هل ستساهم التجربة الماليزية في خفض نسب الطلاق في السعودية؟

يعد الطلاق مشكلة من المشكلات الاجتماعية الخطيرة، التي  تعم آثارها على المجتمع بأسره، وبات ارتفاع هذه النسبة في المجتمع السعودي من الأمور المقلقة حيث تمتد آثارها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية على أفراد المجتمع ككل وتهدد أمنهم واستقرارهم، ومن الحلول المقترحة التي قد تسهم في علاج هذه المشكلة والحد منها "التجربة الماليزية".
 
ما هي التجربة الماليزية؟ وإلى أي مدى يرى أهل الاختصاص والجهات المعنية إمكانية نجاح هذه التجربة ؟
 
التجربة الماليزية 
شهدت ماليزيا في فترة من الفترات ارتفاعاً كبيراً في نسب الطلاق حتى وصلت في عام 1993م إلى 32% مما أثر سلباً على النمو الاقتصادي الماليزي، وأدى إلى ظهور العديد من المشكلات الاجتماعية وهو ما دعا رئيس الوزراء آنذاك الدكتور مهاتير محمد، إلى إصدار قرار بإنشاء مراكز لتأهيل وإعداد المقبلين والمقبلات على الزواج، وتحَوَّل اجتياز دورة ما قبل الزواج إلى شرط مُلزم لا يتم عقد الزواج بدونه، وقد نجحت هذه المراكز من خلال برامجها التأهيلية والتدريبية إلى خفض نسب الطلاق في المجتمع الماليزي بشكل كبير حتى وصلت خلال عشر سنوات إلى 6%.
 
الرأي الاجتماعي
يرى الكثير من المختصين في السعودية ضرورة بإلزام المقبلين على الزواج بالدورات التي تعدها مختلف المؤسسات المجتمعية، وفي مقدمتها مركز التنمية الأسرية، الذي يعد برنامجاً متكاملاً للمقبلين على الزواج، مؤكدين أن البرامج التوعوية والتثقيفية لها أثر كبير في تقليل معدلات الطلاق. 
 
وطالبت الاختصاصية الاجتماعية، منى المخيمر، بالتوسُّع في تنظيم دورات المقبلين على الزواج، وترى أن تعميمها سيؤدي إلى خفض عدد المطلَّقات، حيث أن دورات المقبلين على الزواج تؤهل الطرفين لتحمل المسؤوليات في حياتهما المقبلة.
 
واستدلت المخيمر على استنتاجها بالإشارة إلى التجربة الماليزية التي تحَوَّل فيها اجتياز دورة ما قبل الزواج إلى شرط مُلزم لا يتم عقد الزواج بدونه، مبينة أن توجه ماليزيا وغيرها من الدول التي لجأت إلى فرض دورات المقبلين على الزواج، فلا يمكن أن يتم عقد الزواج إلا بعد أن يجتاز كل طرف من الطرفين هذه الدورات، وأن يحصل على رخصة بأنه ناجح وقادر على تحمل هذه المسؤوليات، ساهم بصورة كبيرة في تقليل معدلات الطلاق. 
 
كما أوضحت الاختصاصية الاجتماعية فتحية صالح أن أسباب الطلاق كثيرة ومتعددة، وهي تتعدد بتعدد الحالات، ومن بين أسباب الطلاق ما يسمى بالأسباب العامة، التي يشترك فيها الزوج والزوجة، ثم تأتي الأسباب الخاصة التي تخص أحد الطرفين فقط، وفي مقدمة الأسباب العامة عدم وضوح مفهوم الزواج عند بعض الشباب، سوء اختيار الزوج أو الزوجة، غياب النظرة الشرعية.
 
ونصحت الاختصاصية الاجتماعية صالح لتفادي الطلاق، بالتركيز على زيادة الثقافة الأسرية، وتوعية الشباب بجوانب العلاقة بين الزوجين، وزيادة المعرفة بالجانب الاجتماعي والاقتصادي والصحي في الحياة الزوجية، إضافة إلى الجوانب النفسية.
 
المؤسسات الاجتماعية
عمدت المؤسسات الاجتماعية إلى المساهمة في معالجة هذه المشكلة، ومنهم جمعية "مودة الخيرية للحد من الطلاق وآثاره"، حيث أطلقت (برنامج مودة الوطني لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج) وفق معايير ومرتكزات محورية، وبالتعاون مع بيوت الخبرة والاختصاص، وذلك بعد دراسة أبرز برامج التأهيل الزواجي عالمياً وعربياً لإنتاج برنامج قيمي شامل وفريد من نوعه يهدف إلى توعية الأجيال بمهارات الاستقرار الأسري، ونشر الثقافة الحقوقية الأسرية عبر مواد دراسية بدءاً من المرحلة الابتدائية وانتهاءً بالمرحلة الجامعية بالتعاون مع الجهات المختصة بالإضافة إلى الدورات التدريبية والتأهيلية لعامة المجتمع والتي تصمم خصيصاً لهذا البرنامج على أيدي أبرز المتخصصين في المجال الأسري والزواجي. 
 
واستندت جمعية "مودة" في تحديدها لمكونات وشكل البرنامج على تجربتين هامتين هما   التجربة الماليزية التي حققت نتائج لافتة في خفض نسب الطلاق، والتجربة اليابانية التي عنيت بمسار التربية وبناء الإنسان الياباني واهتمت بتدريس مادة التربية الأخلاقية Moral Education  في جميع مراحل التعليم العام من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية.