتخلى المرأة عن هويتها من أجل اتباع الموضة. أحب أن أرى انعكاس شخصية المرأة على أزيائها واختياراتها. ولذا، تكمن سعادتي في مهنتي بأن أدعم المرأة باختيار قطع الأزياء التي أعلم بأنها تعجبها. على سبيل المثال، إذا كانت العميلة تحب ألوان النيون، فإن مهمتي هي أن أقدم لها تنسيقات مميزة بألوان النيون بغض النظر إذا كانت ألوان النيون موضة دارجة خلال الموسم أم لا. مثلا إذا كانت أسلوب حياة المرأة عمليا وسريعا، فلا بد أن تكون خياراتها من الأزياء بما يتلاءم مع احتياجاتها، ولا مانع طبعا من أن تكون على الموضة أيضا. تقدم لنا الأسواق خيارات عديدة ومختلفة ولا يوجد قطعة أزياء “خارج رادار الموضة”. ارتدي بشكل دائم قطع أزياء من حقبة الثمانينيات والتسعينيات أو أزياء من موسم العام الماضي.

أما النصيحة الأخرى، فهي الاستثمار في قطع الأزياء ذات الجودة العالية، فأنا لست من مؤيدي إدمان "الأزياء السريعة" التي قد نملأ بها خزائننا ثم نتخلص منها خلال عام. أشجع على اختيار قطع قد تكون أغلى سعرا، ولكن تعيش طويلا معنا. بالنسبة لي، أرى بأن الجودة أهم من الكم.

تعاونتِ مع أسماء كبيرة في عالم التسوق الإلكتروني مثل Moda Operandi و Farfetch حدثينا عن ذلك؟
بدأت العمل في هذا المجال مع أفراد العائلة، مثل شقيقاتي ووالدتي والأقارب، ومن ثم تعاونت مع مودا أوبراندي، حيث كنت أتسوق عن طريق متسوقة شخصية تدعى إيمي بارفيه، وهي التي رأت إمكاناتي في هذا المجال، وشجعتني كثيرا لكي أبدأ التعاون معهم للتسوق لعميلاتي، والحصول على نسبة بسيطة من مبيعات المتجر الإلكتروني تمكنني من تقديم أسعار أقل لهن. وكانت بالفعل انطلاقة ناجحة نظمنا على إثرها عشاء مختصرا وحميما مع العميلات، حيث قدم مودا أوبراندي مجموعاته من أطقم طاولة الطعام. عرفنا ضيفاتنا خلال تلك الأمسية إلى مفهوم مودا أوبراندي، وهو طلب قطع عروض الأزياء قبل توزيعها في الأسواق، وهو ما يضمن للعميلة حصولها على ما تريده. تعاونت بعد ذلك مع Farfetch بالطريقة نفسها كما نظمنا مؤخرا مناسبة بالرياض عرضنا فيها قطعا من اختياري وجدتها مناسبة للمتسوقات في السعودية بناء على خبرتي بالذوق العام للمرأة السعودية بصفتي منسقة أزياء، وبصفتي عضوا فاعلا ضمن المجتمع السعودي. ولله الحمد، كان تعاوننا ناجحا وموفقا وأصداؤه رائعة. كما تواصل معي متجر The Modist للتسوق الإلكتروني. وأعمل حاليا مع موقع Net-a-Porter.
ما أبرز التحديات التي واجهتها، حيث اخترتِ العمل في مجال تنسيق المظهر؟

تتمثل أبرز التحديات في شرح مفهوم "منسقة مظهر"، لأنه جديد نوعا ما على الساحة السعودية، وليس بقديم عهد في العالم أيضا. هناك تشوش بين مهمتي "المتسوق الشخصي" و"منسق المظهر". أحرص دائما على توضيح الفرق بينهما، فمهمتي لا تقتصر على إيجاد قطع يبحث عنها العملاء أو تسوق المشتريات التي اختاروها، وهي مهمة "المتسوق الشخصي"، فأنا أنسق إطلالة كاملة حول قطعة، بما يتناسب مع ذوق العميلة. أما الوجه الآخر للتحديات، فهو وجود منافسة مع "منسقات المظهر" من أوروبا أو أمريكا قد لا يكون لديهن المعرفة الكافية بالذوق السعودي، ربما يصب ذلك في مصلحتي، لأن التجارب من هذا النوع تدفع العميلة للبحث عن "منسقات مظهر" في السعودية لهن خبرة بالذوق السعودي. ولكنه يدل أيضا على حاجتنا إلى زيادة وعي العميلات في السعودية بوجود نخبة مميزة من "منسقات المظهر" السعوديات اللاتي يملكن خبرة واسعة ورائعة في الذوق السعودي. تمكنت، ولله الحمد، بدعم وتشجيع من زوجي والعائلة والأصدقاء من تجاوز هذه التحديات، وأتطلع إلى المزيد من التقدم والنجاح بإذن الله.

كيف يمكن للمرأة أن تضع بصمتها الفردية وذوقها الشخصي على الأزياء مع مواكبة توجهات الموضة؟
لا بد لكل امرأة من أن تكون صادقة مع ذاتها في اختيار أزيائها، بحيث نتنقي الأزياء التي تعجبها شخصيا وليس تلك التي تظن بأنها ستلاقي إعجاب الآخرين. من الرائع أن نرى انعكاس شغف المرأة وشخصيتها الفريدة في اختيارها لأزيائها، وهو أمر أحترمه، وأقدره كثيرا لدى عميلاتي. أنسجم كثيرا مع العميلات اللاتي يوضحن بشكل محدد ميولهن في الأزياء، ويهمني كثيرا ألا يقتصر هدف العميلة على أن تكون إطلالتها مطابقة لأحدث خطوط الموضة من دون ذوق شخصي أو لمسة فريدة تميزها عن غيرها. يغمرني شعور غامر بالفرح عندما أرى قطعة على موقع تسوق ما أو في متجر ما، وأتذكر على الفور إحدى عميلاتي التي أثق بأن هذه القطعة ستعجبها، لأن ذوقها واضح وطابعها مميز.
كيف ترين تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في عالم الأزياء ومنتجات الرفاهية؟

السوشيال ميديا سلاح ذو حدين، فهي وسيلة لها تأثير إيجابي كبير من حيث سهولة متابعة الموضة وشراء قطع أزياء منوعة في دقائق معدودة، إضافة إلى متابعة العروض ومدونات الموضة والمؤثرات في عالم الأزياء. كما أنها تمدنا بأفكار لا نهاية لها خاصة خلال المواسم الخاصة بالأزياء، مثل أسبوع الموضة في المدن العالمية، حيث نتابع مباشرة عروض الأزياء، ونشاهد صورا رائعة من أسلوب الأزياء في الشارع Street Style . كنا في السابق نتابع أخبار السجادة الحمراء بحماس لكي نرى أحدث توجهات الموضة على المشاهير؛ أما الآن، فإن وسائل السوشيال ميديا أغنتنا عن هذا الأمر. نشاهد على مدار العام مناسبات وإطلالات مختلفة توحي لنا بالعديد من الأفكار الرائعة في ما يتعلق بالأزياء، والتي تشجعنا على تجربة أساليب جديدة ربما لم نكن لنجرؤ على اختيارها. أما الجانب الآخر، فهو تأثيره السلبي في عملية ضبط المصروفات المادية، حيث نصرف لا شعوريا مبالغ طائلة من خلال التسوق الإلكتروني، وخاصة بعد مشاهدة قطع أزياء جذابة على حسابات مدونات الأزياء، ولا بد لنا أن نكون على وعي وإدارك بهذا الأمر. ولذا، أشعر شخصيا بمسؤولية كبيرة تجاه ما أعرضه على حساب إنستغرام الخاص بالعمل. فأنا حذرة في المختارات التي أشاركها، ولا أفضل التركيز على
الأزياء ذات الأسعار المرتفعة للغاية التي تلائم فقط أصحاب القدرات الشرائية المطلقة، بل أفضل التنويع في المعروضات، لكي تكون مناسبة لمختلف الأذواق والميزانيات. أسعد كثيرا بتفاعل متابعيّ معي، وسماع تجاربهم وآرائهم، وخاصة أن عددالمتابعين قليل نسبيا، لدي ما يقارب 2000 متابع، وتواصلي الدائم معهم يشجعني على تقديم المزيد.

 كيف تصفين تمكين المرأة ضمن رؤية 2030 على أرض الواقع باعتبارها شابة اختارت العمل في مجال حديث نوعا ما في المنطقة؟
أرى تمكين المرأة قد شق طريقه بشكل واضح، وسوف نرى المزيد خلال السنوات القادمة. أشعر بفخر كبير لأني أم لطفلتين رائعتين تشهدان العصر الذهبي لتمكين المرأة في السعودية، وأؤمن بأن لديهما الفرصة لكي تصبحا بارزتين في أي مجال تختارانه. يغمرني تفاؤل وسعادة عندما أرى تقبل المجتمع ودعمه للمرأة في مختلف المجالات، مثل الرياضة وقيادة السيارة، والطبخ على مستوى فنادق ومطاعم عالمية. يمكن لابنتي أن تكون كابتن طيارة، أو مهندسة معمارية، فطموح المرأة وتمكينها حدوده السماء. أرى أيضا أن مستقبل المرأة السعودية كبير في عالم الموضة، فما نراه حاليا من مواهب نسائية محلية وصلن إلى العالمية مجرد بداية لمستقبل عظيم، سواء في مجال تصميم الأزياء أو تنسيق المظهر أو فنون الماكياج أو تدوين الموضة. هناك العديد من الأسماء البارزة التي نفخر بها مثل منسقة الأزياء نورة العيسى التي اختيرت للعمل ضمن فريق فيلم Born A King مستشارة للفرنسي "فرانسواز فوركاد" Françoise Fourcade مصمم الأزياء الخاصة بالفيلم. إنه أمر رائع أن تشارك امرأة سعودية في هذا الفيلم الذي يروي قصة شخصية ملكية لها شأن عظيم في تاريخ المملكة العربية السعودية، ومكانة خاصة في قلوب السعوديين.

كيف تصفين تجربة قيادة للسيارة بالنسبة لك في السعودية؟

تجربة قيادة السيارة كانت حلما تحول إلى حقيقة. كانت والدتي تحلم وتتمنى أن يحل اليوم الذي تستطيع فيه قيادة السيارة في السعودية، وخاصة أنها تقودها في الخارج. وقد تمكنت بالفعل من تحقيق هذه الأمنية بكل سلاسة وتحضر. تسهم قيادة السيارة في تسهيل أداء مهامي وإنجاز أعمالي والالتقاء بعميلاتي في الوقت الذي يناسبني من دون الاضطرار إلى تنسيق ذلك مع أي شخص. قيادة المرأة تمثل جزءا مهما من تمكين المرأة، حيث يمكنها الانتقال بسهولة من مكان إلى آخر سواء داخل السعودية أو خارجها.
ما الذي تطمحين إليه؟
أطمح إلى تأسيس شركتي الخاصة التي تحتضن تحت مظلتها منسقات مظهر سعوديات، ومستشارات أزياء سعوديات، وأن نتعامل مع مجلات بارزة، مثل مجلة "هي" ومجلات عالمية. يهمني كثيرا أن أرى إطلالات سعوديات ضمن المجلات المهمة من إعداد منسقات أزياء سعوديات.