
في يومه العالمي: إليكِ ما تحتاجين معرفته عن أعراض قصر البصر وأسبابه
يعاني ما لا يقل عن 2.2 مليار شخص في العالم من ضعف البصر من مسافةٍ قريبة أو بعيدة؛ ومليار شخصٍ على الأقل من هؤلاء، مصابون بحالات ضعف بصر كان يمكن الوقاية منها أو لم تعالج بعدُ.
يزداد انتشار قصر النظر (قصر البصر) بشكلٍ متزايد في جميع أنحاء العالم، مع وجود اختلافات إقليمية كبيرة في معدل انتشاره. ففي منطقة الشرق الأوسط مثلًا، يُعد قصر البصر مصدر قلقٍ متزايد، مع تزايد انتشاره نتيجةً للتحضر، وتغيرات نمط الحياة، واستخدام الشاشات لفتراتٍ طويلة. وتشير الدراسات إلى أن اضطرابات الانكسار، بما في ذلك قصر النظر، من أكثر أسباب ضعف البصر شيوعًا في المنطقة.
فيما يخص الاتجاهات العالمية، وبحلول عام 2050؛ قد يُصاب ما يقرب من نصف سكان العالم (ما يقرب من 5 مليارات نسمة) بقصر البصر، مع إصابة حوالي 10% منهم بقصر نظرٍ شديد. وفي منطقة شرق آسيا، أفادت دول مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة بأن معدلات قصر البصر لدى المراهقين تتجاوز 80-90%، مع بعض الدراسات التي أُجريت على الشباب في المناطق الحضرية والتي أظهرت معدلاتٍ تصل إلى 96%. أما في الولايات المتحدة وأوروبا، فقد تضاعف معدل انتشار قصر البصر تقريبًا لدى الأفراد الأصغر سنًا منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حيث تجاوزت المعدلات 40% في الولايات المتحدة بحلول عام 2004. وفي أفريقيا، تُشير التقارير إلى انخفاض معدل الانتشار بشكلٍ عام؛ لكن البيانات الحديثة تشير إلى اتجاهٍ تصاعدي بسبب التحضَر وتغيَرات نمط الحياة.
إذن، نحن ندفع ضريبة الحياة المتحضرَة والمتطورة من خلال زيادة تعرَضنا لمشاكل صحية مثل قصر البصر. فما هي الأعراض التي تُصاحب هذه المشكلة، وهل من أسبابٍ أخرى وراء الإصابة بهذه المشكلة في العيون؟ والأهم، كيف نعالج قصر البصر، وما السبيل للوقاية منه؟ كل هذه الأسئلة حملناها إلى الدكتور وسام شرف الدين أبو الحسن، استشاري طب العيون، أمراض الشبكية والجسم الزجاجي في مستشفى باراكير للعيون – الإمارات؛ الذي أجابنا بالآتي..
ما هو قصر البصر؟

قصر النظر أو قصر البصر، أو الحسر أو Myopia؛ هو حالةٌ شائعة في الرؤية، حيث تظهر الأجسام البعيدة ضبابيةً بينما تظل الأجسام القريبة واضحةً. أكثر من 25% من سكان العالم يعانون من قصر البصر، الذي يُعتَبر مشكلةً صحية عامة مهمة، خاصةً بين الأطفال والمراهقين حول العالم؛ حيث يزداد معدل انتشاره بشكلٍ ملحوظ بين سن 6 و14 عاماً. فإذا ما لاحظتِ أن طفلكِ يُضيَق عينيه، أو يجلس قريبًا من شاشة التلفاز، أو يواجه صعوبةً في رؤية السبورة في المدرسة؛ فقد تكون هذه علاماتٌ مُبكرة على قصر البصر. لهذا الكشف المبكر ضروريٌ للغاية، إذ يمكن أن يؤثر قصر البصر غير المُعالج على الأداء الدراسي، والحياة اليومية، وصحة العين على المدى الطويل.
ما هي أسباب قصر البصر؟
يحدث قصر البصر عندما يكون شكل كرة العين أطول من الطبيعي، أو تكون القرنية منحنيةً أكثر من اللازم، مما يؤدي إلى تركيز أشعة الضوء أمام الشبكية بدلاً من أن تقع مباشرةً عليها. وتلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً في زيادة الإصابة؛ فالأطفال الذين يعاني أحد أو كلا والديهم من قصر البصر يكونون أكثر عرضةً للإصابة.
ومع ذلك، فإن العوامل البيئية ونمط الحياة لها تأثير أيضاً؛ فقد أظهرت الدراسات أن الاستخدام المُطول للأجهزة الإلكترونية، والأنشطة القريبة مثل القراءة أو استخدام الأجهزة اللوحية، وقلة التعرض لأشعة الشمس، كلها تساهم في تسريع تطور قصر البصر لدى الأطفال.
ما هي أعراض قصر البصر؟
كيف أعرفُ أن طفلي يعاني من قصر البصر، أو أنه لديَ هذه المشكلة؟
غالباً لا يدرك الأطفال أن رؤيتهم غير طبيعية، لذلك من المهم أن يكون الأهل والمعلمون على درايةٍ بالأعراض.

أكثر العلامات وضوحاً على قصر البصر، هي صعوبة رؤية الأشياء البعيدة بوضوح. وقد تلاحظين أن طفلكِ يُضيَق عينيه لرؤية التلفاز، أو يمسك الكتب بالقرب من وجهه، أو يشتكي من ضبابية الرؤية – خصوصاً في الصفوف الدراسية أو في الهواء الطلق.
من الأعراض الأخرى الشائعة أيضاً لقصر البصر:
1. الصداع.
2. إجهاد العين.
3. التعب بعد أداء المهام البصرية.
كيف يمكن الوقاية من قصر البصر؟
رغم أنه لا يمكن دائماً الوقاية من قصر البصرر، إلا أن هناك بعض العادات ونصائح لنمط الحياة، التي يمكن أن تساعد في تقليل المخاطر أو إبطاء تقدم الحالة وفقًا للدكتور أبو الحسن، منها:
• تشجيع اللعب في الهواء الطلق: ساعتان على الأقل يومياً من التعرض لأشعة الشمس الطبيعية مفيدةٌ لنمو العين بشكلٍ صحي.
• تقليل وقت الشاشات: خاصةً لدى الأطفال الصغار، مع تشجيع فترات راحةٍ متكررة أثناء استخدام الأجهزة.
• اتباع قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة، انظري إلى شيءٍ يبعد 20 قدماً (حوالي 6 أمتار) لمدة 20 ثانية على الأقل.
• التأكد من توفر الإضاءة الجيدة: إن أن القراءة أو استخدام الشاشات في ضوءٍ خافت، قد يزيد من إجهاد العين.
هذه التغييرات البسيطة في الروتين اليومي، يمكن أن تساهم في تحسين صحة العين وتقليل سرعة تفاقم قصر البصر.
ما هي خيارات العلاج المتاحة لقصر البصر؟

الخبر الجيد أن قصر البصر يمكن التعامل معه بسهولة إذا تم اكتشافه مبكراً، يؤكد الدكتور أبو الحسن. ومن خيارات العلاج الشائعة التي يمكنكِ الاستفادة منها:
• النظارات أو العدسات اللاصقة الطبية لتصحيح الرؤية.
• عدسات تحكَم في قصر البصر (نظارات أو عدسات لاصقة): وهي من الجيل الحديث من العلاجات البصرية، ظهرت تجارياً خلال السنوات العشر الماضية. وأظهرت الدراسات أنها تُقلَل من تطور قصر البصر لدى الأطفال، خصوصاً عند استخدامها في وقتٍ مبكر وبشكلٍ منتظم.
• قطرات الأتروبين بتركيزٍ منخفض: تعمل هذه القطرات على تقليل سرعة نمو العين، وهو العامل الأساسي في تفاقم قصر البصر؛ ويمكن استخدامها لعدة سنوات خلال فترة النمو السريع مع آثارٍ جانبية طفيفة، يمكنكِ مناقشتها مع الطبيب المختص.
• تقويم القرنية الليلي (Ortho-K): هي عدساتٌ مُصممة خصيصاً، تُلبس ليلاً، وتقوم بإعادة تشكيل سطح القرنية بلطف؛ وتُزال العدسات في الصباح ليتمكن الشخص من الرؤية بوضوح خلال اليوم دون نظارات أو عدسات لاصقة. وقد أظهرت الدراسات أن هذا النوع من العلاج يبطئ تطور قصر البصر عن طريق التحكم في كيفية تركيز الضوء على الشبكية وتأثيره على نمو العين.
• لدى المراهقين والبالغين الذين لديهم قصر بصر مستقر، يمكن التفكير في الجراحة الانكسارية (مثل الليزك).
في الختام؛ فإنه من الضروري إجراء فحصٍ سنوي للعين – حتى وإن لم يشتكِ الطفل من مشاكل. فالرؤية قد تتغير بسرعة خلال سنوات النمو، والتصحيح المبكر يساعد في حماية صحة العين على المدى الطويل. ومع تزايد حالات قصر البصر، فإن الوعي والتحرك المُبكر يمكن أن يحمي نظر طفلكِ في المستقبل.