مجوهرات نابوليون والأميرة نِسلي شاه سلطان... كنوز الملوك والإمبراطوريات في مزاد علني
تستعد جنيف لاحتضان واحد من أكثر المزادات بريقًا على الساحة العالمية، مع انطلاق مزاد المجوهرات الملكية والنبلاء الذي تنظمه دار Sotheby’s في فندق ماندارين أورينتال يوم 12 نوفمبر القادم.
في مشهد يختزل فصول التاريخ الأوروبي، تستعد دار Sotheby’s_ الوجهة العالمية الرائدة للفنون والرفاهية والتي تشجع على الوصول إلى الأعمال الفنية والتحف الفاخرة الاستثنائية وامتلاكها من خلال المزادات وقنوات الشراء الفوري، لطرح مجموعة نادرة من "المجوهرات الملكية والنَبلاء" في مزادها السنوي الذي سيُقام في جنيف، مع فتح باب المزايدة الإلكترونية بدءًا من 24 أكتوبر.

ويتصدر المزاد بروش ماسي فريد من نوعه كان ملكًا للإمبراطور نابوليون بونابرت، قُدّر ثمنه بين 150,000 و250,000 دولار، وهو قطعة ذات أهمية تاريخية استثنائية سُلبت يوم معركة واترلو عام 1815، حين انهارت أحلام الإمبراطور الفرنسي تحت ضربات الجيوش البريطانية والبروسية.
بروش نابوليون الماسي: الشاهد على سقوط إمبراطورية

في مقدّمة المعروضات يسطع بروش من الماس القديم القطع كان يومًا ما يزيّن قبعة الإمبراطور نابوليون بونابرت. هذه التحفة الفريدة قُدّر ثمنها بين 150,000 و250,000 دولار، وتعد من أهم المجوهرات التاريخية التي تظهر في المزادات العالمية.
هذا، ويحمل البروش في طياته قصة مثيرة؛ فقد صُنع حوالى عام 1810، بقطر يبلغ 45 ملم، تتوسطه ألماسة بيضاوية تزن 13.04قيراطًا، محاطة بما يقارب مئة ألماسة قديمة القطع مرصوصة في حلقتين متداخلتين. وقد حمل نابوليون هذا البروش ضمن مقتنياته الخاصة حين خرج إلى معركة واترلو عام 1815، ومع انهيار جيشه اضطر إلى الفرار تاركًا عرباته غارقة في الوحل على أطراف ساحة المعركة. هناك، صادرت القوات البروسية مقتنياته، بينها هذا البروش، وبعض أسلحته، وقبعته الشهيرة.
بعد ثلاثة أيام فقط من المعركة، قُدِّم البروش إلى الملك فريدريش فيلهلم الثالث كغنيمة حرب. ومنذ ذلك الحين انتقل عبر أجيال بيت هوهنتسولرن، العائلة الحاكمة في بروسيا، قبل أن يصبح جزءًا من مجموعة خاصة في السنوات الأخيرة.
ترمز هذه القطعة إلى انقلاب موازين التاريخ_ من مجد إمبراطورية نابوليون إلى صعود بروسيا كقوة أوروبية مهيمنة، وهي قطعة نادرة نجت من قرنين من الحروب والتقلبات وهي في حالة شبه مثالية.
زينة شعر كونغوند دو ساكس: إرث قرنين من الزمن باللؤلؤ والتاريخ

من بين الكنوز الأخرى المعروضة في المزاد، تبرز زينة شعر من اللؤلؤ الطبيعي والماس مرافقة لبروش مذهل، تقدَّر قيمتهما الإجمالية بين 340,000 و500,000 فرنك سويسري.

تنتمي القطعتان إلى مجموعة عائلة أوروبية نبيلة، وتعود قصتهما إلى الأميرة كونغوند دو ساكس (1774–1828)، قريبة الملك الفرنسي لويس السادس عشر وزوج ماري أنطوانيت.
في عام 1796 صُنعت اللآلئ أولًا على شكل تاج زفاف فاخر للأميرة، ثم أعيد تصميمها لاحقًا عام 1840 كزينة شعر تُعرف باسم “Sévigné” كطراز رومانسي فرنسي نادر كان يُرتدى على الرأس من أذن إلى أخرى، وينسدل منه خيط من الأحجار الكريمة ليؤطر الوجه.

ويُعتقد أن هذا العمل من توقيع الصائغ فوسان (Fossin)، الذي أصبحت داره لاحقًا تُعرف باسم Chaumet.
تُعتبر القطعة آخر نموذج معروف من هذا النمط الزخرفي الذي اختفى في منتصف القرن التاسع عشر، وظلت محتفظة برونقها بفضل إمكانية تحويلها إلى عقد أو دبابيس للشعر.
أما البروش المرافق، فتم صنعه لاحقًا باستخدام اللآلئ نفسها، وجاء تصميمه على شكل شريط أنيق مستوحى من أنماط القرن الثامن عشر، تتوسطه لؤلؤة كبيرة ذات بريق نادر.
خاتم نِسلي شاه سلطان... وردة من الماس تروي حكاية نهاية السلالة العثمانية

ومن قلب التاريخ العثماني، يبرز خاتم من الماس الوردي الفاتح يزيد وزنه عن 13 قيراطًا، ضمن مجموعة الأميرة نِسلي شاهسلطان (1921–2012)، آخر أميرات الدم الإمبراطوري العثماني، والمولودة الأخيرة التي سُجلت رسميًا في سجل العائلة السلطانية قبل سقوط الإمبراطورية.
قُدِّر سعر الخاتم بين 240,000 و400,000 فرنك سويسري، وتعود قصته إلى زفاف الأميرة في القاهرة عام 1940 من الأمير محمد عبد المنعم، وريث الخديوي عباس حلمي الثاني.

قدّمته لها الأميرة خديجة هانم، عمة العريس، كهدية زفاف، لكن جذور الألماسة أعمق بكثير — إذ كانت ملكًا لإمبراطورة روسيا كاترين الأولى التي أهَدَتْها إلى السلطان أحمد الثالث عام 1711 أثناء المفاوضات حول معاهدة نهر بروت.
لاحقًا، انتقلت الألماسة ضمن الكنوز السلطانية إلى السلطان عبد الحميد الثاني الذي قدّمها إلى الأميرة إيمينة إلهامي، والدة الخديوي عباس حلمي الثاني.
وبين إسطنبول والقاهرة والمنفى، ظل الخاتم شاهدًا على حياة مليئة بالتقلبات، عاشت خلالها نِسلي شاه سلطان منفى قاسٍ واتهامات سياسية، لكنها بقيت رمزًا للرشاقة الملكية والكرامة في وجه العواصف التاريخية.
ما يميّز هذه القطعة أنّها لا تحمل بريق الماس الوردي فحسب، بل تجسّد ذاكرة قرنٍ كامل من التحوّلات السياسية والعاطفية في الشرق والغرب.
احتفاء بالتاريخ والمجد

يقول أندريس وايت كورّيال، رئيس قسم المجوهرات في أوروبا والشرق الأوسط لدى Sotheby’s:
"إنّ عرض هذه القطع الاستثنائية عامًا بعد عام هو امتياز كبير. فاجتماع مجوهرات كانت ملكًا لنابوليون الأول، وإمبراطورة روسيا، وآخر أميرات الدولة العثمانية في مزاد واحد، يعكس التزامنا بتقديم الأفضل لهواة الجمع ومحبي المجوهرات ذات الحكايات الخالدة."