Adrian Appiolaza

من ميلانو إلى الشرق الأوسط Adrian Appiolaza بين العاطفة والإرث ومستقبل Moschino

مجلة هي
21 نوفمبر 2025

حوار: Ninorta Malke

يحمل "أدريان أبيولازا" Adrian Appiolaza إحساسا هادئا إلى "موسكينو" Moschino، إحساسا يوازن بين العاطفة والذكاء وبعض التمرد. جالسا خلف المكتب نفسه الذي كان "فرانكو موسكينو" يستخدمه، يحافظ "أدريان" على روح الدار ويدفعها نحو الغد باحترام وفضول، وهو يتوجّه بها إلى جيل جديد يقدّر المعنى بقدر ما يقدّر الأسلوب.

"موسكينو" في عينيه تتمتع بالشاعرية والدقّة، فتحاور حرفية ميلانو دفء منطقة الشرق الأوسط وثقتها الإبداعية. في نهجه، فكاهة وحنان وصراحة ما، وهو الأمر الذي يثبت لنا كيف لم تعد الفخامة اليوم تعني الكمال ولا المثالية، بل التعبير الصادق. "الفخامة"، كما يقول، "هي اختبار عاطفة معيّنة، وليست إظهارا لعلامة تجارية".

Adrian Appiolaza

انضممت إلى "موسكينو " Moschino  منذ فترة. بماذا شعرت حين دخلت عالمها ووضعت عليه بصمتك الخاصّة؟  

أحبّ مكتبي في مبنى "موسكينو" كثيرا. إنه ينبض بالتاريخ. وفي الواقع، أجلس على المكتب نفسه الذي كان ملكا للمؤسس "فرانكو موسكينو". حاولت أن أدخل داره باحترام عميق، وأكيّف مراجعي الخاصّة مع عالمه.

قلت سابقا إنك تريد إبقاء روح "فرانكو" حية، خصوصا بفكاهتها وتمرّدها ورقّتها. كيف تنقل هذه الطاقة إلى عالم اليوم؟

بالنظر إلى الماضي! إلى الكتب التي حررها "فرانكو"، حيث كانت طاقته وروحه الساخرة في أوج ريعانها. منحنا حرية اللعب والتلاعب، فأتاح لنا أن نكون ساخرين وأذكياء في الوقت نفسه. اليوم، بات ذلك أصعب بكثير بسبب قوة وسائل التواصل الاجتماعي وضغوطها، لكنني أحاول الحفاظ على تلك الروح نفسها حية.

مجموعتك الأولى أتت مصحوبة بمسؤولية كبيرة وعواطف مختلفة، فبدأت في وظيفة جديدة، في أحضان إرث عريق، وأمامك وقت قصير. ماذا تعلمت في تلك اللحظة عن الثقة بحدسك؟

ما تقولينه صحيح تماما. بصراحة، اعتقدت أنني لن أتمكن من تقديم عرضي الأول في غضون ثلاثة أشهر فقط، لكنني فعلت ذلك. وثقت بنفسي وبحبّي للموضة؛ وتلك الثقة الثنائية ساعدتني كثيرا.

لطالما جمعت "موسكينو" بين المرح والمعنى، بين الفن والسخرية. كيف تحافظ على هذا التوازن في عملك؟

من خلال إعطاء السخرية دائما هدفا. لدى "موسكينو"، لم تكن السخرية يوما مجرد مزحة، بل هي رمز للذكاء والثقافة والروح الفكرية الحقيقية. ليس من السهل تحقيق هذا التوازن، ولكنه هو ما يصنع كل الفرق.

نظرة الناس إلى الفخامة مختلفة اليوم، ولا سيما في أماكن مثل الشرق الأوسط، حيث صارت ترتبط أكثر بالعاطفة والقصص بدلا من المكانة الاجتماعية. كيف تنظر إلى هذا التغيير؟

يجب أن تكون الفخامة دائما مرتبطة بالعاطفة. الفستان مثل عمل فنّي: عندما ترينه، يجب أن يشعرك بشيء ما. يسعدني أن أسمع أن العواطف ضرورية في الشرق الأوسط، لأن ذلك يعني أن الناس تعلموا أن ينظروا إلى ما وراء المظهر وتحت السطح، فيفهمون العمل الشاق والشغف الكامنين خلف فستان جميل أو حقيبة جذابة.

Moschino

Moschino

لطالما كانت امرأة "موسكينو" قوية ومرحة وحرة. من هي بالنسبة لك اليوم؟

يمكن أن تكون امرأة أو رجلا أو فتاة صغيرة أو شخصا أكبر سنا. أريد أن تكون "موسكينو" التي أقدّمها مخصصة لأي شخص يحبّ أن يعيش بذكاء خفيف الظل وبحرّية. هم الأشخاص الذين يحبوّن الفن والتصميم، مثلي، والذين يحبون السفر واكتشاف العالم والتأنّق والشعور بالتميز.

استخدم "فرانكو" الموضة لتحدي النظام القائم. أما أنت، فيبدو أنك تستخدمها للتواصل العاطفي. هل تعتقد أن الموضة لا تزال قادرة على أن تكون مرحة وواعية في آن واحد؟

  يجب على الموضة أن تكون واعية. لدينا، نحن المصممين، القدرة على توصيل رسائل إلى العالم من خلال عملنا، وعلينا أن نركّز على ذلك. أن تكون واعيا يعني أن تتحدّث عن القضايا التي تشكل حياتنا. على سبيل المثال، كان عرضي الأخير عن إعادة استخدام المواد وإعادة تدويرها، لأننا نملك الكثير بالفعل، وعلينا أن نتعلم ألا نهدر ما لدينا.

عملت مع أسماء أسطورية مثل "ماكوين"، و"فيبي فايلو"، و"جوناثان أندرسون". ما الذي أخذته من كل واحد منهم وأدخلته إلى أسلوبك الإبداعي؟

بصراحة، أخذت شيئا من كل واحد منهم. عندما عملت مع "ماكوين"، كنت صغيرا جدا، وتعلمت جمال الانضباط، وكيف يمكن أن تتعايش العاطفة مع الدقة. من "فيبي"، تعلمت قوة الصمت: كيف أعبّر عن القوة من خلال ضبط النفس، وكيف أن الفخامة الحقيقية تكمن في التفكير العميق. أما "جوناثان" فعلّمني الحرية: شجاعة اللعب، والفضول، وعدم المبالغة في أخذ الموضة على محمل الجد.

كل منهم شكلني بطرق مختلفة، لكن القاسم المشترك بينهم كان النزاهة، وفكرة أن الموضة يجب أن تنبع دائما من الحقيقة الشخصية.

 تبدو قطع "موسكينو"، مثل حقيبة السباغيتي، وكأنها قصص صغيرة. كيف تستطيع تجديد تلك الرموز لجيل يبحث عن المعنى، وليس فقط عن الأسلوب المميز؟

أحب أن يرى الناس قطع "موسكينو" قصصا صغيرة، لأن هذا هو ما هي عليه بالفعل. كما ذكرنا، استخدم "فرانكو" الفكاهة لحضّ الناس على التفكير. وما يهمّني هو الحفاظ على هذا الحوار حيا، وترجمة تلك القصص إلى لغة اليوم. العالم تغيّر، لذا يجب على السخرية أن تتطوّر أيضا. أحاول أن أجعل كل قطعة تحمل عاطفة وألّا تنقل فقط مفهوما. حقيبة السباغيتي، على سبيل المثال، تستطيع أن تكون مرحة ولكنها أيضا تحرّك الحنين إلى الماضي؛ فهي تتحدث عن الأسرة والدفء والطفولة. المعنى يأتي دائما أولا، ويليه المظهر. حققت حقيبة "كورغي" نجاحا كبيرا أيضا، وهي ليست مجرد حقيبة على شكل كلب، بل رمز للألفة والحميمية!

Moschino

Moschino

Moschino

هناك لقاء حقيقي بين حرفية ميلانو وطاقة الشرق الأوسط، وفي المكانين حبّ للجمال والسرد. هل تشعر بهذه الصلة؟

  بالتأكيد. علمتني ميلانو قيمة الدقة، في العمل اليدوي وفي التفاصيل.

لو رأى "فرانكو موسكينو" ما تفعله اليوم، كيف تتخيّل أن يدور الحديث بينكما؟

  أعتقد أننا سنضحك أولا. ثم ربما نتجادل، ولكن بطريقة إيجابية. كان "فرانكو" لامعا ومتمردا، وأتخيله يمازحني، ويسألني: "هل تستمتع وتتسلى في عملك؟" لأن المرح بالنسبة له كان أمرا جادا. أعتقد أنه سيكون سعيدا لو رأى أن الدار لا تزال تتحدث بلهجة ساخرة، ولكن أيضا بعاطفة. وأتمنّى أن يقول لي: "لا تخف من أن تحبّ ما تفعله، ولكن لا تأخذه كثيرا على محمل الجد".

Moschino

Moschino

بوتيك دبي أكثر من مجرد متجر، بل هو أشبه بمساحة ثقافية. كيف تؤثر منطقة الشرق الأوسط في رؤيتك لمستقبل "موسكينو"؟

عندما أفكر في دبي، أفكر في الضوء، والفضول. فيها شغف كبير بالإبداع واحترام كبير للجمال. يبدو البوتيك كنقطة التقاء بين الثقافات، بين التقاليد والحداثة، ويقع داخل "دبي مول" الذي قد يكون أفضل مكان للتسوق في العالم. وهذا هو بالضبط ما يجب أن تكون عليه "موسكينو": مكان يمكن فيه للأفكار الآتية من عوالم مختلفة أن تلتقي وتتفاعل. تلهمني منطقة الشرق الأوسط أن أتخيّل "موسكينو" وهي حتى أكثر انفتاحا وعاطفية وكرما في طريقة سرد قصصها.

في منطقة الخليج، نشعر أن الفخامة عاطفية جدا، وتتخطى فكرة امتلاك شيء مترف، لتصبح تجربة تعاش. كيف تصمّم مع أخذ ذلك في الاعتبار؟

هذا شيء أفهمه ويشبهني إلى حد بعيد. بالنسبة إلي، الفستان ليس مجرد امتلاك؛ إنه تحول. هو الشعور الذي تحسّين به عندما ترتدينه ويغير وقفتك، وطاقتك، ومزاجك. عندما أصمم، أفكر في اللحظة التي سيرى فيها الإنسان نفسه في المرآة ويبتسم، لحظة الإدراك، لحظة الفرح. هذه هي الفخامة الحقيقية. وأعتقد أن الناس في الخليج يفهمون ذلك أكثر من أي شعوب أخرى، ويعرفون أن الموضة هي اختبار عاطفة معيّنة، وليست إظهارا لعلامة تجارية.

Moschino

الناس هنا يحبون التراث والحداثة، ويعتزّون بهما. كيف تبدع لثقافة تعيد تعريف معنى الحداثة باستمرار؟

هذه الثنائية تدهشني. أنا أيضا نشأت محاطا بالتقاليد، لكنني كنت أحلم دائما بالتالي. لهذا السبب، عندما كنت في العشرين من عمري، غادرت الأرجنتين إلى لندن لدراسة تصميم الأزياء.

أعتقد أن السر لا يكمن في الاختيار بين الاثنين، بل في جعلهما يتحاوران. وهذا ما أحاول فعله في "موسكينو"، عبر مزج قواعد الأزياء الراقية مع شيء عفوي، يكاد يكون ساذجا. الحداثة لا تعني كسر الماضي، بل إعادة تفسيره بعيون جديدة وعواطف جديدة.

إن روح المرح التي تتميز بها "موسكينو" تنسجم مع الثقة الإبداعية الموجودة في الشرق الأوسط اليوم. كيف ترى تأثير هذه المنطقة على المفهوم العالمي للرفاهية؟

لكن الشرق الأوسط يتمتع بهذه الطاقة الجميلة والكريمة التي تحتفي بالجمال مع العاطفة. عندما أزور أو أتحدث مع ناس من منطقتكم، أشعر بالشغف نفسه الذي أشعر به عندما أبدع، وهو أن الجمال ليس زينة، بل هو شكل من أشكال التعبير. وأرى أن الناس في الشرق الأوسط معتادون جدا على التطلع إلى المستقبل، محاطين بأفضل التقنيات، وهو ما يساعدهم على فهم ما هو جديد وملائم وعصري اليوم.