
خاص "هي": الشيف غريغوار بيرغر: علَمتني جدتي أن الطعام حبٌّ وثقافةٌ وتراث.. والطريق إلى ميشلان مليءٌ بالتضحيات
ما الذي يجمع بين مطعم Assiano ومطعم Sushi Art في دبي؟ الشيف غريغوار بيرغر بالتأكيد، بجانب التركيز على الأطعمة البحرية.
فقد أطلق الشيف غريغوار بيرغر، الحائز على نجمة ميشلان، تعاونًا حصريًا مع سوشي آرت، العلامة التجارية الرائدة في دولة الإمارات في مجال السوشي الفاخر والعصري؛ وابتكرا معًا قائمة أوماكاسي محدودة الإصدار من ثمانية أطباق، تمَ إطلاقها في 15 أبريل في جميع فروع سوشي آرت في دبي وأبوظبي.
ويُضفي الشيف غريغوار، وهو ضيفٌ مخلص للعلامة التجارية منذ فترةٍ طويلة، أسلوبه المميَز في سرد القصص وتقنياته الراقية على قائمة طعامٍ مستوحاة من الذكريات والعائلة والبحر. ومن أبرز الأطباق في هذه القائمة: روبيان ديناميت بالسمسم الأسود، ولفائف أوبسي بلو مع الأرز الأزرق وتوم خا، وموتشي ماتشا جاناشي، التي تمزج بين الذوق المسرحي والعاطفة العميقة.

بالطبع، كان لموقع "هي" حوارٌ جميل ودافئ مع الشيف بيرغر، للتعرف أكثر على هذا التعاون الفريد؛ بالإضافة بالطبع إلى سبر أغوار هذا الشيف المتميز وما يحمله إرثه الطهوي من تجارب تستحق المشاركة مع قارئاتنا.
شيف غريغوار؛ أهلًا وسهلًا بكَ معنا على موقع "هي".. في البداية، هل لكِ أن تخبرنا أكثر عن نفسك.
أهلًا بكِ وبموقع "هي".. وُلدتُ في فرساي ونشأتُ في بريتاني، منطقةٌ يتفاعل فيها البحر والبر من خلال مكوناتها. وتدربتُ في معهد CFA في فان، وهو معهدٌ مرموق للطهي؛ حيث تعلمتُ الانضباط والدقة اللذين لا يزالان يُشكَلان منهجي حتى اليوم.
متى اكتشفتَ رغبتكَ في أن تصبح طاهي؟
منذ صغري، أسرتني أجواء المطبخ؛ وأذهلني تحويل المكونات الخام إلى شيءٍ عاطفيَ لا يُنسى. لم يكن الأمر يتعلق بالطعام فحسب، بل يتمحور أيضًا حول سرد القصص.
من / ماذا كان مصدر إلهامكَ الرئيسي لتصبح طاهي؟
جدتي.. كانت لديها طريقة طبخٍ متواضعةٌ وإنما عميقة. لقد رسخَت في ذهني قدرتها على جمع الناس حول المائدة، وتحضير شيءٍ مميز من أبسط المكونات. وهي من علَمني أن الطعام هو حبٌّ وثقافةٌ وتراث.
في السنوات الأولى من مسيرتكَ المهنية، كيف تصفُ رحلة سعيكَ لتصبح طاهٍ حائز على نجمة ميشلان؟
كانت رحلةً شاقة.. فالطريق إلى ميشلان مُعبّد بالتضحيات، والضغط المستمر، وساعات العمل الطويلة، ولكنه أيضًا مليء بالتعلَم العميق. كل خطوة، من شيف مبتدئ إلى رئيس الطهاة، كانت اختبارًا للمرونة ودفعةً نحو التميز.
عملتَ مع العديد من مطاعم ميشلان، ومع طهاةٍ مشهورين عالميًا؛ ماذا أضافت تلك التجارب إلى معرفتكَ ومهاراتكَ في الطهي؟
لا شك في أن هذه التجارب علَمتني الانضباط والدقة والتواضع. فالعمل مع نخبةٍ من أفضل الطهاة في العالم، قد صقلَ مهاراتي ووسّع آفاقي؛ كما عززَ قيمة الاتساق وأهمية التطور دون فقدان الروح.

أخبرنا عن تجربتكَ العملية في أوسيانو، أتلانتس النخلة.
كان أوسيانو فصلًا تحوليًا في حياتي؛ وعلى مدى ما يقرب من عقد من الزمان، حوّلناه إلى وجهةٍ تجمع بين سرد القصص الطهوية والتجارب الغامرة. كان الحصول على نجمة ميشلان والتصنيف ضمن أفضل مطاعم العالم، ثمرة شغفٍ دؤوب وعملٍ جماعي.
لديكَ في سجلكَ، العديد من الجوائز والأوسمة؛ هل أضافت هذه الجوائز أي شيء إلى شغفكَ بفنون الطهي؟
أعتبرُها تأكيدات، وليست أهدافًا. إنها تُثبت جدارة العمل، لكن شغفي ينبع من المهنة نفسها - الإبداع، والتواصل، وتحدي نفسي باستمرار.
ما الذي "أشعلَ" موهبتكَ في الطبخ؟
فضولٌ عميق ورغبةٌ في جعل الناس يشعرون بشيءٍ ما من خلال الطعام. أرى الطبخ شكلاً من أشكال التواصل - يتجاوزُ الكلمات ويتحدثُ مباشرةً إلى الحواس.
أخبرنا عن تعاونك مع سوشي آرت، وعن أول تجربة أوماكاسي راقية وسهلة في الإمارات العربية المتحدة.
يهدف هذا التعاون مع سوشي آرت إلى الجمع بين سهولة الوصول والرقي. أردنا تقديم نوعٍ جديد من أوماكاسي - نوعٌ يحترم التقاليد اليابانية التي تسمح للطاهي باختيار أطباقه، ولكنه يحمل لمسةً عصرية وإقليمية مميزة. إنه سهلٌ، نعم، ولكنه غني بالتقنيات وسرد القصص.
لأكثر من عقد، كنتُ أنا وعائلتي من أشد المعجبين بسوشي آرت، ويحتل فرع جميرا بيتش ريزيدنس مكانةً خاصة في قلوبنا. هناك، في أول يوم لابنتي خارج المنزل، تناولنا وجبةً لا تُنسى معًا؛ واليوم، لا تزال علاقتنا بسوشي آرت قوية كما كانت دائمًا.
خذي روبيان الديناميت بالسمسم الأسود كمثال. شعاري وراءه هو "الحياة تبدأ من حافة منطقة راحتكَ"؛ الجميع يعرف روبيان الديناميت - إنه مألوفٌ ومريح. ولكن هنا، أخذناهُ إلى مكانٍ آخر؛ إذ يُضفي السمسم الأسود ومسحوق الفحم عمقًا وكثافةً، ما يُضيف عليه أناقةً تُشبه الدخان. بالنسبة لي، يتعلق الأمر بدخول عالمٍ جديدٍ وإعادة اكتشاف شيءٍ عزيزٍ من منظورٍ جديد.
ثم هناك لفائف ناشي الربيعية بالكمثرى والملفوف - ما أُفضّل أن أصفه بأنه "على درب الحنين". إنها ناعمة، مقرمشة، حلوة، ولاذعة في آنٍ واحد. نكهات اليوزو والكمثرى والسمسم تُضفي نكهاتٍ مُريحةٍ تُنعش النفس، وتترك أثرًا في الروج. زبدة الفول السوداني هي في الواقع لمسةٌ من نكهة ابنتي - أردتُ أن أُدمج وجبتها الخفيفة المُفضّلة في هذا التعاون. أما لفائف ورق الأرز، والتقنية المستخدمة، ونهاية العسل الإماراتي - كل ذلك مُتجذّرٌ أيضًا في الحاضر؛ إنه طبقٌ يُعبّر عن الزمن، عن التمسك بالماضي مع احتضان الحاضر.

والمثال الأخير هو لفائف أوبسي بلو مع الأرز الأزرق وتوم كا. لطالما كان البحر مصدر إلهامٍ لي بفضل إيقاعه وتقلباته. شعارنا هو "تقبيل البحر على الشفاه"؛ مع الروبيان الأزرق السماوي والأرز بلون المحيط، ستشعرين وكأنكِ تتذوقين المحيط ذاته. ثم ستحصلين على طبق توم كا الكريمي المتبل - نفحةٌ من جوز الهند والليمون الحامض والخولنجان - كذكرى موجة تغادر الشاطئ. إنه رومانسي، عابر، ويرتكز على احترامٍ عميق للطبيعة.
ولهذا السبب، يُهمني ويعنيني هذا التعاون؛ فهو لا يتعلق بالاندماج السطحي أو التوجهات الجديدة فحسب، بل بمشاركة القصص من خلال الطعام، وإضفاء معنى على كل لقمة.
ماذا يتوقع زوار سوشي آرت من هذا التعاون؟
يمكن للضيوف توقع تجربةٍ مُصممة بعناية، تُحقَق التوازن المثالي بين الرقي وسهولة الوصول. يدور هذا التعاون حول إعادة تعزيز الحياة اليومية؛ وصُممَ كل طبق بعناية: لعرض نكهاتٍ متعددة الطبقات، ومزاوجات غير متوقعة، وسردٍ يدعو رواد المطعم إلى الاسترخاء والاستمتاع. من اللقمة الأولى إلى الطبق الأخير، تُقدّم قائمة الطعام هذه شعورًا بالاستكشاف.
والأهم من ذلك كله، إنها تجربةٌ تناسب الجميع - سيُقدّر الذواقة المتمرسون التقنية وسرد القصص، بينما سيشعر الوافدون الجدد الفضوليون بالترحيب بفضل دفء النكهات وسهولة الوصول إليها. إنه تعاونٌ متجذر في الحرفية والتواصل والمتعة المشتركة لوجبة مُعدّة بإتقان.
بين السفر والطبخ واستكشاف المزيد من تطوير الأعمال؛ ما هي المعايير التي تتَبعها عادةً لتحقيق التميَز؟
الأصالة والنية؛ لا أفعل الأشياء لمواكبة الصيحات، بل أتبَع المعنى. ينبع التميَز من مواءمة قيمكِ مع أفعالكِ، سواءً في المطبخ أو في العمل أو في الحياة بالعموم.
ما هي خططكَ المستقبلية لعملكَ ومسيرتكَ المهنية؟
أركَزُ على توسيع مشاريعي في مجال الطهي، بما في ذلك مفاهيم تناول الطعام الغامرة وخدمات تقديم الطعام الفاخرة. كما أعملُ على تطوير منصاتٍ تربط الطهاة بالعلامات التجارية الراقية. المستقبل يدور حول الابتكار، دون أن ننسى أصولنا.
كيف يصف لنا غريغوار بيرغر أسلوبه العام في الطهي؟
متجذرٌ في التقنية الفرنسية، متأثرٌ بالتأثيرات العالمية، ومدفوعٌ بالعاطفة.. أرى كل طبق كحوارٍ بين التراث والحداثة.

كيف تتخيل عادةً قوائم الطعام؟
يبدأ الأمر بقصةٍ أو شعور. أرسمُ من الذكريات والمناظر الطبيعية والمراجع الثقافية، ثم أضيفُ طبقاتٍ من القوام ودرجات الحرارة والتباينات. قائمة الطعام، بالنسبة لي، هي بمثابة رحلة.
ما هي الأدوات الأساسية التي يجب أن يمتلكها الطاهي الناجح برأيك؟
الفضول والتواضع والهوس بالتفاصيل. الموهبة تُساعد، لكن العقلية أهم - وخاصةً القدرة على القيادة والتطور.
ما الذي لا يمكنكَ العيش بدونه في المطبخ؟
سكينٌ حاد وتركيزٌ هادئ. والزبدة - هذا بديهي!
كيف تديرُ الصراع والمنافسة بين موظفي المطبخ؟
بالتواصل الواضح والاحترام المتبادل والقيادة بالقدوة. المطابخ بيئاتٌ متوترة، ولكن مع الثقافة المناسبة، يمكن أن تتحول المنافسة إلى تعاون.
أصبحت التكنولوجيا اليوم علامةً فارقة في كل عمل؛ كيف برأيكِ، تؤثر على الطبخ إيجابًا وسلبًا؟
من الناحية الإيجابية، يُوفَر هذا النظام الدقة والكفاءة والإبداع - فكّري في الطهي المُفرَغ من الهواء، أو التقديم ثلاثي الأبعاد، أو تطوير قوائم الطعام بناءً على البيانات. أما من الناحية السلبية، فإنه يُخاطر بعزلنا عن الحرفة؛ يجب أن تخدم التكنولوجيا الطهاة، لا أن تحل محلهم.
في الختام؛ ما نصيحتكَ للطهاة الجدد عبر "هي"؟
تعلّموا الأساسيات – أتقِنوها؛ تحلَوا بالصبر، وابقوا متواضعين، ولا تطاردوا الشهرة على حساب الجوهر. دعوا طعامكم يتحدث، ولا تنسوا أبدًا: نحن هنا للخدمة، والإلهام، والتواصل.