هي تلتقي الشيخة لطيفة آل مكتوم وإل سيد بعد تعاونهما مع لويس فويتون

حوار: أمبرين أحمد Ambreen M Ahmed اعتادت مجلتنا "هي" على دعم المبادرات التي تدفع بالمواهب الإبداعية في المنطقة إلى الأمام ودعم الأعمال والمشاريع الخيرية. وفي هذا الإطار نسلط الضوء على تعاون دار "لويس فويتون" مع فنان الكاليغرافيتي التونسي إل سيد، الفنان الضيف لدى مؤسسة "تشكيل" دبي. وسيتاح وللمرة الأولى بيع عمل فني قام به فنان عربي لصالح الدار، إذ سوف يتم عرض حقائب "ألزر" Alzer ذات الجوانب الصلبة للبيع في المزاد العلني لمصلحة START، وهي منظمة غير ربحية توفر تعليم الفنون للاجئين والأيتام والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. تمثل مؤسسة "تشكيل" "إل سيد"، وتجسد هذه المؤسسة غاليريا بمفهوم عصري ومبتكر في المنطقة، وتم تأسيسها على يد الشيخة لطيفة آل مكتوم. وتشتهر الشيخة لطيفة في المنطقة بكونها راعية للفنون، وتدعم وتشجع فناني المنطقة بواسطة هذه الغاليريا التابعة لها. وفي هذا الإطار جلست مع كل من الشيخة لطيفة و"إل سيد" خلال إزاحة الستار عن هذا التعاون في متجر "لويس فويتون" في مول الإمارات لمناقشة مبادراتهم في ما يخص تطور الفن في المنطقة. كيف جاء هذا التعاون؟ إل سيد: تلقيت اتصالا من دار "لويس فويتون"، فأخبرتهم بأنني ممثل من قبل غاليريا تشكيل، وبأنني بصدد العمل معهم على الصالة التابعة لهم في آرت دبي. فأخبروني عن مشروع الدار "فولارد دارتيست"Foulards d’Artistes (أوشحة الفنانين)، وكيف أنه سوف يتم إطلاقه ضمن فعاليات "آرت دبي". الشيخة لطيفة، لماذا اتخذتم قرار تمثيل إل سيد، من الواضح أن لديكم معايير معينة تأخذونها بعين الاعتبار قبل اختيار الفنانين؟ التقيت به قبل ثلاث سنوات، وبقينا على اتصال، وقمنا بتمثيله في أحد معارض "تشكيل". أعتقد أن هناك طاقة ما لدى بعض الفنانين، ولا يقتصر ذلك على عملهم فحسب، وإنما الأمر يتعلق بما يقومون به من عمل وكيفية تفاعلهم. وهناك بعض الفنانين الذين تضعينهم نصب عينيك، وقلت لنفسي حسنا أنا سوف أقوم بمراقبة هذا الشخص. عودة إلى هذا التعاون في ما يخص أوشحة "لويس فويتون" الجميلة، ماذا عن كونك استوحيت إلهامك من "كرنفال البندقية" قصيدة علي محمود طه؟ أنا حقا أحب هذه القصيدة كما أن للبندقية مكانة مهمة في التاريخ. فخلال القرن الثاني عشر فسحت إيطاليا، حيث كانت تسود الريبة والشكوك تجاه التأثيرات الإسلامية آنذاك، المجال أمام التحديات في ميادين التجارة والأعمال. وقاومت مدينة فينيسيا بمينائها القيود المفروضة على التجارة مع الشرق الأوسط، وأصبحت تمثل النقطة الأخيرة المتبقية من التبادل التجاري والثقافي والفكري بين المسيحية والإمبراطوريات الإسلامية. أردت أن أستعيد هذا الجزء من التاريخ الذي أصبح في طي النسيان. عندما اتصلت بي دار "لويس فويتون" كان أول رد فعل لي هو اعتقادي بأن هذه ماركة تجارية فاخرة وأنا فنان كاليغرافيتي، وبأنه لا يمكن للاثنين أن يتماشيا مع بعض. ولكننا تمكنا من القيام بذلك فعلا، وبالطريقة نفسها التي قامت بها مدينة البندقية بجمع الشرق مع الغرب، فنحن قمنا بدمج فن الشارع مع ماركة فاخرة. وسألت إل سيد: من المثير للاهتمام أن أسألك عن منظورك ورؤيتك ووجهات نظرك حول الساحة الفنية بوصفك شخصا أجنبيا وأيضا بوصفك شخصا منتميا على اطلاع بما يجري في الساحة ولديه إلمام بذلك. كيف ترى تطورها ونموها؟ هناك الكثير من الأمور التي تحدث هنا، والناس هنا حقا يحاولون الدفع بها نحو الأمام باتخاذ مبادرات مثلما تقوم به "تشكيل"، وكالتعاون الذي أجريه في الدوحة. عادة الناس يستخدمون الفسيفساء في تزيين جداريات الأنفاق، ولكن "الشيخة مياسة" فكرت في فن الكتابة الغرافيتي على الجدران. وهذا مهم، فعندما يتمكن الناس من رؤية الفن في المنطقة، سوف يشعرون وكأنهم جزء منه، إنني أشعر بهذه الحركة. وسألت الشيخة لطيفة: ماذا عن كونك تشاهدين النمو الذي تشهده الساحة الفنية للمنطقة بصفتك شخصا مطلعا على مجريات الأمور من الداخل، وبكونك ضمن الأشخاص والأعضاء الذين يسهمون ويسعون إلى الدفع بنموها نحو الأمام؟ لقد كانت البداية حقا بداية بطيئة، ولكن بمجرد أن بدأنا نكشف النقاب عن هؤلاء الفنانين، هدفنا هو إحضار فنانين جدد، وجلب مزيد من الفنانين من المنطقة. والشيء الذي أقوم به هو أن أذهب لحضور العروض التقديمية وأعمال التخرج في المدارس الثانوية، وأشاهد الطلبة، وأسجل أسماء بعض الفنانين الذين أعتقد أنني سوف أقوم بمراقبتهم. البعض منهم يتوقف والبعض الآخر يستمر. ثم أقوم بمتابعتهم وجلبهم إلى "تشكيل"، لدعم ذلك وتشجيعه ودفعهم إلى المزيد. فمثلا إل سيد يعتبر على مستوى مختلف عنهم، ولذلك فمن الجيد أن يكون الفنانون من مستويات مختلفة. فيقوم كل مستوى منهم بدعم المستوى الذي يليه، فقد يكون هناك من الفنانين من يقوم بعمله منذ 20 عاما، ومن يقوم بذلك منذ 5 أعوام، ولكن قد يجلب الفنان الذي يزاول عمله منذ 5 أعوام معارف جديدة تتعلق بوسائط الإعلام الجديدة إلى الجيل الآخر، وهذا ما أفضله في "تشكيل"، وهو تواجد ذلك التواصل، وإمكانية التعلم من الجانبين. تلعبين دورا كبيرا في توجيه الفنانين الشباب. إن كل ما في الأمر هو أنك أحيانا تقوم بشيء ما، ولا يكون هدفك سوى جعلهم يسيرون نحو الأفضل لتحتفظ بهم، إذا كان هدفهم هو البيع، فإننا نقوم بدفعهم نحو هذا الاتجاه، ونعلمهم المسائل اللازمة لذلك، وكيفية التصرف في هذا الشأن، وإذا كان هدفهم هو تحسين تقنياتهم وجعلها أفضل على سبيل المثال، نقوم بتوفير ورش عمل مناسبة، والأشخاص المناسبين للتعليم، إذا فإن المسألة هنا هي أكثر ما تكون دعما للفنان ومساعدة له ليكون أفضل ما يمكنه أن يكون عليه، وهناك فائدة أخرى على المستوى الثقافي، وهي التواصل مع الثقافات الأخرى كذلك. ما هي اللحظات التي كانت أكثر تشجيعا بالنسبة لكما؟ وما هي اللحظات التي كانت أقل تشجيعا في الفن حتى الآن؟ إل سيد: ما كان مشجعا هو ردود أفعال الناس، حيث قد يتأثر الناس أحيانا حقيقة بعملك. يأتي إلي الناس في بعض الأحيان ويقولون لي: إن ذلك غير حياتهم. ويتمثل الجانب المحبط في الناس الذين يريدون تخريب عملك. أنا لا أريد أن أكون مثل هؤلاء الناس، هناك تلك الأنا التي تكون حاضرة في الفن نظرا لكون الفن يأتي منك أنت، وهو الشيء الذي تحتاج أن تتعامل معه، وعندما تصبح هذه الأنا طاغية، فإنك تفقد الإلهام الحقيقي وجوهر الفن، وأعتقد أنه من الأفضل للشخص أن يتوقف إن حدث ذلك. الشيخة لطيفة: لقد أرسلنا بعض المصممين إلى الخارج، وذلك في إطار مختلف أوجه التعاون الذي نقوم به، وعاد هؤلاء الفنانون مرة أخرى، فقاموا بإنشاء تصاميم انتقلت بهم فورا إلى مستوى وظيفي مختلف. وفي ما يتعلق بخيبة الأمل، فأنا أعتقد أن المعارض هنا تقوم في بعض الأحيان بإبراز الفنان بشكل سابق لأوانه، أو تظهر الفنان بقطعة واحدة فقط. يجب على الفنانين القيام ببناء هوية خاصة بهم، عليهم ابتكار من يكونون، وليس التمسك باعتقاد الجمهور بهم، والبقاء على التصور والانطباع الذي أخذه الجمهور عنهم. وقد قمت بفعل ذلك مع فنانين آخرين بحيث يكون لديك مشترون، وسيقومون بالشراء، وبعض الفنانين يكون لديهم التخوف مبالغا فيه لدرجة تجعلهم غير قادرين على التغيير اعتقادا منهم بأنه إذا كان الناس يقومون بشراء هذا الشيء، فأنا لن أقوم بتغييره. وأنا أقوم بإنجاز بعض الأعمال، وأقوم بعرض القطع وتباع بالفعل ثم أقوم بالتغيير. لقد غيرت أسلوبي ككل، وكنت جالسة مع بعض القيمين، وكان من الغريب أنهم يشاهدون أعمالي، ويقولون: "هذه بيعت، وتلك بيعت .. ولماذا تقومين بهذا الآن؟". أنا قلت ما أريد قوله من خلال هذا، وأود أن أنتقل وأواصل، ولم يثنِ ذلك أيا من المشترين عن شراء القطعة الأخرى من العمل. ربما الناس الذين اشتروا هذه القطعة لن يقوموا بشراء تلك القطعة الأخرى، ولكن هذا الأمر جيد، إذ سوف يعطيني جمهورا جديدا. في بعض الأحيان تحتاج إلى أخذ الجمهور بعين الاعتبار، ولكن في بعض الأحيان لا يكون عليك سوى قول ما تريد أنت قوله. وأعتقد أن هذا ما أسعى إلى تشجيعه في "تشكيل". وهو دفع الناس لإيجاد أصواتهم وآرائهم بواسطة أفضل الأدوات والمقومات التي يمتلكونها. كيف تستوحيان إلهامكما؟ إل سيد: القراءة والاهتمام بمختلف الأشياء. أجد الإلهام في حياتي. الشيخة لطيفة: بالنسبة لي يأتيني الإلهام من أشياء مختلفة كذلك، لكنه يأتيني من القراءة كثيرا. القراءة تعطي معلومات عامة. قد أقرأ عن "ناشيونال جيوغرافيك"، ثم كتب الأطفال، وأحصل على نوع مختلف من الإلهام من هذا، ونوع آخر مختلف من الإلهام من ذاك. أنا أحب الجلوس مع أناس كبار في السن، ومع أناس صغار في السن. هناك صفاء في أفكار الأطفال، ويوجد ثمة سحر في ذلك. بإمكانك الخروج واللعب معهم على العشب، وسوف يكتشفون شيئا مثيرا للاهتمام. إن الإلهام يأتي من المحادثات، ومن القصص الداخلية. وإن ما اعتدت القيام به بشكل كبير أيضا هو كتابة أحلامي. لدي مذكرة الأحلام، وكما تعلمين، فإننا عندما نستيقظ أحيانا ننسى أحلامنا، أليس كذلك؟ يمكنك تدريب نفسك على التذكر. لذا لا نحتاج إلى الانصراف حالما نستيقظ، فهناك كتاب بجانبك، ما عليك سوى سحبه وتدوين أحلامك، ذلك سيساعد على تدريب الأفكار وتدريب عملية التفكير لديك، يمكنك الذهاب أعمق، ويمكنك الغوص في أحلامك أكثر. إذا فإن الأمر يتعلق بالكثير من الأحلام والكثير من القراءة لمختلف الأشياء، ويلتقي الاثنان معا. أنا أجد أن الفن هو حصيلة لما هو في دماغك، ولا يمكنك أبدا أن تبرز ما هنالك بالفعل، وإنما يمكنك أن تعطي أو تحصل على لمحة عن ذلك. تدير النساء المشهد الفني في المنطقة، خصوصا في دول مجلس التعاون الخليجي. لماذا باعتقادك تقف النساء وراء هذه الحركة؟ الشيخة لطيفة: ربما يعود السبب بشكل كبير إلى كون الرجال ليسوا منفتحين للخوض في الفن، لأنهم لا ينظرن إليه كمسار وظيفي، ولكن بالنسبة لك أنت، فهو مسار وظيفي، إذ حتى بالنسبة لي أنا فعندما قلت سأختار دراسة الفنون للحصول على الشهادة، تساءل الكثير من الناس حولي، قائلين: "وماذا ستفعلين بذلك في ما بعد؟" لم تكن لدي فكرة في ذهني، فهناك رغبة وراء ذلك، وهناك حب وراء ذلك. وعندما تضع قلبك في عملك، فإنه لا يعتبر عملا بعد الآن. أن تصنع الفن لأجل يعد أنانية، ولكن يمكنك أيضا استخدامه كأداة للتواصل. لذا فأنا قمت بدمج الاثنين معا، الجانب الشخصي والجانب المتعلق بالمجتمع والتواصل. وعودة إلى سؤالك حول النساء، أعتقد أنهن ينظرن إلى الفن كهواية، الكثير من الرجال لا يفعلون ذلك، هناك نماذج من الرجال الفنانين أمثال عبد القادر الريس، ومطر بن لاحج، وغيرهم المزيد، ولكن الأغلبية هنا نساء. وأعتقد أن الأمر كذلك نظرا لكونه مقبولا لدى المرأة أكثر مما يكون عليه لدى الرجل. لذلك أعتقد أنها تقود الساحة هنا، الشيخة حور القاسمي لبينالي الشارقة، الشيخة وفا، مؤسسة الشيخة سلامة في أبوظبي، إذا فإن العديد من من النساء يقمن بقيادة المشهد. ما هي أكبر أحلامكما؟ إل سيد: أن أرسم على سطح القمر. الشيخة لطيفة: أنا بالنسبة لي أعتقد أنني أعيشه بالفعل.