الشيف ميثاء ورشو

تعيد رسم ملامح المطبخ الإماراتي بعصرية.. الشيف ميثاء ورشو لـ"هي": أسلوبي حديث بجذور عميقة 

جمانة الصباغ
11 ديسمبر 2025

في مشهدٍ طهويّ يشهد نهضة إماراتية لافتة، تأتي مبادرة "مائدة الشيف الإماراتي" التي أطلقتها مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتسلّط الضوء على المواهب المحلية التي تنسج من أصالتها جسوراً نحو العالمية. بين تلك المواهب تبرز الشيف ميثاء ورشو، التي استطاعت بأسلوبها المتفرّد أن تعيد رسم ملامح المطبخ الإماراتي بلمسة عصرية تحمل روح التراث ونبض الابتكار. في هذا اللقاء الخاص مع "هي"، نتعرّف إلى رحلتها الملهمة، مصادر شغفها، وكيف نجحت في تقديم أطباق إماراتية بنكهة عالمية، لتثبت أن المطبخ الإماراتي قادر على أن يكون حاضراً وبقوة.

الشيف ميثاء ورشو

حدّثينا أكثر عن بداياتك ومسيرتك في عالم الطهي، وكيف تشكلَ شغفكِ بالمطبخ الإماراتي؟

بدأ شغفي بالطهي منذ الصغر، من المطبخ المنزلي حيث كانت الوصفات الإماراتية تجمع العائلة حول المائدة. كنت دائمًا مفتونة بكيفية تَحوّل المكونات البسيطة إلى أطباق تحمل ذاكرة ودفء المكان. ومع الوقت، أدركت أن المطبخ الإماراتي ليس مجرد طعام، بل حكاية هوية وثقافة يجب أن نحافظ عليها ونقدّمها للأجيال القادمة بأسلوب يليق بها.

متى أدركتِ أنك ترغبين في أن تكوني شيف محترفة وتقدّمي المطبخ الإماراتي بأسلوب عصري؟

أدركت ذلك خلال دراستي وإقامتي خارج الدولة، عندما لاحظت قلة المعرفة بالمطبخ الإماراتي عالميًا. حينها شعرت بالمسؤولية والرغبة في أن أكون صوتًا للطهي الإماراتي، أقدّمه بروح حديثة دون أن أفقد أصالته. أردت أن أخلق توازنًا بين التراث والحداثة، بين الذكريات والنكهات الجديدة.

ما هي أبرز المصادر التي تستمدّين منها الإلهام في دمج التراث الإماراتي مع تقنيات الطهي العالمية؟

إلهامي يأتي من البيئة الإماراتية أولاً، من رائحة الهيل والزعفران والقهوة العربية، من الأسواق القديمة والبحر والصحراء. كما أستلهم من تجاربي مع مطابخ العالم، من دقة المطبخ الفرنسي إلى بساطة المطبخ الياباني. أحب أن أدمج تقنياتهم مع مكوناتنا المحلية لأروي قصة إماراتية بطابع عالمي.

كيف تصفين أسلوبك في الطهي، خاصةً مع قدرتك على الابتكار والحفاظ على الهوية المحلية؟

أسلوبي يمكن وصفه بأنه "حديث بجذور عميقة". أحرص أن يكون كل طبق نابعًا من التراث الإماراتي لكن بتقديم معاصر يلامس حواس الجيل الجديد. أستخدم تقنيات حديثة، لكن المذاق والروح يبقيان إماراتيين بكل تفاصيلهما.

شاركينا كيف كانت تجربتك في مبادرة "طاولة الشيف الإماراتي"، وما الذي أضافته لك على المستوى المهني والإبداعي؟

كانت تجربة ملهمة جدا، لأنها جمعتني بشيفات إماراتيين يشاركون نفس الهدف: إبراز مطبخنا للعالم. المبادرة فتحت باب الحوار والإبداع، وأكدت لي أن المطبخ الإماراتي قادر على المنافسة عالميا عندما يُقدَّم بفخر ومعرفة.

وهنا أودّ التعبير عن تقديري الكبير لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعمل دائماً على إطلاق مبادرات مشابهة، لدعم أعمالنا ومساعدتنا على النهوض ولعب ٍ دورٍ فاعل في تعزيز مكانة إمارتنا العزيزة.

ما المعايير التي تعتمدينها عند ابتكار وصفات جديدة مثل معكرونة الريغاتوني والأوزي بلمستك الخاصة؟

المعيار الأول هو الهوية، يجب أن تحمل الوصفة روح المطبخ الإماراتي حتى لو استخدمت مكونات عالمية. أوازن بين المذاق، اللون، والعاطفة التي ينقلها الطبق. أحب أن يكون في كل لقمة مفاجأة بسيطة تذكّر الضيف بأنه يتذوق الإمارات.

ما هي برأيكِ الأدوات الأساسية للشيف الناجح؟

الشغف، الانضباط، والفضول. بدون حب حقيقي للطهي، لا يمكن الإبداع. وبدون انضباط، لا يمكن الاستمرار. أما الفضول فهو ما يدفعنا للتجربة، للتعلّم، ولتطوير النكهات بشكل مستمر.

ما هو الشيء الذي لا يمكن للشيف ميثاء الاستغناء عنه في المطبخ؟

البهارات - الهيل والزعفران تحديدًا. هما بصمتي في كل وصفة، لأنهما يمثلان الدفء والرقي الإماراتي. وأضيف إليهما دائمًا لمسة من المكونات المحلية مثل دبس التمر أو ماء الورد.

أصبحت التكنولوجيا سمة أساسية في كل مجال اليوم. برأيكِ، هل تؤثر إيجابًا أم سلبًا على الطبخ؟

التكنولوجيا سلاح ذو حدّين، لكنها أداة رائعة إذا استُخدمت بذكاء. فهي تسهّل البحث والتوثيق والتجريب، لكن لا يمكن أن تحل محلّ الإحساس أو اللمسة الإنسانية في المذاق. المطبخ بالنسبة لي تجربة حسية لا يمكن أن تكون رقمية بالكامل.

في الختام؛ ما النصيحة التي توجّهينها للشباب الإماراتيين المهتمين بتطوير مهاراتهم في الطهي وإبراز المطبخ المحلي للعالم؟

أقول لهم: آمنوا بمطبخكم، وتحدثوا عنه بفخر. لا تخافوا من التجديد، لكن لا تنسوا الجذور. العالم متعطّش لتجارب أصيلة، ومطبخنا يحمل نكهات وقصصًا تستحق أن تُروى على الطاولة العالمية.