من "كاثرين هيبورن" حتى "شريهان".. كوكو شانيل أيقونة الموضة بعيون السينما والمسرح!

يُمكن أن نرى في مسرحية "كوكو شانيل" شغف خاص من "شريهان" بشخصية وحياة "كوكو شانيل" المليئة بالشجن والموهبة والميلودراما، وبعيداً عن تلامس هذا مع قصة حياة "شريهان" الشخصية، فحكاية "شانيل" مؤثرة وثرية، وقد شغفت بها الممثلة الفرنسية الشابة "أودري تاتو"؛ إذ جسد شخصيتها بحساسية وولع في فيلم حمل عنوان "Coco Before Chanel" "كوكو قبل شانيل"، ونفس الشغف دفع الممثلة "شيرلي ماكلين" لتجسيد شخصية "كوكو شانيل" في مرحلة مُتقدمة في العمر في فيلم "Coco Chanel"؛ ففي حياة "كوكو شانيل" الثرية كثير من مساحات العواطف المُتقلبة، والنجاحات والإخفاقات، وهى حياة مُلونة ومليئة بالتقاصيل الدرامية المُلهمة لصُناع السينما والمسرح.

المُغنية التي أصبحت "كوكو شانيل"!

شخصية "كوكو شانيل" (1883 - 1971) جامحة ومُتمردة؛ وهذا جعل حياتها صعبة ومليئة بالصراع، حياة بها مزيج مثالي يصلح لكثير من المُعالجات الدرامية، بداية من حياة الطفولة البائسة في ملجأ، مروراً إلى تعلم الخياطة في منزل تديره مجموعة راهبات بصرامة في مرحلة المُراهقة، ووصولاً إلى قمة الشهرة والنجاح العالمية والتأثير في ثقافة المرأة وأسلوب أناقتها وملبسها، وبعيداً عن عالم الموضة والأزياء ففي حياة "كوكو شانيل" الثرية محطات مغمورة مارست فيها الفن؛ ففي بدايتها المبكرة بمرحلة الشباب قامت بالغناء والرقص في بعض المقاهي الفرنسية، وكانت تتمتع بجمال وجاذبية وخفة ظل، ولكنها تفتقر إلى جمال الصوت، وهذا جعل محطتها مع عالم الإستعرض والغناء قصيرة، ولكنها إحتفظت من هذه الفترة بإسم الشهرة "كوكو" وهو الإسم الذي كان رواد المقهى ينادونها به، وهو عنوان أغنية “Qui qu'a vu Coco?” "من رأى كوكو؟" التي أشتهرت بغنائها، وإستبدلت إسمها الحقيقي "غابرييل شانيل" بـ"كوكو شانيل".

عادت "كوكو شانيل" إلى عالم الفن بعد شهرتها من باب تصميم أزياء بعض الأفلام السينمائية والعروض المسرحية في الفترة مابين العشرينيات والستينيات، منها الفيلم الفرنسي The Rules of the Game "قواعد اللعبة"، وصممت ملابس شخصية "ماري أنطوانيت" في فيلم La Marseillaise "البؤساء"، إنتاج عام 1938، كما شاركت في تصميم أزياء عروض باليه Russian Seasons بمعاونة الرسام "بابلو بيكاسو".

"كوكو شانيل" قبل "شريهان"!

قبل وفاتها بعام أنتجت برودواي مسرحية عن حياتها، وجسدت شخصيتها على المسرح الممثلة المعروفة "كاثرين هيبورن"، وأعربت "كوكو شانيل" عن دهشتها من إختيار "هيبورن" لبطولة المسرحية، وأعلنت بصراحة أنها كبيرة على لعب دورها، وكانت "كاثرين هيبورن" في الستين وقتها، ومن الطريف أن "شريهان" تقترب من هذا السن (مواليد 1964)، وقدمت أيضاً حياة "كوكو شانيل" في عمل مسرحي.

في عام 1981 وبعد وفاتها بعشر أعوام تم إنتاج فيلم فرنسي-بريطاني عن حياة "شانيل"، وكان بعنوان "Chanel Solitaire"، وهو دراما رومانسية تُصور قصة صعود "شانيل" في عالم الأزياء والموضة، وركز الفيلم على العلاقة الغرامية بين "شانيل-مارى فرانس بيزيه" و"كابيل-تيموثي دالتون".

ترشحت "شيرلي ماكلين" عام 2008 لجائزة الجولدن جلوب عن أدائها شخصية "كوكو شانيل" في فيلم تليفزيوني بعنوان Coco Chanel "كوكو شانيل"، والفيلم يُصور السنوات الأخيرة من حياة "شانيل"، وقدمت "شيرلي ماكلين" الشخصية بأداء يبرز كاريزما شخصية "شانيل"، وإنفعالاتها المُتقدة التي تُغلف عبقريتها بتصرفات عصبية ومجنونة؛ فهى كانت دوماً تبحث عن الإختلاف والثورة على السائد، وجعلها هذا في رحلة بحث عاصفة عن التجديد والتعبير عن جمال المرأة بتصميمات بسيطة ومُلهمة.

بعد فيلم "ماكلين" قدمت السينما الفرنسية عام 2009 فيلم "كوكو قبل شانيل"، وعلى عكس فيلم "شيرلي ماكلين" ركز الفيلم الفرنسي بتجسيد "أودري تاتو" على الحياة المبكرة لشانيل، وهى مرحلة تشكل شخصية المصممة التي ثارت على موضة أزياء القرن التاسع عشر، وواكبت رحلة تحرر المرأة من الشكل القديم إلى شكل أكثر بساطة وحيوية، والفيلم يرسم شكلاً دراميا لملامح أفكار وعواطف "شانيل" خلال تلك المراحل من حياتها. حقق هذا الفيلم نجاحاً جماهيرياً، والعديد من الجوائز والترشيحات، ولكن أبرز الجوائز حصلت عليها الأزياء (كاترين ليتييه)، والموسيقي (ألكسندر ديسبلات).

رومانسية وموسيقى و"شانيل رقم 5"

تعمقت السينما الفرنسية في نفس العام (2009) في قلب ومشاعر "كوكو شانيل"، وأنتجت الفيلم الرومانسي Coco Chanel & Igor Stravinsky "كوكو شانيل وإيجور سترافنسكي"، وتدور أحداثه في عشرينيات القرن الماضي، ويتتبع تفاصيل العلاقة الغرامية بين "كوكو شانيل" والموسيقار الروسي الشهير "إيجور سترافنسكي" أثناء إقامته في باريس، هرباً من وطنه بعد الثورة الروسية، وقد دعته "شانيل" لقضاء إجازة وعائلته بصحبتها في الفيلا التي تعيش فيها بالقرب من باريس، وهناك تبدأ علاقتهما في الإنحراف عن مسار الصداقة، وتذهب في إتجاه علاقة غرامية عميقة، وأغضب هذا زوجة "سترافينسكي".

الفيلم يروي تعقد العلاقة الثلاثية بين الزوج والزوجة والحبيبة، ويحاول رسم ملامح علاقة "سترافنسكي" و"شانيل" المرتبكة والمعقدة، والتي إمتزجت فيها مشاعر الإعجاب والحب، وقد أنهت "شانيل" تلك العلاقة لكنها تركت أثراً عميقاً على كلاهما؛ فبعدها كتب "سترافينسكي" أعماله الموسيقية المُتحررة من القوالب التقليدية، وبحثت "شانيل" عن تركيبة عطر غير مسبوق، لا يحمل رائحة عطر زهرة خاصة، وظهر عطر "شانيل رقم 5" مُعبراً عن الغموض والجمال؛ فهو عطر ساحر ولكن لا يمكن تمييز رائحة الزهرة المأخوذ منها؛ لأنه مأخوذ من رحيق عشرات الزهرات.

جسد الممثل الدنماركي "مادس ماكيلسن" دور "سترافنسكي" أمام الممثلة الفرنسية "آنا موجلاليس" التي جسدت دور "كوكو شانيل"، والفيلم مأخوذ عن رواية بعنوان "كوكو وإيجور" للكاتب البريطاني "كريس جرين هالج"، وهى معالجة درامية لإشاعة العلاقة العاطفية بين "كوكو وسترافينسكي"، مع كثير من التفاصيل من خيال المؤلف.