
التهاب المفاصل عند الأطفال يبدأ في صمت..إليكِ مخاطره وطرق علاجه
التهاب المفاصل لا يقتصر فقط على كبار السن أو من يعانون من أمراض مزمنة. لكن الواقع الطبي يقول غير ذلك. فحتى الأطفال في مقتبل أعمارهم النضرة، قد يُصابون بأنواع مزمنة ومعقدة من التهابات المفاصل.
يهدد التهاب المفاصل عند الأطفال، المعروف علميًا باسم التهاب المفاصل اليفعي المزمن" Juvenile Idiopathic Arthritis – JIA"، راحتهم اليومية، كما يؤثر على نموهم البدني، ويعوق مشاركتهم في الأنشطة، وحتى مستقبلهم إن لم يتم التدخل في الوقت المناسب.
من أجل ذلك، ولأهمية هذا الموضوع نسلط الضوء على أسبابه، وعلامات الإصابة به، ومخاطره، وعلاجه عبر إفادة دكتورة "رويدا حمدي عبده" استشارية أمراض الروماتيزم والمفاصل، بهدف تثقيف الأهل والمعلمين ومقدمي الرعاية، وتقديم كل ما يحتاجونه لفهم المرض، ونعزيز وعيهم بأهمية التشخيص والعلاج المبكر.
ما هو التهاب المفاصل اليفعي؟
التهاب المفاصل اليفعي هو مرض مناعي ذاتي مزمن يصيب الأطفال قبل سن ال16، يهاجم جهاز المناعة عن طريق الخطأ بطانة المفاصل، مما يؤدي إلى التهاب يسبّب الألم، التيبس، التورم، وقلة الحركة. وفي بعض الحالات، يتعدى أثر المرض المفاصل ليصل إلى العينين أو حتى أعضاء الجسم الأخرى.
ما هي أنواع التهاب المفاصل عند الأطفال؟
توجد أنواع عديدة لالتهاب المفاصل الذيي يصيب الأطفال، تختلف هذه الأنواع بحسب عدد المفاصل المصابة والأعراض المصاحبة.
-
النوع قليل المفاصل
يصيب أقل من 5 مفاصل، وغالبًا يتركّز في الركبتين أو الكاحلين، وقد يصاحبه التهاب في العين.
-
النوع متعدد المفاصل
يصيب 5 مفاصل أو أكثر، ويشبه من حيث الأعراض الروماتويد المفصلي عند البالغين.
-
النوع الجهازي
يؤثر على المفاصل مع أعضاء داخلية كالكبد، الطحال، والجلد، ويترافق مع حمى وطفح جلدي.
-
أنواع أخرى:
مثل التهاب المفصل المرتبط بالصدفية أو بأمراض الجهاز الهضمي، أو ذلك الذي يصيب العمود الفقري.
ما هي علامات إصابة الأطفال بالتهاب المفاصل اليفعي؟
توجد علامات مبكرة لا يجب تجاهلها، فقد تبدأ الأعراض بشكل خفي، لذا يجب الانتباه إلى العلامات التالية، خاصة إذا استمرت لأكثر من أسبوعين:
- تيبّس المفاصل في الصباح
- تورم المفاصل ودفؤها عند اللمس
- ألم أثناء الحركة
- تغير في طريقة المشي أو ظهور عرج
- فقدان الشهية والإرهاق العام
- ارتفاع حرارة غير مبرر
- طفح جلدي أو احمرار في العين
- في بعض الحالات، قد لا يعاني الطفل من ألم، لكن التيبّس والتورم يكونان واضحين.
كيف يتم تشخيص التهاب المفاصل عند الأطفال؟
يعتمد التشخيص على مزيج من الفحص السريري، تحاليل الدم مثل ESR، CRP، ANA، RF، بالإضافة إلى الأشعة أو الرنين المغناطيسي.
ويجب أن يتم التشخيص بواسطة طبيب مختص في أمراض روماتيزم الأطفال، لأن بعض أنواع هذا الالتهاب قد تشبه أمراضًا أخرى مثل العدوى أو أمراض الدم.
ما هو علاج التهاب المفاصل عند الأطفال؟
الهدف من العلاج هو تخفيف الأعراض، منع المضاعفات، والحفاظ على جودة حياة الطفل، ويشمل:
-
الأدوية
يصف الطبيب الأدوية التالية بحسب كل حالة:
- مضادات الالتهاب (NSAIDs) لتخفيف الألم والتورم
- أدوية معدّلة للمناعة مثل الميثوتركسات
- العلاجات البيولوجية للحالات الشديدة
- علاجات موضعية أو قطرات للعين عند الحاجة
2. العلاج الفيزيائي
للمساعدة في الحفاظ على ليونة المفاصل ومنع التشوّه.
3. الدعم النفسي والاجتماعي.
مهم جدًا خاصة في مرحلة المدرسة أو في العلاقات الاجتماعية، حيث يساهم في تعزيز ثقة الطفل بنفسه.
4. التغذية والمتابعة المنتظمة
النظام الغذائي المتوازن والمتابعة مع الطبيب يساهمان في دعم النمو الطبيعي والصحة العامة.
هل يمكن الشفاء من التهاب المفاصل اليفعي عند الاطفال؟
نعم، بعض الأنواع، خاصة النوع قليل المفاصل، قد تدخل في مرحلة خمول طويلة الأمد أو حتى الشفاء التام، لكن في بعض الحالات، قد يستمر المرض ويحتاج إلى علاج طويل الأمد ومتابعة دقيقة. الأهم هو عدم إيقاف الدواء من تلقاء النفس دون استشارة الطبيب.

هل التهاب المفاصل عند الاطفال خطير؟
بحسب د. د. رويدا حمدي، نعم قد يتعرض الأطفال المصابين بالتهاب المفاصل لمخاطر صحية كبيرة في حال تأخير التشخيص وإهمال العلاج، ومن المخاطر المحتملة ما يلي:
- تلف دائم في المفاصل
- تأخر في النمو الجسدي للطفل
- مشكلات في العين قد تصل إلى فقدان البصر
- صعوبات نفسية بسبب الألم أو الإعاقة الجسدية
لماذا التشخيص المبكر مهم جدًا؟
كلما كان التشخيص أسرع، كلما تحسنت فرص السيطرة على المرض وتقليل مضاعفاته التي سبق ذكرها أعلاه ولتفادي مخاطر جمة.
توصيات الطبيبة
إن الطفل المصاب بالتهاب المفاصل لا يحتاج إلى شفقة بل إلى فهم ودعم. يمكنه أن يحيا حياة مليئة بالنشاط والطموح، فقط إذا حصل على التشخيص الصحيح، والعلاج المناسب، والمساندة النفسية.لا تتجاهل أعراضًا قد تبدو بسيطة، فكل تأخير في التشخيص قد يترك أثرًا طويل الأمد.
خلاصة القول:
يتطلب التهاب المفاصل عند الأطفال من الحالات التي تتطلب وعيًا، لا قلقًا. فبمجرد ملاحظة الأعراض وعلامات الإصابة به، يجب التوجه إلى الطبيب المختص، هذه الخطوة مهمة للغاية، ويمكن أن تغير مجرى حياة الطفل المصاب للأفضل.ليس المرض هو ما يُعيق الطفل، بل التأخير في التشخيص، والتقصير في المتابعة، والنقص في الوعي.
تذكّروا دائمًا: الالتهاب لا يعني النهاية، بل بداية رحلة جديدة مع الوعي، والرعاية، والأمل.
مع تمنياتي لجميع الأطفال بدوام الصحة والعافية،،،