الفنانة السعودية رغد الأحمد

خاص لـ"هي": الفنانة السعودية رغد الأحمد ظلال أشجار الرمان في مهرجان كونسينتريكو بإسبانيا بدعم من "إثراء"

رهف القنيبط
17 يوليو 2025

من الظهران إلى لوغرونيو، يحلّق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) للعام الثاني على التوالي بعمل تركيبي للفنانة السعودية رغد الأحمد في مهرجان كونسينتريكو الدولي للعمارة والتصميم 2025، حيث تنسج "جذور الدفء" خيوطها بين ظلال الرمان وحدود العمارة.

مهرجان كونسينتريكو الدولي للعمارة والتصميم 2025
لم يكن تنفيذ العمل فرديًا، بل حمل في طياته تعاونًا مجتمعيًا واسع النطاق. الصورة من صفحة التواصل الحكومي 

في حديث خاص مع "هي"، تروي رغد الأحمد عن العمل من فكرته إلى تنفيذه، عن العلاقة بين العمارة والظل، وعن التعاون مع 50 حرفية من الجوف، وتفاعل الجمهور الأوروبي، كما تتوقف عند دور المشاركات الدولية في إعادة تقديم الثقافة السعودية بصورة حية ومعاصرة.

تحت ظل الرمان: عمارة تستلهم الدفء

العمل لم ينطلق من فكرة تصميمية بحتة، بل من ذاكرة عائلية حميمة، كما تروي رغد: "العمل استلهم من عادة الجلوس تحت ظلال أشجار الرمان في بساتين الطائف، حيث تشكل الطبيعة مظلة تجمع العائلة في لحظات دفء وبساطة."

تكمل الحديث:" حاولت أن أنقل هذا الشعور من خلال تصميم يدمج بين الظل كعنصر معماري تفاعلي، والنسيج اليدوي كرمز للترابط بين أفراد العائلة." بهذا المفهوم، يتحوّل الظل من عنصر معماري إلى حالة اجتماعية وروحية، تُحتفى فيها البساطة وتُستحضر فيها العلاقة الحميمة بين الناس والطبيعة.

نسيج من الجوف... وصوت من الحجاز

لم يكن تنفيذ العمل فرديًا، بل حمل في طياته تعاونًا مجتمعيًا واسع النطاق، كما توضّح الأحمد: "تم التعاون مع الحرفيات عبر ورش عمل مكثفة لتطوير قطع منسوجة بأسلوب السدو التقليدي، بحيث تعكس كل قطعة حكاية من البيئة الصحراوية والزراعية."

مهرجان "كونسينتريكو" الدولي
تقول الأحمد:"الظل في ثقافتنا رمز للراحة والحماية والالتقاء، في العمل، الظل هو تعبير عن دفء الترابط الإنساني."

تكمل الحديث: "كان الهدف أن تكون لمسة كل يد حاضرة في العمل، لتجتمع هذه الجهود في مشهد معماري يجسد روح التعاون، ويبرز قيمة الحرف اليدوية كعنصر أساسي في سرد القصة السعودية المعاصرة."

كسر الصورة النمطية: فن من قلب الأرض

وعن أهمية هذه المشاركات الدولية، تقول الأحمد: "أهمية هذه التجارب تكمن في أنها تتيح للجمهور العالمي لمس الثقافة السعودية من زاوية حية وحديثة، بعيدة عن القوالب النمطية. هذه المشاركات تكسر الصور التقليدية وتبرز تنوع ثقافتنا وعمقها الإبداعي، كما أنها تقدم السعودية كحاضنة للفن والحرف والتراث، وفي الوقت نفسه كمنصة للابتكار والحوار الثقافي."

من الطائف إلى لوغرونيو: حين تعبر العمارة الحدود

في هذا العمل أرادت رغد أن تفتح نافذة لا تطل على السعودية، بل تُدخل زائر المهرجان إلى قلبها. توضح ذلك: "ما جذبني للمشاركة هو رغبة قوية في تقديم تجربة حسية وبصرية تنقل زائر المهرجان إلى أجواء الطائف، وكأنّه يعيش لحظة جلوس تحت شجرة رمان سعودية. لاحظت أن الجمهور الأوروبي تفاعل بشكل عاطفي."

مهرجان كونسينتريكو الدولي للعمارة والتصميم 2025
يستمر العمل التركيبي في أستقبال الجمهور في ساحة بلازا دي لا ديفيرسيداد خلال الفترة من 19 إلى 24 يونيو.

وتكمل الحديث قائلة:" ووجد في العمل توازناً بين الحداثة والتقليد، وكانوا فضوليين لمعرفة القصة وراء النسيج والألوان." هذا التفاعل فتح بابًا للحوار الثقافي، وأكّد أن التجربة الحسية الصادقة لا تحتاج إلى ترجمة، بل فقط إلى صدق النية ووضوح الهوية.

ظلّ يجمعنا: رمزية بصرية ومعنوية

تتأمل الأحمد في دلالة الظل داخل الثقافة السعودية وتقول: "الظل في ثقافتنا رمز للراحة والحماية والالتقاء، وغالباً ما يقترن بمكان يجمع العائلة أو الضيوف. في العمل، الظل لم يكن مجرد عنصر بصري، بل تعبير عن دفء الترابط الإنساني."

وتكمل الأحمد:"حيث يحتضن الناس ويوحدهم تحت مساحة واحدة." يتحوّل الظل من مجرد نتاج للشمس إلى دعوة للالتقاء، مساحة للمشاركة، ومجال للتأمل في البساطة والعمق.

إثراء في مهرجان "كونسينتريكو" الدولي
ومع اختتام عرضه في إسبانيا، يستعد العمل للعودة إلى المملكة ليُعرض ضمن فعاليات "تنوين 2025"

وهكذا، يواصل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) حضوره في المشهد المعماري العالمي للعام الثاني على التوالي، عبر مشاركته في مهرجان "كونسينتريكو" الدولي، حيث يستقبل الجمهور الإسباني العمل التركيبي "جذور الدفء" في ساحة بلازا دي لا ديفيرسيداد خلال الفترة من 19 إلى 24 يونيو.

ومع اختتام عرضه في إسبانيا، يستعد العمل للعودة إلى المملكة ليُعرض ضمن فعاليات "تنوين 2025"، الحدث الأبرز في مجال التصميم، حيث سيُعاد تقديمه في سياق محلي ينبض بالحوار، ويعكس ما حققته التجربة من تفاعل عالمي، تأكيدًا على المكانة المتنامية للمشهد الإبداعي السعودي في خارطة التصميم الدولية.

جميع الصور المستخدمة من صفحة الفنانة عبر الانستجرام