خاص بـ"هي" زينب الفارس.. من عالم السياحة والفندقة إلى الحلويات

كيف تحولين الحلم إلى واقع؟ وهل الفكرة بحد ذاتها عنصر كافٍ لتحقيق الأماني أم هو الإصرار والعزيمة المدعّمة بالدراسة العملية والميدانية، والأهم وضع التحديات لتكون دافعا شخصيا محفزا للوصول إلى أقصى درجات الجودة لتحقيق الهدف؟ هذه هي رحلة زينب الفارس، المرأة التي أرادت أن تعكس حبها وعشقها لأصولها المغربية عبر حلويات مستوحاة من التراث المغربي تحمل في كل صنف من صنوفها نكهة من نكهات بلدها الأم المغرب. مجلة "هي" التقتها في لندن، وكان معها هناك حوار من القلب عن عالم "رافيا".

لندن - "سڤانا البدري" Savanah Al Badri
تصوير: أندرو هيلز Andrew Hiles
حدثينا عن بداية دخولك مجال الأعمال وما الدافع وراءه؟

العمل في مجال السياحة والفندقة، وهو عملي الأساسي، كان له دور كبير في بلورة فكرة دخولي إلى عالم الحلويات الراقي. كان عملي ودوري في افتتاح وتقديم الفنادق العالمية للسوق الشرق أوسطية، وخصوصا السوق الخليجية منها، وهذا ما جعلني على احتكاك مباشر مع الزبائن العرب الذين كانوا يبدون رغبتهم وحبهم للحلويات المغربية المعروفة بطعمها الزكي المطعم بالنكهات المغربية، وهو ما جعلها ملائمة للمذاق العربي، ولم تكن متوفرة في سوق الحلويات في بريطانيا آنذاك. ومن هنا نشأت الفكرة، وقررت تأسيس شركتي Raphia عام 2016 التي تحمل مختصر الحرفين الأولين من اسم ابنتي رانيا والأخيرين من اسم ابنتي صوفيا، ومن ثم بدأت في دراسة السوق اللندنية ومتطلباتها وما ينقصها. وفِي عام 2018 اكتملت الفكرة، وبدأنا بالتعاون مع الزبائن والشركات الخاصة والقنصليات والسفارات، وأصبحنا نلبي احتياجاتهم من طلبات الأعياد والمناسبات. ونقدم تشكيلة متنوعة مناسبة لكل الأذواق، لذا وقع الاختيار على الشوكولاته المطعمة بكل أنواع النكهات المغربية، لنشارك العالم تراثنا المتعدد النكهات.
كيف نشأت فكرة دخولك عالم الأعمال، هل كان للدراسة دور مساعد أم كانت بشكل مخطط ومدروس؟
بالتأكيد للدراسة دور كبير في وضع حجر الأساس لأي مشروع وتقديمه على أرض الواقع، وقد ساعدتني دراستي وتخصصي في إدارة السياحة والفندقة في سويسرا على تفعيل الفكرة وتعريف العالم بها. وكذلك إقامتي في سويسرا، بلد الشوكولاته الراقية المذاق، والغنية بكل نوع وطعم، والتي كان لها دور في انجذابي لعالم الشوكولاته وتعريف العالم به. كذلك لعب عملي فيما بعد من خلال شركتي الخاصة للاستشارات في مجال السياحة والفندقة، وخصوصا لاثنين من أكثر فنادق العالم شهرة ورقيا من حيث الجودة والخدمة، وهما فندقا crillion في باريس، و Bulgari في لندن، وتقديمهما للسوق الخليجية وضعني على احتكاك دائم مع عالم الخدمة الراقية التي تحرص على إرضاء الزبون، ومنحه أقصى درجات الراحة والخصوصية. وأيضا تواصلي المباشر برؤساء الطهاة ساعدني على تفهم الذوق الشخصي للزبائن، فكان لكل هذه العوامل دور كبير في ترسيخ الفكرة ودراستها بعمق، ومعالجة كل سلبياتها، والتعزيز من إيجابياتها، لتكون جاهزة للتنفيذ في الوقت المناسب.
وما العوائق التي كانت بالمرصاد؟
لا وجود للعوائق في معجمي اللغوي والمهني، بل أسميها تحديات، وهي أمر محتم في أي عمل. وهذه التحديات هي التي تجعل من العمل متعة في حد ذاته، والتغلب عليها هو روح العمل. تحدياتي تمثلت في وضع أقصى درجات الجودة، ومن ثم منافسة نفسي وتحديها للوصول إليها، وتقديم أفضل أنواع الحلويات التي تناسب كل مذاق.

أنشأتِ مشروعا لإنتاج الشوكولاته والحلويات في بلد يعد من أغنى الأسواق في إنتاجها؟ ما السبب وراء هذه الخطوة الجريئة نوعا ما؟
أحببت أن أعرض المنتج المغربي المستوحى من أصولنا التقليدية، وأقدمه بشكل عصري جذاب. منتجاتنا تحمل الطبق المغربي الحلو المذاق والمطعم بالنكهات التقليدية التي هي انعكاس للحضارة المغربية، والتي يفتقر إليها السوق العربي في بريطانيا. الحلويات المغربية تعتمد على خلاصة الزهور والفواكه المجففة والبهارات التي هي من روح الحضارة المغربية، كالبرتقال والمسك والسمسم المطعمة بالشوكولاته.
أخبرينا عن شركتك؟
أسست المشروع عام 2016 ، لكن العلامة أطلقت فعليا في السوق عام 2018 ، وكان لا بد من التحلي بالكثير من الصبر، والتسلح بالعزيمة، وتسلق سلم النجاح خطوة خطوة حتى يتقبل السوق المنتج الجديد، فمن الصعب أن يتقبل السوق منتجا جديدا مباشرة. وقد كان للتعبئة الأنيقة دور كبير في التسويق، إذ صممت العبوة بطريقة مستوحاة من الأصول التقليدية للمغرب، لتتماشى مع المنتج وتكمله، فيبدو منتجا مغربيا متكاملا من العبوة حتى الطعم.

كيف تقبل السوق الإنجليزي للحلويات ذات النكهة المغربية؟
السوق الإنجليزي مفتوح لاستقبال كل ما هو جديد، فالشعب الإنجليزي ذواق بطبيعته، وتواق للتعرف إلى الجديد. حلويات Raphia تتميز عن غيرها من الحلويات الموجودة في السوق كالعربية والهندية والتركية، بأنها تتمركز حول النكهات المغربية المتنوعة من خلال الشوكولاتة المطعمة بها، والإنجليز حريصون على تذوق الحلويات المغربية التي تحظى بشعبية لدى الكثيرين، وهذا ما نلاحظه من خلال السياحة المغربية، لأن الطبق المغربي يتميز عن غيره من الأطباق بنكهاته، وكذلك الحال مع الحلويات.
ما أبرز التحديات التي واجهتك في الوقت الراهن؟ وكيف تغلبت عليها؟
الحفاظ على تكاتف عائلتي هو من أكبر التحديات التي واجهتني وما زالت تواجهني حتى اليوم، الموازنة في الحفاظ على عائلة ناجحة وعمل ناجح في الوقت نفسه هوالتحدي الأكبر. نمط الحياة السريع اليوم يضع أعباء كبيرة علينا نحن الأمهات وسيدات الأعمال، ويتطلب منا التواصل الفوري على الجهتين. تحقيق الموازنة بين كفتي الميزان هو النجاح الأكبر في الحياة. عائلتي هي الأهم، ونجاحها واستقرارها سينعكسان بشكل طبيعي على نجاح عملي، أما عملي فهو تحصيل حاصل بالنسبة لي، والتركيز حول الهدف مهم جدا، هنالك مساحة كبيرة للاجتهاد والسعي ستأتي بثمارها، ومساحة أكبر للتعلم من الأخطاء، والنجاح الحقيقي هو حصيلة التعلم من هذه الأخطاء.
ما أهم الأسس التي تعتمدها المرأة لتأسيس أي عمل وتحويل الحلم إلى حقيقة؟
أنصح كل امرأة بأن تضع نصب عينيها من البداية تجنب وضع النجاح المهني على حساب عائلتها وحياتها الشخصية، فالمعادلة معكوسة تماما. العائلة هي الأساس الذي يبنى عليه النجاح المهني، وبالتأكيد للزوج والأهل دور كبير في توفير جزء كبير من الدعم، وهذا ما يحدث معي، زوجي له فضل كبير في نجاحي المهني.

بِم تنصحين النساء الشابات اللاتي يرغبن في الدخول إلى معترك السوق وتأسيس أي مشروع عمل؟
نصيحتي لكل سيدة أن تتسلح بالمعلومات والدراسة الميدانية والتسويقية الكافية قبل الخوض في أي عمل، خصوصا للواتي يُنشئن عملا صغيرا لا يتحمل الخسارة. لا بد من دراسة احتياجات السوق، والنقص الحاصل فيه، وهل سيفي المستحضر أو المنتج بمتطلبات السوق، وهل من حاجة ماسة إليه. تجنبي الدخول من دون تخطيط ودراسة مسبقين.
ماذا عن السوق العربي؟ هل قررتِ خوض التجربة وإدخال منتجك إليه؟ وأي سوق اخترتِ؟ ولِم؟
السوق العربي، ولا سيما السوق الخليجي، على قائمة أولوياتنا، لدينا الكثير من الزبائن العرب الذين يحبون منتجاتنا ذات النكهة المغربية، خلال تواجدهم في لندن, بالإضافة إلى زبائننا المقيمين في لندن. وكذلك السفارات والقنصليات العربية في لندن التي تجد في تشكيلة حلوياتنا المتنوعة أفضل ما يزين مناسباتها. دبي والكويت هما ما نطمح إلى التوسع فيهما في المستقبل القريب.
كيف تنظرين إلى المرأة العربية ولا سيما الخليجية اليوم؟
هنالك تطور كبير وملحوظ حول نشاط المرأة العربية والخليجية تحديدا، فالمرأة اليوم أثبتت نفسها وبجدارة على الساحه العملية، وهي اليوم حاضرة على كل الصُعُد والميادين والقطاعات. والجميل أنها مواكبة لكل التطورات. وبالطبع تلعب القيادات الخليجية الحكيمة دورا فاعلا في تعزيز مكانتها، وتسهيل مهمتها ودعمها بالدراسات والتدريب وإعطائها الأولوية في كل شيء.
ما التالي على لائحة الإنجازات التي تتطلعين إليها؟
هنالك الكثير من المشاريع المستقبلية للتوسع في الأسواق الخليجية.
ما نصيحتك للمرأة؟
كوني متفائلة، وتمتعي بكل تفاصيل الحياة، وبكل ما منّ به الله عليك من نعمة حولك. وتحلي بالطاقة الإيجابية، فعندما تتسلحين بها سيأتي كل ما هو جميل. فالنظرة الإيجابية للحياة تمدك بالطاقة الإيجابية دائما، وتعينك في التغلب على الصعاب.