تعرفوا على قصة نجاح الفنانة الاماراتية ابتسام عبدالعزيز

خاص "هي": رحلة خاصة في عالم الفن المفاهيمي.. تعرفوا على قصة نجاح الفنانة الإماراتية ابتسام عبدالعزيز

شروق هشام
26 أغسطس 2025

بمناسبة يوم المرأة الإماراتية الذي يحتفي بإنجازات المرأة ودورها الريادي في مختلف المجالات، تبرز مسيرة الفنانة الإماراتية "ابتسام عبدالعزيز" كإحدى النماذج الملهمة في عالم الفن المفاهيمي، وتأتي مشاركتها الحالية في معرض "ملامح متغيرة" بمدينة جدة ضمن أكثر من 50 فنانًا ممن أسهموا في بلورة التيارات الفنية الحديثة في منطقة الخليج، ليؤكد مكانتها كصوت فني معاصر وليجسد رؤيتها الفنية العميقة بإبداع.. فلنتعرف على رؤيتها الفريدة وقصة نجاحها المميزة في عالم الفن المفاهيمي على مستوى عالمي، من خلال هذا الحوار الممتع معها:

عرفينا عن نفسكِ.

الفنانة الإماراتية ابتسام عبدالعزيز إحدى النماذج الملهمة في عالم الفن المفاهيمي
الفنانة الإماراتية ابتسام عبدالعزيز إحدى النماذج الملهمة في عالم الفن المفاهيمي

ابتسام عبدالعزيز، فنانة وكاتبة متعددة التخصصات، أستكشف قضايا الهوية والثقافة من خلال التركيبات الفنية، والأداء، والوسائط المتعددة، والرسم، والأعمال على الورق، أدمج بين العلمي والعشوائي، مستندة إلى خلفيتي في العلوم والرياضيات، حيث أقوم باستكشاف منهجي للحالات اللاواعية واتساع تفاصيل الحياة اليومية.. أُنشئ رموزًا وهياكل منهجية ولغة بصرية وإيماءات أدائية تدفع المشاهد إلى التساؤل حول افتراضاته بشأن القواعد التي تحكم العالم الطبيعي والعالم القائم على النظم، ومن خلال التقاطعات الحميمة بين هذه المفاهيم، أُركّز الوعي على بيئتنا المحيطة وعلى القضايا التي تربكني وتشكلني.

 أنا أيضًا كاتبة وباحثة مهتمة بتقاطع الفن المعاصر مع مفاهيم علم الاجتماع والفلسفة، أتناول في أعمالي مواضيع مثل العزلة، الغربة، والهوية المزدوجة، وأرى في الفن أداة للتعبير عن القضايا الكبرى بلغة بصرية صادقة وحيّة.

حدثينا عن أبرز المحطات في مشواركِ الفني.

من اعمال الفنانة ابتسام عبدالعزيز
من اعمال الفنانة ابتسام عبدالعزيز

بدأت رحلتي الفنية منذ عام 2000، بدأت بالرسم، الى الفن المفاهيمي، باستخدام وسائط فنية متعددة، وتحديدًا عبر الأداء الفني الذي أصبح الوسيط الأساسي في ممارستي لما يحمله من صدق وفورية في التعبير.. ومن أبرز محطاتي:

عُرضت أعمالي في بينالي البندقية الثالث والخمسين، ضمن جناحي دولة الإمارات العربية المتحدة وأبوظبي، في فينيسيا، إيطاليا. كما شاركت في الدورة السابعة والعاشرة من بينالي الشارقة، في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة؛ ومعرض "دبي نكست" في بازل؛ ومعهد العالم العربي في باريس، فرنسا؛ ومتحف كونست في بون، ألمانيا؛ ومتحف موري للفنون في طوكيو، اليابان؛ وبينالي بنين لعام 2012 في مركز كورا، بنين؛ وبينالي فوتوفست، في هيوستن، تكساس؛ ومعرض كارا؛ ومعرض سماك ميلون في نيويورك؛ ومعرض جامعة نيويورك أبوظبي؛ ومتحف غوغنهايم أبوظبي؛ ومتحف فلوريدا للفنون الفوتوغرافية في تامبا؛ ومتحف الجامعة الأمريكية في مركز كاتزن للفنون. في عام 2014، كانت أعمالي جزءًا من المعرض المتنقل "الماضي إلى الأمام: الفن المعاصر من الإمارات"، الذي جال عدة مدن أمريكية، وتضمّنته مجموعات فنية دولية.

أعمالي التركيبية ولوحاتي وأعمالي على الورق والفيديوهات الخاصة بي محفوظة ضمن مجموعات عامة وخاصة عديدة. وقد تم اقتناء عملي الفيديو "سيرة ذاتية 2007" لمجموعة متحف غوغنهايم – أبوظبي. كما أعتز كثيرًا بالتفاعل الإنساني الذي يرافق أعمال الأداء الحيّة، حين يتحول العمل إلى مساحة تواصل مباشرة تكشف ردود الفعل اللحظية، وتفتح بابًا للحوار مع الجمهور.

كيف تصفين مشاركتكِ في معرض "ملامح متغيرة" في جدة؟ وما الذي جذبكِ للانضمام إليه؟

من أعمال الفنانة ابتسام عبدالعزيز
من أعمال الفنانة ابتسام عبدالعزيز

مشاركتي في معرض ملامح متغيرة تمثل لي امتدادًا طبيعيًا لاهتمامي بتفكيك ملامح الإنسان وتشكّله داخل عالم متغير، مضطرب، ومشحون بالقضايا.. المعرض له توجهه المفاهيمي العميق، وانفتاحه على وسائط متعددة وأساليب متباينة، ضمن رؤية واحدة تسعى إلى خلق حوار بصري وجماهيري حول التحولات الاجتماعية والنفسية والتاريخية، المعرض شكّل منصة لفنانين ينطلقون من تجارب فردية من مختلف المدارس الفنية والأجيال التاريخية.. ما منح التجربة لمحة توثيقية تاريخية وتأثيرًا أوسع.

حدثينا عن عملكِ الفني في المعرض، وما الرسالة التي تودين إيصالها من خلاله؟

قدّمت في المعرض عملًا بعنوان سيرة ذاتية 03–07، هذا العمل يدمج بين التوثيق والدراما المسرحية، ويعكس تحولي الشخصي ضمن إطار نقدي ساخر لمجتمعاتنا المعاصرة، خاصة تلك التي تحوّل الإنسان إلى رقم في نظام استهلاكي لا يعترف إلا بالربح المادي.

الفيديو يتضمن مشهدًا متكررًا وبطيئًا لحركة يومية نعيشها جميعًا، لكنه عُرض بطريقة ساخرة تسخر من الفروقات الطبقية وتحاكي عبثية الرأسمالية، حيث يتحول جسد الفنان إلى ماركة تُستهلك بصريًا، تمامًا كما يحدث في الإعلانات التجارية. في العمل، استخدمت أرقامًا بألوان لافتة مستوحاة من تقنيات الإعلان لجذب الانتباه، محاكية الطريقة التي يتم بها "فرض" الرسائل علينا كأفراد داخل هذا النظام. حين أرتدي زياً مطبوعاً عليه سيرتي الذاتية الرقمية وأسير به في الفضاء العام، أُحوّل الجسد إلى مرآة لقضايا مجردة مثل التهميش، القهر، والتشييء، في زمن يراكم أحداثه بسرعة فائقة إلى حد فقدان المعنى. ورغم أن المشهد قد يبدو "عادياً"، إلا أنه في جوهره يحمل حزنًا عميقًا عن واقع نكاد نقبله دون مساءلة.

كيف تقيمين قوة الحوار الفني في المعارض الجماعية مثل معرض "ملامح متغيرة"؟

من أعمال الفنانة الاماراتية ابتسام عبدالعزيز
من أعمال الفنانة الاماراتية ابتسام عبدالعزيز

أؤمن بأن المعارض الجماعية تخلق طاقة لا تحدث في التجارب الفردية. الحوار لا يكون فقط بين الفنانين، بل بين الأعمال نفسها، التي تُعيد أحيانًا قراءة بعضها البعض بطرق غير مقصودة.. في ملامح متغيرة، ولأكون صريحة لم يتسنى لي رؤية المعرض او التعمق في دورة حتى أدلي برأيي، فأنا مقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ ما يقارب العشر اعوام، فلا يمكنني ان أقيم أو أبدي رأيي في الحراك الفني ومدى قوة الحوار الفني.

ما الذي تطمحين لتقديمه في أعمالكِ القادمة؟

أطمح إلى الاستمرار في توظيف الجسد كوسيط فني لمقاربة قضايا معقدة مثل الهوية، القمع، والتاريخ المُضمر، كما أعمل على مشاريع تتفاعل أكثر مع الجمهور، وتُخرجه من موقع "المتلقي" إلى "المشارك".

أفكر أيضًا في تقديم عروض فنية في فضاءات غير تقليدية الشارع، محطات النقل، أو المراكز التجارية، في محاولة لكسر الإطار التقليدي للعرض وإعادة الفن إلى الحياة اليومية. بالإضافة الى خلق أعمال تركيبية للاماكن العامة بيئية تُخاطب الوعي الجسدي والمكاني للمتلقي بطريقة مباشرة وشمولية.

بمناسبة يوم المرأة الإماراتية.. ما الرسالة التي تودين توجيهها للنساء الإماراتيات عموماً وللفنانات خصوصاً؟

في هذا اليوم الذي نحتفي فيه بإنجازات المرأة الإماراتية.. المرأة الإماراتية اليوم ليست فقط شريكة في التنمية، بل هي قائدة، ومبتكرة، وصانعة للتغيير.

رسالتي لكل امرأة إماراتية: ثقي بذاتكِ، وواصلي السعي لتحقيق أحلامكِ، أياً كانت التحديات. لقد منحتها إياكِ الدولة بكل ما يلزم لتكن في الصفوف الأمامية، فمسؤوليتكِ الآن الاستمرار في التقدّم، كلٌّ في مجاله، بروح من الإصرار والإبداع.

وللفنانات الإماراتيات بشكل خاص، أقول: الفن ليس مجرد ممارسة جمالية، بل هو أداة تفكير، ومساحة للتساؤل، وللتحرر.. نحن لا ننتج عملا فنيا فقط من أجل العين، بل من أجل الوعي.. الفن يمنحنا فرصة نادرة لنطرح الأسئلة الصعبة، ولنعبّر عن رؤيتنا كنساء يعشن هذا العصر بخصوصيته وتعقيداته.

لا تخفن من التعبير عن ذواتكنّ، عن تجاربكنّ الشخصية، وعن هويتكنّ الثقافية.. لا تبحثن عن القبول بقدر ما تسعين لقول الحقيقة الفنية التي تؤمنّ بها.. كوني أنتِ، كاملة كما أنتِ، بصوتكِ وبصمتكِ الفنية التي لا تُشبه أحداً.

الفن الإماراتي بحاجة إلى الكثير من الأصوات النسائية القوية، المتجذّرة في تراثها والمنفتحة على العالم.. استمرّي، حتى وإن لم يُصفق لكِ أحد في البداية، فالصوت الصادق يصل دائماً.

كلمة أخيرة..

الفن ليس ترفًا، بل ضرورة.. هو وسيلة للنجاة، للمقاومة، ولمساءلة ما يُفرض علينا.
الفنان الحقيقي لا يقدّم أجوبة جاهزة، بل يطرح تساؤلات تحتاج إلى شجاعة لمواجهتها.

وختاما..

أشكر مجلة "هي" على هذا الحوار، وعلى اهتمامها بالفن المفاهيمي، وأتمنى أن تظل هذه المنصات منبرًا للأصوات التي تُقاوم النمطية، وتُعيد تشكيل الوعي الثقافي من الداخل.

الصور تم استلامها من الفنانة.