د. دينا الطيب لـ "هي": حافزي الأساسي في مجال الرياضة هو التشبه بأمي

حوار: جمانة الشيخ

تصوير: شيماء إدريس

تنسيق الأزياء: هيا الفضل من Bond Of Fashion

مصفف الشعر: صالون شاميل، جدة

الدكتورة دينا الطيب هي أحد الأمثلة النسائية السعودية التي يحتذى بها، وهي أهلٌ للافتخار، تخصصت في جراحة الأسنان بإلهام من معلمتها، وتوجهت إلى الرياضة بإلهام من والدتها، وكوّنت أسرة تفيض بحب كبير يكفي ليغمر الأبناء ووالدهم.. وعلى الرغم من كونها طبيبة وأُما، فإنها تتطلع إلى تحقيق أهداف أخرى مختلفة، ربما يعتبرها البعض غير ضرورية، ولكنها ما دامت هدفا لأحدهم، فمن الضروري للدكتورة دينا تحقيق هذا الهدف كما هو الحال في رياضة الترايثلون، فاستمرت في تحقيق النجاحات، واستمرت في العطاء من جامعة الملك عبدالعزيز في المملكة العربية السعودية حتى جامعة "تافتس" في الولايات المتحدة، وكان لـ"هي" حوار معها، لنتعرف إليها وإلى إنجازاتها عن كثب.

د. دينا الطيب لـ هي: يتمتع بلدنا الحبيب بعدد كبير من الأبطال من الجنسين يتم تدريبهم باحتراف

د. دينا الطيب لـ هي: يتمتع بلدنا الحبيب بعدد كبير من الأبطال من الجنسين يتم تدريبهم باحتراف

 

من أين بدأت رحلتك الرياضية؟

بدأت رحلتي الرياضية منذ الصغر، فوالدتي كانت تمارس الرياضة ضمن فريق الجري في مدرستها في القاهرة. ولذا اعتبرت منذ صغري أن الرياضة جزء أساسي من حياتي اليومية، وليست مجرّد نشاط أمارسه لمناسبة معينة. كان حافزي الأساسي في مجال الرياضة هو التشبه بأمي التي كنت أراها تمارس التمارين الرياضية والبدنية كل يوم.

 

باعتبارك سعودية، ما المخاوف التي واجهتـِها في ظل ظهورك في فترة لم يكن المجتمع يتقبل فيها هذه الفكرة كثيرا؟ وما تأثير هذا التحدي فيكِ سواء كان سلبيا أم إيجابيا؟

عندما بدأت ممارسة رياضة الألعاب الثلاثية Triathlon، وبطولة الرجل الحديدي في عام 2005 كانت هذه الرياضة جديدة في العالم العربي، ولذلك كنت أسافر إلى أمريكا وأوروبا، وحتى إفريقيا لأتمكن في المشاركة في البطولات. لم تكن لدي أي مخاوف من الظهور في هذه المباريات، بل كنت دوما فخورة بكوني سعودية. أما بالنسبة إلى بطولة الرجل الحديدي، فهي بطولة فردية، فلا ينضم المتباري إلى فريق، ولا يمثل أي بلد محدد، بل يمثل نفسه، ويصنف ضمن الفئة العمرية التي ينتمي إليها.

 

يتصدر اسم الدكتورة دينا الطيب الصحف والمنصات الاجتماعية، لكونك أول امرأة سعودية تكمل مسابقة الرجل الحديدي الترايثلون المرهقة، حدثينا عن هذه التجربة بجميع نواحيها وذكرياتها التي لا تنسى.

ما لا يعرفه الكثيرون عني أنني لم أخض غمار مسابقة الرجل الحديدي الترايثلون إلا بعد استكمال تعليمي الجامعي في طب الأسنان، والتخصص في علاج أمراض اللثة، وكذلك بعد أن بلغ أولادي سنا تجعلهم مستقلين، ولا يحتاجون إلى وجودي الدائم معهم. عندئذٍ اتجهت نحو رياضة أشعر بشغف نحوها. لم أملك حينها المفاهيم أو الإمكانية أو أسلوب التدريب الصحيح. ومع الوقت أتقنت طريقة التدريب الصحيحة بنفسي، ومن ثم تعلمت اختيار المدربين المناسبين، والمشاركة في المباريات الصحيحة، وتنظيم وقتي، والتألق في هذه اللعبة.

 في بداية السباق، يتبادر إلى ذهن المتسابق الكثير من المخاوف والشكوك حول قدرته على إنهاء السباق والنجاح، ويواجه العديد من المشقات والصعوبات، فهو سباق طويل، ولكن عند تجاوز خط النهاية يشعر المتسابق بفرحة عارمة لا توصف، ويدرك أنه تغلب على الخوف الكامن في نفسه، وازدادت ثقته، وأصبح لديه قوة وحب للتحدي، ليس فقط في المجال الرياضي، بل في مجالات مختلفة من حياته.

 

دعينا نتحدث قليلا عن دينا الطيب طبيبة علاج أمراض اللثة، كيف وقع الاختيار على هذا التخصص؟ ومتى ولد هذا الشغف لديك؟

منذ صغري، كنت أرغب في أن أكون طبيبة أسنان أكثر من أي شيء آخر، ولم أرَ نفسي في أي مجال غيره، بطبعي أتخذ من أشخاص محددين قدوة في مختلف مجالات حياتي، كما في الرياضة أو الأمومة أو غيرها. ففي مجال طبّ الأسنان درّستنا بروفيسورة من جمهورية مصر العربية، تتمتع بمستوى رفيع وعالٍ من العلم والخلق والكاريزما والثقة في النفس. وفي الفترة التي كنت أدرس فيها طبّ الأسنان في جامعة الملك عبد العزيز في جدة أعجبت جدا بهذه الشخصية، وكان مجالها أمراض اللثة، فاتخذت منها قدوة في اختصاصي، لأنها علمتنا الكثير حول الثقة بالنفس والإخلاص وإتقان العمل.

 

بناء على تجربتك في العمل في وطنك والعمل في بلد آخر، ما الإضافات التي اكتسبتها مهنيا وفكريا في كلا الدولتين؟

في جزء من عملية دراسة طبّ الأسنان يتحتم على كل طالب معالجة مرضى خلال سنواته الدراسية. وخلال تواجدي في بوسطن، تعلمت المهنية والحرفية وكيف يمكن للطبيب أن يكون واضحًا وصريحا ومختصرا في المعلومات التي يعطيها للمريض، وتعلمّت أيضا ما هي حقوق المريض على الطبيب. أما في بلدي الحبيب، فتعلمت الإخلاص في العمل، ومراقبة الله سبحانه وتعالى، وأنه إن كان المريض لا يراني، فإن ربّ العالمين يراني، ولذلك عليّ الإخلاص والتفاني في العمل. وتعلمّت أيضا أهمية العطف على المرضى خلال علاجهم، والتعامل الحسن معهم والتحلي بالأخلاق الحسنة.

 

نفتخر بأنك أول سعودية تُنتخَب أمينا على ميثاق مجلس إدارة جامعة تافتس، حدثينا عن تفاصيل هذا الحدث؟

الحمد لله الذي وفقني لأكون المرأة السعودية الأولى التي تُنتخب لتشغل هذا المنصب، أما زملائي الآخرون، فأغلبيتهم من الولايات المتحدة. في هذا المنصب، تعلمت كيفية إدارة الجامعات، وعرفت المصاعب التي يواجهها مديرو الجامعات الكبرى والمرموقة حول العالم. وحاولت أن أنقل ما تعلمته في مجلس أمناء جامعة تافتس الذي أنا عضو فيه منذ 5 سنوات إلى جامعة الملك عبد العزيز بصفتي أستاذ مساعد فيها.

 

دينا الطيب ابنة وزوجة وأم، نرغب اليوم في التعرف إليكِ وكأنك تتعرفين إلى أصدقاء جدد، حدثينا عنكِ وعن اهتماماتك وشخصيتك وأسرتك.

أنا أم لثلاثة أولاد، وهم: لنا وهشام وتان، أصف شخصيتي بأنها بسيطة جدا وعملية وإيجابية. أحب أخذ الأمور بيسر وسهولة، وأحيط نفسي بأشخاص إيجابيين ومرحين، يأخذون الحياة ببساطة من دون تعقيد أو سلبية. أنا منظمة في أموري، وأحب أن أرتب أولوياتي حتى أتمكن من الإخلاص في واجباتي. وأحب تسهيل الأمور، وأتجنب تعقيدها.

 

ما دور الأسرة في جميع الإنجازات التي حققتِها حتى اليوم؟

للأسرة دور محوري مهم في حياة ونجاح أي شخص. لا يمكن لأي شخص النجاح بمفرده، لا بل يجب أن يكون له سند، والأسرة هي سندنا. وأحمد الله أن أفراد أسرتي والمحيطين بي سند لي بعد الله، ويعطونني دفعة إيجابية في كل ما أفعله، سواء أكان سباقات أم أعمالا. غالبا ما يحضرون سباقاتي، وإن لم يتمكنوا من الحضور، فإنهم يتابعونني عبر التطبيقات ويشجعونني، الحمد لله على وجودهم في حياتي، وأنا سعيدة وفخورة بدعمهم الدائم.

 

في الختام، برز مؤخرا دور المملكة العربية السعودية في دعم وتمكين المرأة، كيف أثمر ذلك في مسيرتك الرياضية؟ وما دور وزارة الرياضة فيها؟

خلال السنوات الثلاث الماضية حدثت نقلة نوعية في مجال الرياضة في المملكة العربية السعودية لكلا الجنسين على حدّ سواء. أصبحت الإمكانات والدعم الحكومي موجودة. وتم اختياري عضوا في مجلس إدارة هيئة الاتحاد السعودي للسباق الثلاثي. وبفضل الله يتمتع بلدنا بعدد كبير من الأبطال من الجنسين، يُدربون باحتراف، ونتطلع في السنوات المقبلة ان يكون لدينا أبطال ينافسون في أهم المسابقات الدولية وعلى أعلى المراتب ويحصلون على ميداليات ذهبية، ويحققون مراكز عالية. أنا فخورة جدا بالتطورات التي نشهدها في مجال الرياضة في المملكة، وأسعى إلى تأدية دور إرشادي. وأعمل على مشاركة خبرتي التي جمعتها على امتداد 20 سنة من تمارين مكثفة ودورات تدريبية، وأحاول إيصال هذه المعلومات إلى الجيل الصاعد، على أمل توسيع شريحة الأبطال والرياضيين في المملكة .